أيها الأطفال! هذه هى خريطة العالم هنا توجد قارة آسيا

فى هذه القارة توجد منطقة، شكلها مثل شكل الـ”قطة”، هذه القطة هى: “إيران”، هى “إيراننا“.

ما سبق جزء من أغنية للمطرب الإيرانى “داريوش” كان قد جعلها عنوانًا لألبومه الغنائى “أيها الأطفال” الذى صدر له قبل بضع سنين من قيام الثورة الإسلامية فى إيران سنة 1979.

يعتقد الإيرانيون فى أن إيران هى “القطة الآسيوية”، أو هى “قطة العالم”! وبالتالى فإن من يحكم إيران هو فى واقع الأمر كمن يروّض النمور والأسود. (منذ عدة سنوات قام وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف بتقديم النصيحة للرئيس الأمريكى “دونالد ترامب”) : بعد اللعب مع الأسد أو إغضابه

كذلك على من يحكم إيران أن يُدرك كم تكون (القطة الإيرانية) غالية وشقيَّة وذات أظافر وإن بَدَت ناعمة، وهى بالطبع وبكل تأكيد بـ”سبعة أرواح”! جغرافيًا تعد إيران على هيئة “قطة بريّة” بالفعل. هذه القطة تحتل تقريبًا ثلث مساحة “الشمال الغربى الأوسط” من قارة آسيا (المنطقة الواقعة ما بين جنوب بحر قزوين وشبه الجزيرة العربية)، وهى تتمدّد جغرافيًا فى وضع جدير بالتوقف أمامه بل عدم إغفاله ولو “لجزء واحد من الفيمتو ثانية

سوف نُفاجأ عندما نرى أن “رأس هذه القطة” يتشاطأ بحريًا من الشمال على بحر قزوين – فى شراكة بحرية إستراتيجية- مع روسيا من جهة ودول آسيا الوسطى (التى كانت معظمها حتى نهاية القرن التاسع عشر جزءًا من آخر الإمبراطوريات الإيرانية، أى الإمبراطورية القاجارية) بينما ينسدل ذيلها فى هدوء وسكينة على “شواطئ المحيط الهندى” فى تجاور “جغرافى برمائى عَنِيد” مع باكستان. ثم نجد “ظهرها” يبدو وكأنه قد اخترق “عن عمد”، كلًا من تركمانستان، أفغانستان وباكستان على امتداد جغرافى يكاد يصل إلى 2000 كم، فى حين تبدو “عيناها” ثاقبتين باتجاه كل من: تركيا والعراق، وهى ترمق بنظرها فى الوقت ذاته كل من يعتزم القدوم إليها من وسط أو غرب أوربا! وذلك فى الوقت الذى تبدو فى جلستها الفريدة تلك، كأنما قد صارت “حاضنة” للعراق وكمن “تركض على أنفاس” دول مجلس التعاون الخليجى، أو كأنها ترى نفسها كـ”أم” ترعى صِغَارها، وهو ما يكشف لنا عن “الجذور والعوامل الجغرافية” التى تشكِّل “الوعى السياسى” لكل مَن حكم أو يحكم إيران، تجاه المنطقة الجغرافية المُطلة على غرب الخليج، أعنى بذلك كل دول مجلس التعاون الخليجى عدا وسط وجنوب وغرب أراضى المملكة العربية السعودية

المثير فى الجغرافيا الخاصة بهذه “القطة” -أقصد إيران- هو أن أذنيها منبسطتان ومدببتان وفى حالة تَنصت باتجاه الشمال، الأولى فى أذربيجان والثانية فى تركيا، بينما تحتوى “أرمينيا”- التى هى المركز الجغرافى لمنطقة القوقاز- ما بين أذنيها، أى تضعها فى منطقة “المخ ومركزها العقلى”. الأكثر إثارة هو أننا لا نرى- جغرافيًا- أين توجد وتختبئ أرجل ومخالب هذه القطة؟ حيث تبدو كأنما قد تعمدت إخفاءهما لتجعل نفسها “قنفذًا” متضخمًا تحيط به الأشواك، أو كأنما تبدو كحيوان برمائى مستعد دومًا للقفز فى مياه الخليج أو المحيط

ما سبق ليس وصفًا أو توصيفًا “عبثيًا من وحى الخيال”، إنما هو “توصيف” حقيقى مقصود لذاته، وهو توصيف دامج لعناصر ثلاثة هى: الجغرافيا الطبيعية من جهة، الشخصيّة العرقية القومية الإيرانية من جهة ثانية، والشخصية “التاريخية الحضارية الإيرانية” من جهة ثالثة

بقلم: أ.د. مدحت حماد

أستاذ الدراسات الإيرانية جامعة طنطا

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *