الشهر: أكتوبر 2024

اللواء الدكتور سمير فرج يروي: قصة حرب أكتوبر من خلال مناظرته مع شارون في محطة الـBBC في لندن (الحلقة الرابعة)

استعرضنا في مقالي في العدد السابق كيف نجحت خطة عبور القوات المسلحة المصرية وإنشاء خمس رؤوس كباري شرق القناة بقوة 250 ألف مقاتل مصري. وفشل جميع الهجمات المضادة التي قامت بها القوات الإسرائيلية على طول خطوط إختراق الدفاعات وطرد القوات المصرية، لتعود مكانها غرب قناة السويس. كما عرضنا قصة معركة المزرعة الصينية التي كان بطلها المقدم حسين طنطاوي قائد الكتيبة 16 من اللواء 16 وهو يقاتل شرق القناة، ونجاحه في صد الهجوم المضاد الذي قامت به قوات شارون لاختراق دفاعات المقدم حسين طنطاوي. (وهو الذي أصبح فيما بعد وزير الدفاع المصري لمدة عشرون عاما)

شارون: فوجئتُ بقتال شرس وعنيد من قوات الصاعقة المصرية غرب القناة في منطقة الدفرسوار، ومنطقة الجناين.

خريطة تطوير الهجوم المصري_14أكتوبر نقلاً عن وكيبيديا

اليوم نستكمل ما حدث عندما فشل شارون في اختراق رأس الكوبري في المزرعة الصينية ونستكمل ما ذكره شارون بأنه بعدما فشل كل من الجنرال أدان والجنرال ماجن في إقتحام دفاعات الفرقة ١٦ مشاة لم يجد أمامه، سوى أن يعبر البحيرات المرة متجنباً هذه الدفاعات المصرية الشرسة في المزرعة الصينية. اندفع شارون بمجموعة قتال من سرية دبابات ومشاة واندفعوا إلى عمق منطقة الدفرسوار خلف رأس كوبري الجيش الثاني الميداني حيث بدأ شارون مهاجمة قواعد صواريخ الدفاع الجوي، وكان يكتفى بالاشتباك عن بعد من مسافة 3 كيلومترات ليدمر رادار قواعد الدفاع الجوي، فتتوقف بطارية الدفاع الجوي عن العمل، حتى نجح في عمل ثغرة في حائط صواريخ الدفاع الجوي المصري فتندفع القوات الجوية الإسرائيلية لأول مرة يوم ١٧ أكتوبر لتهاجم القوات المصرية، كما هاجمت قوات شارون مواقع المدفعية المصرية غرب القناة، وبذلك تم حرمان قوات رأس الكوبرى من المعاونة النيرانية من البر الغربي. وذكر شارون أن هدفه من العبور إلى غرب القناة في البداية، كان أن يندفع للاستيلاء على مدينة الإسماعيلية بصفتها هدفاً ذا أهمية إستراتيجية، والذي لو تم الإستيلاء عليه، سيمكن للجانب الإسرائيلي، عندما يتوقف القتال، _في أي مفاوضات قادمة باستخدام هذا العمل_ الحصول على مكاسب يوقف بها نزيف الخسائر أمام النصر الكبير الذي حققته القوات المصرية شرق القناة.

خريطة للموقف العسكري وقت الثغرة

يقول شارون: إنه فوجئ بقتال شرس وعنيد من قوات الصاعقة المصرية غرب القناة في منطقة الدفرسوار، ومنطقة الجناين، وبرَّر شارون خسائره الكبيرة في المعدات والأرواح، بل وإصابته هو شخصياً إصابة نقلته للعلاج إلى داخل إسرائيل، نتيجة لشراسة رجال قوات الكوماندوز المصرية الذين كانوا يظهرون في كل مكان وسط زراعات المانجو. لذلك قرر شارون أن يتجه جنوباً نتيجة خسائره الكبيرة في إتجاه الإسماعيلية وأن يعيد ترتيب أوراقه.. ليكون هدفه السويس بدلاً من الإسماعيلية.
هنا نالت الخطة الإسرائيلية درجة واحدة من معهد الدراسات الإستراتيجية، تحت مفهوم المرونة في تنفيذ الخطة، ما دام كان الهدف هو الاستيلاء على هدف حيوي يتم التفاوض به عند توقف القتال لتكون مدينة السويس بدلاً من الإسماعيلية. يقول شارون: إنه لم يركب طائرة الإخلاء إلا بعد أن تأكد أن قواته بدأت في التحرك نحو السويس، وغيرت اتجاهاتها من الإسماعيلية إلى الجنوب.

خريطة لمعارك المزرعة الصينية

دور الملازم الأسرائيلي "جوفي" في تعطيل اللواء المصري 25 مدرعات؟

بعد ذلك بدأ سؤال خبراء معهد الدراسات الإستراتيجية لي عن خطة القوات المصرية ضد عمليات شارون. فأوضحت أن القيادة العامة المصرية أمرت بتحريك اللواء ٢٥ مدرع من الجيش الثالث شرق القناة. وكان هذا اللواء مسلح بالدبابة ت ٧٢ التي كانت أحدث الدبابات في الجيش المصري في ذلك الوقت، كان هذا اللواء كاملاً بدون أي خسائر، لأنه حتى ذلك الوقت لم يكن قد دخل في أي معركة. اندفع اللواء ٢٥ مدرع وتقدم، ببطء وحذر شديد، من رأس كوبرى الجيش الثالث في اتجاه الدفرسوار على البر الشرقي ليغلق الثغرة بين الجيشين الثالث والثاني. وقبل وصول اللواء ٢٥ مدرع إلى رأس كوبرى الجيش الثاني بنحو ۲۰ كيلومتراً، كان قد وصل إلى ميدان القتال قبلها _بساعة واحدة_ الملازم «جوفي» ومعه كتيبة صواريخ «تو» الأمريكية الجديدة، التي كانت قد وصلت إلى العريش منذ ثلاثة أيام، وتم تدريب الأطقم الإسرائيلية عليها هناك.

خلال المناظرة، تم سؤال هذا الضابط الإسرائيلي "جوفي" في مقابلة تمت معه في إسرائيل، عما حدث قال: لقد وصلت لمنطقة القناة، وشاهدت وأنا متحرك غبار حركة اللواء ٢٥ المدرع المصري، وأمرني قائد الجبهة بعمل ستارة مضادة للدبابات، فقمت بإيقاف تقدم اللواء المدرع المصري نظراً لدقة الإصابة العالية لهذا النوع من الصواريخ الذي كان مفاجأة للمصريين.

شارون صانع الثغرة وهو عائد مكتويًا بنيران المصريين،
حتى وأن علت الضحكات على وجهه.

ما فعله شارون هو "إغارة بالقوة"، أو "إغارة عسكرية" وليس عملية عسكرية رئيسية.

وجاء تعليق معهد الدراسات الإستراتيجية ليقول: إن اختيار شارون لنظرية الاقتراب غير المباشر _كنظرية عسكرية علمية_ سليم، لكن التطبيق كان لا يتماشى مع أسس ومبادئ القتال. حيث ذكر الخبراء أن شارون لم يؤمِّن منطقة العبور بأي قوات، وأن التنفيذ كان أشبه بعملية خاصة يطلق عليها: "الإغارة بالقوة" أو "إغارة عسكرية" يمكن أن تنفذها وحدات خاصة وليست عملية عسكرية رئيسية لها هدف هو الاستيلاء على مدينة ذات أهمية إستراتيجية. لقد أكد خبراء معهد الدراسات الإستراتيجية أن قرار القيادة العامة المصرية بدفع اللواء ٢٥ مدرع كان سليماً، يستحق عليه نقطتين أيضاً ولكن دخول بطاريات الصواريخ تو غيرت من ميزان القتال، وكان تعليق خبراء مركز الدراسات الإستراتيجية أنه: "لو كان اللواء ٢٥ مدرع قد نجح في معركته شرق القناة ولو كانت سرعة اللواء منذ خروجه من رأس كوبرى الجيش الثالث أفضل لكان قد تم تدمير أو أسر "شارون وقواته" غرب القناة ولتغير الموقف العسكري والسياسي في الشرق الأوسط لعدة أعوام.

يجب على شارون أن يشكر الملازم جوفي وأمريكا على صواريخ "تو"

وقال خبراء معهد الدراسات الإستراتيجية في لندن، إننا لا نوصى أى قائد بأن ينفِّذ فكر ليدل هارت بهذه المغامرة غير المحسوبة وغير المؤمنة، وأن شارون يجب أن يشكر الملازم جوفي وأمريكا على صواريخ تو التي لولا تدخلهم لفشلت العملية بالكامل. واحتد شارون بشدة على هذا التحليل من خبراء معهد الدراسات الإستراتيجية وقال لهم: أنا الذي حولت هزيمة إسرائيل المهينة إلى نصر على ضفاف القناة، وأنا الذي رفعت العلم الإسرائيلي فوق أفريقيا، وأنا الذي جعلت المفاوض الإسرائيلي في مباحثات الكيلو ١٠١ قادراً أن يكون نداً للمفاوض المصري بعد العار الذي جلبه ديان يوم ۹ أكتوبر ۱۹۷۳.

في الحلقة القادمة نستكمل الجزء الأخير من المناظرة التي حدثت على شاشة الـBBC مع الجنرال شارون.

اللواء الدكتور سمير فرج: كيسينجر السياسة الخارجة المصرية.

تقرير يكتبه/ الدكتور مدحت حماد

لازال العطاء مستمرًا في شهر انتصارات أكتوبر المجيدة

اللواء الدكتور سمير فرج يشكِّل حالة نوعية فريدة، تجربة مُلهمة لكيفية المحافظة على العطاء مهما بلغ عُمر الإنسان. فعندما يدرك ويؤمن الإنسان أنه لابد له من العطاء في جميع سنين عمره، تطبيقًا وتنفيذًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء يوم القيامة، وفي يد أحدكم فَسِلة (نَبتة) إن استطاع أن يغرسها فليغرسها"، يظل متمسكًا بالعطاء حتى آخر رمق في حياته مهما كلفه هذا العطاء من مكابدة ومشاق.

فإذا كان ما عطاء الإنسان قائماً ومرتكزًا على "العِلم والمعرفة"، فحتمًا سيكون لهذا العطاء أهميته المركبة المُضاعفة والمتجددة، وهو الأمر الذي تثبته الأيام بالنسبة للواء الدكتور سمير فرج. نعم.. هناك مئات وربما من العسكريين الذين تشرفوا برتبة اللواء في جيش مصر العظيم، وهناك أيضًا العشرات من هؤلاء حصلوا على درجة الدكتوراة، لكن تظل "إرادة التجديد" في العطاء المصحوبة بمقومات ومرتكزات: "الصبر على القراءة والتحصيل والمعرفة"، "المحافظة على إستمرار الإنفاق بالمال والصحة والعُمر من أجل التحصيل والمعرفة"، تظل هذه الإرادة ميزة نسبية _بل رِزق إلهي_ لدى عدد غير كثير من الباحثين والكُتّاب والمفكرين والعلماء.

اللواء الدكتور سمير فرج هو "واحد من هذا العدد غير الكثير".، وهو أمر تشهد له جميع ساعات بل ثواني أيامه وحياته، فمن يتابع الرجل، يستيقن من أنه حقًا "قد خُلِق للعلم والمعرفة"، ويا لها من غاية مُباركة ومُقدسة.

خلال الأسبوع الماضي، رصَدَ مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية، أجندة نوعية من العطاء البنَّاء للرجل، ولهذا فإن المركز قرر أن يتشرَّف بتسجيل هذه "الأجندة العلمية الفكرية المُثمرة والبنَّائة"، أملاً في أن يسهم ذلك في تعظيم الفائدة الوطنية التي يهدف إليها الرجل في جميع جولاته وندواته ولقائاته التي رغم ما فيها من مشقة، إلاَّ أن ما تتضمنة من مشاعر وجدانية مفادها أنه لازال "يُجاهد في ميدان وفي ساحة الحرب"، تجعله يشعر بالرضا أن قد يَسَّر الله له السبيل لأداء دوره الوطني الديني القومي المقدس لمصرنا الغالية ولوطننا العربي الحبيب.

بدعوه من الأستاذ الدكتور "محمد صالح هاشم" رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، قام اللواء الدكتور سمير فرج بإلقاء محاضرة تثقيفية نوعية لأعضاء هيئة التدريس ونخبة من طلبة الأكاديمية" عن انتصارات حرب اكتوبر 1973 وركَّز حديثه عن التحديات الاقتصادية التي واجهتها مصر آنذاك وكيف أنها كنت تشكِّل عقبة كبيرة لضمن تحقيق لجهوزية العسكرية، وأنه في مقدمة الدروس المستفادة منها أن يكون للقوات المسلحة المصرية مواردها الذاتية التي تضمن لها تحقيق كافة متطلبات المجهود الحربي دون أن تفرض أعباءًا على الميزانية الحكومية التي كانت ولازالت منهكة.

صورة جامعة للقاء وتكريم الدكتور سمير فرج داخل أروقة أكاديمية السادات للعلوم الإدارية

في نهاية اللقاء تشرف اللواء سمير فرج، بتسلم درع الاكاديمية، حيث أكدَّ الأستاذ الدكتور "محمد صالح هاشم" رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية"، من جانبه، أن أعضاء هيئة الدريس والطلاب يتشرفون بدورهم بإهداء "درع الأكاديمية" لقائد ومفكر وخبير مصري أصيل هو اللواء الدكتور سمير فرج.

صورة جامعة للقاء وتكريم الدكتور سمير فرج في اللقاء المشترك بين المجلس القومي للمرأة ونادي هليوبوليس

بدعوه كريمة مشتركة من المجلس القومي للمرأة ونادي هليوبوليس بمصر الجديدة ، قام الدكتور سمير فرج بإلقاء محاضرة حول نصر اكتوبر 1973، بمشاركة نخبة نوعية ومتميزة من سيدات مصر العاملات، حيث كانت المحاضرة فرصة فريدة للحديث عن "نهر العطاء المتدفق" الذي تتميز به المرأة المصرية على مر العصور وفي مختلف المراحل والأوقات وبصفة خاصة وقت الشدائد والأزمات وعلى رأسها وقت الحروب، وأن هذا العطاء المذهل للمرأة المصرية، أبدًا لا ينحصر على صعيد المجتمع، بل يبدأ من عطائها داخل الأسرة وينتهي بعطائها في ساحات النضال والحروب، لتشكِّل بذلك "ظهيرًا وجوديًا للرجل المصري على مر العصور". وينتهي اللقاء بالتكريم، حيث تشرف سيادته باستلام "درع المجلس القومي للمرأة" وكذلك "درع نادي هليوبوليس".

صورة جامعة للقاء علماء ومهندسي مصر وتكريم الدكتور سمير فرج داخل أروقة نقابة المهندسين

بدعوه كريمة من "السيد المهندس طارق النبراوي" نقيب المهندسين المصريين، وبمناسبة احتفال نقابة المهندسين بنصر حرب اكتوبر، قام الرجل بإلقاء محاضرة حول "دور المهندسين المصريين في حرب أكتوبر"، ليس فقط من خلال "سلاح المهندسين"، وإنما كان دورًا شاملاً في جميع أركان وأرجاء قوات الجيش المصري، البرية، البحرية، الجوية، الدفاع الجوي، الحرب الإلكترونية، وهو ما ساهم فعليًا من ضمان تحقيق "الأهداف العسكرية المنشودة" من الحرب، حيث أدرك قادة الدولة بصفة عامة وقادة القوات المسلحة المصرية بصفة خاصة، حتمية "تطوير وانتقاء" المقاتل المصري، خاصة فيما يتعلق بالقدرات العسكرية التكنولوجية الحديثة.

لقاء الدكتور سمير فرج والإعلاميين قاعة الرئيس السادات بأكاديمية ناصر العسكرية العليا

ثم كان مسك الختام، في بيت الرجل، أي داخل "أكاديمية ناصر العسكرية العليا"، ولقاء خاص ونوعي تثقيفي توعوي مع الإعلاميين في الدورة التثقيفية رقم 44 وهي الدورة التي تشرَّف بإنشائها وهو مدير الشئون المعنوية للقوت المسلحةهذه الدورة، في هذا القاء تناول الدور المحوري المركزي النوعي الإستراتيجي الوطني القومي للإعلام وبالتالي للإعلاميين، مركزًا على أهيمة البعد عن "التهويل والتهوين" فيما يتعلق بالمحتوى والمضمون بل والأداء الإعلامي، وأن الوقوع في أحد هذين الأمرين يضرب في العمق وفي الصميم الأمن الوطني والقومي لمصر، وهو ما يفرض أعباءًا وتحديات وبالتالي مسئولية ليس فقط على الإعلامي الذي يقدِّم المادة العلمية "أي المذيع"، بل على المُعدين، والمحررين والمصورين والمخرجين وجميع الذين يشاركون في صياغة "الأخبار والتقارير والأحداث الإعلامية".

https://youtu.be/AyfCzom94l8?si=By-D-6BTM0F6Wh4l

لم يتوقف العطاء عند هذا الحد، إنما امتد لشمل اللقاءات والحوارات التلفزيونية حول قضايا الأمن القومي المصري العربي ومستجدات الأحداث الإقليمية والدولية، من خلال الحوار الشامل الذي أجرته مجلة المصور مع الدكتور سمير فرج عما تواجهه مصر من تحديات خطيرة على كافة الإتجاهات والمحاور.

حوار مجلة المصور مع اللواء الدكتور سمير فرج

كذلك لقاء خاص مع الكاتب الكوري الجنوبي "شو بنج يو " الموجود في القاهرة، الذي قام بتأليف كتاب عن مصر والرئيس السيسي  بمناسبة مرور ٣٠ عام عن العلاقات المصرية الكورية، بتكليف رسمي من الحكومة الكورية الجنوبية.

الدكتورة فاطمة مصطفى: أناشد الحكومة المصرية تطوِّل بالها شويِّة على السودانيين. (الجزء الثالث والأخير)

حوار أجرته الدكتورة صباح منسي

تحرير وإخراج د. مدحت حماد

بداية تتقدم أسرة التحرير للسادة للدكتورة فاطمة مصطفى رئيس جمعية زينب السودانية، بجزيل الشكر والتقدير على موافقتها إجراء هذا الحوار معها الذي يعد الحوار الأول من نوعه في المواقع والمراكز الإخبارية بل وفي الصحف ووسائل الإعلام المصرية. إن أجمل ما في هذا الحوار أنه قام على الصدق والحب والصراحة والوضوح رغم الألم والأنين الذي تكابده الدكتورة فاطمة، كسيدة وكأم سودانية، تعيش مع ملايين النساء السودانيات تداعيات وأحوال وظروف معيشية واجتماعية خطيرة جرَّاء حرب لم يشاركن في صنعها، ولم يشاركن في قرار إشعالها ولم ولم ... الحقيقة أن هذا الحوار يعد بمثابة شهادة حقيقية على العصر، وهو بمثابة وثيقة تاريخية بكل معنى الكلمة. كما تتقدم أسرة التحرير بجزيل الشكر للدكتورة صباح منسى، منسِّق التحرير لموقع مركز الفارابي على ما بذلته من جهد في الإعداد وتنفيذ وكتابة هذا الحوار، الذي يعد الحوار الاستقصائي الأول الذي يقوم به مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية. إليكم الجزء الثالث والأخير من الحوار .

إلى أين يتجه السودان؟

"استاذة فاطمة في ظل كل ما يحدث في السودان، ندعو الله أن يعود الامن والأمان للمواطن السوداني، وأن تنتهي الصراعات وينعم الجميع بوطن آمن، من وجه نظر حضرتك كواحدة من قادة المجتمع المدني السوداني بصفة عامة، وكمسئولة عن "منظمة نسائية" بصفة خاصة، إلى أين يتجه السودان؟

دكتورة صباح منسي تحاور الدكتورة فاطمة مصطفى

ج: سؤال صعب وشديد، بالمعطيات الموجودة إذا كان هذا السؤال قبل 15 اغسطس وهو توقيت بدء المحادثات في جنيف.. احنا كنا _كسودانيين خارج وداخل السودان_ كان لدينا أمل كبير في تغيير الوضع ونهاية الحرب بالتوافق حتى يعود السودانيين لبلادهم، حتى لو في دمار، كنا على استعداد نُقيم الخِيَم ونعيش بها على أرض وطننا بدون صراع وقتال، كتير من النساء اللاتي حضرن الندوة السابقة اظهرن أنهن في حالة اكتئاب وأصابهن الإحباط الشديد بعد محادثات جنيف حتى أنهن كُنَّ يذكُرنَ أنهن بدَأن في تجهيز شنطهم للعودة إلى أرض الوطن على أي شكل يكون عليه بدون صراع.. وكان لديهن امل كبير في تلك المفاوضات لوقف الصراع.. ليعود الجميع إلى أرض الوطن لكن للأسف ضاعت الامل مع خيبة المفاوضات، أنا أملي أن الصراع ينتهي ويعود الجميع، للأسف يتكلمون فى جنيف عن ممرات آمنة!! لكن كيف تفتح الممرات في ظل هذا الصراع الدائر والموت في كل مكان؟؟

بعد فشل مفاوضات جنيف اصابنا جميعا اليأس والاحباط

حتى نستطيع نحن من خلال المنظمات الداخلية تقديم مساعدة، ينقصنا الدعم المادي الذي يمكنا من الانتقال وتقديم الدعم المباشر وحل المشاكل، لكن الجهات العالمية لا توفر لنا الدعم ولذلك ليس لدينا حتى الامل في أن الوضع يمكن أن يتغير للأفضل للشعب السوداني، ويعود النازحين واللاجئين إلى أراضيهم أصبحنا لدينا تشاؤم في فكرة إمكانية العودة للوطن لأنه بعد فشل مفاوضات جنيف اصابنا جميعا اليأس والاحباط والواضح أنه ما في حل جزري للموضوع بل بعد محادثات 15 اغسطس زادت للأسف وتيرة الحرب والقصف أكتر من الأول، بحيث أن كل طرف يعلّي على الآخر في الضرب حتى يحصل على مكاسب، للأسف على حساب  أرواح وأجساد وحياة السودانيين. زيادة على ذلك، بدأ يظهر اعراض تأخذ منحي "قَبَلي" بالذات في المؤتمر الوطني، اشتغلوا بشكل كبير على أن يظهر الصراع كانه حرب قبلية، لتكون حرب أهلية، وتحدث الفوضى الخلاَّقة كاملة في السودان. لكن كان فيه بعض من المقاومة البسيطة، في نفس الأيام كان في كلام عن وجود نزعات قبلية توضح وقوف بعض القبائل الفلانية، بجانب الدعم السريع للأسف وأخرى لدعم الآخر وكان في كلام كتير في هذا الشأن. للأسف أنا متألمة بعد ما كان الواحد عنده أمل في الحل، ووقف الصراع وعودة النازحين واللاجئين، احنا كسودانيين خارج وداخل السودان لدينا احباط كبير وخائفين تحدث الحرب الاهلية والفوضى الخلاقة لتكون فيها نهاية السودان لا قدر الله.

التغيير الديمغرافي يتعرض له السودان منذ 30 سنة

س: استاذه فاطمة هل يتعرض السودان إلى عملية تغيير ديموغرافي بمعني هل هناك دخول لقبائل وتجمعات بشرية من دول افريقية أخرى لتستوطن مناطق داخل السودان مكان السودانيين؟ وهل يتم اجبار السودانيين على النزوح وتركيزهم فى المدن والقرى يتم بناءًا على أصول وجذور عرقيه ودينيه؟؟ وهل يعتبر هذا تمهيد لتقسيم السودان مرة أخرى؟

ج: للأسف الشديد التغيير الديمغرافي يتعرض له السودان منذ 30 سنة لأنه خلال الحكومة الماضية لعمر البشير، حصل بيع كتير للجنسية السودانية، ودخلت أعداد كثيرة من دول ومناطق مختلفة قريبة مثل اريتريا، ومن دول بعيدة مثل سوريا، وكان من السهل جدًا حصولهم على الجنسية السودانية. وقد دخلت قبائل كاملة الى غرب السودان من مناطق افريقيا الوسطي ومن النيجر لكن الناس تتحدث الآن أن الميلشيات تستعين بقوات من افريقيا الوسطي من مالي ومن النيجر وتشاد وهذا تهديد خطير  للتركيبة السكانية بالسودان وتهديد خطير  للشعب السوداني، ونحن نشعر بهذه الكارثة التي تهدِّد وجود السودان وتركيبته الديموغرافية منذ حكم البشير وجماعة الإخوان، نعم رصدنا ذلك التغيير الديموغرافي بدخول اعداد كبيرة من دول الجوار واعطائهم الجنسية السودانية خصوصا اثناء الانتخابات حيث كان يتم احضار كثيرين من اريتريا وأعطائهم الجنسية مقابل أن يقوموا بالتصويت فى الانتخابات لصالح البشير وحزبه.. ومع الوضع الحالي مع الصراع الدموي والفوضى زاد ذلك كثيرا وقامت الميلشيات لدى الطرفين بإحضار إرهابيين من داعش وكل التنظيمات الارهابية الاجنبية ليقاتلوا بجانبهم، نعم هناك عملية تغيير ديموغرافي كبيرة وخطيرة تمت وجارى استكمالها فى السودان وهو ما يهدد وجود السودان نفسه.

هناك اغاثات تأتي للسودان، لكنها تذهب لدول الجوار ولا تصل للمستحقين من أبناء السودان داخل السودان!!

س: استاذة فاطمة حضرتك كرائده من رواد المجتمع المدني ماهي اشكال الدعم الذي يحتاجه السودان من المجتمع العالمي بصفة عامة؟ ومن الوطن العربي بصفة خاصة وتحديدا من مصر؟

ج: والله نحن نحتاج الدعم المعنوي في الاساس.. واشقائنا العرب ما قصروا، وقفوا معنا بالإضافة إلى الدول التي وضعها المادي جيد من دول الخليج ما قصروا، لكننا نحتاج دعم مادي للمنظمات التي تعمل على أرض الواقع لأن الكارثة كبيرة جدًا، هناك مساعدات تصل الى ميناء بورسودان، لكن فى ظل الفوضى الحالية فى السودان، معظم هذه المساعدات لا تصل الى مستحقيها للأسف. لقد تحدث كثير من الناس عن اغاثات تأتي للسودان، لكنها تذهب لدول الجوار، لا تصل للمستحقين من أبناء السودان داخل السودان، لهذا اتمنى تحويل هذه المساعدات إلى موارد مالية للمنظمات التي تعمل داخل السودان او للمنظمات الدولية التي تعمل داخل السودان وتقوم بإغاثة الناس، كذلك اتمنى تقوية المبادرات المجتمعية والمنظمات النسوية التي تشتغل في أرض الواقع رغم أن امكانيتها ضعيفة لكنها تقوم بعمل كبير على قدر المستطاع، فإذا توفر لها الدعم المادي فسيكون الأداء أفضل وأكبر بكثير. اللاجئين برَّه السودان ظروفهم صعبة كتير ما في أي موارد مادية للمنظمات التي تعمل معهم أتمنى من الدول العربية اللي حالتها المادية مرتفعة وعندهم موارد جيدة _ربنا يزيدهم_ الاهتمام بتقديم الدعم المادي لعملية الإغاثة، حتى تصل لمستحقيها عن طريق المنظمات التي تعمل في أرض الواقع وأيضا للمنظمات الدولية التي تعمل داخل السودان بزيادة مواردهم المادية حتى يستطيعوا تقديم الاغاثة لمستحقيها.

أناشد الحكومة المصرية تطوِّل بالها شويِّة على السودانيين

اما بالنسبة لمصر.. فنحن حمِّلنا عليها الكثير، بالمناسبة دي ومن خلال مركز الفارابي، بشكر حكومة مصر على استضافة هذه الأعداد الكبيرة من السودانيين، أكيد هذا عبئ كبير على مصر وعلى الشعب المصري، خصوصا في ظل وضع اقتصادي عالمي يعاني الكثير من الارتباك وظروف ضاغطة على الجميع، لكن الحمد لله السودانيين في بلدنا التاني مصر في تعامل كويس، ربما يكون هناك مشاكل فردية، لكن ما كل السودانيين وحشين ولا كل المصريين وحشين. أنا عن نفسي بقالي في مصر 3 شهور وأنعم بالأمن والأمان والمعاملة الجيدة والاحترام، بالعكس الكل يرحب ويقول أنتم اخواتنا وعلى راسنا من فوق ونحن مقدرين هذه المعاملة الكريمة. نحن مقدرين موقف مصر، لأننا في السودان كنّا بلد مستضيف لكثير من اللاجئين من كثير من الدول المختلفة من سنيين، مثل اثيوبيا، موجودين معنا. أكرر إن الدول العربية ما قصرت لكن من الناحية المالية بنشوف الدول التي تستطيع أن تساعد بشكل أكبر، اما بالنسبة لمصر فما زال بعض السودانيين يواجهون بعض المشاكل بخصوص الاقامة خصوصًا أنه ما لديهم مال. طبعا مصر من حقها أن تقنِّن الوجود الأجنبي، حتى لو لاجئين، لابد من وجود الأوراق الثبوتية تبع مفوضية اللاجئين، حسب القوانيين الدولية للأمم المتحدة، لكن التقصير جاي من مفوضية اللاجئين أن ما لديها امكانيات لتسجيلهم واعطائهم كارت يثبت موقفهم حتى يدخلوا بأمان، ومن هذا المنبر، أناشد الحكومة المصرية تطوِّل بالها شويِّة على السودانيين، لأنهم لم يختاروا هذا الوضع بأيدهم، فهم اُجبروا أن يصبحوا لاجئين هَربًا بأرواحهم من الموت فى وطنهم. أناشد الحكومة المصرية السماح لهم ببعض الوقت حتى يستطيعوا أن يقننوا وضعهم، ولا يكون هناك ملاحقات لهم حتى يتم استكمال اوراقهم. نحن نسمع عمن تم ترحيلهم، طبعا أي شخص يخرج عن الفانون نحن لا ندافع عنه، ولا نتحمل مسؤوليته ومن حق السلطات المصرية التعامل معه بحزم وفقا للقوانيين الدولية، لكن بالنسبة للمسالمين خصوصًا من النساء والاطفال والشيوخ، أطالب الحكومة المصرية أن تصبر عليهم شوية. أنا اعرف أُسر سودانية كثيرة ما بيخرجوا من شققهم بالشهور لأنهم ما عندهم أوراق ثبوتيه، اخذوا رقم من المفوضية وسوف يتم تسجيلهم بعد 6 شهور، بالتالي هم في خوف من الخروج حتى لا يتم ترحيلهم، وهذا يسبب عبئًا نفسيًا عليهم أكتر مما هم بيعانوا منه، من فقد للبيت والأسرة والوطن. الوضع كتير صعب، لذلك أنا من خلال مركز الفارابي للدراسات بشكر الحكومة المصرية على كل شيء وبناشدهم بطول البال قليلاً على بعض السودانيين حتى ينتهوا من اوراقهم الثبوتية وكل الشكر والتقدير للحكومة المصرية.. ونطلب من واقع مكانتهم الكبيرة محاولة اقناع الاطراف المتصارعة للجلوس للتفاوض من اجل مصلحة السودانيين وعودتهم لأراضيهم ووقف الصراع الدائر بالسودان وربنا يحفظ مصر وشعبها وأرضها.

الإنسان السوداني عنده إيمان قوي وظنه في الله كبير، وأنه هيكشف الغمة عنه.

س: استاذة فاطمة هل حضرتك مستشعرة لأي بارقة أمل في استعادة المجتمع السوداني لعافيته؟

ج: "والله الامل في الله لا ينقطع لأنه يتعلق بالحياة، فأنا عندي أمل كبير، وظني في ربنا خير كبير، وأنه: إنَّ مع العسر يسرا، وأن الشعب السوداني سيتجاوز المحنة هذه. الحقيقة أنا مندهشة فالسودان في ظل تلك الظروف الصعبة من الصراعات والفقد والفيضانات أنتي لا تتخيلي أد أيه هم بيقولوا الحمد لله، في كل وقت، ما في جزع أو سخط على الوضع، الإنسان السوداني عنده إيمان قوي وظنه في الله كبير، وأنه هيكشف الغمة عنه، واكيد ربنا ما هيتخلى عنا أبدا. كل هذه المعناة حكمة من ربنا، وأن شاء الله تكون سبب في توحيد السودان، وأنه الإنسان السوداني يبني بلده من جديد وينعم بخيرها وهذا أمل كبير في ربنا.

في نهاية حديثنا استاذة فاطمة نتمنى كل الأمن والأمان للسودان وللشعب السوداني، وعودة المواطن السوداني لأرضة العزيزة بعزة وكرامة وحرية في ظل وضع وحكومة ترعى مصالح الشعب قبل كل شيء وأرجوا من الله أن تنتهي هذه الغمة ويتم وقف الصراع القائم بأسرع وقت، وطبعا الدولة المصرية والشعب المصري يقف بجانب السودان بكل الدعم  والمساندة، مرحب بكم في بلدكم الثانية مصر، واتمني أن تصل كل كلمات حضرتك التي خرجت من القلب بكل الالم والامل ..إلى كل مسئول يستطيع أن يقدم خدمة سواء في الداخل أو الخارج وأعتقد أن الحكومة المصرية لا تتوقف عن أي دعم للمحافظة على توحيد أرض السودان وعودة مواطنيها  لأن الشعبين السوداني والمصري إخوة. شرفنا بوجودنا مع حضرتك استاذة فاطمة.

حفظ الله مصر والسودان وشعبهما.

مراجعة لغوية للحوار: أ. رحمة رجب بسيوني

اللواء الدكتور سمير فرج يروي: قصة حرب أكتوبر من خلال مناظرتي مع شارون في محطة الـBBC في لندن (الحلقة الثالثة)

توقفنا في مقالي العدد الماضي، عندما عبرت القوات المصرية قناة السويس، واقتحمت خط بارليف، وكان نجاح حائط الصواريخ المصري سببا في نجاح العبور، ونجحت القوات المصرية في إنشاء خمس رؤوس كباري شرق القناة، وفشلت جميع الهجمات المضادة الإسرائيلية في تدمير القوات المسلحة المصرية شرق القناة، وأصبح لمصر حوالي 250 الف مقاتل على الضفة الشرقية للقناة.
حتى هذا الموقف كانت الخطة المصرية قد حصلت على تقدير ٤ نقاط في المناظرة من لجنة التحكيم من معهد الدراسات الاستراتيجية بينما لم تحصل الخطة الإسرائيلية على أي نقاط، بعدها تابعت عرض تفاصيل كثيرة عن تخطيط العبور والتنظيم الرائع لجهود القوات المصرية وكيف تم تنفيذ خطة الخداع وتحقيق المفاجأة والتغلب على الساتر الترابي إلخ.. لذا حصلت الخطة المصرية على نقطتين إضافيتين عن مرحلة إدارة القتال في رأس الكوبرى حتى يوم ١٥ أكتوبر ۱۹۷۳ ليصل عدد النقاط إلى ٦ نقاط بينما لم تحصل الخطة الإسرائيلية على أي نقاط. وأكد معهد الدراسات الاستراتيجية على أن الخطة الدفاعية الإسرائيلية المبنية على خط بارليف كانت خطة ذات مفهوم دفاعی غیر متزن، وافتقدت عدم بناء الأنساق والخطوط الدفاعية المتتالية سواء بالاحتياطيات أو المواقع الدفاعية، وسمحت للقوات المصرية بكل سهولة أن تقتحم القناة وتنشئ رؤوس الكبارى وأن هذه النقاط الحصينة في خط بارليف لم تؤد أي دور دفاعي لها خاصة أنه لم يكن هناك أي تعاون نيراني أو تكتيكي بين نقاط خط بارليف ولذلك عندما اقتحم المصريون القناة .. تم عزل نقاط خط بارليف وتهاوت هذه النقاط في ساعات أو استسلمت وشبه خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية IISS على الهواء أن ما حدث من سقوط لخط بارليف هو بالضبط ما حدث من سقوط لخط ماجينو في الدفاعات الفرنسية في بداية الحرب العالمية الثانية وإن اختلف الأسلوب. حيث ان القوات المصرية هاجمت خط بارليف بالفعل وبالمواجهة بينما القوات الألمانية لم تهاجم خط ماجينو والتفت حوله من خلال جبال الأردين في بلجيكا
بعد ذلك جاء استعراض مرحلة تطوير الهجوم المصري بالقوات المدرعة للوصول إلى خط المضايق في سيناء لتخفيف الضغط على القوات السورية في جبهة الجولان ولقد فقدت الخطة المصرية في هذا العرض من المناظرة نقطتين، وعلق أساتذة معهد الدراسات الاستراتيجية على خطة التطوير المصرية، بنفس التعليق الكلاسيكي الذي يدرس في كل المعاهد العسكرية في العالم لكل القادة.. لا تدع السياسي يجبرك على القيام يعمل عسكري ما دمت غير قادر على تنفيذه.. أو غير مقتنع به أو أنه خارج التخطيط المسبق للعمليات وهو أحد الدروس الهامة التي أكدتها حرب ۷۳ وهو الا يجب ان يجبر السياسيين القادة العسكريين على ايجاد الحل السياسي بتنفيذ عمل عسكري غير مستعدون له ووهنا كسبت الخطة الإسرائيلية أول نقطتين في المناظرة بعد نجاحها في ايقاف تطوير الهجوم المصري خارج راس الكوبري حيث نجحت في إيقاف تقدم اللواءات المدرعة المصرية نحو منطقة المضايق.

وبدأنا في المرحلة الأخيرة من المناظرة التي اعتقد أن أرييل شارون دخل هذه المناظرة في التليفزيون البريطاني على الهواء من أجلها ليستعرض ما قام به في عملية الثغرة غرب القناة واستعرض شارون الانهيار الذي كانت عليه الجبهة الدفاعية الإسرائيلية في سيناء وهي التي دفعت موشيه ديان ليعلن هزيمة إسرائيل يوم 9 أكتوبر، وبدأت إسرائيل في طلب إمدادات عاجلة من الأسلحة والمعدات من الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت في إرسال الإمدادات من خلال جسر جوى عاجل إلى إسرائيل، وطلبت إسرائيل من الولايات المتحدة، طبقا لما ذكره شارون أن تصل هذه الأسلحة والمعدات مباشرة إلى مطار العريش في سيناء لأن الجبهة في الجولان كانت قد تم الانتهاء منها أما الجبهة الإسرائيلية في سيناء فكانت منهارة تماماً.

هنا نالت القوات الإسرائيلية نقطة في تلك المرحلة حيث انها نفذت خطة سرعة التدخل ضد القوات السورية في هضبة الجولان ثم الانتهاء منها والتحول نحو جبهة قناة السويس. وأضاف شارون أنه طلب على وجه التحديد الصواريخ المضادة للدبابات من الجيل الجديد من طراز ..TOW ذات الدقة العالية في تدمير الدبابات وهو تطوير للجيل القديم «المالوتيكا» الروسى الذي كانت تستخدمه القوات المصرية، وفعلاً وصلت إلى العريش يوم 13 أكتوبر أول دفعة من المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات، ولم تكن جديدة من المخازن ولكن تم سحبها من الوحدات المقاتلة الأمريكية العاملة في ألمانيا. وجرى تطقيمها بأفراد من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم ضمن خطة الاستدعاء الإسرائيلية وأسند لقيادة هذه القوة ملازم أول احتياط إسرائيلي اسمه «جوفي» أو ما أطلق عليه في المناظرة الملازم Joffy
وبدأ شارون في هذه المرحلة يشرح خطته لاختراق رأس الكوبرى في الدفاعات المصرية للوصول إلى غرب القناة، ليندفع إلى عمق الدفاعات المصرية.. مطبقاً نظرية ليدل هارت، أي الاقتراب غير المباشر Indirect Approach و هي نفس النظرية التي كان يطبقها روميل في الصحراء الغربية، وأيضاً طبقها الجيش الألماني في اختراق الدفاعات الفرنسية على خط ماجينو في الحرب العالمية الثانية بتجنب الهجوم على دفاعات خط ماجينو والاختراق من اتجاه غابات الأردين في بلجيكا وبعدها انهارت الدفاعات الفرنسية تماماً.

وشرح شارون هذا الفكر وأنه بدأ التطبيق بمحاولة اختراق الجانب الأيمن للجيش الثاني، الذي كانت تؤمنه الفرقة ١٦ مشاة وذكر أنه هاجم بشراسة لمدة 3 أيام هذه المواقع التي عرفت باسم «معركة المزرعة الصينية وقاد هذا الهجوم الجنرال أدان، والجنرال ماجن. ويقول شارون: إنه استخدم كافة الوسائل والقوات والأساليب وأن نيران المدفعية الإسرائيلية ظلت تقصف هذه المواقع المصرية بلا توقف ليومين كاملين وتم الهجوم على هذه القوات المصرية بالقوات المدرعة وبوحدات المظلات الإسرائيلية التي هي أرقى الوحدات القتالية الإسرائيلية تدريباً وكفاءة وفشلت كل هذه الهجمات الإسرائيلية أمام صلابة الكتائب الأمامية للفرقة ١٦ في معركة المزرعة الصينية. وإذا كان لنا من تعليق، فإنه يجب الإشارة إلى أن قائدي كتائب المشاة التي أوقفتا هذا الهجوم لمدة 3 أيام كاملة كانا المقدم محمد حسين طنطاوى، والمقدم أحمد إسماعيل عطية، وأتذكر أنه في إحدى زيارات الجنرال شارون بعد عدة سنوات لمصر في زيارة رسمية. عندما علم أن القائد المصرى في معركة المزرعة الصينية كان المشير طنطاوى وزير الدفاع المصرى طلب شارون أن يلتقى بالمشير طنطاوى ولكن على حد علمى فإن المشير طنطاوى اعتذر عن مقابلته ولم يقابله، حتى إن شارون عندما علم بالرد الدبلوماسي لرفض المشير طنطاوى قال بالحرف الواحد: "لقد كنت أريد أن أقابل قائداً شجاعاً قاتلني بشراسة".
وفي العدد القادم نستكمل معا ماذا حدث عندما فشل شارون في اختراق رأس الكوبري في المزرعة الصينية

اللواء الدكتور سمير فرج: أولى مفاتيح النصر في حرب أكتوبر 73؟

ونحن نقترب من آخر أيام شهر أكتوبر العظيم، الذي تحتفل مصر، وشعبها، وجيشها ،بأغلى انتصاراتها، في العصر الحديث، وهو نصر يوم السادس من أكتوبر 1973 أو نصر العاشر من رمضان، أو نصر عيد الغفران (Yom Kippur War)، كما تطلق عليه إسرائيل.
قبل بداية الحرب ، التقى الرئيس الراحل أنور السادات، في برج العرب، في صيف 1973، مع المشير أحمد إسماعيل، ورئيس هيئة العمليات، وبعض من ضباط التخطيط في هيئة العمليات، لكي يطلع معهم على اللمسات الأخيرة لخطة العبور، حيث كان سيجتمع بعدها بأيام مع الرئيس حافظ الأسد لوضع التنسيق النهائي للحرب.

محمد حافظ اسماعيل مستشار الأمن القومي للرئيس السادات

ويومها وخلال مناقشة الخطة، تحدث العقيد أحمد نبيه، الذي كان مسئولًا عن خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي، وخلال عرضه لخطة الخداع، قال للرئيس السادات: "نريد أن نستغل حضرتك في خطة الخداع"، وابتسم الرئيس السادات، وقال له: "قول يا سيدي" وقال العقيد أحمد نبيه "يا فندم عايزين نبعت رسالة لإسرائيل، وبالذات لجولدا مائير إننا مش هنحارب"، وضحك الرئيس السادات، وقاله "دي ست داهية" ثم استكمل احمد نبيه "نقولها إحنا مش هنحارب".
وعرض العقيد أحمد نبيه فكرته أن الرئيس السادات يُمكن أن يرسل محمد حافظ إسماعيل، مستشاره للدفاع والأمن القومي، لمقابلة هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، وهو اليهودي الصهيوني المتعصب الذي يعشق إسرائيل، ويكره العرب، ليطلب منه أن يساعد مصر في إيجاد حل للمشكلة، ويبلغه اننا في ست سنوات كاملة في حالة أطلق عليها المصريون: حالة اللا سلم واللا حرب، وأن الرئيس السادات يقول إن الروس خدعوه، ورفضوا إمداد مصر بالأسلحة الهجومية، ومن هنا قرر الرئيس السادات طرد الخبراء الروس من مصر، ولم يتبقى لنا غيركم أنتم الأمريكان نريد حلا يا سيادة وزير الخارجية.
واستطرد نبيه قائلا "وأعتقد يا سيادة الرئيس، أن كيسنجر سوف يتصل على الفور برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير اليهودية وسوف يخبرها بعدم نية المصريين للهجوم لهذه الأسباب، وبالطبع سوف تصدقه جولدا مائير". بالفعل وافق الرئيس السادات، وقام محمد حافظ إسماعيل بالاتصال بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، يطلب تحديد موعد، وقابله في فرنسا، وتم اللقاء كما كان مخططًا من قبل، ويومها قال كيسنجر: "أعطوني بعض الوقت لأجد حلاً لهذه القضية". وكان رد محمد حافظ إسماعيل: "أنت قادر على الحل لقد نجحت في إخراج الأمريكان من مستنقع فيتنام وحصلت بذلك على جائزة نوبل للسلام، أرجوك، نريد حلا، لكي تأخذ جائزة نوبل الثانية، وأن تحقق السلام بين مصر وإسرائيل"، وابتسم هنا كيسنجر، ابتسامة غرور، وعاد حافظ إسماعيل إلى مصر.

الرئيس السادات وهنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكة الأسبق

في الفيلم التي أنتجته هوليود ليكون قصة حقيقية لحياة جولدا مائير فلقد عرض الفيلم أحداث يوم 6 من أكتوبر. وفي اجتماع مجلس الحرب لوزراء إسرائيل وفي الساعة العاشرة صباحا، طلب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من جولدا مائيلر قيام إسرائيل بتنفيذ ضربة استباقية ضد قوات الجيش المصري، في منطقة غرب القناة لمنع مصر من القيام بالهجوم واقتحام قناة السويس، وهنا قالت جولدا مائير: "ألم يقم المصريين بتنفيذ مثل هذا التجميع والحشد مرتين في الشهور السابقة وتكبدنا خسائر كبيرة في استدعاء الاحتياط. وفي كل مرة، لم يحدث شيء. ولو أن هذه المرة، انا متأكدة أنهم لن يستطيعوا الهجوم علينا".
وقالت "إن هنري كيسنجر صديقي، وصديق إسرائيل أبلغنا أن مصر غير قادرة على الهجوم، وأن الروس رفضوا إعطائهم سلاح هجومي واستطردت يا سيدي رئيس الأركان: أنت تعلم أن حتى الطائرات المصرية الميج 21 والسوخوي هي صناعة روسية في الخمسينات، لن تستطيع أن تفعل شيئا أمام طائراتنا الحديثة الأمريكية من سكاي هوك، والفانتوم، أنا أثق في كسينجر أكثر مما أثق في نفسي، لقد أكد لنا المصريين، لن يهجموا أبدا، وما يفعلونه الآن، هي محاولات الضغط علينا، عند إجراء المفاوضات القادمة". وهنا سألت جولدا مائير وزير، الدفاع الإسرائيلي موشي ديان، "ما رأيك؟" وكان رد موشى ديان: "أوفقك على رأيك أن المصريين لن يهجموا، ولا داعي لهذه الضربة المسبقة".
كان ذلك في العاشرة صباحا، واستمر الاجتماع حتى الثانية ظهرا ليسمع مجلس الوزراء الإسرائيلي صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب، وتطلب "جولدا مائير"من الجميع النزول إلى مخبأ الحرب، ويبدو الذهول على ووجه، جولدا في الفيلم، وهي غير مصدقة، وتقول ماذا حدث؟ إن كسنجر لا يكذب أبد.
وهكذا نجحت مصر في خداع إسرائيل عن بدء الحرب يوم 6 من أكتوبر، مع غيرها من الإجراءات التي قامت بها، مثل فتح باب العمرة للضباط وعائلاتهم في شهر رمضان، كذلك تسريح دفعات رديف من الجنود في أول شهر أكتوبر، والتخطيط لزيارة وزير الدفاع المصري لأحد الدول الصديقة، وهي زيارة بالطبع لم تتم، ولكن كل هذه الإجراءات أقنعت إسرائيل أن مصر لن تحارب.
وبمتابعة احداث فيلم جولدا مائير، نجد أن من أجمل اللقطات في ذلك الفيلم "أنه بعد حرب أكتوبر 1973 عقدت لجنة اجرانات لمحاسبة المقصرين في الحرب وفيها ظهرت جولدا مائير وهي تُحاسب حيث تم سؤالها لماذا لم تنفذي الضربة الاستباقية التي طلبها رئيس الأركان؟ وكانت الإجابة ان موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وافقها الرأي.

جولدمئير رئيسة وزراء إسرائيل في حرب أكتوبر

لذلك كانت خطة الخداع أحد مفاتيح نصر أكتوبر 1973.

https://youtu.be/fHgtzvfuLc4?si=kwhwa5D0_2a30Os5

الكاتبة البحرينية هالة فردان تحكي قصة “أسير مصر”

مصر وما أدراك ما مصر، لم يطلق على مصر أم الدنيا عبثاً، فكل من يزورها يبقى أسير نهر النيل، وحيّ الحسين، وشوارعها المكتظة بالناس، ومبانيها العريقة وأحيائها المخلّدة في ذكرياتنا، وناسها البسيطة.

منذ عامين فقدت الاتصال بأحد أصدقائي هو الفنان مصطفى الحلواجي الفنان التشكيلي، عندما أفتقده، كنت غالباً أعرف أنني سأجده مُعلّقاً عند أحد الجدران الشاهقة، يخط عليه بأنامله السحرية حروفاً عربيةً تقول أكثر مما تُظهر، أو إنه يقف أمام حائط أو سور منزل يرسم عليه ملامح تلك الوجوه العابرة التي يصادفها، والتي تأبى أن تُفارق ذاكرته فيقرّر رسمها لتغادر مخيّلته بسلام.

الفنان مصطفى الحلواجي

مضى عامان من الزمن، واختفى صديقي

كنت كلما مررت عند جدار يحمل توقيعه أتساءل أين اختفى؟ ولِأنَّ الإجابات دائماً تَظهر عندما نسأل، تشاء الصُدف أن أراه جالساً عند إحدى الحدائق يُمسك كوباً من الشاي، ويتأمل السماء، أكاد أجزم بأنه يتساءل في مخيلته الآن: كيف يستطيع أن يلوّن تلك الغيوم البيضاء.

أوقفت سيارتي جانباً ونزلت مسرعةً أحيّيه، جلسنا نتحدث مطوّلاً، سألته مستغربة، أين كنت؟ قال ببساطة: كنت في الأسَر؟ ملامح الصدمة التي علت وجهي عند سماع كلمة "أَسر"، رَسَمَت إبتسامة على شفتيه، استدَرَك الأمر مُسرِعاً وقال: لا تخافي كنت في مصر.

كان في مصر، ذهب للمشاركة في معرض فني لمدة شهرين، وعاد بعد عامين! قال يحدثني: إنها مصر، أم الدنيا، بوابة أفريقيا، مصر الحضارة والتاريخ والثقافة. أسرتني، لم أستطع المغادرة. في مصر سحر غريب يجعل من يزورها يبقى أسيرها وإن عاد، تحدّث كثيراً. حكى لي عن تلك الشوارع والناس، عن الطعام والشراب والفن، عن مجالس الثقافة وحكمة البسطاء، تحدّث وكأنه يحكي قصة حُبّ.

إنها مصر التي استقبلته بقلبها المفتوح، وهو الفنان البحريني الذي قصدها ليشكّل فيها لوحات فنية بنكهة بحرينية فريدة من نوعها، في مصر فُتحت له الأبواب، ليس أبواب مصر وحدها، بل أبواب أفريقيا، «كما هم شعب البحرين طيبون وبسيطون، كما هو شعبها» قال لي: «لم أشعر يوماً هناك أنني في غير داري، أو أنني غريب، كانت الابتسامة ترتسم على الوجوه ما إن أقول إنني من البحرين».

«نعم، غريبة هي مصر!»

قلت في نفسي، لم أجد أحداً زارها قط وقال عكس ذلك، إنها الدولة التي نشرت نكهة ثقافية في كل الدول العربية، إنها مصر التي غزت أفلامها وثقافتها بيوت الوطن العربي من المشرق للمغرب، إنها البلد الذي يحتضن كل من يزوره فلا يعود يشعر أنه غادر بلاده، أو أنه غريب، بساطة الشعب والمكان تجعلك تألفه وتشعر وكأنك كنت هنا في ما مضى، في كل شارع حكاية، وفي كل حيّ من أحيائها هناك قصة.

إنها مصر أسرت صديقي الفنان، كما أسرت قبله قلوب كل من زارها عربياً كان أو أجنبياً، لها مكانة خاصة في قلوبنا -نحن الخليجيين- بالذات، فلا ننسى كم من معلم مصري ساهم في تشكيل ثقافتنا، وكم من طبيب ومهندس وعامل كان ومازال يبني مَعَنَا،

تحية لك يا مصر، سلاماً لك من أرض دلمون، تحية لكل مُدنك وشوارعك، تحية لنهر النيل ولشعبك الطيّب.

اللواء الدكتور سمير فرج يروي: قصة حرب أكتوبر من خلال مناظرته مع شارون في محطة الـBBC في لندن (الحلقة الثانية)

عرضت في مقالي السابق، كيف وصلت إلى مبنى الـBBC في لندن لكي أبدأ مناظرتي مع الجنرال الإسرائيلي شارون حول حرب أكتوبر 73، التي سيقوم بتحكيمها مجموعة من خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن IISS .
وتوقفت في مقالي السابق عندما تسلمت أسئلة من مقدم البرنامج أدجر آلن حول حرب 73، وكانت أوامر المشير الجمسي وزير الدفاع أنذاك أن أحضر إلى القاهرة لكي أناقش نقاط الرد المصري على هذه الأسئلة مع إدارة المخابرات وهيئة العمليات.

المشير عبد الغني الجمسي

في مقالة اليوم، نعرض بداية المناظرة عندما بدأتُ بشرح خطة العبور المصرية واقتحام خط بارليف.. حيث ركزت تمامًا على أن التخطيط للعملية الهجومية لاقتحام خط بارليف وعبور القناة كان تخطيطاً مصريًا خالصاً، نابعاً عن الفكر العسكري المصري، تم بعد خبرات طويلة في حرب الاستنزاف، وتدريبات شاقة على عمليات العبور في دلتا نهر النيل لمدة 5 سنوات كاملة من عمر حرب الاستنزاف بعد أن استكمل الجيش المصري معداته وأسلحته التي فقدها في حرب ١٩٦٧.

اللواء الدكور سمير فرج

ولقد جاء السؤال سريعاً ومباغتاً من أساتذة معهد الدراسات الإستراتيجية على الهواء مباشرة: كيف كان التخطيط مصريًا (بينما) الذي رأيناه هو أنكم التزمتم بتكتيكات وأساليب القتال في العقيدة السوفيتية عن أعماق المهام القتالية،كالمهمة المباشرة والمهمة التالية؟!! ولحسن الحظ عرضت محطة BBC صورة لميدان القتال _اعتبرته انفراداً في هذا الوقت_ كانت قد حصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك أشرت إلى الخط الذي وصلت إليه القوات المصرية شرق القناة في رأس الكوبرى من فرق المشاة المصرية الخمس، وأوضحت لهم أن "هذه الخطوط التي وصلت إليها قوات رأس الكوبرى" لم تكن مبنية على أساس أعماق المهام كما في العقيدة السوفيتية، إنما تم التخطيط لها على أساس "مدى حماية خط حائط الصواريخ للدفاع الجوي غرب القناة"، فهناك بطاريات للصواريخ في الأمام وأخرى في الخلف، اختلفت مواقعها حسب طبيعة الأرض في البر الغربي الأمر الذي أدى إلى "ألاَّ تتعدى القوات المصرية في رأس الكوبرى" خط حماية حائط الصواريخ، وهو ما أدى إلى حرمان القوات الجوية الإسرائيلية من التدخل نهائياً بأي أعمال قتالية ضد قوات رأس الكوبرى المصرية شرق قناة السويس.

https://www.youtube.com/watch?v=9poG9lAtD0w

وكان خير دليل على ذلك تلك الأوامر الصريحة الواضحة التي صدرت من قائد القوات الجوية الإسرائيلية لقواته الجوية يوم 6 أكتوبر فور عبور قواتنا قناة السويس بعدم الإقتراب من قناة السويس لمسافة ١٥ كيلومتراً، التي كانت بالطبع مدى ونطاق عمل وتغطية حائط الصواريخ المصرية.

من هذا المنطلق تم حرمان الذراع الطويلة للجيش الإسرائيلي (قواته الجوية) من العمل ضد القوات المصرية طوال عملية اقتحام قناة السويس وإنشاء رؤوس الكباري، وهو ما أطلق عليه الخبراء العسكريون في العالم أنذاك: "أن المصريين طبقوا مبدأ جديد في أشكال عمليات القوات الجوية، هو تحييد القوات الجوية المعادية (Neutralizing Enemy Air Forces) وهو أسلوب لم يكن مطبقاً من قبل. الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب أصبح يطبَّق في جميع المراجع العسكرية في العالم الآن مصحوبًا بشرح مفادة: "أن ذلك هو ما نفذته القوات المصرية في حرب ٧٣".
ولقد عرضت خطة العبور واقتحام خط بارليف بالتفصيل وكيف أن القوات المسلحة المصرية أقتحمت قناة السويس بخمس فرق مشاة مترجلة على مواجهة واسعة، وأن ذلك القرار أربك حسابات وتقديرات القوات الإسرائيلية، حيث وقفت الاحتياطيات المدرعة الإسرائيلية عاجزة عن القيام بالهجمات المضادة ضد قوات رؤوس الكباري المصرية في انتظار تحديد المجهود الرئيسي لهذه القوات وذلك طبقاً لخطة الدفاع المتحرك التي كانت إسرائيل تطبقها للدفاع عن سيناء. كذلك أشرتُ إلى أن "خطة الدفاع الإسرائيلية التي أعتمدت على نقاط خط بارليف القوية ومعها إحتياطيات على أعماق متعددة فقدت الاتزان الدفاعي ووقفت عاجزة أمام مفاجأة هجوم الخمس فرق"، على مواجهة واسعة وعدم قدرة القوات الجوية الإسرائيلية على تقديم أي معاونة للاحتياطيات المدرعة الإسرائيلية.
وأنه عندما قامت الاحتياطيات الإسرائيلية لخط بارليف بالهجمات المضادة، كانت ضعيفة ومبعثرة وتحطمت أمام الخطة المصرية الرائعة المضادة للدبابات التي نفذتها لأول مرة في التاريخ عناصر مشاة مترجلة دون دعم من دبابات التعاون الوثيق التي لم تكن قد وصلت لرؤوس الكباري إلا في اليوم التالي بعد تشغيل الكباري (أي في الأحد 7أكتوبر73).
جاء تعليق أساتذة معهد الدراسات الاستراتيجية: أن وقوف القوات المصرية وتعزيز رؤوس الكباري تحت مظلة صواريخ الدفاع الجوي المصري، حرم الإسرائيليين من تنفيذ خطتهم الدفاعية بإسلوب الدفاع المتحرك Mobile Defense من استدراج القوات المصرية إلى مناطق احتواء وقتل لتدميرها في العمق، ولذلك جاء إعلان موشيه ديان وجولدا مائير يوم 9 أكتوبر ۱۹۷۳ بهزيمة إسرائيل، بمثابة "اعتراف كبير" بتفوق التخطيط المصري في المرحلة الإفتتاحية من الحرب علاوة على الأداء المتميز لتنفيذ هذا التخطيط.

وفي عام 1974 عقدت مجموعة Pentagon Office of Net Assessment، الذي كان قد أنشئ عام 1973 في البنتاجون لتطوير مفاهيم القتال بخبره حرب ۷۳ سواء من الجانب المصري أو الإسرائيلي، ولقد خرجت الدراسات التي أقامتها مجموعة Pentagon Office of Net Assessment بخلاصة: "أن المصريين نجحوا في افشال خطة الدفاع المتحرك التي يجب تطويرها لأنها أساس العقيدة الدفاعية في حلف الناتو". لهذا فبعد عام كامل من عمل هذه المجموعة تم تطوير فكر الدفاع المتحرك في العقيدة الغربية لتكون نظام Active Defense اعبارًا من عام 1975.

https://www.youtube.com/watch?v=ISIB-e3mGAw

لقد تغيَّر هذا المفهوم بسبب ما حققه المصريون في حرب أكتوبر ٧٣، لذلك اندفع شارون ليقول إنه لطالما عارض الجنرال بارليف، وعارض خطته للدفاع عن قناة السويس وبناء هذا الخط الذي وصفه بأنه مثل الجبن السويسري ذو الثقوب. وأن إسرائيل دفعت الثمن باهظاً عندما لم تستمع لرأيه حول تنظيم الدفاعات في سيناء واختارت أن تنفذ خطة الجنرال بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك.

وقبل أن أنطلق بالرد، تولى أستاذ من معهد الدراسات الاستراتيجية التعليق الرد بنفسه قائلاً: سيادة الجنرال، لقد أشبعتمونا فكراً وأراءً ونظريات بعد حرب ١٩٦٧، نظراً إلى خبراتكم وتطبيقكم هذه النظريات التي حققت النصر عام ١٩٦٧، والآن نسمع أن كل هذه المفاهيم والنظريات الإسرائيلية خاطئة، أعتقد سيادة الجنرال شارون أن ما فعله المصريون كان رداً عملياً على أن هذه النظريات، وأنها لم تكن دقيقة أو صحيحة.

ويبدو أن الجنرال شارون أعجبه هذا التحليل من معهد الدراسات الاستراتيجية الذي يدين الخطة الدفاعية الإسرائيلية شرق القناة، حيث قرر استغلال ذلك كله لصالحه الشخصي، ليقول: إنه من ذلك المنطلق وبعد إعلان موشيه ديان ومائير هزيمة إسرائيل جاء هو المنقذ، لينفذ عملية (الغزالة) ويبدأ في التفكير في ثغرة الدفرسوار.
ولقد نال حائط الصواريخ المصري استحسان لجنة معهد الدراسات الإستراتيجية حيث أكدت اللجنة في حوارها أنه لولا وجود حائط الصواريخ لما نجحت القوات المصرية في بناء الكباري وتحت سترها ثم عبور المدرعات والمدفعية الى شرق القناه.

في الحلقة القادمة نستكمل معًا قصة عبور القناة وتدمير خط بارليف ضمن مناظرتي مع أرييل شارون على قناة الـBBC.

أسبوع الخير للواء الدكتور سمير فرج

تقرير كتبه/ الدكتور مدحت حماد

لأن شهر أكتوبر أصبح منذ نصف قرن هو شهر الخير بالنسة للمصريين، ولأن مصر لازالت ترتوي من دماء وعرق رجالاتها الذين كتب الله لهم شرف المشاركة في صناعة النصر العظيم، ولأن الله أراد لنا أن يطول ويمتد عمر بعض هؤلاء الرجال حتى نعيشهم عن قرب، ونرتوي من خبراتهم ونستنير من بصائرهم، ونستقوى بنصائحم وتجاربهم، كان الأسبوع الماضي هو "أسبوع الخير" بالنسبة للكثير من المصرين بصفة عامة، وسيادة اللواء الدكتور سمير فرج بصفة خاصة.

خلال هذا الأسبوع تشرفت ثلاث مؤسسات نوعية مصرية وطنية باستضافة سيادة اللواء الدكتور سمير فرج للمشاركة في الفعاليات التي أقامتها بمناسبة احتفالات مصرنا الغالية بذكر انتصارات حرب اكتوبر المجيدة.

لقاء "رؤساء الشركات والدرجات القيادية العليا في الوزارة".

جاءت الفاعلية الأولى في اللقاء الذي نظمته وزارة البترول لـ "رؤساء الشركات والدرجات القيادية العليا في الوزارة" عن انتصارات الجيش المصري في حرب اكتوبر ٧٣، حيث استضافت الوزارة اللواء الدكتور سمير فرج لينقل إلى "رؤساء الشركات والدرجات القيادية العليا في الوزارة" فكر ونهج ومنهج قادة مصر الذين قادوا وحملوا على عاتقهم عملية الاعداد والتخطيط الشامل لتفاصيل الحرب والعبور و... حيث أكدّ سيادته على نقطة جوهرية كانت بمثابة "كلمة السر" وراء ما تحقق، ألا وهي أن قناعة قادة ورجال حرب أكتوبر كانت تقوم على أنه لابد من تحقيق النصر والانتصار وفقًا للإمكانات الفعلية المتاحة دون التعلل والتحجج بنقص الموارد والامكانات.

لقطات مجمعة من لقاء رؤساء الشركات والدرجات القيادية العليا بوزارة البترول

وكأنها المرّة الأولى التي يتسلم فيها درعًا وتكريمًا.

ثم كان اللقاء الثاني مختلفًا تماماً في طبيعته وطبيعة الحضور والمشاركين، وهو اللقاء الذي نظمته قيادة جامعة عين شمس الرشيدة بدعوه من الأستاذ الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس  الجامعه  عن نصر حرب اكتوبر ٧٣  في قاعهً الاحتفالات. الرئيسيه للجامعه، وذلك حرصًا وسعيًا منها على ربط شباب مصر 2024 بشباب ورجال مصر الذين كانوا يحملون رايتها في 1973 والذين كان من بينهم اللواء الدكتور سمير فرج، ليكون خير قدوة لخير رجال مصر في 2024، وهو اللقاء الذي أشبع وجدان هؤلاء الشباب بل ووجدان الدكتور سمير فرج نفسه. نعم لقد كانت محاضرة في شكلها، لكنها كانت في جوهرها وحقيقتها بمثابة عملية "توريث للتجارب والخبرات" من جهة، وبمثابة "نقل حمل الراية" من جيل إلى جيل مصري جديد من جهة أخرى.

لقطات مجمعة من لقاء الأجيال في جامعة عين شمس

من أجمل ما تميّز به اللقاء، تلك الحالة الشعورية الوجدانية التي بدت وظهرت على ملامح ووجه اللواء الدكتور سمير فرج عندما وقف ليتسلم بفرحة ملأت تفاصيل شخصيته وهو يتسلم "درع جامعة عين شمس"  من الأستاذ الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس  الجامعة، حتى بدا وكأنها المرّة الأولى التي يتسلم فيها درعًا وتكريمًا، رغم الأوسمة والنياشين والتكريمات وكل مظاهر الشكر والتقدير التي عاشها الرجل طوال حياته عن جدارة واستحقاق، لكن تكريم جامعة عين شمس كان تكريمًا ذو طبيعة وجدانية خاصة، السبب والسر في ذلك هو أنه أحد أبناء وخريجي هذه جامعة عين شمس العريقة.

"درع  "مجمع كوبري القبه العسكري".

ثم كان مسك الختام لأسبوع الخير، في "مجمع كوبري القبه العسكري"، أكبر صرح طبي أقامته وشيدته قواتنا المسلحة كحصن وكصرح طبي شامل متطور حديث وقت السلم والحرب معًا، فقام الرجل وبنهج جديد، وبأسلوب جديد، بتقديم ونقل خبرته، من خلال محاضرة عن حرب اكتوبر 1973، وهي المحاضر التي شهدت مشاركة متنوعة من مختلف الفئات والتخصصات والأعمار، من العاملين في "مجمع كوبري القبه العسكري" وكذلك من الضيوف العسكريين والمدنيين المشاركين، وهو النهج والتقليد الذي تتميز به المؤسسات والهيئات التابعة لقواتنا المسلحة، بهدف تعميم الفائدة، وترسيخ القيم، وربط الأجيال بعضها ببعض، ومن أجمل ما شهده اللقاء إعادة الشكر والتقدير لـ الواء الدكتور سمير فرج من خلال تسليمه "درع  "مجمع كوبري القبه العسكري" الذي قام به وبإسم جميع العاملين في "مجمع كوبري القبه العسكري"، سيادة اللواء طه علاء غيته.

"درع  "مجمع كوبري القبه العسكري".

للشعب المصري العريق، "منظومة أمثال شعبية عبقرية رائعة ومذهلة"، من هذه "الأمثال" المثل الذي يقول: "اللي ملوش كبير، بيشتريلوه كبير". ونحن كمصريين دومًا لنا كبار وعظماء، في جميع العصور، ومن قبل أن يبدأ التاريخ، في أوقات السلم وفي أوقات الحرب، وأبدًا لن تنضب مصر من رجالها الكبار في جميع المجالات وعلى مر العصور، مهما كانت التحديات ومهما بلغت الصعاب.

د. مدحت حماد

رئيس مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية

اللواء الدكتور سمير فرج يروي: قصة حرب أكتوبر من خلال مناظرتي مع شارون في محطة الـBBC في لندن (الحلقة الأولى)

كانت الأمطار تهطل بشدة، وأنا أخرج من محطة مترو الأنفاق في لندن لكي أتجه إلى مبني إذاعة الـBBC لكي أجري مناظرة مع الجنرال شارون. حول حرب أكتوبر في برنامج بانوراما، الذي كان يقدمه الإذاعي البريطاني الشهير، "ادجر آلان" في هذا الوقت. كنت وحيدا، ليس معي، غير المظلة التي أحتمي بها من أمطار لندن الرهيبة، وفي يدي الثانية، البدلة الاسموكن التي قمت باستعارتها من زميلي في الكلية الرائد الكويتي عدنان عبد الغفور، لأن مرتبي في البعثة لم يكن يسمح لي بشراء هذه البدلة الإنجليزية الفاخرة.

Covent Garden underground station London, England, UK, with a rickshaw and people outside at Christmas time.

وصلت إلى مبني الـBBC، وكانت هناك جموع غفيرة من الجالية اليهودية ترحب بالجنرال شارون وتشجعه، وهو يدخل هذه المناظرة مع الضابط المصري الذي جاء يدرس في بريطانيا، المهم أن ينتصر شارون. في هذه المناظرة، ولن أحكي تفاصيل قصة دخولي إلى المبنى.

عموما. كانت حرب ٧٣ عيد الغفران أو يوم كيبور Yom KIPPUR WAR هي أحدث حرب تقليدية تمت في العصر الحديث بين دولتين تمتلك كل منها أحدث تقنيات العصر من الأسلحة والمعدات لذلك فلقد نالت هذه الحرب اهتمام العديد من المؤسسات ومراكز الدراسات الاستراتيجية في كل انحاء العالم حتى القنوات التليفزيونية .
وهذا ما دعا قناة BBC البريطانية عام ۱۹۷۵ إلى أن تدعوني لعمل مناظرة علمية مع الجنرال الإسرائيلي شارون قائد القوات الإسرائيلية في معركة ثغرة الدفرسوار غرب قناة السويس ولقد قام بالتحكيم على هذه المناظرة أساتذة من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن The International Institute for Strategic Studies أو IISS ، حيث كان هذا المركز يجمع خيرة الباحثين العسكريين في مجال الاستراتيجية والأمن القومي في العالم.. وكانت إصداراته كل عام تُعد من المراجع العلمية التي يعتمد عليها كل الباحثين العسكريين في العالم كله.
ولذلك كانت هناك لديَّ قناعة بحيادية هذا المعهد وقدرته على التحليل الدقيق لما قامت به القوات المصرية في مرحلة التخطيط و إدارة اعمال القتال.

اسحاق شارون

كنتُ قد انهيتُ دراستي في كلية القادة والأركان المصرية وكان ترتيبي الأول في التخرج وطبقا للنظام المعمول به في القوات المسلحة المصرية، فقد تم ترشيحي للدراسة في كلية كمبرلي الملكية بإنجلترا في دورة عام ١٩٧٥ أي بعد انتهاء حرب أكتوبر مباشرة حيث سافرت إلى لندن عام ١٩٧٤ لحضور دورة التأهيل قبل الدورة الأساسية، وبدأت الدراسة وكنت في هذا العام طالب في كلية كمبرلي الملكية بإنجلترا .. وهي كلية من أعرق.. وأقدم كليات القادة.

للحديث بقية

https://www.dailymotion.com/video/x7x38zg
مقر اذاعة بي بي سي في لندن

مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية يهنئ مصر بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة

يتقدم مجلس إدارة مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية وجميع السادة الخبراء والمتخصصين المتعاونين مع المركز وكذلك جميع الباحثين والإداريين، لمصرنا الغالية، قيادة وشعبًا، بأصدق وأخلص التهاني والتبريكات بمناسبة حلول ذكرى انتصارات أكتوبر الخالدة، تلك الحرب العظيمة التي أعادت ليس فقط، لمصر وشعبها بل وللأمة العربية جمعاء عزتها وكرامتها، بعد ست سنوات عجاف من الألم والمرارة والحسرة نتيجة فقدان أجزاء غالية من جسد الأمة العربية بيد الصهاينة.

لقد كانت حرب أكتوبر بمثابة الملحمة العظيمة الخالدة التي جسدّت الإرادة والعزيمة والتحدي للمصريين جميعاً قادة، وجيشًا، وشعبًا أبيًّا بجميع طوائفه وفئاته ومستوياته، إرادة جمعت في باطنها صلابة الأرض المصرية وخلود النيل العظيم وحكمة وخلاصة تاريخ وحضارة أول أمة عرفتها البشرية، كما جسدت هذه الحرب وبأروع الصور الخالدة، كيف يمكن أن تكون الوحدة العربية، وما الذي يمكن أن تحققه هذه الوحدة متى تجسدت وتجلت، ليس فقط على صعيد الشرق الأوسط وإنما على مستوى العالم بأسره.

https://www.youtube.com/watch?v=XwnNzBc2hUA
السادات وعد وأوفى.

إن المركز إذ يتقدم بهذه التهنئة لجميع المصريين بصفة عامة وللقيادة السياسية المصرية الرشيدة متجسدة في سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بصفة خاصة، فإنه يؤكد على أن رعاية المصالح والأهداف القومية المصرية في كافة المجالات والمحاور وعلى كافة الأصعدة الداخلة في النطاق المباشر وغير المباشر للمجال الحيوي للأمن القومي المصري، هي الغاية والهدف لجميع ما يقوم به المركز من أنشطة أيًا ما كانت طبيعتها.

ولست أتجاوز إذا قلت أن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة

https://www.youtube.com/watch?v=plWAErdF8jA
أقول للجيش الثالث ولقائده أحمد بدوي له تقديري وتقديركم جميعًا تعبيرًا عن تقدير الوطن كله.