القمة العربية الإسلامية (الأفريقية): تمخَّض الجبلُ وأنجبَ فأرًا.

0

بقلم: أ.د. مدحت حماد

بعد طول انتظار وسُبات وبيَات شتوي بلغ سنة كاملة، ومن أجل العمل على إيجاد حل للجرائم الصهيونية النازية الفاشستية العنصرية المجرمة ضد بعض شعوب الأمة العربية هما الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، ومن أجل إيجاد حلول جذرية لوقف حمامات الدم والتدمير السرطاني الممنهج لمقدرات هذين الشعبين، والحد من الإغتصاب السافل المجرم لممتلكات وأعراض وحقوق هذين الشَعبَين العربيّين المُسلِمَين، و… و… إلخ،

اجتمع قادة 56 دولة عربية وإسلامية، تتمتع بقدرات استراتيجية شاملة رهيبة وضخمة ومُخيفة، تجسدها الحقائق التالية:

1- عدد سكان هذه الدول يقترب من 2 مليار نسمة.

2- تمتد أراضي هذه الدول في ثلاث قارات هي: آسيا وأفريقيا وأوروبا.

3- تبدأ حدود هذه الدول من الحدود الغربية للصين شرقًا وحتى الحدود الشرقية للمحيط الأطلنطي غربًا، من الحدود الجنوبية لروسيا شمالًا وحتى السواحل الشمالية للمحيط الهندي جنوبًا.

4- تمتلك هذه الدول أكبر مخزون العالم من النفط والغاز وجميع المعادن الإستراتيجية النفيسة كالذهب، النحاس، ليورانيوم، الفضة، الحديد، الفوسفات، المنجنيز إلى آخر القائمة.

5- تمتلك هذه الدول أكبر مساحات العالم القابلة للزراعة.

6- تتمتع هذه الدول بحدود ساحلية طويييلة وممتدة على جميع البحار والممرات والمضايق الإستراتيجية في العالم: البحرين الأحمر والمتوسط، بحر قزوين، بحر ايجه، مضيق هرمز، مضيق باب المندب ومضيق جبل طارق.

7- تمر عبر أراضي هذه الدول جميع خطوط الطيران العابرة للكرة الأرضية من الشمال للجنوب والعكس، من الشرق للغرب والعكس.

8- تمتلك هذه الدول قرابة ثلث اقتصاد العالم، ويزيد مجموع احتياطاتها النقدية الإستراتيجية المُعلنة سوء داخل بنوكها الوطنية أو البنوك العالمية قرابة عشرة تريليون دولار. وماخفيَّ كان أعظم.

اجتمعوا يوم الإثنين الموافق الحادي عشر من نوفمبر 2024 في الرياض حيث أرض الحرمين الشريفين، وقد جاءوا جميعًا من كل فج عميق، مُحاطين بالحراسات الأمنية المعقدة الشاملة الحصينة التي خُصصت لها ميزنيات ضخمة من مقدرات وأموال شعوبهم، اجتمعوا وقد أخذَ البعض من الناس يعقدون آمالهم على اجتماعهم هذا، لعلهم ينتفضون كالجبال، ولما لا؟ وجميع أوطانهم مملوءة بالجبال الراسخات بداية من جبل “أُحد” حتى جبال زاجروس وألبُرز وجبال البحر الأحمر، وجبال أفغانستان العظيمة مقبرة المعتدين على مر التاريخ، بينما البعض الآخر من بسطاء المسلمين والعرب يدعو بأن “يَنفُخ الله في صورتهم”، فتدب فيها الروح مثلما نفخ الله عزَّ وجل في آدم وعيسى عليهما السلام!!

لكن واقع الأمر ومرارة الحقيقة كانتا تقولان هيهات هيهات هيهات. هيهات أن ينفخ الله من روحه في صور هؤلاء الملوك والحكام، الذين ظلوا يشهدون لمدة عام كامل وأكثر عبر شاشات البث المباشر، جرائم الصهيونية النازية الفاشستية العنصرية المجرمة وبحار الدم التي أخذت تجري في سهول وأودية وتلال وجبال غزة ولبنان، ضد الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، وهذا ما كان بالفعل. ليكشف هذا الحدث عن حقيقة مُرَّة وهي أنه ولأول مرة في التاريخ المعاصر تفقد غالبية إن لم تكن معظم الشعوب العربية الإسلامية الثقة في الإرادة الجَمعيِّة وقدرة الحكام العرب والمسلمين في القيام بما يجب أن يقومون به من أجل نُصرَة بعضًا من أشقائهم وإخوتهم في فلسطين ولبنان.

فما تمخَّض عنه الإجتماع هو تجسيد لحالة الضعف والهوان، إن لم يكن الذل والخنوع والإستسلام الجمعي. ما حدث أن أصدر المجتمعون بيانًا طويلًا طويلًا طويلًا. بيان جاء في 38 بندًا غير المقدمة، ولنتصور كيف بدت وما هي “طبيعة” الكلمات الافتتاحية لكل بند من هذه البنود الـ 38؟ الحقيقة أنها لم تكن سوى تجسيد حقيقي مؤلم ومُخذي في نفس الوقت للمثل العربي الذي يقول: تمخَّض الجبلُ وأنجَبَ فأرًا!! كيف؟

لقد قمتُ بعمل حصر إحصائي للكلمة الأولى من كل بند فكانت النتائج كالتالي:

الكلمةعدد مرات ذكرهاملاحظات
التأكيد6البنود أرقام:1، 3،4، 12، 24، 36
التحذير1البند رقم: 2
دعوة5البنود أرقام: 5، 15، 23، 30، 32
التنديد1البند رقم: 6
إدانة10البنود أرقام: 7،8،9،11،16،22،27،28،29،33
رفض1البند رقم: 10
مطالبة4البنود أرقام: 13،17،19،21
الترحيب2البنود أرقام: 14،37
العمل2البنود أرقام: 18،26
حث1البند رقم: 20
شكر1البند رقم: 25
تكليف3البنود أرقام: 34،35،38

فإذا ما قمنا بعمل تصنيف لهذه الكلمات سنجدها كما يلي:

1- “التأكيد، الدعوة، الإدانة، التنديد، والرفض”. هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة ليِّنة أقرب إلى العجز.

2- الترحيب، الشكر والحث. هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة متأدِبة، مُسالمة، غير ذات أنياب.

3- التحذير، الرفض، المطالبة. هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة أقصى قدراتها “الإحتاج اللفظي”.

4- تكليف. تكشف عن الإرادة والسلطة.

السؤال المُهم هنا هو: في أي مواضع تم استخدام كلمة “تكليف”؟ الإجابة المباشرة هي في المواضع الخاصة بالبيئة الداخلية، أي تكليف الأمين العام للجامعة العربية، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، اللجنة الثلاثية المشتركة!!! أي أي إعمال السلطة والسيادة متحقق فعليًا ومُنصَب على الذين يخضعون لسيادة وسلطة الحكام العرب والمسلمين أي “الموظفين التابعين لهم”!! لكن، أن تظهر هذه السلطة والسيادة على الذين يعتدون ويهددون ويدمرون ويقتلون العرب والمسلمين وجميع مقدرات حياتهم، فهيهات وألف هيهات.

ما سبق يشكِّل جريمة تاريخية وقع فيها الملوك والحكام المجتمعون في الرياض. جريمة، أعتقد في أنها قد نالت من مكانة البعض منهم لدى بعض أو كثير أو أغلب الشعوب العربية الإسلامية. جريمة ستضعهم تحت المحاكمة التاريخية بكل تأكيد، حتى وإن لم تضعهم الآن تحت المحاكمة الفعلية بموجب المقررات الخاصة بميثاق جامعة الدول العربية من جانب ومنظمة المؤتمر الإسلامي من جانب آخر، وهي المواثيق التي تفرض على الحكام استخدام كافة الوسائل والامكانات والقدرات للدفاع عن جميع الشعوب العربية والإسلامية.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *