هالة فردان: ليس الأبيض دائماً دليل نقاء!

العقد لم يكن مصنوعاً من الذهب!!
قرأت في إحدى الصحف العربية عن حادثة غريبة تقشعر لها الأبدان، لن أدخل في تفاصيلها التي تأبى أن تغادر مخيلتي كلما حاولت أن أنساها وسأذكر منها فقط مختصراً لما حدث، حيث إن الحادثة تشير إلى وفاة طفلة صغيرة على يد خالتها التي قتلتها رغبة منها في سرقة عقد من الذهب كانت ترتديه الفتاة الصغيرة، لتكتشف الخالة بعد ذلك أنه لم يكن أساساً من الذهب الخالص وأنه كان مجرد عقد من النحاس مطلي بلون ذهبي!

لنقف قليلاً هنا لنفهم الموقف. قتلتها خالتها التي رعَتَها منذ كانت طفلة صغيرة! ألا نسمع دائماً أن الخالة هي الأم الثانية، إنها القلب الحنون والحضن الدافئ الذي يلجأ إليه الطفل بعد حضن أمه؟ إنها الكلمة التي ترادف كلمة الأمن والأمان. لذا نتألم من بشاعة الطريقة التي توفيت فيها الفتاة الصغيرة كما نتألم من بشاعة النفس التي استطاعت الغدر بها.
أن يَغدر بنا مَن هو مِنّا؟
ربما كان الموقف أقل إيلاماً لو أنَّ من تسبّب به شخص غريب لا يعرفنا ولا نعرفه، لكن أن يَغدر بنا مَن هو مِنّا؟ يجعل من ألم الغدر أشد وأمرّ. كم هي هذه القصة مؤلمة، كم هي تلك الأحداث التي تمر بنا كل يوم نسمعها هنا وهناك. نثق ونأمن في مَن لا أَمان لهم دون عِلم مِنَّا.
لكن لا حول ولا قوة الناس تظهر لنا بمظهر لا نعلم صدقهم من خبثهم، نعاملهم كما يعاملوننا. فإن أحسنوا أحسنّا وإن غدروا بنا ابتعدنا، نسير ونأمل ألا يضعنا القدر أمام أحد هذه الاختبارات الصعبة. تجارب الناس وخبراتهم مختلفة. لا يوجد إنسان صالح كلياً. ظروفنا قد تجبرنا في بعض الأحيان لنسلك سلوكاً لم نعتده. لكن ذلك، لا يعني أن نسلك هذا السلوك مَع مَن حولَنا! وإلا عمّت الفوضى في كل مكان، واستباح الناس بعضُهم بعضًا، بحجة أننا نعاني من ظروف ومواقف عجزنا أن نتعامل معها.

فصديق اليوم قد يكون عدو الغد، وعدو اليوم قد يكون صديق الغد!!
إن أساس العلاقة بين الناس هي التعامل.فكّر كثيراً قبل أن تتكلّم وأن تتصرف مَع مَن هو أَمامَك. فهو لا يعرفك وأنت لا تعرفه. وإن كان يعيش مَعَك في نفس المكان. لكنك لا تعيش معَه في عَقله ولا في قلبه. لذلك فإن معيار العلاقة معه سيكون وفق تعاملك معه. لذا إنتبه وكُن أكثر حكمة ،لا تأمل الكثير، ولا تتوقع ما هو أكبر من قدرة البعض على إعطائه. لا شيء ثابتُ في حياتنا، والناس كما هي الحياة متغيِّرة. فصديق اليوم قد يكون عدو الغد، وعدو اليوم قد يكون صديق الغد!!
ليس صحيحاً أن نعيش في شك دائم فِيمَن حولنا.
الخلاصة: كثيرة هي المواقف التي نتعرّض لها كل يوم، وأن نعيش في شك دائم فِيمَن حولنا ليس صحيحاً. لكن علينا دائماً أن نفهم أن البشر ليسوا سواء. فلكل من حولك تجربة خاصة مختلفة عنك، قد يحمل بعضهم الكثير من الحب والبعض الآخر العكس، لذا كن متيقظاً دائماً، فقد نرى قلوبهم بيضاء نقية وفي نفس الوقت ننسى أن السُم أبيض!!