علي الريامي: ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين، هو تسارع غير مسبوق.

مع اقتراب اجتماع تحالف “أوبك+” في يونيو المقبل، يترقب المحللون ما إذا كانت “أوبك+” سيتمكن من استعادة التوازن بين العرض والطلب أم ستتجه الأسواق نحو مزيد من التقلبات، فقد أثارت خطوة تحالف “أوبك+”، بتسريع وتيرة عودة الإنتاج المتوقف إلى السوق، أثارت العديد من المخاوف من وفرة المعروض في سوق النفط الذي تعاني في الأصل من توقعات طلب غير مؤكدة، بفعل التأثيرات المتوقعة للحرب التجارية على نمو الاقتصاد العالمي والطلب على الطاقة.
في هذا الصدد أفاد محللون نفطيون، بأن قرار “أوبك +” بتسريع وتيرة الإنتاج للشهر الثاني على التوالي يحمل في طياته تداعيات كبيرة على أسواق الطاقة العالمية، وسط مخاوف من هبوط جديد في أسعار الخام. حيث أشاروا إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل تحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، تشمل ضعف الطلب العالمي، وتفاقم التوترات التجارية، وتأثير السياسات الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب.
لهذا يري بعض المحللين أن القرار لا يهدف فقط لمعاقبة الأعضاء غير الملتزمين، بل أيضاً لمواجهة إمدادات النفط الصخري الأميركي، لا سيما أن ضخ كميات إضافية في ظل تباطؤ اقتصادي، من شأنه أن يضغط على الأسعار حتى تتضح صورة الطلب بشكل أفضل مما قد يؤثر في موازنات الدول النفطية.
لذلك يترقب المحللون ما إذا كان “أوبك+” سيتمكن من استعادة التوازن بين العرض والطلب أم ستتجه الأسواق نحو مزيد من التقلبات.
القرار وتداعياته
كان تحالف “أوبك+”، بقيادة السعودية وروسيا، أعلن في الثالث من مايو (أيار) الجاري، زيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يومياً اعتباراً من يونيو، في خطوة تمثل الثالثة في سلسلة زيادات تدريجية بدأت في أبريل (نيسان) الماضي.
وأسهم القرار إلى جانب الرسوم الجمركية الأميركية، في انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، إذ هبط خام “برنت” إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل.
تشير حسابات “رويترز” إلى أن الزيادة المقررة في يونيو من قبل تحالف “أوبك+” سترفع إجمالي الزيادات في أبريل ومايو ويونيو إلى 960 ألف برميل يومياً، وهو ما يمثل 44 في المئة من الخفوض البالغة 2.2 مليون برميل يومياً التي جرى الاتفاق عليها منذ 2022.
تعزيز الإمدادات
وفقاً لبيان “أوبك+”، فإن الزيادة تهدف إلى تعزيز الإمدادات بما يتماشى مع حاجات السوق، مع التأكيد على إمكانية تعليق الزيادات إذا شهدت الأسواق تقلبات مفاجئة، ومع ذلك، أثار القرار مخاوف من تخمة المعروض، بخاصة مع استمرار ضعف الطلب العالمي، الذي بلغ 102 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، من دون زيادة ملحوظة عن العام السابق، خلافاً لتوقعات سابقة بارتفاع قدره 500 ألف برميل يومياً.
تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب سياسات ترمب الاقتصادية التي تتضمن فرض رسوم جمركية. يخشى المحللون أن تؤدي الزيادة الجديدة إلى مزيد من الضغوط على الأسعار، مع توقعات بأن يتراوح سعر خام برنت ما بين 55 و65 دولاراً للبرميل وفقاً لتقديرات بنوك الاستثمار الكبرى.
تسارع غير مسبوق
حول هذا الموضوع يقول المدير العام السابق لتسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة والمعادن في سلطنة عمان، علي الريامي:

إن وتيرة زيادة الإنتاج النفطي التي شهدتها السوق أخيراً تختلف عن تلك التي أنجزت في إطار التفاهمات السابقة بين الدول المنتجة.
فالقرار الأخير بزيادة الإنتاج بإجمالي بلغ 411 ألف برميل يومياً يعد تحولاً لافتاً مقارنة بالزيادات السابقة التي بلغت نحو 400 ألف برميل، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل تصعيداً ملحوظاً في ضخ الإمدادات.
ويضيف الريامي، “ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين، ونتوقع استمراره خلال الشهر المقبل، هو تسارع غير مسبوق في عمليات زيادة الإنتاج، على رغم أن الدول التي بادرت بهذه الخطوة ليست ملزمة بها بموجب الاتفاق الأصلي”.
كما يبيّن أن ثماني دول من خارج الالتزام المباشر بالاتفاق النفطي، بما في ذلك السعودية وروسيا والعراق، تطوعت سابقاً بخفض إضافي في الإنتاج، لكنها اتفقت أخيراً على إعادة تلك الكميات إلى السوق بوتيرة أسرع من المتوقع، ما يعكس دوافع داخلية تدفعها نحو التراجع عن الخفوض.
كما أكدَّ على أن دولاً مثل كازاخستان أظهرت رغبة واضحة في تعزيز إنتاجها، مشيراً إلى تصريحات وزير الطاقة الكازاخستاني التي أكدت أن “أولويات الدولة تأتي قبل الالتزامات المتعلقة بتخفيض الإنتاج”.
وختم الريامي بالتأكيد على أن هناك عوامل داخلية تمارس ضغوطاً على صناع القرار في هذه الدول، معتبراً أن بعض المبادرات القائمة تسعى للحفاظ على الحضور في السوق النفطية أكثر من التقيد بالقيود الجماعية.