اللواء الدكتور سمير فرج: 8-4، نتيجة مناظرتي مع شارون لصالح مصر. (الحلقة الأخيرة)

0

استعرضت في مقالي السابق، قصة استغلال شارون الثغرة بين الجيش الثاني والثالث، وقيامه بالعبور من شرق القناة إلى غرب القناة، من خلال البحيرات، ليصل الي الأراضي المصرية على الضفة الغربية لقناة السويس، وكيف أن الملازم جوفي Joffy، ومعه السلاح الجديد المضاد للدبابات تو، أستطاع أن يوقف هجوم اللواء المدرع المصري ليتقدم شارون.
وهنا جاء السؤال المهم من خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية: “جنرال شارون.. إن خسائر إسرائيل في معركة الدفرسوار فقط تساوى خسائر إسرائيل كلها في حرب ١٩٥٦ و١٩٦٧ لذلك فإن من أطلق عليك الجنرال الدموي لم يكن مخطئاً” هنا ثار شارون وأضاف: لقد أعدت لإسرائيل هيبتها التي فقدتها في هذه الحرب.

صور أشهر جندي مصري في حرب أكتوبر، وهو يخاطب الله بعينيه فرحًا بالنصر العظيم واسترداد الكرامة والعزة والشرف.

الجنرال شارون: في رأيك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريين؟

لكن ما يهمني هو السؤال الأخير في الحلقة وكان موجها للجنرال شارون قبل أن ينتهى وقت البرنامج، حيث سأله خبير معهد الدراسات الاستراتيجية: الجنرال شارون في رأيك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريين، هل هجومهم يوم عيد الغفران والحياة متوقفة في إسرائيل؟ هل هجومهم في منتصف النهار وهو أمر لم يكن متوقعا ؟ هل قيامهم بغلق مضيق باب المندب في مفاجأة أذهلت إسرائيل؟ هل لأنهم نجحوا في التنسيق مع سوريا لشن الهجوم في توقيت مشترك؟ هل لأنهم هجموا بطول مواجهة القناة وهو أمر لم يكن في تخطيط. وحسابات وتوقعات الجانب الإسرائيلي؟ هل.. هل وذكر له عدة نقاط أخرى.

لكن شارون أجاب: إن ذلك كله لم يكن مفاجأة لنا، إن بعض ما ذكرته ربما كان خارج توقعاتنا وخارج حساباتنا مثل إغلاق مضيق باب المندب، لكن المفاجأة لي شخصيا في حرب ۱۹۷۳ هي «الجندي المصري». فلم يكن هذا الجندي المصري هو الذي قابلته في حرب ١٩٥٦ أو ۱۹٦٧، فالجندي المصري في الحروب السابقة كان لا يعرف القراءة والكتابة هذه المرة عندما كنت استجوب الأسرى المصريين بنفسي رأيت لأول مرة خريجي كليات التجارة والهندسة والحقوق إلخ. أيضاً الروح المعنوية لهذا الجندي هذه المرة كانت مختلفة تماماً و…
وأضاف قائلاً: إنه وهو متقدم بسرية الدبابات نحو الإسماعيلية بعشر دبابات، فجأة خرج من بين الأشجار 6 جنود من الكوماندوز المصريين، وقال إن ستة جنود ضد عشر دبابات الأمر واضح! إنهم جميعا قتلى!! ثم قال: إن المفاجأة أنهم أصابوا خمس دبابات إسرائيلية، وتم القضاء على الكوماندوز المصريين.

شارون: مفاجأة حرب أكتوبر : الجندي المصري الجديد المتعلم خريج الجامعات.

يقول شارون: هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر، الجندي المصري الجديد المتعلم خريج الجامعات، هذا الجندي المسلح بروح معنوية عالية تعلم شراسة القتال.. لم يعد يُرهِبَه جيش الدفاع الإسرائيلي كما كان من قبل، لقد صنعت منه هزيمة ١٩٦٧ إنساناً جديداً، عكس توقعاتنا بعد ١٩٦٧: بأننا قد قضينا على الجيش المصري، وأصبح جثة هامدة غير قادر على القتال مرة أخرى. أضاف شارون: أنه يجب على المخطط الإسرائيلي في أي حرب قادمة مع مصر، أن يضع في حساباته، نوعية هذا الجندي الجديد الذي لم نقابله من قبل. وأنهى حديثه قائلاً: هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر لي شخصيا الجندي المصري الجديد.

نتيجة المناظرة 8-4 لصالح مصر.

انتهت المناظرة بحصولي على 8 درجات وحصل شاروون على أربعة درجات فقط. مع توصيات عديدة جاءت معظمها سلبية في خطط وأداء جيش الدفاع الإسرائيلي، سواء في الخطة الدفاعية لخط بارليف، أو أداء معركة شارون غرب القناة، بينما كانت الإيجابيات للقيادة المصرية التي أوصى معهد الدراسات الاستراتيجية أنه يجب أن تدرس المعاهد العسكرية والمراكز العلمية هذا الفكر المتطور والتخطيط المتميز للقيادة المصرية، والأداء الراقي للجندي المصري في هذه الحرب. كما أكد معهد الدراسات الاستراتيجية على إضافة عنصر جديد من عناصر مقارنة القوات وعناصر حسابات التوازن العسكري للدول، هو: إضافة العنصر البشرى. فهو أمر لم يكن محسوباً من قبل، وقد جاء ذلك بعد الأداء المشرف للجندي المصري في حرب ۱۹۷۳.

تحية فخر واعتزاز للجندي المصري العظيم.

يكفي هنا أن أقول إنه في نهاية العام 1973 كان من المفترض أن يُصدر معهد الدراسات الاستراتيجية تقريره السنوي Military Balance مع بداية عام 1974كما يحدث كل عام، لكنه تأخر ستة أشهر بهدف أن يتضمن عدد عام 1974 المفاهيم القتالية الجديدة التي حقها الجيش المصري في هذه الحرب. حيث انه في بداية عام 1973 وقبل بدء الهجوم المصري واقتحام قناة السويس، كان التقرير يتضمن أنه في حالة محاولة القوات العربية وبالذات المصرية الهجوم على خط بارليف واقتحام قناة السويس، فإن الفشل سيكون من نصيب القوات المسلحة المصرية. حيث أن أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات الإسرائيلية تتفوق بمراحل على أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات المصرية.
من هنا جاءت المفاجأة أن المصريين انتصروا في هذه الحرب، ومن هنا تأخر إصدار عدد التوازن العسكري Military Balance الصادر عن (IISS) عن عام 1974 ليتأخر ستة شهور كاملة. حيث جاء العدد الجديد ليوضح أن معهد الدراسات الاستراتيجية قد توصل إلى حقيقة مفادها: أن ما حققه المصريون في هذه الحرب يفوق كل التقديرات، لأنه برغم تفوق الجانب الإسرائيلي في أعداد ونوعية السلاح، إلا أن النصر جاء للمصريين بسبب نوعية جديدة تضاف في أي تحليلات قادمة، هي الروح المعنوية للجندي الذي حارب لاستعادة أرض بلاده، ونوعية الجندي الذي أصبح خريج الجامعات العليا، وليضع معهد الدراسات الاستراتيجية فقرة جديدة في أي تحليلات قادمة، هي: نوعية الجندي وروحه المعنوية وتصميمه على القتال واستعادة أرضه.

الله أكبر على عظمة أولادك الغاليين يا مصر.

ليغير الجندي المصري المفاهيم والعقائد القتالية في العالم كله بعد انتصار أكتوبر 1973، والحمد لله، وصدق رسول الله الصادق الوعد الأمين حين قال: إذا مَنَّ عليكم الله بفتح مصر، فاتخذوا منها جندًا لكم فإنهم خير أجناد الأرض وفي رباط إلى يوم الدين. وكل عام ومصرنا الحبيبة الغالية، عزيزة صواريها، مرفوعة هاماتها، أبيِّة بشعبها وجيشها وقيادتها.

شكر وتقدير وامتنان

اللواء الدكتور سمير فرج

يتقدم مركز الفارابي بجزيل الشكر والتقدير والإمتنان لسيادة اللواء الدكتور سمير فرج، على موافقته بنشر هذه المقالات الخاصة بمناظرته التاريخية مع اسحاق شارون، وهي المناظرة التي سطرت بحروف من النور قطرة غالية من قطرات مياه بحر أكتوبر العظيم، هذا البحر الفريد في طبيعته وفي طعم مياهه التي ذاقت عذوبة دماء المصريين فتحولت بقدر الله لمياه عذبة أبد الدهر، ليظل المصرييون يسطرون منها تاريخهم وعظمتهم وامجادهم، ويتوارثون الإرتواء من مياهه حتى تقوم الساعة. عاشت مصر حُرة أبيِّة عصيِّة على أعدائها إلى يوم الدين.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *