رؤى ومقالات

شيرين عصام: عليك باليقين أنَّ الله لن يُضيِّعك.

لا أحد يعلم ما مررتَ به من أحداث…
تذكر هذه الجمله جيدًا،قبل أن تحكم على اى احد من شكله أو ملبسه.
غِناه أو فَقره…
فها أنا أظهر هادئه و أنا حطااام، لحوادث عدة مرَّت بحياتى منذ نعومة اظافرى.
قد أضحك وأنا يملأنى الغَيظ، وأساعدك و أنا أحتضر!!.
أواسيك، و أنا جسد بلا روح.
لكن الحقيقه الراسخة التي لم تفارقني أبدًا هى اليقين،

اليقين بالله الذي أتشبَّث به دائما أبدًا،

اليقين بالله هو الذي ينتشلنى من الغرق فى بحار اليأس و المعاناه …
أتذكّرُ تلك المرَّات العديدة من لطف الله،
لقد اقترب الموت مني أكثر من مرة
ولكن نجوت بفضله ولطفه و رحمته.
كان آخرها كلمة طبيب: أنه لا يوجد ذرة أمل فى النجاة…
كالعادة كنتُ وحدى تمامًا!!
لكنك كنتَ دائمًا معي، يا الله.
لذلك سأنجو هذه المرَّة أيضًا، بكرمك ولطفك و رحمتك.
فلا أحد يستطيع أن يغلق أبواب السماء 👌
فعليك باليقين.
أنَّ الله لن يضيعنا…
أدعوا دائما: اللهم استرنا بسترك الجميل.
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض، ويوم العرض العظيم عليك.

ادعوا لأنفسكم بالستر والبركه في المال والولد.

فإذا حلَّت البركة في حياتنا، هان كل شيء.

بهذه الكلمات أختم عام ٢٠٢٤
وأتمنى، لي ولكم، كل الحب والخير والسعادة و البركات.

شيرين عصام

صحفية سابقة بجريدة الأهرام مجلة نصف الدنيا.

حاليا صحفية فى مجلة بروفيشنال ايكونومى.

الدكتور مدحت حماد: نحو هُويِّة مصرية جديدة.

على مر التاربخ المصري الطويل، تشكلَت هُويِّة وشخصية مصر، سواء كان ذلك في عصور ما قبل التاريخ المكتوب أو ما تلاه من عصور. ولقد ظلَّت هذه الشخصية وحتى الآن، متفرده في طبيعتها وفي خصائصها، كينونيتها، ماهيتها، طباعها، وقناعاتها و... إلخ حتى أن البعض يُطلق على الشخصية المصرية، أو على المصريين أنفسهم عبارة شهيرة جدًا لكنها تكاد تكون أصح العبارات الواصفة للشخصية المصرية، أو لشخصية المصريين أنفسهم، تقول العبارة: "الشعب المصري دا ملوش كتالوج!!" يعني لا توجد خارطة طريق ثابتة مستقرة لفهم وتوقع تصرفات وسلوكيات وممارسات وأفعال المصريين خصوصًا في "وقت الأزمات".

في أحدى أغنيات على الحجار -اسمها "عَم بطاطا"- توجد بعض الجمل يمكن ذكرها هنا، تقول: "عَم بطاطا؟ لذييييذ ومعسسسِّل، عُمرُه مَطَاطَا لغير الله... عَم بطاطا يِذُك الذَكَّة يُعبر سينا ويفتح عكا ..." إلى آخر الأغنية. طبعا تصف كلمات الأغنية بعض صفات للمصريين، أنهم لا يطاطون رؤسهم "إلاَّ لله"، حى وإن بدا عليهم ما قد يخالف ذلك. كذلك، فإن "عَم بطاطا" -يعني المصريون- يقدر ببساطة وهوَّة "بيِذُك الذَكَّة، يعني "يمشي على رجليه ويخطو الخطوة وهو مريض"، يقدر أنه "يعبر سيناء"، وكمان إيه؟ دا كمان "يفتح عكا" في فلسطين!!! يعني له هدف وطموح، وله إرادة وعزيمة، ومتى قرَّر ينفِّذ.

بالضبط كما حدث في حرب أكتوبر 1973 وغيرها من الأحداث، أو عندما قام بثورتين شعبيتين من أكبر ثورات التاريخ المصري، خلال الفترة من 25يناير 2011 وحتى 30يونيو2013، الأولى كانت ضد نظام حُكم كان يترأسه قيادة عسكرية، "الرئيس الأسبق حسني مبارك"، والثانية كانت ضد نظام حكم يترأسه "حاكم مدني قادم من تنظيم ديني، هو تنظيم الإخوان المسلمين"، ليعود المصرييون من جديد لتأييد تولي قيادة عسكرية جديدة رئاسة الدولة المصرية!!!

الخلاصة إن هذه الشعب، الشعب المصري، يِظهَر إنه فعلاً "ملوش كتالوج". لكن هذا الأمر قد يكون في حد ذاته أهم مؤشرات "ضياع أو فقدان الهُويِّة الوطنية". لماذا؟ لأن هذا الأمر يمكن أن يخلق ثغرات تنفذ منها هويَّات ثقافية وحضارية أجنبية غريبة وافدة. مثلًا: كلنا يعرف أن المصريين ثاروا ضد المَلَكيِّة، ودعموا الضباط الأحرار في 1952، لكن مع ذلك فإننا نشهد حنينًا بين الحين والآخر لهذه "المَلكيِّة" من جاب بعض المصريين! ليس هذا فحسب، بل إن هناك ما هو أخطر من ذلك كله، فجميعنا يُلاحظ حالة الإختراق الثقافي التركي العثماني لوجدان وثقافة المصريين خلال العقود الأخيرة سواء نتيجة للمسلسلات التليفزيونية، أو نتيجة للصلات الوثيقة التي تربط تركيا بتنظيم الإخوان المسلمين، أو نتيجة لتأثر الدارسين للغة التركية بالجامعات المصرية وكذلك المصريين المرتبطين في أعمالهم وأرزاقهم، تأثرهم بتركيا في اطار العلاقات الاقتصادية المصرية التركية التي يقترب عمرها من 30 عامًا.

مع ذلك هناك من يتباهى بميوله التركية _حتى وإن قام بنفي ذلك رسميًا_ وهناك من يتمنى عودة الملكية العثمانية في اطار فكرة "الخلافة الإسلامية". هذا الأمر نفسه ينصرف كذلك على الذين يدروسن اللغات الصينية، الألمانية، الروسية، الفرنسية، وبالقطع الإنجليزية، وهو ما بات يزداد رسوخًا في الوعي المجتمعي المصري، عبر ومن خلال ظاهرة انتشار الجامعات الأجنبية في مصر، التي كانت مقتصرة فقط إلى وقت قريب، على الجامعتين: الأمريكيىة والبريطانية، بل إن الأمر امتد كذلك إلى اللغة اليابانية، التي بدأت في الإنتشار من خلال نموذج "المدارس اليابانية" في مصر، خلال الخمس سنوات الماضية فقط.

هنا تتجلى وتنكشف مؤشرات ومقدمات لِأَزمِة هُوية حتمًا سَتُطِل برأسها في المجتمع المصري خلال عقدين على الأكثر، أي مع اكتمال بناء "الجيل الأول" من المصريين الدارسين في المدارس والجامعات الأجنبية الأجنبية العاملة في مصر.

من الأسباب والعوامل التي تساعد بل وستساعد في ترسيخ "أزمة الهويَّة" يمكن ذكر ما يلي:

1- تعدد أنماط التعليم الجامعي في مصر، ما بين حكومي عام، حكومي أهلي، خاص مصري، خاص أجنبي وأهلي خاص.

2- عدم وجود "إستراتيجية ثقافية" محددة وواضحة الأسس والمعالم والمرتكزات والأهداف إلخ.

3- تدهور العملية التعليمية في جميع أنماط وأنواع التعليم ما قبل الجامعي، سواء على صعيد البناء العلمي، أو المعرفي، أو الثقافي، إلخ

4- التراجع الكبير في الإهتمام بعملية "بناء الوعي الثقافي الحضاري المصري" داخل أروقة وفصول التعليم ما قبل الجامعي، وهو ما يجسده عدم الاهتمام الفعلي الحقيقي بتدريس المقررات المرتبطة بذلك مثل التربية الوطنية.

عشرات الأسباب والعوامل القائمة فعليًا في المجتمع المصري، تكشف دون لبث أو شك عما نتناوله في هذا الصدد.

إن القيام بعمل إجراء أو استطلاع رأي بين جموع وعموم المصريين حول مدى وجود وضوح وتبلور حقيقي صحيح بشأن "الهُويِّة المصرية" لديهم سواء من حيث المعنى والمفهوم، أو من حيث "ثوابت الهُوية" التي يجب تحققها داخل كل مصري، أو من حيث طبيعة ونوع التهديدات التي يمكن أن تصيب "الهُوية المصرية"، إلى غير ذلك، من شأنه أن يكشف لنا عن حقائق مذهلة في طبيعتها السلبية، ومرعبة في نتائجها، ومخيفة ومفزعة في مخاطرها وتهديدها للسلم والإستقرار والأمن الجمعي المجتمعي الإجتماعي لمصر وللمصريين.

وللحديث بقية؟

هالة فردان: نعم أدركت الحقيقة، وبعد؟

لا أظن أنه يستطيع استقبالك اليوم" نظرت إلى الممرضة بأسف وهي تخبرني بعدم قدرة صديقي الطبيب لرؤيتي فقد كان يوماً مزدحماً في عيادة الأطفال حيث يعمل، وقفت أحاول معها مرة أخرى "اسأليه، قد يجد بين مواعيده مساحة لو خمس دقائق" رضخت لي الممرضة في النهاية فأنا لا أستسلم بسهولة. طلبت مني الانتظار في مكتبه الخاص، دقائق قليلة وأطل عليّ صديقي الطبيب وقال لي معتذراً سأوافيك بعد عشر دقائق".

انتظرت بكل سرور، فغالباً عندما يؤرقني أمر ما أجد لديه النصح والإرشاد، فهو كما المرشد الذي يدلني دائماً على الطريق الذي ضللته بسبب كثرة الأفكار في رأسي، هو شخصية مثقفة جداً واعية ومطلعة يجعلك الجلوس معه تشعر بالتحرر من طريقة تفكيرك لتتبنى بلا إرادة آرائه التي يطرحها بشكل مقنع ومنطقي.

لحظات ودخل المكتب أحد الموظفين يحمل كوب قهوة سوداء كما أحبها تماماً، بجانب القهوة لُصقت ورقة سُجل عليها ملاحظة واعتذار، وشيءٌ آخر، كان بجانب كوب القهوة كتاب طويت إحدى أوراقه مع إشارة للقراءة، استغربت قليلاً ونظرت بِحيرة للموظف الذي ابتسم قائلاً: "الدكتور طلب مني أعطاءك هذا الكتاب". مددت يدي أخذت الكتاب وفتحته حيث طويت الصفحة، كانت هناك عبارة وحيدة تمّ تضليلها بلون أصفر كتب بجانبها اقرئي، قرأتها مراراً وتكراراً تلك العبارة لم تفارق ذهني طويلاً ولا أظنها ستغيب قريباً، كُتب: "ولا يكفي أن يدرك المرء الحقيقة، ولكن تحمّله المسؤولية الكاملة تجاه ما أدركه من حقيقة هي أهم شروط اكتمال شخصيته". نعم لا يكفي فقط أن نعرف وندرك الأحداث من حولنا، لنعي الشيء علينا أن ندركه وأن نتحمّل في نفس الوقت المسؤولية الكاملة تجاه إدراكنا لهذه الحقائق.

ما يحدث من حولنا أن الناس تدرك وتعي تماماً الأحداث التي تجري كل يوم، ولكن من منا يتحمّل مسؤولية ما علمه وأدركه من مجريات وأحداث وحقائق، كأن يصل أحدهم إلى العمل متأخراً مدركاً حقيقة وصوله للعمل متأخراً، ولكن هذا لا يكفي عليه في نفس الوقت أن يتحمّل المسؤولية الكاملة تجاه ما أدركه من حقيقة وأن يتصرف بناءً على تحمّله للمسؤولية وليس بناءً على ما أدركه، أو كأن يبلغ أحدهم من العمر أربعين عاماً فهو مدرك تماماً أن عمره أصبح أربعين، لكن هذا لا يعني أن شخصيته اكتملت إلا عند قيامة بالتصرف وفق مسؤولية تامة تجاه هذه الحقيقة التي أدركها. شتان بين أن نتصرّف وفق علمنا لأحداث معيّنة وبين أن تكون ردة فعلنا نابعة من واقع تحمّلنا لمسؤولية هذا العلم والتصرّف على أساسها.

وقس على ذلك كل ما نتعرّض له يومياً من أحداث ومواقف، فنحن نعرف ونفهم ما يحدث، ولكننا ولسبب ما اخترنا التجاهل أو التصرّف وفق ما يحدث من معطيات دون تحمّل مسؤولية، في الواقع أن تعرف هو نصف الحقيقة لكن الحقيقة الكاملة هي ما ستكون عليه ردة فعلك تجاه ما علمته.

الخلاصة: تذكّر دائماً أنك جزء لا يتجزّأ من أسرة ما ومجتمع ما، لا يكفي أن تعي وتُدرك ما يحدث حولك من أحداث، ولكن عليك أن تشارك بمسؤولية في بناء تلك الأسرة وذلك المجتمع، لا تترك الآخرين يصدّرون لك أفكاراً لتستقبلها أنت وتترك لهم زمام الأمور في التصرف، قف وتحمّل المسؤولية ولتكن تصرفاتك نابعة عن وعي وثبات وثقة أنك إنسان مكتمل الشخصية.

خبير النفط “علي الريامي”: مخاوف تشديد العقوبات على موسكو، توسِّع مكاسب النفط الخام.

في حواره مع قناة الشرق الإخبارية، توقَّع خبير النفط "علي الريامي" مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة العمانية سابقًا بأن: "تحرك أسعار النفط لمستويات جديدة لأول مع بداية 2025 وبشكل أعلى بكثير مما كانت عليه خلال النصف الثاني من عام 2024 سوف يستمر حتى مارس 2025"، وأضاف قائلا: أنه إذا استمرت الضغوط الأمريكية على روسيا، ولم تتدخل إدارة ترامب للحد من العقوبات الأمريكية عليها، سوف يسهم بكل تأكيد في أن ترتفع أسعار النفط وأن تستمر لفترة من الزمن.

لكن الموضوع ليس فقط في العقوبات على روسيا، فهناك أخبار متوقعة بشأن فرض المزيد من العقوبات على إيران من جابب إدارة ترامب الجديدة، مما سيساهم في تحقيق مزيد من ارتفاعات أسعار النفط بشكل أو بآخر، وهو ما يمكن أن يفتح بدوره المجال أمام "أوبك +" لإتخاذ اجراءات جديدة قبل أو خلال مارس 2025

وبشأن "جدوى فرض عقوبات جديدة على الدولتين، خاصة أن قوائم العقوبات الطوبلة جدًا عليهما، لم تُجد نفعًا مع الدولتين يكون السؤال هو: هل ستتوقف أباريق الشاي في الشواطئ الصينية عن شراء النفط هذه المرَّة؟"

أجاب خبير النفط قائلاً: بشكل عام لا أعتقد ذلك. فإستمرار شراء الصين للنفط هو أمر حتمي، وهي قد تمكنت من التوافق مع الظروف السابقة والراهنة. لكن في المقابل ستتغير أسعار النفط، وستكون هناك تدابير صينية آسيوية للتعامل مع المستجدات الخاصة بشراء النفط. فمن الممكن أن نشاهد ارتفاعات أكثر في أسعار النفط إذا ما قامت إدارة ترامب الجديدة بفرض عقوبات جديدة ضد إيران وروسيا.

وبخصوص "الأثار والنتائج الخاصة بإطلاق وضخ المخزون النفطي في إنتاج النفط الجاهز للأسواق على استقرار الأسعار من جهة وكونه يشكِّل فرصة لأوبك+ من جهة أخرى"،قال الريامي:

معظم التقارير الصادرة تتحدث عن وجود فائض يتراوح من 900 ألف إلى مليون برميل نفط طوال عام 2025، وذلك حتى لو استمرت أوبك+ في التخفيضات، لكن مع العقوبات الجديدة المتوقعة ضد إيران وروسيا، سوف يختلف الوضع قليلًا. وأضاف: "أساسًا شاهدنا بعض البنوك قد بدأت في تغيير توقعاتها، من حيث الأسعار، نفس الشيئ سوف نجده بشأن حدوث تعديلات في الطلب العالمي على النفط خلال الأسابيع القادمة، إذا ما تم بالفعل فرض عقوبات على الدولتين.

أما فيما يخص "النتائج المتوقعة لبعض سياسات ترامب في الدوائر الأخرى، مثل أزمة قناة بنما، كندا، وأوروبا وإلى أي مدى ستؤدي مثل هذه السياسات إلى خلق أجواء مضاعفة من التوتر، بما من شأنه تغذية الإحتمالات والتوقعات الخاصة بارتفاع أسعار النفط" أكدَّ الريامي: بالفعل، أدى الإعلان عن هذه الساسات من جانب ترامب، إلى خلق أجواء التوتر التي تشهدها أسواق النفط قبل تولي ترامب في 20 يناير القادم. وهذا ما يعتبر مقدمات لما هو آت. لكن في حقيقة الأمر، لا يجب التعويل على مثل هذه القضايا والأزمات، إنما يجب ترقب متابعة ما سيقوم به "ترامب" فعلاً تجاه كل من روسيا وإيران، وهل سيفرض عليهما، وكذلك على دولة مثل فنزويلا، عقوبات جديدة، وما هو تأثير مثل هذه العقوبات على الصادرات العالمية النفطية؟ فهذا هو الأهم. لقد صرح ترامب بأنه سوف يحاول الوصول إلى حل للأزمة الروسية الأوكرانية، لكن هذا الأمر بات يبدو صعبًا في ظل القرارات الجديدة التي اتخذها بايدن بشأن هذه الأزمة وقيامه بتخصيص مساعدات عسكرية جدية لأوكرانيا، حيث من الممكن أن تصعِّب مثل هذه القرارات فرص تمكن ترامب من تحقيق حل لهذه الأزمة في المستقبل القريب.

لمتابعة الحوار يمكن الدخول على الرابط التالي:

https://asharq.co/9mayr

الدكتور علي عبد الله الريامي: ترامب، البدايات لا تبشِّر بالخير.

في مداخلة له على "قناة العربية بيزنس"، قال الدكتور علي الريامي، مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة والمعادن الأسبق، بسلطنة عمان، إن البدايات التي ظهرت وخرجت عن ترامب وفريقه خلال الفترة السابقة، لا تبشِّر بالخير، بخصوص أسعار النفط بصفة خاصة والسوق العالمي للطاقة بصفة عامة.

وأشار أن الوضع الدولي والإقليمي في غاية التعقيد نظرًا لتشابك الملفات والقضايا والصراعات، والتي تكشف عن صراعات مصالح محتدمة بل ومستعرة، بين القوى الإقليمية والدولية، شرقها وغربها، شمالها وجنوبها.

إيران، فنزويلا، تركيا، كوريا الجنوبية، روسيا، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، الصين، وأمريكا جميعها أطراف متصارعة إقليمياً ودوليًا، وأن رقعة الصراع بينها تتمركز وللأسف الشديد في الشرق الأوسط بصفة عامة والمشرق العربي بصفة خاصة.

كما أشار إلى أنه من المرجخ أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأكبر أو الأول من هذه الصراعات، وإن كان هذا الأمر يبدو مصحوبًا بتكاليف ونفقات باهظة.

في نفس الإطار توقع أن تعود الصين لتحقيق معدلات نمو عالية قياسًا لما كانت عليه طوال السنوات الخمس الماضية، وأنه من المرجح أن تكون القوة الاقتصادية العالمية الوحيدة التي بمقدورها تحقيق معدلات نمو ستصل إلى 5% خلال عام 2025، وهذا ما ذهب إليه البنك الدولي، الأمر الذي سيؤثِّر إيجابًا على سوق النفط العالمي في المستقبل القريب.

مع ذلك فقد ذكر أن هناك تقارير دولية تقول بإستمرار وجود فائض في سوق النفط العالمي يتراوح بين 800 - 900 ألف برميل نفط يوميًا، حتى وإن إستمرت (أوبك +) في استمرار العمل بالخفض الطوعي الإختياري القائم منذ عامين، وأن هناك آفاق ايجابية يمكن توقعها في اجتماع (أوبك +) في مارس 2025

https://youtu.be/iKN_THgfAJI?si=-MSExGWfZD-5Lfpc

هالة الفردان: ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني.. المهم أن يتحدثوا!

منذ فترة نشر أحد المؤثرين فيديو ينصح فيه الناس بأهمية التوقف عن تداول المقاطع التي تُشهِّر في شخصيات معيّنة أو يُراد من ورائِها النيل من سمعة بعض الشخصيات العامة ذات الشأن، وللتوضيح قام هذا المشهور بعرض مقطع "فريش" جديد تمّ إخفاء وجه أبطاله بالورود لإخفاء شخصياتها واكتفى بترك الصوت كما هو! المشهور الواعظ كان كمن يقال عنه ينشر الفضيلة عبر الفضيحة، من جهة هو يدين أخطاء الناس ومن جهة أخرى ينشرها ويجعلها مادة للمناقشة، لا أعلم يقيناً إن كان المراد من هذا الفيديو حث الناس للتوقف أو أنه نوع جديد من التشهير، ومحاولة يائسة لحصد المشاهدات.

حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول!!

مؤخراً، لا يكاد ينقضي يوم دون ملاحظة انتشار فيديوهات أو مقاطع مسرّبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الشخصية أو تلك، حتى إن طريق الشهرة أصبح أسهل من ذي قبل، وباتت الناس تتفنَّن في لفت الانتباه بشتى الطرق، فهذه تستعرض كل ما تستطيع استعراضه لكسب المشاهدات، وهذا يقتنص الفرص ويتصيّد الأخطاء وزلات اللسان لشخصيات عامة، وذلك يشتري مقاطع كاميرات المراقبة لفضح هذا وذاك!! حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول، فترى مقاطع كثيرة تُنشر تبيّن علاقة الأم بأبنائها المثالية أو علاقة ذلك الزوج بزوجته، كلها أصبحت وسيلة للظهور وكل هذا لماذا؟

من أجل مشاهدات رقمية لا تعرف حقيقتها من زيفها، تُهان الناس وتُستباح الخصوصية وتُنتَهك الحقوق في سبيل الوصول لأكبر قدر من الأعين. الأدهى من ذلك قيام بعض الشخصيات نفسها بتسريب مقاطع لها لدى هؤلاء في سبيل إثارة الجدل والظهور بمظهر الضحية، ومحاولة كسب عطف الجماهير المتعطشة لكل ما هو جديد، أصبحت سمعة وأعراض الناس مجرد مادة للتداول وكل ما عظمت بشاعة المقطع كان أعلى سعراً وطلباً.

"ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا"!!

بل إن هناك ظاهرة أخرى أمَرّ ألا وهي "الاستثمار في الفضائح الشخصية"!! ففي الماضي عند انتشار مقطع لـ "فضيحة شخصية" تسارع تلك الشخصية بالاعتذار والانسحاب من المشهد العام، أما اليوم فقد تغيرت اللعبة، فأصبحنا نرى تلك الشخصيات المثيرة للجدل، سواء أكان من المشاهير أو الشخصيات العادية، تستثمر في فضائحها الشخصية لتحويلها إلى مادة تسويقية وتُصبح تلك الفضيحة فرصة ذهبية وفجأة يصبح بطل القصة مؤثراً وتنهال عليه عقود الإعلانات، وأصبح الكل فجأة يحمل عبارة "ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا"!!

الخلاصة: لا يمكننا أن نلوم فقط الناشرين والباحثين عن الشهرة، بل علينا أيضاً أن نتوقف لنسأل أنفسنا، هل نحن مُستَهلِكُون فقط لهذه الظواهر أم أننا مساهمون في تعزيزها؟ أليس نحن من نسمّى الجمهور هو "المستهدف"؟ هل أصبح فضولنا وسيلة في تحويل الأخطاء إلى فرص لهؤلاء؟ هل كنا نحن السبب في تحقيق أعلى نسبة مشاهدة لهذه المقاطع؟ هل يكفي أن يتمّ فرض تشريعات وقوانين صارمة لردع هذه الظاهرة؟

"التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع".

لا أعتقد أن أياً منا يؤيد انتشار هذه المقاطع، لذا أعتقد أن الطريق لتصحيح هذا المسار يبدأ من إعادة التفكير في أدوارنا نحن كجمهور، إذا توقفنا قليلاً عن التفاعل مع هذه الفضائح ومنحها الاهتمام، فبكل تأكيد ستفقد قيمتها كمصدر للشهرة والربح، الأمر يتطلب وعياً جماعياً وتربية أخلاقية للأجيال القادمة، كما أقول دائماً فإن: "التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع".

الدكتور مدحت حماد: ما الذي يُدبّر في الخفاء للمملكة العربية السعودية؟ وهل سيطلب “ترامب” من “الملك سالمان” الرحيل؟

نعم: ما الذي يُدبّر في الخفاء للمملكة العربية السعودية؟ وهل سيطلب "ترامب" من "الملك سالمان" الرحيل؟

نعيش هذه الأيام ما يشبه "الطوفان الإعلامي"، بشأن المملكة العربية السعودية، ولقد تضاعفت وزادت موجاته بشكل مثير للانتباه طوال الأسبوعين الماضيين. فعلى الرغم من الحراك السياسي العربي الإسلامي الذي شهدته السعودية بشأن الحرب المسعورة للنظام الصهيوني ضد فلسطين ولبنان، وانعقاد القمة العربية الإسلامية الثانية في الرياض للعام الثاني على التوالي، إلاَّ أنَّ وقائع وحقائق الأمور توشي وتشير إلى أن ثمَّة "أمر ما، تدبير ما، مُخطط ما" قد حِيكَ ضد المملكة العربية السعودية، وأنه قد دخل حيِّز التنفيذ.

إن ما يُنشَر كالطوفان على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن موسم الرياض الثقافي الفني الترفيهي، وما تضمنه من اتهامات أو حتى انتقادات حادة أو ليِّنة للمملكة العربية السعودية بصفة عامة ولوليِّ العهد بصفة خاصة، إنما يأخذنا أخذًا إلى ما كانت قد بدأت تشهده مصر بعد انتخابات اجلس الشعب التي جرت في 2010م، حيث استُلَّت السيوف، وفُتِّحَت الحناجر، وسُنَّت الأقلام، وجُهِّزت صفحات الصحف والمجلات، ونُسِخَت إسكربات البرامج التليفزيونية الإخبارية وبرامج التوك شو، وجُيِّشَت الكتائب الإلكترونية، لموعد كان يُحدَّد في ليلة حالكة السواد.

من الصحيح أن هناك أخطاء وتجاوزات قد شهدها موسم الرياض لعام 2024، ومن المؤكد أنها كانت صادمة لوعي وضمير ووجدان الملايين من المسلمين والعرب، ومن البديهي أن تنصرف تداعيات ذلك كله على الشارع العربي الإسلامي خاصة بين البسطاء من الناس، ومن الطبيعي أنه كان يجب على حكومة المملكة أن تنتفض وتنهض لوأد الأسباب، وإجاض المؤامرات، ومن ثم طمأنة القلوب والعقول وإسكات الألسن. لكن حتى كتابة هذه السطور لم نر الطوفان المضاد لطوفان مُخطط الهدم والتدمير المُرَاد الذي حِيك _كما سبق القول_ في ليلة حالكة السواد.

السؤال الطبيعي هو: لماذا؟ لماذا حدثت وتحدث هذه التجاوزات "القِيَميِّة" في قلب وعلى أرض المملكة العربية السعودية؟ وما هي الأهداف والغايات التي باتت تلوح في الأفق؟

هنا تحديدًا أقول بأنني من خلال ما سأذكره من الأهداف التي أراها قد لاحت وتشكلت في الأفق، فإنني سأكون قد أجبت عن الأسباب. ولكي تتضح الصورة سأتذكر معكم المعطيات والأحداث التالية التي شهدتها ولاية "ترامب" الأولى:

  1.  اغتنام ما يقرب من نصف ترليون دولار من السعودية، بغض النظر عن المقابل الذي حصلت عليه المملكة العربية السعودية.
  2.  تدشين الاعتراف المتبادل وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وكل من البحرين، الإمارات والمغرب.
  3.  إطلاق ما يُعرف "بالسلام أو الدين الإبراهيمي".
  4.  فتح المجال الجوي السعودي أمام الطيران الإسرائيلي.

الأهم من ذلك كله، قيام "ترامب" أثناء فترة رئاسته الأولى، بالحديث عن المملكة العربية السعودية بصفة عامة، وعن "الملك" بصفة خاصة، بطريقة أقل ما توصف به أنها كانت "طريقة متدنية غير لائقة، بل وقحة وغير أخلاقية"، خاصة عندما تحدث عن ضرورة وحتمية "أن تدفع السعودية مقابل حمايتها، وأنه "لولا الحماية الأمريكية" لسقطت السعودية خلال اسبوعين.

هنا "بيت القصيد"، وهنا "مربط الفرس" كما يقولون، فنحن بصدد قيام ترامب بإعادة "الكرَّة" مرة أخرى. فإذا ما أضفنا لذلك القرار الأخير لـ "بايدن" بالسماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الباليستية طويلة المدى لضرب "العُمق الروسي"، ومباركة كل من فرنسا وانجلترا للقرار، وصمت "ترامب"، سوف نكتشف أننا بصدد تنفيذ "مخطط جهنمي شيطاني أوروأمريكي" بشأن الشرق الأوسط وشرق أوربا، تكون كل من "موسكو والرياض" هي مناطق انفجار واشتعال هذا المخطط لأكثر من اعتبار، في مقدمتها: "الشراكة الإستراتيجية الروسية السعودية الصينية" الصاعدة الواعدة. من ثم تكون النتيجة والجائزة الكبرى هي: "تفجير البريكس من الداخل"، كأكبر ثمار هذا المخطط الجهنمي الشيطاني بما يؤدي لتحقيق هدفين إستراتيجيين هما:

  1.  وأد وإجهاض أي حديث حول "عالم متعدد الأقطاب".
  2.  المحافظة على "بقاء النظام العالمي بشكله الراهن"، الذي تعلو فيه "السيادة الأوروأمريكية"، فوق أي قوى أو أطراف دولية أخرى.

إذًا، لكي يتم تحقيق ذلك، يلزم تفجير عاصمتين، هما الأقرب والأسهل، "الرياض" و"موسكو". فيكون تدمير أو تشويه "مكانة وقدسية المملكة العربية السعودية لدى الشعوب العربية والإسلامية" من الداخل، وعبر "موسم الرياض الثقافي الفني الترفيهي"، ويكون تدمير "موسكو" وبالطبع روسيا، عبر إدخال روسيا في منعطف إستراتيجي خطير من خلال توريطها وبشكل مباشر وصارخ "في حرب وجودية" مع الناتو من خلال حربها القائمة منذ عامين ونصف مع أوكرانيا.

السؤال المركَّب هو كالتالي: هل سينجح هذا المخطط الجهنمي الشيطاني الأمريكي؟ وهل ستسقط دولتان، هما من أكبر اقتصاديات العالم خارج الدائرة الأوروأمريكية؟ هل قرّر "ترامب" تنفيذ مخططه للاستيلاء على تريليونات المملكة العربية السعودية، وتريليونات روسيا ومِن ورائها تريليونات الصين؟ هل قررت أمريكا إشعال "منظومة مُحكَمة من الحروب الإقليمية الكبرى" للمحافظة على بقاء وجودها كقوة عظمى مهيمنة على العالم؟ ألهذه الأسباب لم تقرر أمريكا بعد "إيقاف آلة الحرب العنصرية الفاشسيتة النازية" في فلسطين ولبنان ومن ثم استمرار توريط الدول والقوى الداعمة للمقاومة الفلسطينية وحزب الله، مثل سوريا وإيران واليمن في الاستنزاف الاقتصادي البشري الممنهج؟ هل "صار تفجير سوريا الآن" بمثابة الخطوة التمهيدية والحلقة الأولى من حلقات تنفيذ هذا المسلسل الجهنمي الشيطاني؟

أعتقد في أن ما نشاهده الآن يُمهِّد الطريق فعليًا أمام ترامب، كي يُكرِّر على مسامع العالم نفس التهديد أو الأمر الذي كان "باراك أوباما" قد وجهه لكل من "زين العابدين بي علي الرئيس التونسي، ورئيس مصر الأسبق حسني مبارك"، عندما قال لكل منهما: "الآن. الآن يجب الرحيل عن الحكم".

فمن غير المُستبعد على الإطلاق، أن تؤدي الحملة الإعلامية الممنهجة المسعورة الخاصة بتشويه صورة المملكة العربية السعودية، إلى أن تتوتر أوضاعها الداخلية، وأن تُمارس بحقها أقسى الضغوط، وأن يتم ابتذاذها من بوابة "ضرورة وحتمية الاعتراف بإسرائيل الآن"، فتجد نفسها بين فكيِّ كماشة الرفض والقبول. لأنه في كلا الأمرين غالبًا ما ستكون النتيجة هي المطالبة برحيل "الملك سالمان". فهل سنجد أنفسنا فعلًا أمام تكرار السيناريو الكارثي الذي كان قد أشعل الوطن العربي برمته في 2011؟

اليوم التالي؟ بقلم اللواء الدكتور سمير فرج

ظهرت فكرة اليوم التالي The Day After بعد قرار دول حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بالقضاء على القذافي، وإزاحته من حكم ليبيا، وبالفعل نجحت هذه الخطة وتم التخلص من القذافي، وبعدها دخلت ليبيا في فراغ دستوري ورئاسي كاملاً، واستمر منذ رحيل القذافي حتى الآن.
ومنذ عدة سنوات اكتشفت بريطانيا أن لديها أموال بالمليارات لدى ليبيا، وعندما طالبت بإعادة هذه الأموال ولم تستطع أن تحصل عليها، حيث أن هناك حكومتان في ليبيا واحدة في الشرق في بني غازي، والأخرى في الغرب في طرابلس، وقامت كل حكومة بتحويل موضوع استرداد بريطانيا إلى أموالها للحكومة الأخرى وبالتالي لم تحصل بريطانيا على أموالها الموجودة لدى ليبيا حتى الآن، لذلك استدعى مجلس العموم البريطاني وزير الخارجية الأسبق الذي كان موجوداً في هذه الفترة التي أخذت الحكومة البريطانية القرار مع باقي دول الناتو وأمريكا على إزاحة القذافي، وسألوه عندما تم اتخاذ قرار التخلص من القذافي وإزاحته من حكم ليبيا، ألم يفكر أي أحد منكم ماذا سيحدث في اليوم التالي لرحيل القذافي The Day After؟ واعتبر البرلمان البريطاني أن ذلك كان خطأ كبيراً من العناصر التي خططت لعملية إزاحة القذافي، حيث كان عليهم ليس التفكير فقط في أسلوب التخلص من القذافي، بل كان عليهم التفكير فيمن سيخلفه ويتم التركيز على أن تسمح له الفرصة لإدارة البلاد بعد رحيل القذافي.
وعندما حدثت أعمال القتال في غزة يوم 7 من أكتوبر، لم يمضي شهر واحد على هذا القتال، حتى جاء إلى القاهرة وليام بيرنز مدير المخابرات الأمريكية CIA، حيث طلب من الرئيس السيسي أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنه بعد انسحاب إسرائيل من غزه، فإن الولايات المتحدة ترى أن اليوم التالي The Day After في غزة يجب أن تكون غزة تحت السيطرة المصرية لمدة ست شهور تقوم فيها مصر بالسيطرة على القطاع من الناحية الإدارية بالكامل وإجراء انتخابات نزيهة حرة لانتخاب حكومة تكنوقراط. تتولى إدارة غزة في الفترة القادمة، بعدها تنسحب مصر من المشهد، وعرض وليام برنز مدير CIA الأمريكي على السيد الرئيس السيسي أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتكفل بمصاريف هذه الشهور الستة للقوات المصرية، كما أن الولايات المتحدة سوف تقوم بإمداد مصر بمعدات لواء مشاة ميكانيكي الذي سينفذ هذه المهمة، وتكون هذه المعدات هدية لمصر بعد انتهاء المهمة.
ورغم أن الإغراءات المادية كانت كبيرة إلا أن رد الرئيس السيسي كان واضحاً منذ البداية حيث رفض ذلك تماماً وكانت إجابته أن اليوم التالي في غزة سيكون من خلال سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله التي هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، على قطاع غزة وبعدها ظهرت العديد من الأفكار مثل إنشاء قوة عربية تتولى موضوع اليوم التالي في غزة، أو قوة دولية، حتى إن إسرائيل اقترحت شكل آخر أن تكون مجموعة من زعماء العشائر في غزة التابعين لها للسيطرة على غزة، وبالطبع كل هذه الأفكار رفضتها مصر تماماً.

وفوجئنا في الأسبوع الماضي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قدم اقتراحاً جديداً بأن تتولى السيطرة على غزة في الفترة القادمة شركات أمن أمريكية خاصة، وتكون مسؤولة أولاً عن توزيع المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية التي تصل إلى غزة كذلك القيام بأعمال التأمين الداخلي في مدن وقرى غزة. على أن تظل القوات الإسرائيلية تحيط بالمدن الرئيسية، وتحتل وتسيطر على المحاور في غزة لمنع تحرك أهالي غزة، خاصة عدم عودة أهالي شمال غزة إلى بلادهم وقراهم مرة أخرى.
هذا الأمر، بالطبع قد رفضه الجميع، وإن كان هدف نتنياهو منه أولاً، أن يتم الزج بهذه الشركات الأمريكية الخاصة التي يمكن أن تحتك بالفلسطينيين داخل غزة، وتحدث اشتباكات بينهم حيث، وصل ذكاء نتنياهو إلى أن تصبح الولايات المتحدة طرفاً في القتال والنزاع، بل يمكن أن يتطور بأن تتدخل القوات الأمريكية لحماية المواطن الأمريكي الذي يعمل في تلك الشركات الأمنية الخاصة.
ومن هذا المنطلق، أعتقد أن أمريكا أيضاً لن توافق على هذا الحل، رغم أن إسرائيل تحاول تنفيذ هذه الفكرة في إطار أنه سبق تطبيقها في بغداد بعد رحيل صدام حسين، حيث اشتركت شركات الأمن الأمريكية الخاصة في بغداد داخل ما يطلق عليها المنطقة الخضراء، وهي منطقة داخل بغداد، تمركزت فيها السفارات الأجنبية ومناطق سكن كبار رجال الدولة في العراق، ولذلك كانت مهمة هذه الشركات محصورة داخل إطار محدد وليس في كل العراق.
أما في غزة فإن الأمر يختلف تماماً، حيث جاءت هذه الفكرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو هذه الفكرة كانت ضد إسرائيل بل فضحتها حيث أنها أثبتت للجميع أن إسرائيل فشلت في السيطرة على غزة، والتي كانت أحد الأهداف الثلاثة الرئيسية لجيش، الدفاع الإسرائيلي حيث كان الأول، تحرير الرهائن، وهذا لم يحدث والثاني القضاء على حماس، وهذا أيضاً لم يحدث بل الذي حدث فقط إضعاف القدرة القتالية العسكرية لحماس أما الهدف الثالث فهو السيطرة على غزة و وتأمينها، ولكن جاء هذا المقترح من نتنياهو لكي يثبت فشل الجيش الإسرائيلي في السيطرة على غزة، ويريد أن يترك هذه المهمة لشركات أمن أمريكية خاصة.

وكانت أحد اهداف هذا المقترح أن إسرائيل تريد أن تقضي على فكرة منظمة الأونروا أيضا والتي كانت في الأساس مهمتها توزيع المساعدات الإنسانية على الشعب الفلسطيني علاوة على إدارة منظومة التعليم والصحة لكافة الأفراد في غزة، كما أن شعب غزة متفهم تماماً لوضعها، حيث أنها تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عشرات السنين، ولها مباني إدارية ومخازن وأفراد عاملين بها، يعلمون الأوضاع الحقيقية للشعب الفلسطيني في غزة لذلك، لن يكون هناك أي صعوبة في تحقيق السيطرة الإدارية على غزة من خلال منظمة الأونروا، ولكن نتنياهو يريد إقصاء منظمة الأونروا من العمل داخل غزة، حتى لا يكون هناك تعليم، ولا صحة، ولا معيشة إنسانية. وهكذا يثبت للعالم كله كل يوم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي هدفه إبادة هذا الشعب الذي يعيش في أكبر مأساة إنسانية بل تعتبر الأعظم في التاريخ الحديث للعالم كله.

المصدر جريدة المصري اليوم

إيران تطلق القمر الصناعي “فخر-1” في رد عملي على تصريحات نيتنياهو

نقلًا عن وكالات الأنباء الإيرانية:
في رد عملي على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو، الذي ادعى في وقت سابق تدمير جزء كبير من القدرات الفضائية الإيرانية، نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في إطلاق القمر الصناعي "فخر-1" إلى الفضاء.

وبحسب وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، تم إطلاق القمر الصناعي "فخر-1" التابع للجيش الإيراني بنجاح، حيث تم وضعه في مدار يبلغ طوله 410 كيلومترات. وأوضحت الوكالة أن القمر الصناعي أرسل أول إشارة إلى المحطات الأرضية بعد وصوله إلى مداره.

وأشارت الوكالة إلى أن القمر الصناعي تم إطلاقه باستخدام حامل الأقمار الصناعية "سيمرغ"، الذي يُعتبر المنصة الوحيدة التي تم تطويرها في إيران لنقل الأقمار الصناعية إلى مدارات LEO (المدار الأرضي المنخفض). وقد تم تصميم وصناعة "فخر-1" من قبل خبراء مركز أبحاث الفضاء الإيراني بالتعاون مع مؤسسة الصناعات الجوفضائية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية.

صورة أرشيفية لإطلاق القمر الصناعي الإيراني 'نور-1'

هذا الإنجاز يُعد خطوة مهمة في مجال الأبحاث الفضائية، حيث يمكن من خلاله إرسال الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات إلى المدار الجغرافي المتزامن، فضلاً عن إمكانية إرسال حمولات فضائية لأغراض البحث والاستكشاف إلى أعماق الفضاء.

صورة ارشيفية

العزلة المجيدة: قراءة في استراتيجية بريطانيا بين الانعزال والتوسع الإمبراطوري

الباحث/ عبد الرحمن مجدي صالح

تعُد إشكالية الانعزال أو الانخراط في السياسة الدولية من أبرز القضايا في حقل السياسة الخارجية، وهي إشكالية تخبو وتتصاعد من عصر إلى عصر آخر، في ظل زيادة الأعباء والالتزامات على عاتق الدول. وبينما يرى البعض أن الانعزال في عصر العولمة أصبح دربًا من الخيال، فإن التاريخ يُبرز أمثلة واضحة على "سياسات انعزالية" تبنتها بعض الدول الكبرى في فترات مختلفة. على سبيل المثال، نجد السياسة الانعزالية في اليابان، التي سميت بـ "ساكوكو"[i] التي استمرت من عام 1639م إلى 1868م، والتي انتهت بانفتاح البلاد خلال عصر "المييجي".

أما الحالة البريطانية، فهي الأبرز على الإطلاق، حيث تبنت بريطانيا خلال القرن التاسع عشر سياسة خارجية وصفت بـ "العزلة المجيدة". هنا يبرز التساؤل المحوري: كيف لدولة تدّعي العزلة أن تكون في الوقت نفسه إمبراطورية عظمى، وُصفت بأنها "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس"؟

في هذه المقالة، سبر للأغوار حول "مفهوم العزلة المجيدة"، ومحاولة الكشف عن كيفية استطاعة بريطانيا "تحقيق التوازن بين الانعزال السياسي وبناء إمبراطورية مترامية الأطراف."

خلال القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، أدرك صانعو القرار في بريطانيا الأبعاد الجيوسياسية لموقعها كجزيرة وما يعنيه ذلك لعلاقتها بالقارة الأوروبية. هذا الإدراك كان نابعًا من استقراء المشهد السياسي الأوروبي عقب الثورة الفرنسية عام 1789م، التي كانت قد غيرت موازين القوى داخل القارة، وأسهمت في انتشار "الأفكار القومية" على حساب "الأفكار الاستبدادية التقليدية". بناءً على ذلك، تبنت بريطانيا سياسات محددة أصبحت تُعرف لاحقًا باسم "العزلة المجيدة".

جون ألكسندر ماكدونالد
السير جون ألكسندر ماكدونالد

فما هو المقصود بالعزلة المجيدة؟ ظهر هذا المصطلح لأول مرة على يد "جون ألكسندر ماكدونالد"، رئيس مجلس العموم الكندي، وزير المالية في "حكومة المحافظين"، في يناير 1869، عندما وصف السياسة الخارجية البريطانية بقوله: "إنها عزلة مجيدة"[ii]. انتشر هذا التعبير بسرعة، وأصبح يستخدم على نطاق واسع في الأوساط السياسية والإعلامية لوصف السياسات البريطانية التي ركزت على "حماية المصالح الذاتية بعيدًا عن الانخراط العميق في التحالفات أو الحروب الأوروبية". مع ذلك، اقتصرت هذه السياسة على علاقتها بالقارة الأوروبية فقط. ففي الوقت ذاته عملت بريطانيا على اكتساب مستعمرات جديدة حول العالم. لكن يظل السؤال قائمًا: لماذا اختارت بريطانيا هذا النمط الانعزالي على المستوي "الإقليمي الأوروبي"؟

الموقع الجغرافي ودوره في تشكيل السياسة الخارجية البريطانية  

خريطة توضيحية للموقع الجغرافي للمملكة المتحدة

لعب الموقع الجغرافي الفريد للجزيرة البريطانية دورًا محوريًا في تشكيل سياستها الخارجية. حيث فرضت طبيعة الجزيرة على بريطانيا، الحاجة لبناء أسطول بحري قوي، ليس فقط لحمايتها من التهديدات الخارجية، بل أيضًا باعتباره "الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجي" في ذلك الوقت. هذا جعل من تطوير الأسطول البحري "أولوية وجودية للدولة البريطانية"، حيث تحول إلى رمز لقوتها وهيمنتها[iii]. حيث وصلت أهمية الأسطول لذروتها في معارك مفصلية، كان من أبرزها معركة "الطرف الأغر" عام 1805م خلال "الحروب النابليونية"، التي استطاع فيها الأسطول البريطاني تحقيق انتصارًا ساحقًا على "الأسطولين الفرنسي والإسباني" دون خسارة أي سفينة. هذا الانتصار لم يكن مجرد انتصارًا أو إنجازًا عسكريًا، بل كان تأكيدًا على نجاحها في اعتماد "استراتيجيتها البحرية"، التي أتاحت لبريطانيا حماية مصالحها في الشرق والغرب دون الحاجة إلى "الانخراط في تحالفات عسكرية مكلفة".

جاء هذا التركيز على القوة البحرية لتعويض نقص بريطانيا في القوة البرية، وهو الأمر الذي يُرجعه المؤرخون إلى محدودية عداد السكان داخل الجزيرة. وللتغلب على هذا التحدي، اتجهت بريطانيا لاحقًا لتجنيد أفراد من مستعمراتها.

بالرغم من ذلك، ظلَّ صانعو القرار البريطانيون يتعاملون بحذر مع فكرة الزج بأسطولهم البحري في النزاعات الأوروبية، حيث فضلوا "الحفاظ على توازن دقيق يضمن أمنهم واستمرارية مصالحهم الحيوية". فبهذا الأسطول، استطاعت بريطانيا تحقيق دفاعًا قويًا عن جزيرتها وتأمين مصالحها العالمية من جهة، دون الحاجة إلى الدخول في التزامات أو تحالفات عسكرية معقدة مع أي قوى أخرى من جهة ثانية.

طبيعة النزاعات الأوروبية

لقد شهد القرن الثامن عشر، وسنوات ما بعده سلسلة من الأزمات الدولية، بدأت بالحروب النابليونية (1803م-1815م)، مرورًا بحركات التحرر الأوروبية التي تصاعدت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وانتهاءً بالصراعات على المستعمرات خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. لكثرة هذه النزاعات، قامت القيادة في لندن بوضع مجموعة من الركائز الأساسية للتعامل مع الأزمات داخل القارة الأوروبية، هذه الركائز هي:

1- الحفاظ على وحدة الإمبراطورية البريطانية وممتلكتها.

2- ضمان استمرار حياد بلجيكا (اتفاقية لندن، 1839م).

3- الحيلولة دون انهيار الدولة العثمانية، خاصة مع بدء التوسع الروسي خلال القرن التاسع عشر.

4- منع وصول روسيا إلى المياه الدافئة، خصوصًا عبر البحر الأسود والمضائق (وظهر ذلك بوضوح خلال حرب القرم، 1853م-1856م).

5- الحفاظ على توازن القوى داخل القارة الأوروبية، كسياسة مستمرة منذ القرن الثامن عشر وتبلورت في مؤتمر فيينا (1815م).

6- التأيد "الدبلوماسي" لحركات القومية داخل القارة الأوروبية.

نابليون بونابارت
القائد الفرنسي نابليون بونابارت

اعتمدت بريطانيا على هذه الركائز كإطار لتحركها في القارة الأوروبية. وكلما كان هناك إخلال بأي منها، كانت تتدخل باستخدام الأداة العسكرية، وذلك مثلما حدث في حرب استقلال اليونان (1821م-1829م) التي شهدت دعمًا بريطانيًا ضد الهيمنة العثمانية، ومنع أنفراد روسيا بالأزمة في المقام الأول. ثم حرب القرم (1853م-1856م) التي حالت دون "توسع النفوذ الروسي". بخلاف ذلك، كانت الأداة الدبلوماسية هي الخيار الأساسي.

بالإضافة إلى ذلك، كانت ترى بريطانيا أن العديد من النزاعات الأوروبية لا جدوى من التدخل فيها نظرًا لغياب مصالح مباشرة، مثل أزمة الوحدة الإيطالية (1859م-1870م)، الوحدة الألمانية (1864م-1871م)، الحرب الألمانية-النمساوية (1866م)، والحرب الألمانية-الفرنسية (1870م-1871م). حيث فضَّل البريطانيون حينها "توجيه القوة نحو اكتساب مستعمرات جديدة لتعزيز قوة البلاد"، وهو ما توافق مع مصالح الطبقة الوسطى التجارية آنذاك التي فضّلت الابتعاد عن ويلات الحروب وتوسيع التجارة في المستعمرات.

ثورة البوكسر في الصين من 1899م إلى 1901م

لكن كلما كانت الأمور تتطلب "الدخول في تحالفات عسكرية مع قوى أخرى" لتحقيق مصالحها لم تمانع، وهو ما تحقق فعلياً في "حرب البوكسر" في الصين (1899م-1901م)، حيث شاركت بريطانيا في الحرب بجانب قوى دولية عديدة مثل روسيا، فرنسا، وألمانيا وغيرها بهدف القضاء على ثورة الملاكمين والحفاظ على المصالح الاستعمارية في الصين.

بنية النظام الدولي خلال القرن التاسع عشر

اتسم النظام الدولي في القرن التاسع عشر بأنه نظام قائم على التحالفات والمؤتمرات الدبلوماسية بين دول القارة الأوروبية، وهو ما برز بشكل كبير مع تولي المستشار الألماني "أوتو فون بسمارك" منصب المستشارية في ألمانيا (1871م-1890م). عمل بسمارك على بناء شبكة من التحالفات لتأمين مصالح بلاده، أبرزها تحالف الأباطرة الثلاثة (1873م) بين "ألمانيا، (النمسا_المجر) وروسيا"، ثم الحلف الثلاثي (1882م) بين ألمانيا، (النمسا-المجر) وإيطاليا، وكانت هذه الجهود تدور في فلك أساسي هو "عزل فرنسا" دبلوماسيًا وعسكريًا، ومنعها من الانتقام من ألمانيا بعد هزيمتها في "الحرب الألمانية-الفرنسية" (1870م-1871م).

قبل ذلك، كانت قد ظهرت تحالفات أخرى مثل "الحلف المقدس" (1815م) الذي ضم روسيا، النمسا، وبروسيا بهدف دعم الأنظمة الملكية في مواجهة "الحركات الثورية"، فضلاً عن التحالفات الإقليمية بين الدول الكبرى. مع ذلك، رفضت بريطانيا الانضمام إلى هذه التحالفات، مُفضلةً الوقوف على مسافة بعيدة منها. جاء هذا الموقف نتيجة حرص بريطانيا على "تجنب الالتزامات العسكرية الثقيلة" التي قد تفرضها هذه التحالفات، التي قد ترهق الإمبراطورية دون أن تحقق مصالح مباشرة لها.

المستشار الألماني أتو فون بسمارك

لقد كان الدليل الأبرز على هذه السياسة من جانب بريطانيا هو رفضها المستمر دعوة "المستشار الألماني بسمارك" للانضمام إلى معاهدة تحالف، أو حتى جهود "بسمارك" في جر بريطانيا إلى التحالف الثلاثي. فضلت بريطانيا الابتعاد عن هذه التحالفات لمنح عملية صنع قرارها استقلالية أكبر، ولتجنب تبعات أي التزامات قد تضر بمصالحها الحيوية.

ورغم ذلك، عندما تطلب الأمر حماية مصالحها الحيوية، لم تتردد بريطانيا في عقد اتفاقيات سياسية محدده تخدم أهدافها، مثل "اتفاقيات البحر المتوسط" (1887م) التي أبرمتها مع "إيطاليا والنمسا-المجر"، بهدف مواجهة التوسع الروسي وحماية طريقها البحري إلى الهند.

نهاية العزلة المجيدة والطريق إلى الحرب العالمية الأولى

في النهاية، عندما أدركت بريطانيا أن الظروف الدولية التي بنيت على أساسها سياستها القائمة على العزلة، قد تغيرت، بدأ صانعو القرار البريطانيون في تعديل سياستهم الخارجية. فبحلول نهاية القرن التاسع عشر، وجدت بريطانيا نفسها وحيدة بدون حليف رئيسي في القارة الأوروبية، بعد تشكيل التحالف الثلاثي بين "ألمانيا والنمسا-المجر وإيطاليا"، من جهة، وكذلك التقارب "الروسي-الفرنسي" الذي تجسد في اتفاقية 1892م من جهة أخرى.

وقد جاء ذلك في وقت كانت فيه الأحداث الدولية تتسارع، سواء في القارة الأوروبية مع تبني ألمانيا بقيادة مستشارها الجديد "بولوف" وقيصرها "فيلهلم الثاني" سياسة تحديث أسطولها البحري لمنافسة بريطانيا، أو في الشرق الأقصى بعد "الحرب الروسية-اليابانية" (1904-1905م)، فأصبحت العزلة أمرًا صعبًا في خضم تلك التحويلات السياسية والبيئة الدولية المتوترة.

القيصر الألماني فيلهلم الثاني

وفي ضوء هذه التغيرات، بدأت بريطانيا في اتخاذ خطوات للخروج من عزلتها الدبلوماسية، من خلال عقد مجموعة من الاتفاقيات مع قوى دولية، مثل "توقيع اتفاقية مع اليابان" في عام 1902م، التي كانت تهدف إلى تأمين مصالحها في الشرق الأقصى. كما وقعت بريطانيا في عام 1904م "الاتفاق الودي" مع فرنسا، وهو اتفاق أسهم في تحسين العلاقات بين البلدين بعد قرن من التنافس، وأدى إلى تقارب دبلوماسي مهم لمواجهة خطر ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع الاتفاقية الروسية-البريطانية في 1907م، مما ساعد في تسوية التوترات بين الإمبراطورية البريطانية وروسيا حول مناطق النفوذ في آسيا الوسطى.

خريطة توضح توزيع المستعمرات بين كل من بريطانيا و فرنسا قبل بداية الحرب العالمية الأولي
خريطة توضح لتوزيع المستعمرات البريطانية و الفرنسية قبل بداية الحرب العالمية الأولي

مما سبق، يمكننا استنتاج أن الاستراتيجية الذكية التي اتبعتها بريطانيا ساعدت على تعزيز مكانتها كقوة عظمى لعدة قرون، وأن هذه الاستراتيجية كانت نابعة من رغبة الإمبراطورية البريطانية في تعزيز استقلالية قرارها، وليس عن الضعف.

وفقًا لذلك، أحدثت سياسة العزلة المجيدة البريطانية تغييرًا في التصور العام للمفهوم في الحقول المعرفية. فبعد "أن كانت العزلة تُنظر إليها على أنها أمر منبوذ وناتج عن ضعف الدولة وفشلها في الدخول في تحالفات"، أصبح العديد يعتبر أنَّ "العزلة هي رمز لاستقلالية الدولة وقوتها"، وهو ما تجسد في تصريح جورج جوشن، عضو مجلس الوزراء، في عام 1894 عندما حاول الدفاع عن سياسات العزلة، موضحًا أن هناك نوعين من العزلة: الأولى لأولئك الضعفاء الذين لا يثقون في أنفسهم، أما عزلتنا فهي: "اختيار متعمد نابع من حرية تصرفنا وقوتنا" [iv].

على الرغم من نجاح سياسة العزلة المجيدة في تأمين مصالح الإمبراطورية البريطانية، فإنها أدت إلى انعكاسات خطيرة على الداخل الأوروبي. فقد ساهم ابتعاد بريطانيا عن القارة في "تعزيز نمو وتمدد القوة الألمانية"، بل وفتح المجال أمام "بسمارك" لبناء نظام التحالفات القائم على التناقضات، بالإضافة إلى "الانتصار الألماني الكاسح على فرنسا". كل هذه العوامل شكلت دوافع رئيسية أدت إلى تهيئة المناخ الدولي الذي ساهم في اندلاع الحرب العالمية الأولي و الثانية ، التي أسفرت عن دمار هائل وسقوط ضحايا أبرياء.

ومع تراجع بريطانيا عن هذه الاستراتيجية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية لأسباب متعددة، وهو ما أدى إلى "تراجع في قوتها وضعف في دورها على الساحة الدولية بعد ذلك"، هذا التراجع نفسه، هو الذي  منح الولايات المتحدة "الفرصة لتولي القيادة العالمية"، مستفيدة من انحسار بريطانيا كقوة عظمى، الأمر الذي يؤكد على حقيقة مفادها كيف تؤثر "السياسات الخارجية" لقوة عظمى ما وبشكل كبير على الديناميكيات العالمية من جهة، وكيف أن "التغييرات والتحولات الاستراتيجية لقوة ما" غالبًا ما تُفضي إلى "تغيير حقيقي جديد في موازين القوى الدولية".

الباحث عبدالرحمن مجدي صالح
الباحث عبدالرحمن مجدي صالح


[i]  هي سياسة اتبعتها الحكومة الشوغونية في اليابان و التي قامت على عزلة صارمة في العلاقات الخارجية، حيث فرضت عقوبة الإعدام على كل من يجرؤ على الدخول أو الخروج من اليابان، سواء كان يابانيًا أو أجنبيًا.، و بها تم طرد  جميع الأجانب الأوروبيين، وعلى رأسهم التجار والمبشرون الكاثوليك من إسبانيا والبرتغال، الذين توافدوا إلى اليابان بأعداد كبيرة خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر.

[ii] Howard, Christopher. "The Policy of Isolation." The Historical Journal 10, no. 1 (1967): 84.

[iii]  د.نعمة حسن البكر ، بريطانيا وسياسة العزلة المجيدة 1879-1907 ، ( القاهرة ، الهيئة العامة للكتاب ، 2021 ) ، ص19 .

[iv][iv] oward, "The Policy of Isolation," 80