admin

الشعب السوري لمحمد بن سلمان: أنت في قلوبنا.. أنت فخر العرب.

عبد الرحمن الملحم*

عبد الرحمن الملحم

احتفل الشعب السوري وعلى مدى يومين وحتى الصباح الباكر في دمشق وماحولها بقرار رفع العقوبات عن سوريا مرددين عبارات لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في المملكه العربيه آلسعوديه: أنت في قلوبنا. محمد بن سلمان فخر كل العرب.

وجائت هذه الهتافات بعد أن قرر الرئيس الأمريكي ترامب إلغاء العقوبات على سوريا بطلب خاص من ولي العهد السعودي وذلك أثناء زياره الرئيس الأمريكي للرياض، رياض السلام. وحضور المنتدى الأقتصادي الأمريكي الخليجي.

بذلك قدَّم ولي العهد أغلى هديه للشعب السوري الشقيق الذي عانا من سنوات عده قضاها في الحروب والتشريد والدمار، كما كان اللقاء الذي جمع بين الرئيس ترامب والرئيس السوري بتنسيق ووساطة الأمير محمد بن سلمان، له أثر كبير في أن تبدأ سوريا مرحلة جديدة بعيدة عن الصراعات وويلات الحروب، وبهذه البادرة من المملكة العربية السعودية، تعود سوريا إلى الواقع العربي وتساهم في بناء سوريا جديده لأجيال جديده وعوده المهجرين والمشردين إلى ديارهم، لتبدأ عمليه البناء من جديد، ولتعود سوريا إلى حاضرة الجامعة العربية، لتساهم مع شقيقاتها الدول العربية في لُحمة الجامعة.

الأمير محمد بن سالمان يتوسط ترامب والشرع

كانت تطلعات الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية واصفًا إياها: إنني ذهلت مما شاهدته من تطلعات وتحديثات قام بها الأمير الشاب محمد بن سلمان، جعلها من أرقى بلاد العالم، في زمن قياسي بسيط.

نعم السعودية وصلت إلى هام السحاب وارتقت إلى مصاف الدول العظمى. بفضل من الله والقيادة الحكيمة.

* عبد الرحمن الملحم. كاتب ومحلل سياسي. سعودي

ل.د. سمير فرج: هل إنتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

ل.د. سمير فرج

مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا

اللواء الدكتور سمير فرج

السياسة هي لعبة مصالح؛ فإذا كانت مصلحة الدولة تتجه إلى اليمين، فإن سياسة الدولة ستتجه إلى اليمين أيضًا، وهذا ما شهدناه في الأيام الماضية. فقد أعلنت الولايات المتحدة فجأة عن اتفاق مع الحوثيين، يقضي بوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين حيث ستتوقف أمريكا عن ضرباتها الجوية، مقابل أن يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر.
المفاجأة الكبرى كانت أن أمريكا لم تأخذ مشورة اسرائيل في هذا الاتفاق، رغم أنها كانت طرفًا أساسيًا في العمليات العسكرية في البحر الأحمر. الأدهى من ذلك أن إسرائيل علمت بالاتفاق من وسائل الإعلام وهذا اغضب اسرائيل كثيرا. وقد صرّح السفير الأمريكي في تل أبيب بأن الولايات المتحدة ليست مضطرة للحصول على إذن من إسرائيل لاتخاذ مثل هذا القرار.
ولقد ظهرت بوادر توتر العلاقات أو انتهاء فترة شهر العسل بين نتنياهو وترامب عندما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر مقربة من ترامب أن أمريكا أبلغت وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بأن الرئيس الأمريكي قرر في زيارته الي الشرق الاوسط عدم زيارة اسرائيل.
لقد جاء هذا الاتفاق بين أمريكا والحوثيين بناءً على تقارير من البنتاجون تم تقديمه الى الرئيس الأمريكي ترامب تفيد بقدرات الحوثيين العالية في استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: إصابة طائرة أمريكية من طراز F-18، وحدوث أضرار طفيفة في حاملة الطائرات "ترومان". وتأتي هذه القدرات الحوثية نتيجة وجود خبراء إيرانيين في اليمن، وهو ما لم يحدث في جنوب لبنان خوفًا من رد فعل إسرائيلي مباشر باختطاف هؤلاء الخبراء وتصبح ايران في وضع سيء.
حيث نجح الحوثيون في إطلاق صواريخ وصلت إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار، وهذا شكل ضربة قوية لإسرائيل، التي فشلت بعد عام ونصف من الحرب في تأمين شعبها ورغم وجود ثلاث انظمة اسرائيلية مضادة للصواريخ هي القبة الحديدية ومقلاع داوود وأرو علاوة على احدث نظام امريكي ثاد موجود في اسرائيل كل هذا لم يجعلها تكتشف او تتصدى لهذه الهجمات مما ادى الى غضب وتظاهرات بين الشعب الاسرائيلي ضذ حكومته .

أصبح الآن على اسرائيل، بعد انسحاب الولايات المتحدة من قتال الحوثيين، أن تقاتل الحوثيين منفردة، بعد أن كانت قطع البحرية الأمريكية والتحالف تتعرض لصواريخ ومسيّرات الحوثيين في البحر الأحمر قبل وصولها لإسرائيل لدرجة أن إسرائيل قامت يوم الأحد بغارات ضد المواقع البحرية في اليمن، لإرسال رسالة بأنها لا تهتم بانسحاب الولايات المتحدة من القتال.

النقطة الثانية في الخلاف الأمريكي–الإسرائيلي تتعلق بملف إيران النووي؛ فبينما ترى إسرائيل ضرورة توجيه ضربة عسكرية أمريكية–إسرائيلية مشتركة لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بينما ترفض الولايات المتحدة هذا الخيار، خشية تصعيد يهدد استقرار الخليج العربي، خاصة أن إيران تسيطر على مضيقي هرمز وباب المندب، ما قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة العالمية خاصة ان النفط في منطقة الخليج يمثل 20% من حجم تجارة النفط العالمي.
إضافة إلى ذلك، تجاهل نتنياهو دعوة الرئيس الأمريكي بضرورة إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، مما دفع الصحف الأمريكية إلى الإشارة إلى أن صبر الإدارة الأمريكية وترمب تجاه رئيس وزراء إسرائيل بدأ ينفد.
يرى محللون في مركز هدسون أن الخلافات بين الجانبين، وإن لم تُعلن رسميًا، إلا أنها باتت واضحة، إذ أصبح ترامب يضع مصلحة أمريكا في المقام الأول، ومصلحة إسرائيل في مرتبة لاحقة وهو امر لم يحدث من قبل ولم يكن احد يتوقعه. ووصل الأمر إلى بعض المحللين إلى احتمال ترمب بإعلان اعتراف بالدولة الفلسطينية.

يأتي الخوف من ذلك في إسرائيل، مع الأخبار التي تؤكد احتمال قيام الرئيس ترامب بإعلان خطة وقف إطلاق النار في غزة فور وصوله إلى الشرق الأوسط، يعلن فيها انسحاب إسرائيل من غزة، وتسليم الرهائن بالكامل دفعة واحدة.
خاصة بعد قيام حماس بتقديم عربون صداقة إلى أمريكة بتسليم الرهينة الأمريكية، الموجودة لدى حماس، خاصة أن ذلك التسليم جاء دون رغبة إسرائيل، بل أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه لن يفرج عن أي أسرى الفلسطنيين في سبيل الرهينة الأمريكية.

كل تلك الأمور ترعب إسرائيل الآن، حيث يرى المراقبون أن ترامب بدأ يضع مصلحة أمريكا ومصلحته هو شخصيًا في أن يحقق السلام في الشرق الأوسط، بعد نجاحه منذ عدة أيام فقط في إيقاف القتال بين الهند وباكستان، وبعدها يدخل هذا الاسبوع في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بعدها ينطلق الى اوروبا لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا خاصة انه طلب من روسيا واوكرانيا الاجتماع في نهاية الاسبوع في تركيا لبحث وقف اطلاق النار وتحقيق السلام.
وكل هذه التطورات تمهد الطريق أمام ترامب للحصول على جائزة نوبل في نهاية العام، فلو نجح في إنهاء الحرب الأولى بين روسيا وأوكرانيا، والثانية في غزة، والثالثة بين الهند وباكستان، فإنه بذلك يكون قد أنهى أكثر الحروب تأثيرًا في العصر الحديث، وأسهم في تحقيق السلام العالمي. من هذا المنطلق، يرى ترامب أنه الأجدر بالحصول على الجائزة، باعتباره الوحيد الذي استطاع إيقاف ثلاث حروب كبيرة، ولهذا، تعيش إسرائيل الآن حالة من الرعب والقلق، بينما يترقب الجميع زيارته المرتقبة إلى منطقة الخليج.

ومن هنا يتساءل العالم:

هل انتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

هل انتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

هل سيؤثر ذلك على أي تحرك أمريكي لحل أزمة الشرق الأوسط في المرحلة القادمة؟

عبدالرحمن الملحم: السعودية في أنظار العالم

هكذا انتهت مشكلة كادت أن تكون حرب دامية بين دولتين جارتين نوويتين. لكنهما. عدوتين.

عبدالرحمن الملحم.. كاتب ومحلل سعودي

السؤال. لو أن هذه الحرب قامت بين الهند وباكستان ماذا سيكون وضع هاتين الدولتين وهذين الشعبين الهندي والباكستاني؟ وكلا الدولتين تمتلكان السلاح الحديث والدولتان هما من الدول المصنعه للسلاح والطائرات المسيره. وكلا الدولتين تتسابقان منذ زمن بعيد في انتاج أسلحه حديثه وادخال تكنولوجيا حديثه على صناعاتهم الحربيه لأنهم يمتلكون علماء وخبراء عسكريين تستعين بهم دول عظمى.

وفي مجال التسابق الاستخباراتي فإن كلا الدولتين لديهما عملاء. متخصصين. لتزويدهما بكافة المعلومات عن نقاط. الضعف لدى الدوله الأخرى وقد تكون ساعه الصفر وشيكه لبدأ المعركه لولا تدخل المملكة العربية السعودية التي حرصت على أن ترسل وزير الخارجية إلى كل من الدولتين، لحثهما على إنهاء هذا الخلاف.

فكان للإتصالات المتلاحقة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. في المملكه العربيه السعوديه. برئيس الحكومة في باكستان والهند، أكبر الأثر في انتهاء الخلاف ونزع فتيل الحرب واستجابة الدولتين لسمو ولي العهد السعودي، لمكانته المرموقة بين قادة دول العالم. فسموُّه يقود أيضإ إنهاء الحرب القائمه بين روسيا وأوكرانيا وإنهاء الخلاف بين الولايات المتحده الأمريكيه وروسيا. وكانت استجابه روسيا لتدخل سموه في إطلاق سراح عشرة من الأسرى من دول مختلفة وذلك لمكانه سموه والمملكة العربية السعودية في الميزان العالمي.

اذن السعودية اليوم هي أعظم دوله تتمتع بالمكانه المرموقه وقد نجحت الدبلوماسيه السعوديه في جميع المحافل والمؤمرات في العالم.

  • كاتب ومحلل سياسي سعودي

رواية “حكاية إعدام جوزيف”. الحلقة الثالثة.

تأليف: د. ضيو مطوك ديينق وول

الكاتب الدكتور. ضيو مطوك ديينق وول

المشهد الخامس

 قبل انتهاء المدة المقررة، قدمت هيئة الإتهام طلب استئناف أمام المحكمة العليا، استغرق بضعة أيام خرج بتأييد قرار المحكمة الأولية.

         أسرة المتهم حاولت جمع الدية لكن كان الأمر صعبًا عليها رغم المساهمات من قبل رجال الأعمال بسوق السجانة.

بعد فشل العائلة في دفع الدية، قررت إدارة السجون نقل جوزيف إلى سجن بورتسودان ليقضي فيه عقوبته طالما فشل في سداد الدية.

هناك في بورتسودان، شعر جوزيف بالوحدة، ولذلك طالب بنقله إلى سجن كوبر حتى يتسنى للأسرة زيارته بصورة دورية، وهي الخطة التي مكنت أفراد العائلة من القيام بالزيارات المنتظمة له في سجن كوبر، خاصة ابن خاله أنطوني كوين وصديقه أوانطجي اللذان بذلا جهداً كبيراً في سبيل الإفراج عنه لكن لم يوفقا.

أنطوني كوين كان طالباً بجامعة جوبا، كلية الدراسات الإجتماعية والإقتصادية، وأوانطجي يدرس التجارة بجامعة الزقازيق، وكانا يتناوبان في الزيارات إلى السجن وبذلا جهداً لجمع المال بغرض دفع الدية إلا أن ظروف الأسرة لم تسمح بذلك، فاختصر التبرعات في رسوم المحامي الذي طلب نصف القيمة تقديراً لعلاقته بأحد أقرباء المتهم الذي كان يعمل معه بمنزله.

بعد نقله إلى سجن كوبر، وجد جوزيف البئية الملائمة والتعامل الراقي، ربما يعود السبب إلى مركز سجن كوبر السياسي داخل العاصمة القومية، بحيث يوجد فيه المعتقلون السياسيون، ويحظي بزيارات متكررة من قبل الوفود الأجنبية ومنظمات حقوق الإنسان والبعثات الدبلوماسية التي تتابع الأوضاع بالسودان في عهد حكومة الديمقراطية الثالثة التي تكونت من حزب الأمة والاتحاد الديمقراطي بقيادة السيد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي، ومولانا محمد عثمان علي الميرغني، على التوالي.

في ذلك الوقت كانت الجبهة الإسلامية القومية بقيادة الدكتور حسن عبد الله الترابي تتبوأ مقاعد المعارضة في البرلمان بقيادة الأستاذ علي عثمان محمد طه زعيماً لها. كما يوجد تمثيل ضيئل لبعض الأحزاب الجنوبية لأن الانتخابات كانت جزئية في الجنوب نتيجة للحرب الدائرة هناك.

 رغم موقف المهدي من الحرب بالجنوب ومحاولاته المستمرة لعرقلة المبادرات السياسية التي تهدف لإنهاء الحرب، إلا أن اللعبة السياسية داخل البرلمان كانت تسير حسب الأسس الديمقراطية تحكمها مصالح الأحزاب والتنظيمات السياسية. مثلا انتقلت الجبهة الإسلامية القومية من مقاعد المعارضة إلى الحكومة وخرج الإتحادي الديمقراطي نتيجة لتوقيعه اتفاق ميرغني- قرنق بمدينة كوكدام الأثيوبية. استمر هذا التحالف ضد السلام في السودان لمدة عام تدهورت فيه الأوضاع في البلاد، وشهدت سقوط العديد من المدن في أيدي مقاتلي الجيش الشعبي للتحرير، مما جعل رئيس الوزراء الصادق المهدي يغير رأيه ويقبل بمبادرة ميرغني-قرنق، الأمر الذي أدى إلى خروج الجبهة الإسلامية القومية وعودتها مجدداً إلي مقاعد المعارضة، وتم تشكيل الحكومة الإئتلافية بين المهدي والميرغني مجدداً، مما أثار حفيظة الإسلاميين فنفذوا انقلابهم الشهير برئاسة العميد عمر حسن أحمد البشير الذي كان قائداً لمنطقة ميوم العسكرية بغرب النوير، 30 يونيو 1989.         

***

حفل التورتة الذي اقيم الخامس من فبراير 2025 بمناسبة حفل توقيع رواية "حكاية إعدام جوزيف"

جانب من جمهور المشاركين في حفل توقيع رواية "حكاية إعدام جوزيف"

الفصل الثاني

المشهد السادس

لا يمكن الجزم بأن تدهور العدل بدأ في عهد البشير؛ لأنه كانت هناك إرهاصات تومئ بغياب حكم القانون، وانهيار النظام الدستوري في عهد الصادق المهدي، نتيجةً للحرب الأهلية في البلاد، والتي ظهرت جلياً في الجنوب والشرق ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

في صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989 بدأت التحركات غير العادية داخل سجن كوبر، حيث وصلت إلى السجن شخصيات هامة في السياسة السودانية.

إدارة السجن طلبت من السجناء إخلاء بعض العنابر لصالح المعتقلين الجدد، وتم إعادة المتهمين في جرائم القتل خاصة الذين شارفت مدتهم على الانتهاء إلى الزنزانات بما فيهم جوزيف جون الذي نقل إلى زنزانة رقم 9.

 في اليوم التالي وصل حسن الترابي والصادق المهدي إلى سجن كوبر. ويُقال إن اعتقال الترابي كان مسرحية من الإسلاميين حتى لا تكتشف خطتهم بأنهم وراء انقلاب القوات المسلحة. تم اعتقال الكثير من الوزراء وأعضاء البرلمان وقادة الجيش وزجّ بهم في السجن.

 الوضع أصبح يتأزم يوماً بعد يوم ويتغير إلى الأسوأ داخل السجون. السجين جوزيف يتلقى المعلومات عن الانقلاب وأوضاع البلاد من الرقيب عثمان خاطر آدم.

بعد عام من الاستيلاء على السلطة، أعلنت حكومة الإنقاذ الوطني الجهاد في جنوب السودان، حيث نشطت في كردفان ودارفور خاصة جبال النوبة، وتم تأهيل معسكرات تدريب المجاهدين في كادوقلي ولقاوة والمجلد والضعين، وهي نفس المراكز التي فتحت في عهد الصادق المهدي حتى تستطيع أن تستوعب أعداداً كبيرة من المجاهدين. ونتيجة لذلك، تم تزويد هذه المعسكرات بالخبراء الدوليين، خاصة من دول محور الإسلام السياسي والقوميين العرب، حيث جاءت هذه الفكرة متلازمة مع فتح حكومة الإنقاذ البلاد لجميع حركات الإسلام السياسي ومقاطعتها للغرب بناء على مخرجات المؤتمر الجامع الذي حضرته قيادات الحركات الإسلامية العالمية في الخرطوم، صدرت منه قررات تدعو للجهاد والعنف، ومن بين الحضور في هذا الموتمر قيادات إسلامية مؤثرة، مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وراشد الغنوشي وعبدالمجيد الزنداني وخالد مشعل وأبو سياف والشيخ صبحي الطفيلي وآخرون. 

أيضاً أصبح السودان مقصداً لمطلوبين دوليين، حيث كان "الييتش راميريز سانشيز" المعروف باسمه الحركي "كارلوس" يختفي في الخرطوم، لكن أُعتقل وسُلِّم إلى السلطات الفرنسية بعد المفاصلة بين البشير والترابي.

 هذه الجماعات الإسلامية بعضها نقلت استثماراتها إلى السودان، خاصة حركتي الطالبان وحركة المقاومة الإسلامية المعروف اختصاراً بـ (حماس) اللتان استثمرتا أموالهما في الطرق والزراعة والصناعات الحديدية والأغذية، مثل طريقي شريان الشمال والإنقاذ الغربي اللذان يربطان السودان بجمهورية مصر العربية، وشركة السندس الزراعية بجنوب الخرطوم، وكثير من شركات المنتجات الغذائية.

وفعلاً نجحت هذه الخطة وشهد السودان نهضة تنموية كبيرة، ودخلت في التصنيع الحربي والدوائي والسيارات والطائرات والآليات العسكرية والأسلحة الخفيفة والثقيلة، خاصة في مناطق اليرموك وجياد وكوبر وكرري.

         السودان استطاع أن يستخرج البترول بالتعاون مع الصين وماليزيا والهند والمليشيات المحلية في الجنوب، وأصبح يصدر النفط وتحسن وضعه القتالي ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان.

 الإسلاميون بذلوا جهوداً كبيرة في سبيل إنهاء الحرب في جنوب السودان عسكرياً، وهي أساساً خطتهم المرسومة قبل الإنقلاب على النظام الدستوري، بحيث كانت الخطة هي حسم التمرد عسكرياً، وإذا لم تنجح الخطة يتم اللجوء إلى انفصال الجنوب، وهو الخيار الذي أخذوه بعد اثنتين وعشرين عاماً من الحكم.

حاول النظام تغيير الديموغرافية في جنوب السودان من خلال تهجير السكان الأصليين من مناطقهم بغرض استغلال الموارد خاصة في أعالي النيل وبحر الغزال، وهذه السياسة هدفها استلام الأرض خالية من البشر، ولذلك زادت هجمات المراحيل والدفاع الشعبي والمجاهدين على المواطنين بالجنوب في غياب الإعلام نتيجة لقرار النظام باستبعاد الوسائط الإعلامية عن المشهد حتى لا تظهر الحقائق، غير أن المفاصلة التي حدثت بين الرجلين، الترابي والبشير، نهاية 1999 كشفت المستور.

وعلى الصعيد الداخلي، نفذ النظام المشروع الحضاري كمحاولة لتغيير السلوك والمظهر العام للمواطن ولإبراز العروبة وطمس الهوية الإفريقية. الجنوبيون الذين نزوحوا إلى الشمال وفي مناطق سيطرة الحكومة كانوا أكثر الفئات تضرراً. تأسيساً على هذا الفهم كان يتم اعتقالهم وملاحقتهم في قضايا تافهة مثل صنع الخمر واللبس غير المحتشم- كما يدعون- واتهام بالطابور الخامس والتخابر لصالح التمرد.

         أيضا تم استهداف الكنائس والأندية التي لا تعبر عن الثقافة العربية والإسلامية. في هذا السياق، تم تأسيس شرطة الآداب العامة ومحاكم للنظام العام حتى يتم ملاحقة الجنوبيين وضجت بهم السجون. 

في هذه الأجواء، اشتدت الحرب في الجنوب والشرق وجبال النوبة والأنقسنا، ورغم دفع الجيش الشعبي بالكتائب والوحدات العسكرية إلى مناطق سيطرت الحكومة إلا أن مستوي التعبئة الجماهيري الحكومي كان يفوق التوقعات، حيث تم تعبئة المستجدين وإدخالهم المعسكرات وتفويجهم إلى مناطق العمليات، كما طلبت الحكومة من حلفائها الدوليين الزيارات إلى مراكز التدريب حتى يكون بمثابة دفع معنوي للمجاهدين في صفوف القتال الأمامية.

***

بعض الشخصيات السودانية المشاركة في حفل توقيع رواية "حكاية إعدام جوزيف"

رواية “حكاية إعدام جوزيف”. الحلقة الثانية.

حكاية إعدام جوزيف. رواية بقلم

د. ضيو مطوك ديينق وول  

المشهد الثالث

         اعتاد "محيي الدين" الرجوع من النادي إلى المنزل، برفقة شقيقه الأصغر "نصرالدين"، في تمام الساعة السابعة مساءً، وفي إحدى المرات، وأثناء دخولهما المنزل وجدا شخصين مجهولي الهوية يتبولان على صور المنزل بالقرب من البوابة الرئيسية.

سأل محيي الدين عن هذا التصرف اللا أخلاقي، لكن لم يجد رداً منهما، بل أخذ أحدهما سكيناً وسدد طعنات في صدر محيي الدين، فأراده قتيلاً في الحال. الشخص الآخر الذي كان مع القاتل قال له "ليه قتلت الزول يا يوسف؟"، فرد عليه "يلا نجري". وفرا إلى الاتجاه الغربي وهو نفس الموقع الذي يسكن فيه جوزيف الملقب ب يوسف مع أقاربه.

         خرج الشيخ أحمد شريف والد المرحوم من المنزل مسرعاً إلى مكان الحادث بعدما سمع صرخات ابنه، لكن وجد ابنه قد فارق الحياة. فسأل: ماذا حدث؟

رد نصرالدين وهو يغالب البكاء "محي الدين مات يا ابوي"... ثم بكي بشدة وهو يمسك رأسه.

الوالد:  كلمني الحاصل شنو يا نصر الدين؟

نصر الدين:  وجدنا شخصين يتبولان على الحائط، وعندما سألناهما سدد أحدهما الطعنات على صدر محيي الدين. وبعد ذلك سأل أحدهما القاتل، ليه قتلت الزول يا يوسف؟ ثم فرا إلى الاتجاه الغربي.

الوالد:  لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حسبنا الله ونعم الوكيل.

         ردّد نصر الدين الحوقلة ودخل المنزل واتصل بالشرطة التي وصلت إلى مكان الحادث وأخذوا الجثمان إلى المشرحة، وبدأوا في إجراءات فتح البلاغ ضد مجهول، ودونوا في دفترة الأحوال بأن القاتل يُدعى يوسف.  

المرحوم محيي الدين كان يدرس الحقوق في السنة الأخيرة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكان من المفترض أن يتخرج بعد شهرين من تاريخ الوفاة. هذا الموت المفاجئ شكَّل حالة نفسية شديد لأسرته وخاصة الوالدة التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري.

الشيخ أحمد شريف هو قطب إسلامي ويرأس الجماعة بالحي، حيث أقام التنظيم ندوة ضخمة في الساحة التي يفتح عليها منزله، خاطبها قيادات الحركة الاسلامية بقيادة الشيخ الدكتورحسن عبدالله الترابي، والذي كان يشكل حزبه مقاعد المعارضة في الديمقراطية الثالثة.

         شرطة المباحث بقسم اللاماب شكلت مجموعات لمتابعة القضية وحاولت حصر الأشخاص المتسمين بـ"يوسف" في الحي، وكل الخرطوم جنوب. لكن بالتأثير من الأسرة والحركة الإسلامية، تم توجيه الإتهام إلى "جوزيف جون باك" الملقب بـ"يوسف".

         وفي ذات يومٍ حضر ثلاثة من أفراد المباحث إلى شركة البيبسي كولا ومعهم أمر قبض بالإرشاد مكتوب باسم يوسف دون الاسم الثاني ووجدوه في إجازة مرضية فذهبوا إلي المنزل، وقبضوه وتم اقتياده الي قسم الشرطة باللاماب وبدأوا التحقيق معه بتهمة القتل.

         لا يوجد شهود في هذه القضية سوى شقيق المرحوم، نصر الدين الذي كان معه عند وقوع الحادث بجوار منزلهم، وهو لا يعرف شيئاً عن الجاني غير حديث الشخص الذي كان برفقة القاتل، حينما قال: "ليه قتلت الزول يا يوسف"؟ وهي عبارة تطابق لقب الجاني فقد أطلق على جوزيف (يوسف) من قبل التجار وزملائه بسوق السجانة.                                                    

         عائلة المرحوم تريد إلصاق التهمة على جوزيف، حيث أوحت للشرطة بضرورة إقامة طابور شخصية على الذين قبض عليهم كمشتبهين في الجريمة بقسم الشرطة، وجلّهم شماليين ما عدا جوزيف، بغرض تعرّف الشاهد على المتهم الذي شاهده أثناء وقوع جريمة القتل الساعة السابعة مساءً حيث كان الظلام دامسًا، مما يجعل الرؤية متعذرة، لكن اختيار الشاهد وقع على جوزيف ربما لأنه الجنوبي الوحيد بين المتهمين، والمخيال الشمالي دائماً ما يدمغ الجنوبيين بالإجرام، فأكد بأنه القاتل.

وُضِعَت يدي جوزيف في الكلباش وتم اقتياده إلى المعتقل ووجهت ضده تهمة القتل العمد، تحت المادة 251 من القانون الجنائي 1984 في مواجهة المتهم، وهو القانون الذي تم تعديله عام 1991 لتصبح المادة 130 عقوبة لجرائم القتل العمد، بعد انقلاب الإسلاميين سنة 1989.

***

المشهد الرابع

         ليس هناك سبيل أمام أسرة جوزيف سوى توكيل محامٍ ليدافع عنه في هذه القضية الملفقةـ وهذا أمرٌ صعبٌ للغاية لضعف الوضع المادي للأسرة، لأن معظم أفرادها بعد نهب بقرهم في المنطقة صاروا بلا مال، وقليل منهم موجودين في الخرطوم يعملون في المهن الهامشية مثل عمال البلديات والشركات والعتالة في الأسواق، لكن طيبة معارف يوسف خاصة أصحاب المغالق والمحلات التجارية بالسجانة جعل بعضهم يتبرعون بمبالغ معتبرة  دفاعاً عنه، لأن الكل يعرف بأنه غير مذنب في هذه القضية.

         أيضاً برز دور كبير لزملائه في سوق السجانة وشركة البيبسي كولا  في استقطاب الدعم اللازم لصالح نفقات لمحامي.                                                                                                       

وصل الخبر للأستاذ بابكر المحامي عن طريق أحد أقرباء جوزيف الذي كان يعمل في منزله، وأبدى تعاطفاً كبيراً مع المتهم في هذه القضية غير العادلة، فقدم نفسه دفاعاً عن المتهم بشرط أن تتحمل الأسرة نصف الأتعاب ويمكن سدادها بالأقساط. رغم خلفيته الإسلامية أثبت الأستاذ بابكر المحامي بأنه يقدس العدالة ويكره الظلم عكس سلوك كثير من زملائه في الحركة الإسلامية حيث قدم مرافعة قوية بهدف إسقاط التهمة..  

المتحري الرقيب أول بشير يُصر على أن المتهم جوزيف جون الملقب  بـ"يوسف" هو القاتل، بدليل أنه هو الجنوبي الوحيد الذي يسكن في اللاماب ويحمل هذا اللقب، وأن الحدث وقع في الساعة السابعة مساءً أمام منزل أهل المرحوم، وأن القاتل فرَّ إلى الاتجاه الغربي وهو نفس المكان الذي يوجد فيه المنزل الذي يسكنه المتهم في الشارع الرابع من بيت أهل المرحوم، وأن هذا الشخص تظهر عليه آثار الإجرام من كسر السنون وتفتيل العضلات، وأن مجموعة من المباحث قامت بمسح كامل داخل الحي ولم يجدوا أي جنوبي آخر في المنطقة يحمل هذا اللقب غير المتهم، ولذلك أوصى بإدانته تحت المادة 251 العقوبات قتل عمد. 

القاضي طلب إفادات الشهود... فتقدم الشاهد الأول وهو شقيق المرحوم الأصغر نصرالدين أحمد شريف، الذي يدرس الصيدلة بجامعة الخرطوم.   

         نصرالدين أدى القَسَم وأكد بأنهما كانا قادمين من النادي حوالي الساعة السابعة مساءً، وعندما وصلا باب المنزل وجدا شخصين يتبولان على سور المنزل، وعندما سألهما محي الدين لماذا يفعلان ذلك أخرج أحدهما سكيناً وطعن المرحوم، فسأله الشخص الآخر الذي كان مع الجاني: ليه قتلت الزول يا يوسف؟

 فرد يوسف: نجري بس، وفرا في الإتجاه الغربي، وبعد ذلك طلبت النجدة من المنزل وجاء الوالد ومعه آخرون، لكن وجدوا محي الدين قد فارق الحياة وتم نقله إلى المشرحة.

         قال هذا الكلام وبكى داخل قاعة المحكمة. القاضي طلب منه السكوت ولكنه استمر في البكاء، فأمر القاضي باقتياده إلى خارج القاعة.

         الشاهد الثاني هو والد المرحوم الشيخ أحمد شريف، وهو ضابط شرطة متقاعد قبل انضمامه إلى الحركة الإسلامية، وفيما بعد أصبح مسؤول التنظيم في المنطقة، حيث ذكر أنه كان داخل المنزل حينما سمع أصوات الشجار، وعندما خرج وجد المرحوم مُسجىً على الأرض وقد فارق الحياة، فنقلنا جثمانه إلى المشرحة بناءً على توجيه الشرطة للتشريح... أضاف: أنا كرجل شرطة سابق وأسكن هذا الحي طيلة الثلاثين عاماً الماضية ليس هناك شخصٌ يُدعي يوسف من أبناء جنوب السودان إلا هذا الرجل، الذي ظهر هنا قبل أربعة أعوام، ولذلك أعتقد بأن قاتل ابني هو هذا المجرم.

         الأستاذ بابكر المحامي يستأذن مولانا القاضي للحديث، وقدَّم نفسه بأنه وكيل المتهم وهو أستاذٌ جامعي ويعمل في المحاماة منذ عشرة أعوام، ويطلب من المحكمة شطب البلاغ نتجة لعدم وجود أدلة وأن تطابق اسم الجاني  بلقب جوزيف لا يجعله القاتل.

 يواصل المحامي قائلاً... سيدي القاضي، الإفتراض بأن القاتل يسكن في الحي الذي قُتِل فيه المرحوم أمر غير صحيح، يمكن لمجرم أن ياتي من مكان بعيد لينفذ جريمته ويفر، علاوة على ذلك مولانا القاضي طابور شخصية الذي مثل فيها جوزيف مع الأشخاص من شمال السودان، وخاصة في ظل وجود افتراض مسبق بأن لهجة القاتل التي قالت: (ليه قتلت الزول يا يوسف؟) هي جنوبية، يدل على وجود ترتب مسبق لتوريط جوزيف في التهمة التي  ليس هو طرف فيها، وأن هذا الرجل ليس له سوابق إجرامية في حياته، وأن أسنانه المكسورة ليس بسبب الإجرام، لكن بسبب حادث لقيامه بعمل شريف يدر منه دخلاً كريما لعيشةٍ كريمةٍ كعامل عتالة بالسجانة، وهذا بشهادة كثير من التجار، وأيضاً تفتيل العضلات ليس دليل إجرام، لكن حدث نتجة لطبيعة عمله وهو يرفع الأثقال في المغالق مثل السيخ والأسمنت والزنك، ولذلك مولانا القاضي ألتمس من حضرتك شطب هذا البلاغ والإفراج عن المتهم دون شرط.

القاضي يرفع المحكمة ويحدد الجلسة القادمة بعد شهر... وتوالي الجلسات.

         وقبل يومين من جلسة الإستماع الأخيرة، سقطت مدينة الكرمك بالنيل الأزرق في أيدي متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق، وانتشرت إشاعات بوصول تعزيزات عسكرية إلى مشارف ولاية الجزيرة، وربما العاصمة القومية الخرطوم، واتخذت أجهزة الدولة موقفاً ضد الجنوبيين، وأصبح ينظر إليهم كطابور خامس، وأخذت الحرب طابعاً عنصرياً ضد الجنوبيين خاصة أجهزة الدولة.

وفي هذا الجو المشحون، قدم المتهم جوزيف جون إلى قاعة المحكمة التي كانت ممتلئة بأصحابه، في نفس الوقت تتعالى الهتافات المضادة من أفراد أسرة المرحوم بالقصاص، والاستفزاز ضد الأستاذ بابكر المحامي واتهامه بالعمالة ومساندة المجرمين، دون علم بأن الدفاع حق يكفله القانون حتى للمجرمين الذين ينتهكون القوانين، لكن هذه الإدعاءات كان يبررها الوضع السياسي في البلاد.

         يواصل محامي الإتهام... هذه الأيام سيدي القاضي، نتيجة لما يدور في البلاد، كثرت حوادث أخوتنا الجنوبيين في الخرطوم، حيث تم قتل شخص في متجره بالكلاكلة، ولذلك لا نستبعد بأن هذا الحادث له علاقة بما يدور في البلاد، خاصة هجوم المتمردين على النيل الأزرق، ولذلك وحسب طلب أولياء الدم الذين أجمعوا بأن يتم إعدام المتهم شنقاً حتى الموت، أطلب من المحكمة الموقرة إصدار عقوبة الإعدام ضد المتهم.

 أصحاب جوزيف من التجار الشماليين الذين كانوا موجودين في الجلسة، يهتفون: الحرية الحرية لـ "يوسف" فهو ليس مجرماً ولم يكن هو القاتل.

 الأستاذ بابكر نهض واستاذن القاضي بالحديث:

سيدي القاضي، هذه القضية تنقصها البينات، وأي ربط لهذه القضية بما يدور في النيل الأزرق ليس له سند قانوني، ولذلك أطلب من المحكمة الموقرة شطب هذا البلاغ والإفراج عن المتهم فوراً.    

القاضي رفع الجلسة قليلاً لإجراء المشاورات، واستأنف الجلسة بعد نصف ساعة، وبعد الرجوع إلى القاعة،

حكم القاضي على جوزيف جون الملقب بـ"يوسف"، بدفع دية قدرها واحد وعشرين ألف جنيه، وفي حالة عدم الدفع يقضي المتهم عشرة سنين بالسجن. 

الكل غير راضٍ عن هذا الحكم، فأولياء الدم يرون بأن المحكمة لم توقع عقوبة الإعدام ضد المتهم، لكن أسرة جوزيف ترى بأن المحكمة ظلمته لأنه لم يكن هو القاتل وأن هذه القضية فيها تسييس، وكان من المفترض أن يتم إطلاق سراح جوزيف فوراً نتجة لغياب الأدلة التي تدعم الإدعاء بأنه هو القاتل.

***

آداب عين شمس تناقش دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

على مدار يومي الأحد والإثنين 11-12مايو2024، تقيم كلية الآداب جامعة عين شمس تحت رعاية الأستاذ الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور أماني كامل نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، مؤتمرها الدولي الرابع عشر، وذلك بمشاركة نوعية متميزة من "دار المنظومة".

أ.د. محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس.

برئاسة أ.د. حنان كامل متولي، عميد كلية الآداب. من الجدير بالذكر أن مقرر المؤتمر هو الأستاذ الدكتور حاتم ربيع حسن، وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث.

أ.د. حنان كامل عميد آداب عين شمس.

هذا وستشهد الجلسة الإحفتتاحية للمؤتمر التي ستعقد بمسرح كلية الآداب في تمام التاسعة والنصف صباح الأحد الموافق 11مايو 2025، تكريمًا لعدد من الشخصيات ضيوف شرف المؤتمر وهم: الوزير هشام عزمي، رئيس الجهاز المركزي المصري للملكية الفكرية، الأستاذ الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.

كذلك يشارك في المؤتمر عدد من الشخصيات المصرية الدولية والنيابية، حيث من المقرر مشاركة كل من الأستاذة الدكتورة شادية قناوي، سفير مصر في منظمة اليونسكو. الأستاذة الدكتور ةعايدة نصيف، عضو مجلس الشيوخ، والأستاذ الدكتور يوسف عامر، عضو مجلس الشيوخ، رئيس اللجنة الدينية بالمجلس.

تدور أعمال مؤتمر هذا العام في تسع جلسات، يشارك فيها 45 أستاذًا وخبيرًا وباحثًا في مختلف قطاعات العلوم الإنسانية والإجتماعية وكذلك التخصصات العلمية الأخرى ذات الصلة. ومن المقرر أن يعقب الجلسة التاسعة للمؤتمر، جلسة ختامية لعرض أهم التوصيات التي سينتهي إليها المشاركون.

المباريات الحربية والقوات المسلحة المصرية.

لواء دكتور/ سمير فرج

اللواء الدكتور سمير فرج

المباريات الحربية، هي أعلى مستويات التدريب في الدورات التدريبية في كليات القادة والأركان، وكليات الحرب العليا، وكليات الدفاع في مختلف المنشآت التعليمية في العالم. وهي تُعتبر أحد مفاهيم الفكر العسكري الذي يُدرس في أعظم وأرقى مستويات التعليم في الاكادميات العسكرية في نهاية الدورات التعليمية التي تستمر لمدة عام تقريباً. لكن هذا الفكر والأسلوب لم يكن يُتبع في الكليات العسكرية العليا في الاتحاد السوفيتي، التي كنا نتبعها ونسير على خطاها بعد ثورة يوليو 52. لذلك لم نكن نستخدم ذلك الاسلوب التعليمي في الاكاديميات العسكرية المصرية.

مع بدء الانفتاح العلمي العسكري، الذي أطلقه الرئيس أنور السادات، بعد أكتوبر 1973 تقرَّر سفر مبعوثين مصريين إلى دول حلف الناتو، التي تعتنق الفكر العسكري الغربي لكي نتعرف على اساليبهم للقتال _إسرائيل تتبع الفكر الغربي_ وعلى اساليب التدريب للقادة والضباط وبالتالي بدأنا نتعرف على شكل جديد في التدريب وهو "المباريات الحربية".
لقد كنت من أوائل هؤلاء المبعوثين عندما تقرر سفري إلى إنجلترا لحضور دورة كلية القادة والأركان في كلية كامبرلي الملكية. وهناك، لأول مرة، حضرت وشاهدت هذا النوع الجديد من التدريب، وكانت تجربة رائعة.

لذلك، فور عودتي من البعثة، عندما تم استدعائي لمقابلة المشير الجمسي، وزير الحربية آنذاك، وقدمت له تقريري عن البعثة، وما هو الجديد الذي يمكن أن تستفيد منه القوات المسلحة من تجربة الدراسة في المعاهد العسكرية الغربية خارج مصر. كانت أهم هذه العناصر التي قررنا نقلها للاستفادة بها في القوات المسلحة هي المباراة الحربية أو "War Game". وعلى الفور، صدرت أوامر السيد وزير الحربية آنذاك بتطبيق هذا الأسلوب في التدريب في كلية الأركان حرب المصرية. وتم إلحاقي لمدة شهر بأكاديمية ناصر العسكرية لإدخال هذا النوع من التدريب وتدريسه في كلية الحرب العليا (High War College) وكلية الدفاع (Defense College).
تقوم فكرة المباراة الحربية على تقسيم طلبة الدورة إلى قسمين أو فريقين:

القسم الأول يمثل الدولة المصرية بكل تنظيمها: مجلس الوزراء، وزير الدفاع، باقي الوزراء، مركز عمليات الدولة، إدارة المخابرات، التي تكون مسؤولة عن إدارة المعركة الحربية ضد العدو… الخ.
القسم الثاني، فهو يمثل الدولة المعادية. وأتذكر أننا في إنجلترا، ونحن نجري التدريب على هذه المبادرة الحربية، كان القسم الأول يمثل الحكومة البريطانية، بما فيها وزارة الدفاع البريطانية (MOD)، ورئاسة الأركان، وإدارة المخابرات، وغيرها. أما القسم الثاني، فكان يمثل الدولة المعادية، وكانت آنذاك هي الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو.
وبالطبع، تم وضعي في هذه المباراة كممثل للدولة السوفيتية، لأننا كنا ندرس في مصر الفكر العسكري الشرقي، ولقد كانت الفكرة الاسرائيلية لتنفيذ هذه المبادرة الحربية في كلية كامبرلي إنجلترا عام 1974، تقوم على حدوث اساس توتر بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي واحتمالات حدوث حرب.
كانت المرحلة الاولى من المباراة تركز على كيفية إدارة الأزمة ومحاولة تجنب الدخول في حرب بين البلدين. ويبرز فيها دور الدبلوماسية لتجنب الحرب، وكذلك دور وزارة الدفاع البريطانية، ورئاسة الأركان، للاستعداد للحرب وإعلان التعبئة وتجهيز خطط الحرب، مع إبراز دور الإعلام في تهيئة المجتمع البريطاني للأعمال المنتظرة.
مع تطور الأزمة، في المبارة الحربية نصل إلى مرحلة الحرب. وعلى الجانب الآخر ظهر دور دولة الاتحاد السوفيتي في إدارة هذه المرحلة، سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري. وبالطبع، كنت أمثل الدولة السوفيتية، ومعي مجموعة من الطلبة البريطانيين وبعض من دول أخرى يمثلون باقي عناصر دولة الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو سواء وزارة الدفاع … الخارجية..الخ.
وجاءت المرحلة الثانية من المباراة، عندما بدأت أعمال الحرب التقليدية (غير النووية) حيث عرض كل جانب خطته العسكرية. وتمثلت القوات البريطانية في وجودها بمسرح عمليات غرب أوروبا، أساسًا في ألمانيا. ثم جاء دور القوات السوفيتية، التي كنت أنا أدير معركتها، ومعي مجموعة من الضباط الإنجليز والأجانب. وتم اختياري لهذا المنصب في المباراة الحربية لأننا في مصر ننتهج العقيدة الشرقية (السوفيتية) حيث تم عرض الخطط العمليات واسلوب ادارة القتال في ذلك الوقت.
في الاسبوع الماضي كنت في زيارة إلى كلية الدفاع وخلال وجودي هناك، شرفني اللواء حسام عكاشة، مدير كلية الدفاع الوطني، لكي اشاهد تنفيذ المباراة الحربية في نهاية دورة كلية الدفاع – التي تُعرف الآن بـ"المباراة السياسية" – بين دولتين، بالطبع الدولة المصرية ودولة معادية.

لواء أركان حرب حسام عكاشة مدير كلية الدفاع الوطني.

استمرت هذه المباراة السياسية لمدة أسبوعين كاملين، شارك فيها الدارسون ممثلين كل طرف، عن وزارات ومؤسسات الدولة. وحقيقي لقد انبهرت جدا بالمستوي الراقي لكل الطلبة والدارسين، وكذلك التطور الذي شهدته كلية الدفاع المصرية في استخدام أحدث التكنولوجيا، خاصة الحاسبات الإلكترونية، وأدوات السوشيال ميديا. خاصة ان كلية الدفاع من بين طلابها دارسيين من مختلف الوزارات المصرية.
كانت جميع وزارات الدولة المصرية ممثلة في هذه المبارة من الطلاب الدارسين، والكل وضع خطة كل وزارة واسلوب عملها سواء في المرحلة التحضيرية للأزمة أو لإدارة المعركة.
من الاجراءات التي اتبعها كلية الدفاع في تلك المباراه بأنها تعاونت مع خبراء في هذا المجال، حيث حضر أحد وزراء الخارجية السابقين المصريين لمتابعة مجموعة الدارسين التي تمثل وزارة الخارجية. كما شارك مندوب من جهاز التعبئة العامة والإحصاء لمتابعة خطة التعبئة، كما كانت هناك متابعة من جميع أجهزة الدولة المصرية لمتابعة الدارسين.
لقد كان اشتراك الدارسين من الدول العربية والإفريقية في هذا العمل الضخم شيئًا رائعًا، وسعدت جدًا به وبالمستوى العالي الذي قدموه، وكذلك بحجم الوثائق والخرائط التي أنتجتها المباراة حقيقي تقدم علمي رائع تنفذه العسكرية المصرية بهذا المستوى العلمي المتميز.
وكان التطوّر رائعًا في تلك المباراة في كلية الدفاع، إذ أبلغني السيد اللواء عاطف عبد الرؤوف مدير أكاديمية ناصر، أن قرارات وخطط المباراة السياسية يتم إرسالها إلى كلية الحرب العليا التي تدير الجزء الثاني في المباراة، ومنها إلى كلية القادة والأركان والتي تنفذ الجزء الثالث في مباراتها الحربية. ولأن الحروب تنتهي دائمًا باتفاقيات السلام، فإنها تعود مرة ثانية إلى كلية الدفاع لإعداد مشاورات اتفاقية السلام.

اللواء أركان حرب عاطف عبد الروف مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا.

حقيقي، كان شيئًا مشرفًا لمستوى التدريب الراقي لضباط القوات المسلحة، في أسلوب ادارة الحرب بكل جديد لكي نرى القوات المسلحة، بكل هذه الكليات والطلبة، تعمل في نظام واحد متناسق.

هكذا تستمر عمليات التطوير في القوات المسلحة، خاصة في الجانب الأكاديمي والتعليمي، بهدف خلق قادة مصريين قادرين على تولي المسؤولية في قيادة القوات المسلحة المصرية ولكي يطمئن شعب مصر دائما ان لديه قوات مسلحة قادرة على حماية الامن القومي المصري.

الترجمة الإنجليزية لكلمة الدكتورة فاطمة مصطفى في المنتدى الدائم العالمي للشعوب الأصلية

International Permanent Forum of Indigenous People , April 2024 , United Nation ,New York US .

Statement by Fatima Ahmed , President of Zenab for Women Development , Sudan

Fatima Ahmed , President of Zenab for Women Development , Sudan

Indigenous people in Sudan face many
challenges that are deeply rooted in historical, social, and economic factors.these include :

1- The Land Rights and Displacement, Indigenous communities experience land dispossession due to continuous conflicts in Sudan , also agricultural expansion, mining, and infrastructure development. This leads to displacement and loss of traditional livelihoods , beside :
2-Cultural Erasure
3- Marginalization and Political Exclusion ,
4- Access to Basic Services Many indigenous communities struggle with inadequate access to healthcare, education, and clean water. This lead to a of cycles of poverty and limit development opportunities.
5- Environmental Degradation Many indigenous communities depend on natural resources for their livelihoods. Environmental degradation from conflicts industrial activities and climate change cause significant threats to their way of life.
6- Conflict and Violence is big challenge because most of the indigenous groups in Sudan are caught in ongoing conflicts, especially this war which been going on for two years causing loss of lives of hundreds of thousand of civilians beside all kind of violation including sexual abuses for women and girls thousands of women and girls actually sexual violence been used as weapon of war , this war fought on the bodies of the women , rape , slaves sex , forced marrisge , abduction of thousands women and girls been going on for two years now , massive displacements in side Sudan or our side in different Nhiobting Countries estimated by the UN agencies that 9 million been displaced majority are women , children and elderly and 25 million in needs to humanatarian assistance which described by the UN as the worse humanatarian crises in the World yet with very minimal attention in terms of resources for humanatarian aid and also no media attention .
We as Sudanese Indiginous women and Indiginous women led organizations call for immoderate and urgent action to stop this war , to protect the civilian , and to mobilize the necessary resources for humanatarian aid this include to fund the local initiatives as first responders which are working on the ground this include the Indiginous groups including women led organization , youth groups and others also to fund the UN agencies and the INGOs to help Sudanese IDPs inside and out side Sudan . Thank you so much .

رسالة إلى رئيس الوزراء: هل يصنع وزير الثقافة الإرهاب؟

صفوت عمران يكتب:

إغلاق قصور الثقافة يقتل الإبداع ويدعم الإرهاب!!

عندما أنشئت الدولة قصور الثقافة في أغلب المدن والكثير من القرى على مستوى الجمهورية كانت بهدف دعم وتشجيع الإبداع وتنمية المواهب وإبعاد الشباب بعيداً عن الإرهاب والأفكار المتطرفة لكن يبدو أن وزير الثقافة الجديد الدكتور "أحمد هنو" له رأي آخر.

انقذوا الثقافة يرحمكم الله.

يبدو أن الوزير وقيادات وزارة الثقافة الجدد يريدون قتل الابداع وتشجيع انتشار الأفكار المتطرفة، وبدلاً من خلق بيئة إيجابية لتشجيع أطفال وشباب ومبدعي مصر، يعطون فرصة لدعاة الإرهاب والعنف والتطرف أن يتغللوا في المجتمع..

الوزير قرر فجأة إغلاق جميع قصور وبيوت الثقافة المستأجرة على مستوى الجمهورية رغم أن ايجاراتها بسيطة، وهو ما يخلق حالة فراغ، ويحرم ملايين الشباب من تنمية مواهبهم الفكرية والثقافية والفنية، وهو ما يجعل النشئ فريسة سهلة لدعاة التطرف والإرهاب.. ويقتل الإبداع في أغلب قرى ومدن مصر.. انقذوا الثقافة يرحمكم الله.

من يقف وراء تلك القرارات العشوائية وغير المدروسة؟!

ويبقى السؤال: أين يمارس المبدعين والمواهب أنشطتهم الأدبية والفكرية والثقافية والفنية؟! من يقف وراء تلك القرارات العشوائية وغير المدروسة؟!. ولصالح من يتم تجريف مصر من المواهب والمبدعين؟!. القرار الكارثة سوف يكون له تأثير سلبي واسع على مستوى الجمهورية وفي مختلف المحافظات.. على سبيل المثال في شمال محافظة سوهاج، يوجد 7 قصور وبيوت ثقافة منهم 5 مقرات بالإيجار، وفي عموم المحافظة يوجد 19 موقع ثقافي بينهم 11 بالإيجار، وقرار إغلاق المقرات المستأجرة يعني إغلاق من 60% إلى 70% من قصور ثقافة المحافظة، وهو خطر لو تعلمون عظيم..

إغلاق قصور الثقافة، يبني الأَرحَام الجديدة للإرهاب.

والسؤال أين سوف يذهب الأطفال والشباب والمبدعين من شعراء وادباء .. ما هو مصير بيوت ثقافة الطفل وقصور ثقافة جهينة والمراغة وطما، هل هناك أحد داخل الوزارة فكر في مصير هؤلاء؟! .. من يمكنه حماية أولادنا وشبابنا من الأفكار المتطرفة؟! .. من يمكنه تشجيع ودعم المواهب والادباء والمفكرين في جميع المحافظات إذا تم إغلاق قصور الثقافة؟!، الأمر الذي سيتكرر في مختلف أنحاء الجمهورية ويضرب الثقافة والإبداع في مقتل؟!.

استقيموا يرحمكم الله.

يقال إنه سوف يتم نقل جميع الموظفين في تلك المقرات المستأجرة إلى قصر ثقافة طهطا، وهى يظهر سؤال آخر: هل المبنى قادر على استيعاب جميع موظفي تلك الأماكن التي سيتم إغلاقها؟! ومن يعوضهم عن بعد المسافات بين منازلهم ومركز طهطا؟! هل سيتم نقل المبدعين والمواهب من أبناء الشعب أيضاً؟! هل سيتم نقل جمهور قصور الثقافة لحضور الفعاليات المختلفة لمسافة تزيد عن 30 كم؟! ام تريدون إغلاق أغلب قصور الثقافة وجعل الباقية خاوية على عروشها؟! هل هناك دراسة وافيه للآثار السلبية لمثل هذا القرار الفوقي؟!..

تلك استغاثة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أنقذوا قصور الثقافة من تلك القرارات العشوائية والتي تضر بالابداع وتقتل المواهب وتساهم في إنتشار الأفكار المتطرفة.. واتمنى من الدكتور "أحمد هنو" وزير الثقافة التراجع عن هذا القرار الضار والضار جداً.

إغلاق قصور الثقافة هو البيئة الخصبة لصناعة الإرهاب.

استقيموا يرحمكم الله.

حرَّر المقال: أ.د. مدحت حماد

هل جاء وزير الثقافة ليبني البيئات الحاضنة للإرهاب؟

تعقيب في سؤال، يكتبه أ.د. مدحت حماد.

إذا كانت السيرة الذاتية المنشورة لمعالي وزير الثقافة، تكشف عن مهارة نوعية لدى سيادته للصعود الإداري المتلاحق، المنتظم والمتصاعد، من جهة، وتكشف عن مهارته في إختيار موضعاته للماجستير والدكتوراة، إلا أنها لا تكشف في المقابل عن الأبعاد والأنماط الفكرية، أو الروافد الثقافية النوعية التي تشكِّل وعي ووجدان سيادته،

فهل إنعكست شخصيته العلمية كمتخصص في الجرافيك على رؤيته ومن ثم أدائه كوزير للثقافة؟ مجرد سؤال.

علي الريامي: ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين، هو تسارع غير مسبوق.

مع اقتراب اجتماع تحالف "أوبك+" في يونيو المقبل، يترقب المحللون ما إذا كانت "أوبك+" سيتمكن من استعادة التوازن بين العرض والطلب أم ستتجه الأسواق نحو مزيد من التقلبات، فقد أثارت خطوة تحالف "أوبك+"، بتسريع وتيرة عودة الإنتاج المتوقف إلى السوق، أثارت العديد من المخاوف من وفرة المعروض في سوق النفط الذي تعاني في الأصل من توقعات طلب غير مؤكدة، بفعل التأثيرات المتوقعة للحرب التجارية على نمو الاقتصاد العالمي والطلب على الطاقة.

في هذا الصدد أفاد محللون نفطيون، بأن قرار "أوبك +" بتسريع وتيرة الإنتاج للشهر الثاني على التوالي يحمل في طياته تداعيات كبيرة على أسواق الطاقة العالمية، وسط مخاوف من هبوط جديد في أسعار الخام. حيث أشاروا إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل تحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، تشمل ضعف الطلب العالمي، وتفاقم التوترات التجارية، وتأثير السياسات الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب.

لهذا يري بعض المحللين أن القرار لا يهدف فقط لمعاقبة الأعضاء غير الملتزمين، بل أيضاً لمواجهة إمدادات النفط الصخري الأميركي، لا سيما أن ضخ كميات إضافية في ظل تباطؤ اقتصادي، من شأنه أن يضغط على الأسعار حتى تتضح صورة الطلب بشكل أفضل مما قد يؤثر في موازنات الدول النفطية.

لذلك يترقب المحللون ما إذا كان "أوبك+" سيتمكن من استعادة التوازن بين العرض والطلب أم ستتجه الأسواق نحو مزيد من التقلبات.

القرار وتداعياته

كان تحالف "أوبك+"، بقيادة السعودية وروسيا، أعلن في الثالث من مايو (أيار) الجاري، زيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يومياً اعتباراً من يونيو، في خطوة تمثل الثالثة في سلسلة زيادات تدريجية بدأت في أبريل (نيسان) الماضي.

وأسهم القرار إلى جانب الرسوم الجمركية الأميركية، في انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، إذ هبط خام "برنت" إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل.

تشير حسابات "رويترز" إلى أن الزيادة المقررة في يونيو من قبل تحالف "أوبك+" سترفع إجمالي الزيادات في أبريل ومايو ويونيو إلى 960 ألف برميل يومياً، وهو ما يمثل 44 في المئة من الخفوض البالغة 2.2 مليون برميل يومياً التي جرى الاتفاق عليها منذ 2022.

تعزيز الإمدادات

وفقاً لبيان "أوبك+"، فإن الزيادة تهدف إلى تعزيز الإمدادات بما يتماشى مع حاجات السوق، مع التأكيد على إمكانية تعليق الزيادات إذا شهدت الأسواق تقلبات مفاجئة، ومع ذلك، أثار القرار مخاوف من تخمة المعروض، بخاصة مع استمرار ضعف الطلب العالمي، الذي بلغ 102 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، من دون زيادة ملحوظة عن العام السابق، خلافاً لتوقعات سابقة بارتفاع قدره 500 ألف برميل يومياً.

تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب سياسات ترمب الاقتصادية التي تتضمن فرض رسوم جمركية. يخشى المحللون أن تؤدي الزيادة الجديدة إلى مزيد من الضغوط على الأسعار، مع توقعات بأن يتراوح سعر خام برنت ما بين 55 و65 دولاراً للبرميل وفقاً لتقديرات بنوك الاستثمار الكبرى.

تسارع غير مسبوق

حول هذا الموضوع يقول المدير العام السابق لتسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة والمعادن في سلطنة عمان، علي الريامي:

علي الريامي

إن وتيرة زيادة الإنتاج النفطي التي شهدتها السوق أخيراً تختلف عن تلك التي أنجزت في إطار التفاهمات السابقة بين الدول المنتجة.

فالقرار الأخير بزيادة الإنتاج بإجمالي بلغ 411 ألف برميل يومياً يعد تحولاً لافتاً مقارنة بالزيادات السابقة التي بلغت نحو 400 ألف برميل، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل تصعيداً ملحوظاً في ضخ الإمدادات.

ويضيف الريامي، "ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين، ونتوقع استمراره خلال الشهر المقبل، هو تسارع غير مسبوق في عمليات زيادة الإنتاج، على رغم أن الدول التي بادرت بهذه الخطوة ليست ملزمة بها بموجب الاتفاق الأصلي".

كما يبيّن أن ثماني دول من خارج الالتزام المباشر بالاتفاق النفطي، بما في ذلك السعودية وروسيا والعراق، تطوعت سابقاً بخفض إضافي في الإنتاج، لكنها اتفقت أخيراً على إعادة تلك الكميات إلى السوق بوتيرة أسرع من المتوقع، ما يعكس دوافع داخلية تدفعها نحو التراجع عن الخفوض.

كما أكدَّ على أن دولاً مثل كازاخستان أظهرت رغبة واضحة في تعزيز إنتاجها، مشيراً إلى تصريحات وزير الطاقة الكازاخستاني التي أكدت أن "أولويات الدولة تأتي قبل الالتزامات المتعلقة بتخفيض الإنتاج".

وختم الريامي بالتأكيد على أن هناك عوامل داخلية تمارس ضغوطاً على صناع القرار في هذه الدول، معتبراً أن بعض المبادرات القائمة تسعى للحفاظ على الحضور في السوق النفطية أكثر من التقيد بالقيود الجماعية.

كلمة الدكتورة فاطمة مصطفى في المنتدى الدائم العالمي للشعوب الأصلية

كلمة الدكتورة فاطمة أحمد، رئيسة منظمة زينب لتنمية المرأة، جمهورية السودان، التي ألقتها في المنتدى الدائم العالمي للشعوب الأصلية، أبريل 2024، الأمم المتحدة، نيويورك، الولايات المتحدة.

تواجه الشعوب الأصلية في السودان العديد من التحديات التي تتجذر في عوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية. تشمل هذه التحديات:

1- حقوق الأرض والنزوح: تعاني المجتمعات الأصلية من الاستيلاء على الأراضي بسبب النزاعات المستمرة في السودان، بالإضافة إلى التوسع الزراعي، والتعدين، وتطوير البنية التحتية. يؤدي ذلك إلى النزوح وفقدان سبل العيش التقليدية.

٢-محو الثقافة

3-التهميش والاستبعاد السياسي.

4- الوصول إلى الخدمات الأساسية: تكافح العديد من المجتمعات الأصلية للحصول على خدمات صحية وتعليم ومياه نظيفة. وهذا يؤدي إلى دورات من الفقر ويحد من فرص التنمية.

5- التدهور البيئي: تعتمد العديد من المجتمعات الأصلية على الموارد الطبيعية من أجل سبل عيشها. يشكل التدهور البيئي الناتج عن النزاعات والأنشطة الصناعية وتغير المناخ تهديدات كبيرة لأسلوب حياتهم.

6- النزاع والعنف: يمثل تحديًا كبيرًا لأن معظم المجموعات الأصلية في السودان عالقة في نزاعات مستمرة، وخاصة هذه الحرب التي تدور منذ عامين، مما أدى إلى فقدان حياة مئات الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى جميع أشكال الانتهاكات بما في ذلك الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات. تم استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، حيث تدور الحرب على أجساد النساء، بما في ذلك الاغتصاب، والعبودية الجنسية، والزواج القسري، واختطاف الآلاف من النساء والفتيات. هذه الأحداث مستمرة منذ عامين الآن، مما أدى إلى نزوح جماعي داخل السودان أو إلى دول مجاورة، حيث تقدر وكالات الأمم المتحدة أن 9 ملايين شخص قد نزحوا، ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، و25 مليون في حاجة إلى مساعدات إنسانية، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع ذلك مع اهتمام ضئيل للغاية من حيث الموارد للمساعدات الإنسانية وأيضًا عدم وجود اهتمام إعلامي.

نطالب بعمل فوري وعاجل لوقف هذه الحرب.

نحن كنساء سودانيات ومنظمات يقودها النساء من الشعوب الأصلية نطالب بعمل فوري وعاجل لوقف هذه الحرب، والضغط لحماية المدنيين، وتوفير الموارد اللازمة للمساعدات الإنسانية. يشمل ذلك تمويل المبادرات المحلية كأول المستجيبين الذين يعملون على الأرض، بما في ذلك المجموعات الأصلية ومنظمات النساء، والمجموعات الشبابية وغيرها، بالإضافة إلى تمويل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية لمساعدة النازحين داخليًا وخارجيًا في السودان. شكرًا جزيلاً لكم.

هذا هو التحدى .. فكيف ستكون الاستجابة؟

د. محمد السعيد إدريس

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

د. محمد السعيد إدريس

لم يكن غريبا أن يقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وراء نشر صورة له بزى «البابا»، وهى الصورة التى تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى، ونشرت مساء يوم الجمعة الماضى على الموقع الخاص بالرئيس الأمريكى المعروف باسم «تروث سوشيال». الصورة سرعان ما انتشرت على حسابات مواقع التواصل الاجتماعى ، وبعد نصف ساعة تم نشرها على الحساب الرسمى للبيت الأبيض على موقع «إكس»، ما يعنى أن نشر هذه الصورة لم يكن مزحة أو أمراً عبثياً من الرئيس، بل كان الأمر جاداً وحقيقياً، ولعل ما يؤكد ذلك، أن ترامب كان قد صرح ، قبل يومين من نشر هذه الصورة (الأربعاء 30 أبريل الفائت)، بتصوره حول توقعاته للبابا الجديد الذى سيأتى خلفاً للبابا فرنسيس الذى أعلنت وفاته قبل أسبوعين تقريباً، فقال: «أرغب فى أن أصبح البابا.. سيكون هذا خيارى الأول».

يريد أن يكون البابا!!

هذا هو جوهر مشروع دونالد ترامب السياسى لجعل الولايات المتحدة «عظيمة مرة أخرى». وبغض النظر عن غياب أى تدقيق لمتى كانت هذه الولايات عظيمة، ولا حتى ما هو معنى العظمة عند دونالد ترامب، فإن هذا المشروع يستهدف تحقيق هدفين محوريين؛ أولهما: تجديد المشروع الإمبريالى الاستعمارى الغربى بزعامة أمريكية منفردة وأكثر تسلطاً واستبداداً يفوق كل ما فعله الاستعمار البريطانى والاستعمار الفرنسى وقبلهما الاستعمار الإسبانى والاستعمار البرتغالى بشعوب العالم الثالث فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، ومن هنا جاءت دعوات ترامب لضم كندا وجعلها الولاية الأمريكية رقم 51، وشراء جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك، واحتلال قناة بنما فى أمريكا الوسطى، ثم دعوته إلى تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه فى قطاع غزة وإقامة ريفييرا أمريكية شرق أوسطية.

كما يستهدف هذا المشروع ثانياً، وهذا هو الأشد خطورة، تجديد «الحروب الصليبية على الشرق وحضاراته ابتداء من الحضارة العربية - الإسلامية التى هى جوهره، وامتدادا إلى الحضارتين الصينية والهندية، من خلال إحياء دعوة «صراع الحضارات» التى روج لها مفكرون ومسئولون أمريكيون ، باعتبارها البديل لـ»الصراع الأيديولوجي» السابق بين الغرب الرأسمالى بزعامة الولايات المتحدة والشرق الاشتراكى بزعامة الاتحاد السوفيتى.

الذين روجوا لدعوة «صراع الحضارات» تلك كانوا يقصدون بالتحديد صراع الحضارة الغربية بشقيها المسيحى واليهودى فى مواجهة العدو الجديد للغرب والبديل للعدو الشيوعى السابق، وهذا العدو البديل هو الحضارة العربية - الإسلامية، ومن هنا جاء تخليق ودعم تيارات الإسلام السياسى وتشجيع ما سمى بـ»الإسلام الجهادي» على نحو ما حدث فى أفغانستان، وبعدها بدأت حملات شيطنة «الإسلام السياسي» هذا باعتباره إرهابا بعد أن تم استيلاد تنظيم «داعش» من رحم تنظيم «القاعدة» برعاية وإشراف أمريكيين باعتراف رسمى من الرئيس دونالد ترامب نفسه، فى معرض اتهامه لمنافسته السابقة هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

نحن إذن أمام مشروع استعمارى إمبريالى أمريكى يرتدى ثوب «المسيحانية»، وهى تيار «المسيحية الصهيونية» المنبثق عن «الكنيسة البروتستانتية فى الولايات المتحدة وبعض دول غرب أوروبا، ويؤمن إيماناً راسخاً بحتمية وضرورة انتصار إسرائيل انتصاراً حاسماً على كل أعدائها المتربصين بها، باعتبار أن هذا الانتصار هو «الشرط الموضوعي» لظهور السيد المسيح عليه السلام مجدداً. من هنا جاء ارتداء دونالد ترامب زى البابا وطموحه أن يكون «بابا» فى المستقبل ليقود بنفسه «الحرب المقدسة» مع إسرائيل ضد كل أعدائها.

هذا يعنى أن المشروع الذى يروج له بنيامين نيتانياهو حالياً من تأسيس «شرق أوسط جديد» تقوده وتسيطر عليه إسرائيل على أنقاض النظام العربى ودوله العربية، وأن تمتد هذه السيطرة نحو إيران وتركيا بعد تفكيك كل هذه الدول إلى دويلات صغيرة طائفية ومذهبية وعرقية لتمكين إسرائيل من إخضاعها والسيطرة عليها، والحيلولة دون وجود أى قوة فى هذه المنطقة الشرق أوسطية تكون قادرة على تهديد إسرائيل والحيلولة دون توسيع مخططها التوسعى الذى تريده وتسعى إليه. وما تقوم به إسرائيل حالياً فى سوريا، وقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وما تعده لإيران وتخطط له لكل من مصر وتركيا بعد القضاء على الخطر الإيرانى، أكبر دليل على ذلك.

وزير المالية الإسرائيلى «بتسلئيل سموتريتش»، زعيم تيار الاستيطان اليهودى فى عموم فلسطين، أكد فى تصريح له يوم الثلاثاء (29 أبريل الفائت) بأن «تل أبيب لن توقف الحرب إلا بعد تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة، وتقسيم سوريا وتجريد إيران من سلاحها النووي». وأكد أن هذه هى الأهداف التى أجمع عليها الإسرائيليون وليس الحكومة فحسب .

الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على العاصمة السورية التى وصل بعضها إلى قصر الرئاسة وامتدت إلى الشمال والوسط السورى وتمديد الاحتلال الإسرائيلى فى جنوب سوريا إلى ما يزيد على 80 كيلومترا، تؤكد، هى الأخرى، ما ورد على لسان «سموتريتش»، كما يؤكده البيان المشترك لبنيامين نيتانياهو ووزير حربه «يسرائيل كاتس» القائل بأن هذا القصف «رسالة واضحة للنظام السورى تقول: لن نسمح بنشر قوات سورية جنوب دمشق، أو بتشكيل أى تهديد للطائفة الدرزية بأى شكل من الأشكال». والمقصود هنا هو فرض السيطرة الإسرائيلية على سوريا والسعى إلى تفكيكها إلى دويلات عرقية وطائفية ابتداء من تخليق دويلة درزية خاضعة للحماية الإسرائيلية، كنموذج مطلوب تحقيقه فى كل دول المنطقة، وفقاً لخطة كان قد وضعها «أوديد إينون» مستشار ارييل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق تحت عنوان: «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات».

هذا هو التحدى.. فكيف يجب أن تكون الاستجابة؟ ومن المعنيون بذلك؟

هالة فردان: لا سامحهم الله ولا غفر لهم!

كاتبة وأديبة بحرينيِّة.

"أنا سامحتهم، لكن أتمنى من الله ألا يسامحهم ولا يغفر لهم"!!!

نظرت باستغراب لصديقتي وهي تتحدث "لم أفهم العبارة "قلت لها: "يعني هل سامحتهم أم لا؟" قالت مكررة حديثها "نعم سامحت سامحت، لكن أتمنى من الله ألا يسامحهم" ظل عقلي مشوشاً للحظات في محاولة يائسة مني لفهم العبارة الغريبة المتناقضة التي قالتها. تعرضت صديقتي منذ أيام لموقف صعب حيث قامت إحدى زميلاتها في العمل بنشر أكاذيب حول موضوع يتعلق بكيفية أدائها لمهامها الوظيفية، وعندما علِمَت صديقتي بما كان يقال تقدمت بشكوى رسمية لإدارة شؤون الموظفين التي سارعت بحل المشكلة وقامت بعدها زميلتها بتقديم اعتذار لها فما كان من صديقتي إلا تقبل الاعتذار، لكن عندما سألتها إن كانت قد غفرت لها ما فعلت جاء ردها غريباً، قالت سامحت ولكنها لا تتمنى من الله أن يسامح.

هل يملك الإنسان القوة ليسامح؟

تساؤلات كثيرة تلك التي تعصف بعقلي هل نعفو ونغفر حقاً عمن يسيء لنا أم أننا ندعي الغفران ظاهرياً فقط؟ هل لدينا القدرة الحقيقية على المضي وكأن شيئاً لم يكن؟ أم أننا نعجز عن إزاحة الأذى عن نفوسنا؟ هل يملك الإنسان القوة ليسامح،لا سامحهم الله ولا غفر لهم!

هذه التساؤلات قد تبقى كثيراً بلا إجابة واضحة، فنحن نتعرض لمواقف كثيرة كل يوم نواجه شخصيات متغيرة نتعرض للظلم، وقد نظلم في بعض الأحيان أيضاً، فهل نعفو عنهم أوهل يعفون هم عنا زلاتنا وهفواتنا؟ لا نعلم ما في نفوس الناس، ولكننا نعلم أن ليس كل ما يقال حقيقة، ويعكس ما نشعر به حقاً، فبعض الأذى يفوق قدرتنا الإنسانية البسيطة على الغفران وبعضه هين يسير يمر بنا كنسمات من الهواء الحار جداً في ظهر صيف شمسه تملأ المكان نوراً وتخنقنا حراً، فلا نعود نتذكر بعدها أصلاً كاملاً الموقف وما حدث وقيل.

محظوظ هو من استطاع أن يعفو ويغفر ويسامح.

نحن بشر تحركنا مشاعرنا أكثر مما يفعل عقلنا، لذا نعلم أن لدينا قدرات بسيطة في مواجهة تلك المشاعر التي تملؤنا وبالذات أشدها والتي أظن يقيناً أنها تنحصر في ثلاثة هي الحب والغضب والظلم، لا نقاوم شعور الحب، ولكننا في ذات الوقت لا نستطيع في الغالب أن نقاوم شعور الغضب وشعور الظلم، لذا كما نعلن عن حبنا بكل صدق وفرح وسعادة، فنحن نعلن عن غضبنا بقوة تصل في بعض الأحيان إلى العنف، وقد يكون الغفران وسيلة لمواجهة هذا الشعور والحد منه، لكننا في الحقيقة نغفر ظاهرياً، ونبقي الغضب مستعراً داخلياً، لذا محظوظ هو من استطاع أن يعفو ويغفر ويسامح.

إن الموقف الذي تعرضت له صديقتي ورد فعلها غير المنطقي هو في الحقيقة حدث نشاهده ونسمعه كل يوم في منازلنا وأحيائنا ومجتمعنا، أغلب الناس تدعي فقط أنها سامحت وغفرت الإساءة، ولكنها وفي أول فرصة يتاح لها رد الأذى تسارع في الانتقام، وبقدر ألم الإساءة سيكون الرد، قلة من الناس لديها القدرة على الاستمرار وقلبها يملأه التسامح والغفران، تلك القلة هي التي أدركت أن الإنسان متغير غير ثابت المواقف ولا التفكير، هذه الفئة تعلم جيداً إننا أيضاً نخطئ ونأمل أن يُعفى عنا، وتُغفر لنا هفواتنا، تؤمن أن ما يحدث الآن سيكون ماضياً بعد لحظة، وإننا إن أثقلنا قلوبنا بكل ألم نمر به لن نستطيع مع الوقت أن نسير للأمام فمن يمشي حراً طليقاً ليس كمن يمشي وهو يحمل على رأسه كيساً من الأحجار الثقيلة.

كُن أنت النور الذي يرشدهم.

الخلاصة: أعلم جيداً أن العفو والغفران ليس بالأمر الهين علينا نحن كبشر لذا عندما أمرنا الله به جعله باباً من أبواب رضاه ورحمته، ووعد من يعفو ويغفر بمقابلة ذلك بجزيل العطاء، وإن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على مقدار الجهد الذي علينا أن نبذله في سبيل التخلص من شعور الغضب والظلم الذي يتملكنا حين نتعرض للإساءة، في الحياة نواجه وسنواجه كل يوم أشخاصاً من حولنا غلبتهم ظروفهم ونفوسهم، فلم يعرفوا طريقاً غير الإساءة سبيلاً. كُن أنت في هذا الطريق النور الذي يرشدهم ولا تكن مجرد أداة تُعبد لهم طريقهم ليستمروا في الإساءة إليك، وتستمر أنت بدورك في مسامحتهم والدعاء عليهم!

هالة فردان.. كاتبة وأديبة بحرينيِّة.

عبدالحليم قنديل يكتب: ردًا على غارات تزوير عبد الناصر.    

عبدالحليم قنديل

    فى مماته كما فى حياته ، ظل جمال عبدالناصر مالئ الدنيا وشاغل الخلق ، هكذا كان ويكون مع مرور 55 سنة على رحيله فى عنفوان الرجولة ، وربما إلى مئة سنة مقبلة ، سيظل الجدال والصراع مستعرا مشتعلا بين الأعداء والكارهين  وبين أنصار تجديد مشروعه الحضارى التقدمى ، وقد بدأت الدراما الفريدة من جنازته ، وقد كانت ـ بمعيار السكان النسبى ـ هى الأضخم فى مطلق التاريخ الإنسانى ، وكانت ألسنة الخلق أقلام الحق تلهج بالنشيج الباكى "يا ناصر ياعود الفل / من بعدك هنشوف الذل" ، وقد كان بعد سنوات قليلة من رحيله المباغت ، بعد اقتحام جيشه لأعقد مانع مائى وتحطيم خط بارليف والعبور إلى سيناء ، ثم كان ما كان من خذلان السياسة لنصر السلاح ، والانقلاب على اختيارات عبد الناصر ، ودوس الذين هبروا على دماء الذين عبروا ، والتفكيك المتصل لركائز الإنتاج وقلاعه الكبرى إلى اليوم ، وكان عبد الناصر وقت أن فاضت روحه إلى بارئها الأعظم ، وإلى موعد الحرب التى تأجلت إلى 6 أكتوبر 1973 ، قد ترك مصر وهى تمضى رأسا برأس مع "كوريا الجنوبية" فى سباق التنمية والتصنيع والاختراق التكنولوجى ، وكانت حققت أعلى معدلات النمو الحقيقية فى ما كان يعرف وقتها باسم "العالم الثالث" بما فيه الصين ، وبإجمالى ديون مدنية وعسكرية لا تتجاوز 1700 مليون جنيه ، صارت صفرا بعد تنازل "الاتحاد السوفيتى" عن تحصيلها ، وكان الجنيه المصرى وقت رحيل عبد الناصر يعادل نحو الدولارين ونصف الدولار ، وكان تشغيل الخريجين إلزاميا للدولة ، وبراتب ابتدائى يعادل شرائيًا نحو 30 ألف جنيه مصرى اليوم .

الزعيم جمال عبد الناصر ومعمر القذافي

    وقد لا نريد الاستطراد فى مقارنات كاشفة ، أضف إلى ذلك ما تعيشه الأمة كلها من هوان الهوان ، ومن تجاوز الحضيض إلى قاع القاع ، ومن تخطى قيعان العجز إلى "التحلل الرمى" المتعفن ، إلا من عصم ربك من المقاومين هنا أو هناك ، وبالذات على جبهة مقارعة حرب الإبادة الجماعية الوحشية التى تشنها أمريكا و"إسرائيل" معا ، وفى سياق الدم الزكى الفياض الذى يتحدى السيف ويكسره فى جولات ، ووسط قعود الأمة من أدناها إلى أقصاها ، ودعوات الناعقين للمقاومين أن يستسلموا كما فعلت وتفعل نظم الخزى والعار ، وتحالف الكثير منها مع كيان الاحتلال ، وتقديمها إتاوات بتريليونات الدولارات للعدو الأمريكى  ـ "الإسرائيلى" ، حاول بعض المعتوهين أن يقتبسوا عبد الناصر زورًا ، وأن يدعوا أنهم لا يفعلون سوى ما أوصى به زعيم الأمة التاريخى ، وعلى طريقة "ولا تقربوا الصلاة" ، وعلى نحو مجتزأ مزور تماما ، فإجتزاء الحقيقة كخيانتها ، واستعانوا بمقطع من حديث دار بين عبد الناصر والعقيد الليبى معمر القذافى أوائل أغسطس 1970 ، ودونما أدنى مراعاة للسياق ولا حتى لنص الكلمات الصريحة القاطعة فى معانيها ، كان عبد الناصر يعبر عن عظيم الاستياء والغضب من ثوريين مزيفين فى أنظمة وجماعات وقتها ، شنوا حملة مزايدات وشعارات رخيصة فارغة ضد قبول عبد الناصر لما عرف باسم "مبادرة روجرز" الأمريكية ، وفضح عبد الناصر هوانهم وتقصيرهم وتناقضاتهم ومزايداتهم الكلامية باسم "قومية المعركة" ، وأبان عجزهم فى التحرك بالسلاح على جبهة الشرق ضد كيان الاحتلال ، الذى كان قد احتل القدس والضفة الغربية والجولان فى عدوان 1967 ، وأضاف إليها غزة وسيناء على جبهة مصر ، وبمجموع أراضى محتلة بلغت 81 ألف كيلومتر مربع ، شكلت سيناء وحدها ثلاثة أرباعها .

وبينما كان عبد الناصر يقود ويقاتل ويحشد على جبهة الحرب مليون جندى وضابط ، وبموازنة سنوية بلغت وقتها 550 مليون جنيه غير مشتريات السلاح ، كان بين المزايدين لفظيا على عبد الناصر نظام حكم حسن البكر"البعثى" فى العراق وقتها ، ولم يدفع فلسا فى دعم جبهة الحرب لا فى مصر ولا فى سوريا ، رغم أن العراق كان دولة بترولية غنية ، وكانت لدى عبد الناصر ضابط الايقاع العام فى المنطقة وقتها شكوكا ، كانت لديه تقارير ومعلومات أكيدة عن عمل قيادات فى أحزاب "قومية ثورية !" لصالح أجهزة المخابرات الغربية والبريطانية بالذات ، كانت معادلة التكامل وتقسيم الأدوار بين دول دعم ودول مواجهة ، قد صاغها عبد الناصر فى قمة الخرطوم المعروفة بقمة "اللاءات الثلاث" ، لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل ، وكان عبد الناصر يواصل دوره المرموق كقائد تفكير وقائد ممارسة معا ، يعرف هدفه ومواضع الأقدام ، ويصدقه الناس دون غيره ، سواء كانوا من الرجعيين أو التقدميين المزيفين ، ولم يكن بالطبع ضد السلام الذى يعيد الحقوق كاملة ، ودونما اعتراف ولا تطبيع مع كيان الاحتلال ، وفى المحضر السرى لاجتماع مجلس الوزراء برئاسته بتاريخ 31 ديسمبر 1968 .

عاد عبد الناصر لتأكيد أنه لا فرصة لحل سلمى عادل ، ثم اختصر الطريق مباشرة لهدف أمريكا و"إسرائيل" مما كان يعرض من حلول سلمية ، وقال بالنص المعروض صوتيا على الموقع الرسمى لجمال عبد الناصر بمكتبة الإسكندرية ، وقد اطلعت عليه كما على آلاف الساعات المسجلة بالنص والصوت وقت إعدادى لكتابى (عبد الناصر الأخير) ، قال عبد الناصر "الموضوع (المعروض) يعنى إيجاد سلام بالقوة (...) اليهود عايزين معاهدة صلح  معاهدة سلام (...) وهذا الموضوع الحقيقة إذا فكرنا فيه .. لا يحق لنا بأى حال من الأحوال إن احنا نفضل (نظل) فى محلاتنا (كراسى الحكم) " أى أن عبد الناصر ربط شرطيا بين وجوده فى السلطة ورفض أى معاهدة صلح أو سلام مع "إسرائيل" ، واعتبرها خيانة "يعملوها ناس غيرنا" كما أضاف بنص المحضر السرى المذكور .

فى المقطع المجتزأ المروج ، الذى حذف أغلبه عمدا ، يعود عبد الناصر لتأكيد موقفه القطعى غير القابل للتأويل الفاسد ، ويقول نصا "أنا ممكن اتفق مع جولدا مائير سرا . بس هبقى راجل منافق" ، كان عبد الناصر يشير مجددا إلى رفضه أى تفاوض مباشر مع "إسرائيل" ، وإلى قناعته العلنية والسرية بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها" ، وهو ما دفعه لإغلاق الباب فى وجه محاولات رئيس المؤتمر اليهودى العالمى وقتها "ناحوم جولدمان" ، الذى كان يسعى لمد جسور بين عبد الناصر و"جولدا مائير" رئيسة وزراء "إسرائيل" وقتها ، وفى المحضر السرى لاجتماع قيادة الاتحاد الإشتراكى برئاسته بتاريخ 28 يوليو 1970 ، قال عبد الناصر نصا وصوتا: "والله أنا بعت (أرسلت) حمروش (الصحفى أحمد حمروش) قابل جولدمان (...) الخطة إن احنا نجيب منه معلومات (...) ودى عملية مخابرات بتتعمل فى كل الدنيا" ، تماما كقصص التواصل مع الصحفى الفرنسى اليهودى الشهير "إريك رولو" وغيره ، وإذا عدنا إلى المحضر السرى نصا وصوتا لحديث عبد الناصر مع القذافى ، يرد السبب الذى من أجله تظاهر عبد الناصر بقبول "مبادرة روجرز" ، وقد كان سببا حربيا بامتياز، يتعلق بالاستفادة من مهلة الثلاثة شهور وقف إطلاق نار فى المبادرة الأمريكية ، فقد كانت حرب الاستنزاف متصلة قبلها لنحو ألف يوم .

كان الجيش الذى بناه عبد الناصر من تحت الصفر بعد الهزيمة ، قد أكمل تجهيزاته لحرب تحرير كانت مقررة فى النصف الأول من العام 1971 ، وكان واحدا من أعظم مشاغل عبد الناصر ، أن يوفر للبلد شبكة دفاع جوى متطورة ، تقى المصريين من غارات طيران العدو ، وتوفر غطاء لجيش العبور حين تحين اللحظة ، وهو الجهد الذى بلغ ذروته بإقامة ماعرف فيما بعد بصفة "حائط الصواريخ العظيم" ، وهو عبارة عن قوات منفصلة للدفاع الجوى ، تضم المدفعية المضادة للطائرات مع وحدات الصواريخ "البيتشورا" و"سام ـ 2" و"سام ـ 3" و"سام ـ 6" ، وأجهزة الرادار والإنذار ومراكز القيادة المشتركة .

https://www.youtube.com/watch?v=KVh2D7yKlaU

كان عبد الناصر يريد فسحة من وقت هادئ لدفع حائط الصواريخ إلى الحافة الأمامية لجبهة الحرب ، ومن دون تعريض عمال الإنشاءات للقتل بغارات العدو ، ووجد الفرصة فى وقف إطلاق النار الموقوت الذى نصت عليه "مبادرة روجرز" ، وبعد حديثه مع القذافى بأكثر من شهر ، عاد عبد الناصر لتأكيد نجاح خطة الخداع الحربى ، التى اكتشفتها واشنطن ، ولكن بعد فوات الأوان ، واتهمت عبد الناصر بخرق وقف إطلاق النار ، وفى المحضر السرى لاجتماع مجلس الوزراء برئاسته بتاريخ 7 سبتمبر 1970 ، قال عبد الناصر كما المسجل نصا وصوتا: "الحقيقة قوتنا فى الصواريخ زادت جدًا عن الأول .. يعنى أكثر وتضاعفت . فى الشهر ده وصلت لنا الصواريخ سام ـ 3 اللى عليها مصريين (...) يمكن احنا بنعوز برضه ال 3 أشهر . لأن الحاجات جاية جديد . ولسه عايزين وقت (...) احنا الصواريخ نقدر نحطها فى ليلة واحدة (...) وبهذا نقدر نغطى 20 ـ 30 كيلومتر من الضفة الشرقية (سيناء) . وبهذا نستطيع أن نعبر على طول " .

رواية “حكاية إعدام جوزيف”. الحلقة الأولى.

حكاية إعدام جوزيف. رواية بقلم

د. ضيو مطوك ديينق وول                                                          

د. ضيو مطوك ديينق وول

 إهداء

إلى أرواح الأبرياء ضحايا الفصل العنصري والصراع الإثني والديني.المؤلف

الفصل الأول

المشهد الأول

يدخل السجان الرقيب «عثمان خاطر آدم» إلى الزنزانة رقم 9، والحزن الشديد يغمره، ليخطر السجين "«جوزيف جون باك»، المعروف بـ«يوسف» والمحكوم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت، بأن إدارة السجن سمحت له بزيارة أقربائه، قبل الذهاب إلى حبل المشنقة فجر الغد، وهي الزيارة الأخيرة في حياته.

         تُبلغ هذه الرسالة المؤثرة للمتهم والوقت زهاء الرابعة عصراً، بعد مرور أكثر من ست سنوات في سجن كوبر بالخرطوم بحري، وهو يقضي عقوبته المقدرة بعشر سنوات، لعدم وفائه بدفع الدية البالغة واحد وعشرون ألف جنيه سوداني.

خرج «جوزيف» من زنزانته، برفقة الرقيب عثمان، وسجان آخر، صوب منزل خاله اللواء المتقاعد «مورس تونق» الحاكم الأسبق لإقليم بحر الغزال بالطائف، وهو من الأحياء الراقية بمدينة الخرطوم.

ذهب جوزيف إلى منزل خاله وهو يحلم بشيء واحد فقط في الساعات المتبقية من حياته، يريد أن يخطره بأنه ليس مذنباً ولم يكن هو القاتل، لكنه ضحية المشروع الحضاري الإسلامي في السودان وهو راضٍ بقدر الخالق طالما هو غير مذنب، ولذلك يطلب من خاله اللواء مورس إبلاغ أسرته، خاصة الوالدة تريزا، بهذه الحقيقة.

لكن جوزيف لم يحالفه الحظ في سعيه هذا، حيث لم يجد خاله في المنزل، وهي ورطة كبيرة حسب اعتقاده، تندرج في العوارض التي صاحبت حياته منذ الطفولة، بما في ذلك حدث نهب أبقارهم ونجاته من الموت أثناء الهجوم على قريتهم باتوكطو من قبل المراحيل.

         كان يعتقد بأن  قول الحق سيحرره من الذنوب والخطايا، بما في ذلك اللقاء مع أسامة بن لادن واعتناقه الإسلام. لكن من المؤسف، لم ينجح جوزيف في توصيل رسالته عن حقيقة جريمته لخاله، حيث وجده خارج المنزل في زيارة عائلية لقريبه المريض بمستشفي بحري التعليمي، حسب إفادة ولد خاله في المنزل.

          السجان الآخر الذي كان يرافقهما، نظر لساعته ثم استأذن عثمان وجوزيف للعودة إلى السجن لأن الوقت بات متاخراً. وبالتالي فشل جوزيف في إبلاغ رسالته الأخيرة إلى خاله.

          عند الساعة الثالثة صباحاً أقتيد جوزيف وآخرين إلى حبل المشنقة، وتم تنفيذ الإعدام شنقاً حتى الموت، ودفن جثمانه بمقابر المسلمين بالصحافة دون علم أقاربه.

المشهد الثاني

          وُلد جوزيف في أسرة محافظة تنتمي للإدارة الأهلية، حيث يعمل والده عمدة عشيرة فاتييك، وهي عشيرة لها الكلمة الأخيرة في المنطقة من ناحية الإلهيات الإفريقية واللجوء للمجتمع إذا حدثت مشكلة أو كارثة طبيعية في المنطقة، لكن هجمات المراحيل المباغتة كانت خارج سيطرة أصحاب هذه الإلهيات والمعتقدات بسبب أن الشباب بما- فيهم جوزيف- هجروا التقاليد واعتنقوا الديانة المسيحية، ولذلك لم تكن هذه المعتقدات الإفريقية فاعلة في التصدي للمشكلات والكوارث كما كان يحدث في السابق.

         مع بداية التمرد في جنوب السودان، نهاية السبعينات، كثرت هجمات المليشيات (الدفاع الشعبي) والمراحيل- والمراحيل هو اسم آخر للجنجاويد بجنوب دارفور وغرب كردفان- على القرى الواقعة على خط السكك الحديد، خاصة شمال بحر الغزال، لا سيما منطقة اتوكطو وكروك ودولويت وفيض اتاك وايات، وتلك المناطق تُعرف بملوال جيرنيانق بأويل الشمالية التي تجاور الرزيقات والهبانية، وأيضاً المسيرية من ناحية أبيم بأويل الشرقية. كل تلك المناطق تعرضت لهجمات منظمة من المليشيات ونهبت المواشي واختطفت النساء والأطفال وحرقت القرى والفرقان، وأخذت المنهوبات إلى دارفور وكردفان وأحياناً إلى النيل الأبيض.

كردفان

           بعد أن فَقَدَ الأمل وأوشك على اليأس بسبب فقدانهم للأبقار، فكر جوزيف في الذهاب إلى الخرطوم بحثاً عن فرصة جديدة في الحياة، بدلاً عن الذهاب إلى أثيوبيا كسائر زملائه الذين فضلوا التمرد وذهبوا إلى بلفام بغرض استجلاب السلاح الناري دفاعاً عن منطقتهم.

         غادر جوزيف منزلهم بمجوك ديينق وول إلى أرياط، وهي مدينة صغيرة تقع على السكة الحديدية الرابطة بين واو وبابنوسة بغرب كردفان حتى يتمكن من ركوب القطار من هناك. وهو لا يعلم أن هذه الرحلة ستكون الأخيرة ولا رجوع له بعدها.

وقبل سفره إلى الشمال، قضى جوزيف أياماً مع أقاربه في منزل خالته ميري بالجزء الغربي للمدينة ويفتح على السكك الحديد من الناحية الشرقية وبخلفه سوق ارياط الكبير، وجواره سوق المواشي المعروف بالدلالة. لكن لحظة نهب أبقارهم ظلت راسخة في ذهنه يتذكرها كلما رأى بقراً. قرر جوزيف أن لا يُخطر خالته بموضوع السفر إلى الشمال خوفاً من معارضتها الفكرة.

واو

          القطار يتحرك أسبوعياً من بابنوسة إلى واو وبالعكس مروراً  باويل. ورغم أن المحطة الأخيرة للقطار جنوباً هي مدينة واو عاصمة إقليم بحر الغزال، إلا أنه أشتهر بـ"قطار أويل" لأن كثيراً من الركاب الذين يقصدون شمال السودان يركبون دائماً من أويل، خاصة المسافرين من  قوقريال الكبري فدرجوا على تسميته بهذا الاسم.

         وصل "قطار اويل" مدينة أرياط في الثامنة مساءًـ وركب جوزيف دون علم أقاربه، وعند الفجر وجد نفسه في بابنوسة، لكنه لم يكن يمتلك مصروفات كافية توصله إلى الخرطوم، فقرر البقاء في بابنوسة لبعض الوقت حتى يتحصل على مصاريف تمكنه من استئناف رحلته إلى الخرطوم.

          وجد جوزيف عملاً مع صاحب كارو لنقل مياه الشرب إلى المنازل، وهي وظيفةٌ مغريةٌ مقارنةً بالأعمال الهامشية الأخرى في المدينة. صاحب الكارو وافق على أن يعطي جوزيف نسبة 25% من الإيراد اليومي، وهي نسبة ممتازة يستطيع الصرف منها وتوفير البقية لرحلته القادمة، ولذلك قرر أن يعمل معه  لمدة ثلاثة أشهر قبل مواصلة رحلة الخرطوم.

         أثناء وجوده ببابنوسة تعارف جوزيف على شخص يدعي مارتن، وهو من الذين خرجوا من أتوكطو قبل خمسة أعوام وقضي هذه المدة في بابنوسة، إلا أنه قرر السفر إلى الخرطوم  قبل أسبوع من سفر جوزيف، لذلك فكر  جوزيف أن يسلمه رسالة خطية يخطر فيها أقربائه باللاماب بأنه سيأتي إلى الخرطوم الأسبوع القادم.

 بعد أسبوع وصل جوزيف محطة الشجرة، وهي النقطة قبل الأخيرة للذين يزورون الخرطوم بالقطار. وهي قريبة من اللاماب، وأقل ازدحاماً من محطة الخرطوم.

         وجد جوزيف أهله في الإنتظار بالسكك الحديد، وبعد استقباله ذهبوا به إلى المنزل، وهو نفس المنزل الذي أُعتقل فيه بتهمة القتل ومواجهة عقوبة الإعدام فيما بعد.

أرض الحضارة

         معظم الشباب في هذا المنزل يعملون في مهن هامشية مثل خدم المنازل (أيضاً يطلق عليه اسم اوشين)، عمال البلدية وعتالة بسوق السجانة، وبعضهم يعملون في المصانع، خاصة المشروبات الغازية مثل بيبسي كولا وكوكا كولا وميرندا وبزيانوس.

في البداية، التحق جوزيف مع المجموعة التي تعمل بسوق السجانة قبل أن ينضم إلى شركة بيبسي كولا، حيث مكث فيها أكثر من نصف عام يعمل كعتال مواد البناء مثل السيخ والإسمنت والزنك. رغم وصوله حديثاً إلا أنه اشتهر داخل السوق بالطيبة وحسن الأخلاق مما جعل الكل يحترمه وأُطلق عليه لقب جديد "يوسف"، فكثير من التجار وزملائه كان ينادونه بهذا الاسم. وسِر يوسف هذا جاء من كلمة جوزيف نفسها، لأن في المسيحية يوجد القديس جوزيف خطيب مريم العذراء أم يسوع، الذي يعتبر من أرفع القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، لكن المسلمين يفضلون اسم يوسف علي جوزيف، وهو نفس الاسم.

انتظرونا مع الحلقة الثانية يوم السبت الموافق 10 مايو2025