هالة الفردان: ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني.. المهم أن يتحدثوا!

0

منذ فترة نشر أحد المؤثرين فيديو ينصح فيه الناس بأهمية التوقف عن تداول المقاطع التي تُشهِّر في شخصيات معيّنة أو يُراد من ورائِها النيل من سمعة بعض الشخصيات العامة ذات الشأن، وللتوضيح قام هذا المشهور بعرض مقطع “فريش” جديد تمّ إخفاء وجه أبطاله بالورود لإخفاء شخصياتها واكتفى بترك الصوت كما هو! المشهور الواعظ كان كمن يقال عنه ينشر الفضيلة عبر الفضيحة، من جهة هو يدين أخطاء الناس ومن جهة أخرى ينشرها ويجعلها مادة للمناقشة، لا أعلم يقيناً إن كان المراد من هذا الفيديو حث الناس للتوقف أو أنه نوع جديد من التشهير، ومحاولة يائسة لحصد المشاهدات.

حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول!!

مؤخراً، لا يكاد ينقضي يوم دون ملاحظة انتشار فيديوهات أو مقاطع مسرّبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الشخصية أو تلك، حتى إن طريق الشهرة أصبح أسهل من ذي قبل، وباتت الناس تتفنَّن في لفت الانتباه بشتى الطرق، فهذه تستعرض كل ما تستطيع استعراضه لكسب المشاهدات، وهذا يقتنص الفرص ويتصيّد الأخطاء وزلات اللسان لشخصيات عامة، وذلك يشتري مقاطع كاميرات المراقبة لفضح هذا وذاك!! حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول، فترى مقاطع كثيرة تُنشر تبيّن علاقة الأم بأبنائها المثالية أو علاقة ذلك الزوج بزوجته، كلها أصبحت وسيلة للظهور وكل هذا لماذا؟

من أجل مشاهدات رقمية لا تعرف حقيقتها من زيفها، تُهان الناس وتُستباح الخصوصية وتُنتَهك الحقوق في سبيل الوصول لأكبر قدر من الأعين. الأدهى من ذلك قيام بعض الشخصيات نفسها بتسريب مقاطع لها لدى هؤلاء في سبيل إثارة الجدل والظهور بمظهر الضحية، ومحاولة كسب عطف الجماهير المتعطشة لكل ما هو جديد، أصبحت سمعة وأعراض الناس مجرد مادة للتداول وكل ما عظمت بشاعة المقطع كان أعلى سعراً وطلباً.

“ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا”!!

بل إن هناك ظاهرة أخرى أمَرّ ألا وهي “الاستثمار في الفضائح الشخصية”!! ففي الماضي عند انتشار مقطع لـ “فضيحة شخصية” تسارع تلك الشخصية بالاعتذار والانسحاب من المشهد العام، أما اليوم فقد تغيرت اللعبة، فأصبحنا نرى تلك الشخصيات المثيرة للجدل، سواء أكان من المشاهير أو الشخصيات العادية، تستثمر في فضائحها الشخصية لتحويلها إلى مادة تسويقية وتُصبح تلك الفضيحة فرصة ذهبية وفجأة يصبح بطل القصة مؤثراً وتنهال عليه عقود الإعلانات، وأصبح الكل فجأة يحمل عبارة “ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا”!!

الخلاصة: لا يمكننا أن نلوم فقط الناشرين والباحثين عن الشهرة، بل علينا أيضاً أن نتوقف لنسأل أنفسنا، هل نحن مُستَهلِكُون فقط لهذه الظواهر أم أننا مساهمون في تعزيزها؟ أليس نحن من نسمّى الجمهور هو “المستهدف”؟ هل أصبح فضولنا وسيلة في تحويل الأخطاء إلى فرص لهؤلاء؟ هل كنا نحن السبب في تحقيق أعلى نسبة مشاهدة لهذه المقاطع؟ هل يكفي أن يتمّ فرض تشريعات وقوانين صارمة لردع هذه الظاهرة؟

“التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع”.

لا أعتقد أن أياً منا يؤيد انتشار هذه المقاطع، لذا أعتقد أن الطريق لتصحيح هذا المسار يبدأ من إعادة التفكير في أدوارنا نحن كجمهور، إذا توقفنا قليلاً عن التفاعل مع هذه الفضائح ومنحها الاهتمام، فبكل تأكيد ستفقد قيمتها كمصدر للشهرة والربح، الأمر يتطلب وعياً جماعياً وتربية أخلاقية للأجيال القادمة، كما أقول دائماً فإن: “التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع”.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *