تمهيد

لا شك أن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تحرش من زمن بروسيا، فخطط لتفكيك الاتحاد السوفيتي ونجح في ديسمبر١٩٩١، ثم ضم أغلب الدول التي انفصلت عنه، وعلى المستوى السياسي؛ يشار إلى أن كييف أنتجت عام 2015 مسلسلا بعنوان “خادم الشعب” تناولت أحداثه الوضع السياسي في البلاد، وسلط المسلسل الضوء على عدد من القضايا في إطار كوميدي…! ولم يتوقع أحد أن بطل المسلسل فولوديمير زيلينسكي (44 عاما) سيصبح الرئيس الفعلي للبلاد عام 2019.. فهل هذا من قبيل الصدفة أم أنه مخطط دُبر بعناية؟؟؟ وكاد الغرب أن يضم أوكرانيا لعضوية الناتو، رغم كل التحذيرات التي أطلقتها روسيا، ولا من مجيب، مما اضطرت معه الأخيرة لاتخاذ قرارها بغزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

* الناتو وروسيا يراهنان على عامل الوقت:

 بعد أن تدخلت روسيا عسكريًا في أوكرانيا، اعتقد الناتو أن روسيا ستغرق في دوامة الصراع، حيث تندلع حرب هجينة تخوضها أوكرانيا بالوكالة، حيث المواجهة فيها عسكرية واقتصادية وسياسية، فيتم دعم أوكرانيا بالسلاح من جانب، وتوقيع عقوبات اقتصادية هائلة على روسيا من جانب آخر، وضغوط سياسية لعزل روسيا، مع اللعب على عامل الوقت، حيث ستضطر الأخيرة – وفقًا لخطط الغرب- للانسحاب بعد مارثون طويل من القتال، وذلك حال وصولها لحالة من الانهاك الجسيم.. واضعين في الاعتبار أن لجوء روسيا إلى استخدام السلاح النووي يعد أمرًا مستبعدًا، باعتباره سلاحًا للتدمير الشامل. هذا وأكد الواقع أن روسيا احتلت حتى تاريخ كتابة هذه السطور حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، ومازالت قادرة حتى الآن على استخدام قدراتها العسكرية غير النووية في إدارة الصراع بكفاءة وقدرة عالية، ولم تنهزم اقتصاديا، ومازال الناتو يُصِر على إطالة أمد النزاع، بمزيد من الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لأوكرانيا، وأيضًا بمحاولات مستديمة ومضطردة لعزل روسيا على كل الأصعدة…

“الخنجر” صاروخ روسي فرط صوتي يصعب اعتراضه

رسالة للناتو “احذروا مفاجآت بوتين”

  • لعل الكثير من المحللين تساءلوا: لماذا لم يحسم بوتين الحرب من زمن باستخدام القليل من قدرات روسيا النووية التكتيكية؟ وبهذا يحسم الصراع متجنبًا إزهاق الأرواح والأموال التي أهدرت في حرب لا تبدو لها نهاية قريبة، وذلك على غرار الحسم الأمريكي للحرب العالمية الثانية واستخدامها للسلاح النووي ضد اليابان في أغسطس عام 1945، وذلك بإلقائها قنبلتين؛ الأولى أسقطت على هيروشيما والثانية على ناجازاكي، وتحقق للولايات المتحدة الأمريكية ما أرادت؛ حيث حسمت الصراع واضطرت اليابان للاستسلام، وأعتقد أنه بفرض استخدام روسيا للسلاح النووي التكتيكي، فإن الناتو لن يُصَعد الأمر لمواجهة نووية مع روسيا، فالسلاح النووي الاستراتيجي يعد بحسب الأصل سلاحًا للردع.

– ومع هذا، فإنه وعلى جانب آخر، ومن منطلق تحليل أمني يستند على محاولة لقراءة فكر الرئيس بوتين، أنه يسعى بتُؤَدة أيضًا لكسب الوقت، ولكن هدفه من وجهة نظري قد يكون مفاجئا ومباغتًا.. فالرجل ربما يدفع بكل قوة لتطوير تكنولوجيا أسلحة الردع، وصولاً لهدف استراتيجي ألا وهو: “ابتكار أسلحة من شأنها تحييد القدرات النووية الاستراتيجية للناتو” ليتمكن إذا اقتضى الأمر من بدء الهجوم وإنهاء الصراع الأخطر.. ولما لا، ووفقًا لما أعلنه بوتين وقادة روس آخرون، فقد استطاعت روسيا تطوير صواريخ فرط صوتية سرعاتها أضعاف سرعة الصوت، وبهذا لا تستطيع قدرات الدفاعات الجوية للناتو اعتراضها.. فإذا انتجت المصانع الروسية شبكات للدفاع الجوي وذخائر بكميات هائلة.. من شأنها اعتراض الصواريخ النووية المضادة، بجانب توفير ابتكارات تكنولوجية عسكرية لتعطيل منظومات الإطلاق من العمل ولو لبعض الوقت.. وهنا لن يتردد بوتين في التهديد بالمواجهة باستخدام السلاح النووي التكتيكي ضد أوكرانيا، وإن لم تستسلم فسيفعلها، وهو على يقين بألا يُقدِم الناتو على مواجهة نووية مباشرة.. ولتحري مزيد من الدقة فقد استطلعت رأي أحد الأصدقاء من لواءات قادة الدفاع الجوي المصري السابقين، للتعرف على رأيه في إمكانية تحييد الصواريخ النووية التكتيكية للناتو فأجاب: “أعتقد أن روسيا لديها أقوى غطاء دفاع جوي في العالم، ورغم هذا لا يمكن الجزم أن بإمكانها صد الهجمات الجوية النووية للناتو بنسبة 100%”.

صاروخ سارمات: من مقدمات الجيل السادس؟

يا أولي الأمر: شعوبكم سئمت طول الصراع:

لعله من الحكمة البالغة ولمصلحة أطراف الصراع كافة، أن تبدأ وبسرعة مرحلة التفاوض على إنهاء هذه الحرب، التي أنهكت العالم بأسره، ولعل هناك بارقة أمل بدت مؤخرًا في تصريح “ستيان يينسين” مدير مكتب الأمين العام لحلف الناتو، الذي لم يستبعد قبول عضوية أوكرانيا في الحلف حال قدمت تنازلات عن جزء من أراضيها لروسيا، وذلك كجزء من صفقة لإنهاء الحرب.

** أستاذ القانون وعضو هيئة التدريس بكلية الشرطة

رئيس برنامج الدراسات الأمنية بمركز الفارابي للدراسات

وخبير مكافحة الإرهاب

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *