الشهر: نوفمبر 2024

حروب الجيل الرابع والخامس

بقلم اللواء دكتور سمير فرج

من السيف إلى الحروب الرقمية: رحلة تطور الصراعات عبر الأجيال

عرضت في مقال الأسبوع الماضي عن حروب الجيل الرابع والخامس، أنواع الحروب والتي تم تصنيف هذه الحروب على أساس أن حرب الجيل الأول كانت الحروب التي بدأت في مصر في عصر الفراعنة، ومازالت رسومها على الجدران والمعابر الفرعونية في الحضارة المصرية القديمة، التي كان أساسها السيف والدرع والعجلات الحربية، وهذا فخر العسكرية المصرية. أول جيش نظامي عرفته البشرية هو الجيش المصري.
أما حروب الجيل الثاني فهي التي جاءت بعد اختراع الصينيين البارود للاستخدام في الاحتفالات الصينية حيث تم تطويره للاستخدام العسكري بندقيات والمدافع، والتي تمت في حروب نابليون. أما حرب الجيل الثالث فلقد جاءت مع الحرب العالمية الأولى حيث استخدم أول دبابة ثم استخدام الطائرات المقاتلة، والصواريخ، والغواصات، والمدمرات، وبعدها. جاءت للحرب بالوكالة، التي استخدمتها أمريكا بعد خسارتها في حرب فيتنام، والتي قررت بعد خروجها من مستنقع حرب فيتنام، أن مجلس الأمن القومي الأمريكي قرر عدم الدخول في أي حرب بجنود أمريكيين بعد أن فقدت أمريكا في حرب فيتنام 59 ألفا مقاتل أمريكي.

وأطلق على الحرب الجديدة الحرب بالوكالة. يتم بها تنفيذ حروب في أفغانستان، حيث نجح. قادت طالبان. بالسيطرة على الحكم. ظهرشاه، ملك أفغانستان واستولت على الحكم، والآن طالبان في البداية كانت شيوعية إرهابية، فلقد استدعت السوفييت وقادتها العسكرية إلى أفغانستان، الأمر الذي أغضب أمريكا والغرب لوجودهم بالقرب من سواحل النفط والخليج العربي، وتقرر محاربة طالبان في أفغانستان باستخدام أسلوب الحرب بالوكالة عن طريق دعم المجاهدين الأفغانستان بالسلاح والمال. عن طريق بن لادن، وبعد طرد السوفييت قام بن لادن بإنشاء تنظيم القاعدة ومن بطنه جاء مصعب الرزاق ليكون تنظيم داعش الإرهابي في الشرق الأوسط في العراق
بعدها ظهرت فكرة حروب الجيل الرابع والخامس كما عرفتها كلية الدفاع في بروكسيل، والتي تقول في مقدمة محاضرة الجيل الرابع والخامس.

حروب الجيل الجديد: كيف تحولت التكنولوجيا والمخدرات إلى أدوات لهزيمة الشعوب؟

عندما نشبت حرب الخامس من يونيو 1967 بين مصر واسرائيل (حرب الأيام الستة) حققت اسرائيل نصرًا كبيرًا على الجيش المصري وتم تدمير حوالي ٨٠ ٪ من أسلحة وعتاد الجيش المصري. ولكن هل بعد هزيمة الجيش سقطت الدولة المصرية؟ كانت الاجابة لا لأن الشعب المصري خرج وأعاد الرئيس المصري عبد الناصر إلى الحكم بعد أن قدم استقالته، كما دعم الشعب المصري الجيش وسانده.
ومن هنا أصبح الفكر الجديد في الحروب أن اسقاط الدولة ليس ضروريًا بالمدفع والدبابة والطائرة بل بهزيمة الشعب من خلال التأثير على فكره بهذه الحرب الجديدة ليفقد الثقة بحكومته وإدارته وجيشه.
هذه هي حروب الجيل الرابع وعندما تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ خطة هزيمة الشعب تصبح حروب الجيل الخامس.

ومن هنا، أصبح أسلوب إسقاط الدولة عن طريق إسقاط الشعب وكان من أهم هذه الأساليب التي تستخدم هي الكتائب الإلكترونية التي أصبحت الآن القوة الضاربة لقوة الحروب حيث يخصص فرد واحد ويقوم بعمل 100 أكاونت أو حساب رقمي ، يجمع فيها كل صفحات الشعب، وخاصة الشباب، وهناك من ينشأ حساب بأسماء معروفة كالنادي الأهلي أو نادي الزمالك أو محمد صلاح وفي هذا الحساب يضع كل ما يخص محمد صلاح أهدافه. وهناك حساب أيضا يجذب فيها السيدات وحساب لأكلة هنية والوصفات الغذائية مثلا، وهناك حساب باسم فنان أو فنانة. وصور افلامهم وحياتهم الشخصية، ثم هناك صفحات دينية تعرض المفاهيم الدينية، وهناك حسابات للموضة والملابس والرياضة للشباب، وغيرها من الحسابات التي تخاطب رغبات كافة أطياف الشعب الشعب، خصوصا الشباب، ومن هذا الحساب يضع من خلاله عرض الأنشطة حسب كل صفحة، ومن خلال هذه الحسابات يتم زج العديد من الإشاعات أو الأخبار الكاذبة. وتظهر أنه يخاطب الشعب من الشباب إلى الكبار إلى ربة المنزل …إلخ،
الكل يجري وراء الحساب الذي يحبه، وفي بعض الحسابات، يضع المسيطر من الكتائب الإلكترونية الأخبار المغلوطة والإشاعات التي تسبب البلبلة للشعب لكي يجعله ويكره النظام في الدولة وقد يهاجم بعض مفاصل الدولة، مثل القضاء أو الشرطة او المنابر الدينية السيحية والإسلامية ثم الأعراق المختلفة داخل الدولة مثل أهالي النوبة ومشكلتهم ولعل ابسط مثال على ذلك خلق اشاعات مثل زيادة مدة التجنيد للمؤهلات العليا الى اخره كل هذه الأخبار تخلق غضب الشعب على هذه المؤسسات، وبالتالي بين الشعب والدولة من خلال مؤسساتها .
ومن أساليب حروب الجيل الرابع والخامس هو ما يعرف. بأسلوب جماعة الإخوان المسلمين في مصر حاليًا، حيث يتم التنبيه على جميع أعضاء الجماعة في المناصب الحكومية في الدولة بتعطيل مصالح الجمهور. على سبيل المثال، عندما. يصل المواطن إلى مكتب لطلب ورقة إدارية من المكتب يكون رد الموظف السيستم عطلان ويقول له تعالى بكره أو الموظف المسؤول لم يأتي والإجابة الشهيرة أصل فلان معها الختم مش موجود وتعالى بكرا… وهكذا. ويتردد المواطن عدة مرات لاستخراج شهادة أو وثيقة وبعدها يشكو أنه ليس هناك دولة ولا كيان، ومن هنا يفقد المواطن. ثقته بالحكومة والدولة. ويأتي بعد ذلك نشر المخدرات، وخاصة بين الشبان ونذكر جميعا، عندما كان وفد الولايات المتحدة يناقش عناصر طالبان في الدوحة لتنظيم عملية انسحاب من افغانستان حين طلبت أمريكا من طالبان عدم الزراعة الحشيش والأفيون وعلى أمريكا تعويض حكومة طالبان عن من أرباحها هذه المخدرات، وواقفت طالبان أيامها على عدم زراعة المخدرات. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وتولت طالبان السلطة كاملة، وبدأت تزرع المخدرات مرة أخرى، وعند سؤالهم لماذا؟ وكانت الإجابة أن المخدرات هي أكبر سلاح لتدمير الشباب الأمريكي في الولايات المتحدة، الذي هو عدو أفغانستان الأول، لذلك تعتبر المخدرات هي أحد وسائل حروب الجيل الرابع والخامس الذي يدمر المجتمع وخصوصا الشباب.

عمال أفغان يزرعون الأفيون

ويأتي السؤال هنا كيف نتصدى لحروب الجيل الرابع والخامس؟

وتكون الإجابة كلمة واحدة" التوعية"، التوعية، التوعية أولا لكي يفهم الشعب أن الشائعات والأفكار والأخبار الكاذبة هي وسيلة لهدم المجتمع، وأنه على المواطن عندما يرى شائعة يجب أن يتأكد قبل إرسالها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى ترديدها، وأن التوعية تتم من خلال عدة وسائل أهمها الإعلام، سواء كان المرئي كالتليفزيون أو الإذاعة أو المكتوب، وهي الصحف والمجلات. وأخيرا، الإعلام الإلكتروني عن طريق إنشاء صفحات تنشر الحقيقة وتنفي الأكاذيب والشائعات على أن يتم ذلك من خلال خطة منهجية ترد على جميع الشائعات والأخبار الكاذبة، ويتم فيها استغلال جميع من خلال وسائل التواصل المختلفة.
كذلك فإن التوعية يجب أن تتم من خلال المدارس والجامعات عن طريق اللقاءات. والمؤتمرات كذلك منابر الدين، في كل جامع وكنيسة، ومن خلال أيضا مراكز الشباب، وقصور الثقافة من خلال تنظيم مناقشات وجلسات ومحاضرات توعية، بهدف إيضاح الحقائق ونشر فكر وأساليب وعناصر حروب الجيل الرابع والخامس عموما، سوف تظل هذه الحروب هي أسلوب تدمير الدول من الخارج في الفترة القادمة دون استخدام المدافع والدبابات، ولكن مهاجمة عقل وفكر المواطن.

المصدر جريدة المصري اليوم

“مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي” يعلن عن جوائز دورته التاسعة.

قصر ثقافة شرم الشيخ ملتقى لشباب المسرحيين المصريين والعرب

أعلن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي، جوائز مسابقات دورته التاسعة وذلك خلال حفل الختام الذي أقيم بقصر ثقافة شرم الشيخ، بحضور لفيف من الفنانين من مصر والعالم العربي والعالمي.

المسرح من أجل السلام .. شعار الدورة التاسعة للمهرجان.

في مسابقة مسرح الطفل والنشء، حصلت (مصر) على أفضل عرض متكامل مسرحية (هجرة الماء) .

وفي جائزة لجنة التحكيم الخاصة فازت (الإمارات) بأفضل أداء جماعي في عرض (حكايات صامتة).

مبدوعو الشارقة.. دولة الإمارات العربية المتحدة

الطفلة فاطمة حسين من فريق "الإمارات"مبدعو الشارقة"، دولة الإمارات العربية المتحدة

من ورشة المسرح لفتيات منتسبو "ربع قرن" بالشارقة مع
الـممثلة والمدربة مروة قرعوني ضمن فعاليات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بدورته التاسعة.

وشهادات التميز في التمثيل لكل من:

فريدة الملاح من مصر؛ شهادة تميز في الغناء عن عرض (هجرة الماء)

أما مسابقة المونودراما فإن جائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت إلى ماركوبولو ( إيطاليا).

أما أفضل عرض متكامل ذهبت إلى Lyric Dragonfly( أسبانيا).

ومسابقة مسرح الشارع حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لكلاً من "عرض خرف" ( ليبيا)، وأحمد بيلا عن عرض "خلف النافذة" ( مصر)

صورة جماعية لأطفال وشباب مصر المشاركين في مهرجان شرم الشيخ لمسرح الشباب

وعرض فضيلة عبيد (سلطنة عمان) في الديكور.

أما مسابقة العروض الكبرى فقد حصل عرض "130 قطعة" (مصر ) على جائزة افضل عرض متكامل.

كما حصل عرض "انعكاسات" (سلطنة عمان) على جائزة أفضل نص.

وحصل على أفضل ممثل رجال مناصفة بين محمد العجمي عن عرض "انعكاسات" (سلطنة عمان) و"شريف عمر" عن عرض "اصطياد" ( الإمارات العربية المتحدة)

من ورشة الارتجال المسرحي وتنمية مهارات الناشئة للدكتوره إنچى البستاوى مدير عام مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابي مع فريق "مبدعو الشارقة"

أما أفضل ممثلة فقد حصل عليها مناصفة بين Mariana Elizabeth من (إيطاليا)، و "حمده الفزاريه" (سلطنة عمان)

وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لعرض "هملت" (إيطاليا).

أما جائزة أفضل مخرج فقد حصل عليها محمد فرج عن عرض "130 قطعة" (مصر)

وجائزة أفضل سينوغرافيا حصل عليها مناصفة بين عرض "130 قطعة" (مصر) ، و "انعكاسات" (سلطنة عمان)

كما حصل علي شهادات اكثر في التمثيل كل من "عبد الله الخديم" عن عرض "اصطيادط، و Qendresa kajtai من كسوڤو.

تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو ، وسيادة اللواء خالد مبارك محافظ جنوب سيناء

تكريم خاص للنجم السعودي عبد الإله السناني في مهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب

مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي أقيمت دورته التاسعة برئاسة المخرج مازن الغرباوي خلال الفترة من 15 الي 20 نوفمبر، وتحمل الدورة المقبلة اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وتدير المهرجان الدكتورة إنجي البستاوي ، ورئيس اللجنة العليا للمهرجان المنتج هشام سليمان ،ويرأس المهرجان شرفيًا سيدة المسرح العربي سميحة أيوب، ويقام تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو ، وسيادة اللواء خالد مبارك محافظ جنوب سيناء وبدعم من وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة.

اللواء الدكتور سمير فرج: نتنياهو إلى أين بعد نجاح ترامب؟

نتنياهو الابن المدلل للإدارة الأمريكية

أظن أن نبأ فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسباق الانتخابات الأمريكية، التي حُسمت مؤخراً، كان أسعد الأخبار التي تلقاها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ فترة طويلة، لما تجمعهما من صداقة قوية، وطويلة، بدت شواهدها واضحة خلال الانتخابات الإسرائيلية، الماضية، عندما جابت لافتات الدعاية الانتخابية، لنتنياهو، كل أنحاء إسرائيل، وقد وضعت صورته ومعه صديقه الرئيس ترامب، في إعلان صريح عن اعتبار نتنياهو الابن المدلل للإدارة الأمريكية، الذي يحظى بتأييدها، غير المشروط.

نتنياهو وترامب

وأثناء الانتخابات الرئاسية، الأخيرة، في الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر واضحاً دعم نتنياهو للرئيس ترامب في حملته ضد كاميلا هاريس. ولعلنا لم ننس دعم الرئيس ترامب لنتنياهو، خلال فترة رئاسته السابقة، حين قرر نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، منفذاً ما وعد به، خلال حملته الانتخابية، حينئذ، على عكس وعود كثيرة، مماثلة، قطعها معظم مرشحي الرئاسة الأمريكية، ولم ينفذوها بعد وصولهم للبيت الأبيض، بأصوات مؤيدي توجهاتهم. ولم يكتف ترامب بذلك، بل زاد عليه بتأييد قرار نتنياهو بضم هضبة الجولان السورية، التي احتلتها إسرائيل منذ حرب 67، تأييداً أحادياً، إذ لم يؤيد ذلك القرار أي من زعماء ودول العالم، إلا الرئيس ترامب.أما ثالث ضرباته لتأييد نتنياهو فكانت في أسلوب حل القضية الفلسطينية، ففي حين اتجه معظم قادة العالم، بما فيه الحزب الديمقراطي الأمريكي، والرئيس الأسبق أوباما، والرئيس الحالي جو بايدن، نحو حل القضية بإقامة دولتين، إحداهما إسرائيلية بحدودها الحالية، وعاصمتها القدس الغربية، والثانية فلسطينية بحدودها في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، إذا بترامب يقوض كل الجهود التفاوضية، ويرفض حل الدولتين، ويؤيد حل الدولة الواحدة، وعاصمتها القدس الموحدة، وهو ما يُتوقع أن يكون الاستراتيجية الأمريكية، في الفترة القادمة، الأمر الذي لا يدعو للتفاؤل نحو حل عادل للقضية الفلسطينية.

خطة نتنياهو على الأراضي الفلسطينية لإرضاء الشارع الإسرائيلي

خارطة نتنياهو تكشف نوايا الاحتلال

وبنظرة تحليلية لفكر نتنياهو، واتجاهاته، في الفترة القادمة، بعد فوز ترامب بالسلطة، وفي ضوء ما يجري على أراض المعارك في قطاع غزة وجنوب لبنان وإيران، نجد أن القوات الإسرائيلية تمكنت، خلال العام الماضي، من إضعاف القدرة العسكرية لحماس، ولم تنجح في القضاء عليها، وهو ما يحسب نجاحاً لحماس، التي تقاتل جيشاً نظامياً، ببسالة، لمدة عام كامل، دون إمدادات مادية أو عسكرية من الخارج، إلا أنها ستحتاج لعدة أعوام لاستعادة قوتها العسكرية مرة أخرى، خاصة وأن إسرائيل ستغلق جميع مسارات إمداداتها من الأسلحة في الفترة القادمة. ولعل أبسط دليل على ذلك، هو إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي، الذي تم إقالته منذ أيام، بأن قوات الجيش الإسرائيلي لم يعد لها مكاناً في غزة، بعدما أضعفت القوة القتالية لحماس، ولم يبق سوى تدمير باقي الأنفاق، واستكمال تحرير الرهائن. ولذا أظن أن نتنياهو سيسعى للوصول لاتفاق محدود لوقف إطلاق النار، لحين عودة بعض الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، باعتباره من أكثر الأمور الضاغطة عليه من الشارع الإسرائيلي، والمهددة لبقائه.

موقف نتنياهو مع حزب الله و إيران

اما فيما يخص موقف نتنياهو من حزب الله، فلا أظن نتنياهو سيوقف القتال في جنوب لبنان، إلا بعد تحقيق أمرين؛ أولهما القضاء على القوة النيرانية والقتالية لحزب الله، وثانيهما إعادة قوات حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني. وهنا سيتعين على الرئيس ترامب، الذي وعد الرئيس اللبناني بوقف القتال، إقناع نتنياهو بإيقاف الضربات الهجومية على العاصمة اللبنانية بيروت، وشمال لبنان، وحصر ضرباته الهجومية على الجنوب اللبناني، بما يحقق أهدافه بالقضاء على القوة النيرانية والقتالية لحزب الله، وإعادة قواته لما بعد نهر الليطاني. وهو ما أظنه سيتم الاتفاق عليه بين ترامب ونتنياهو، بوعد تأمين عودة أهالي المستوطنات الإسرائيلية الموجودة في شمال إسرائيل على حدود لبنان.وبالنسبة للموقف مع إيران، فوصول ترامب إلى البيت الأبيض من شأنه تغيير مجريات الأمور نحو ضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وهو ما يتوافق مع استراتيجية نتنياهو، الذي كان يرى قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية والبترولية في ايران، لولا معارضة جو بادين لذلك، وهو ما ستستمر معارضته، في تقديري، من قِبل ترامب، في ضوء حرص الولايات المتحدة الأمريكية على عدم تصاعد القتال في المنطقة، إذ أن توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية ضد إيران، سيدفعها لشن حرباً إقليمية، وهو ما يتبعه تضرر المصالح الأمريكية في المنطقة، فضلاً عن اضطراب إمدادات النفط من الخليج العربي، وإحداث زيادة بالغة في أسعاره، نظراً لتحكم إيران في مرور ناقلات النفط من خلال مضيق هرمز، الواقع تحت سيطرتها الكاملة، ويتحكم في مرور ثلث الإمدادات العالمية للطاقة، الواردة من منطقة الخليج العربي، ومثله مضيق باب المندب، الذي يقع، حالياً، تحت سيطرة الحوثيون، أحد الأذرع القوية الإيرانية في المنطقة.وبتحليل كل ما سبق، ففي تقديري أن ترامب سوف يتبع أساليب محددة مع إيران، ليس من ضمنها الموافقة على أي عمل عسكري ضدها، أو تشجيع نتنياهو على قيام إسرائيل بتوجيه أي ضربات ضد المنشآت النووية أو البترولية الإيرانية، في الفترة القادمة، وإنما بتشديد وزيادة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، في الفترة القادمة.كانت تلك رؤيتي التحليلية للفكر الاستراتيجي، لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد فوز ترامب بمقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية.

إيران وترامب و«الصفقة المنضبطة»

إيران وترامب و«الصفقة المنضبطة»

بقلم د. محمد سعيد إدريس

على الرغم من أن فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية والعودة مجددًا إلى البيت الأبيض فى واشنطن كان، بالنسبة لإيران، من الاحتمالات الممكنة، فإن هذا الفوز أربك حسابات القرار الإيرانى سواء ما يتعلق بالعلاقة المحفوفة بالخطر مع الولايات المتحدة أو بالعلاقة مع إسرائيل، وعلى الأخص بتجهيزات الضربة الإيرانية التى كانت مؤكدة وفقًا لتقديرات كبار السياسيين والعسكريين الإيرانيين ردًا على العدوان الإسرائيلى الذى أصاب قدرات الدفاع الجوى الإيرانية ومنشآت إنتاج الصواريخ الباليستية إصابات مباشرة ومؤثرة. فقد أدركت القيادات الإيرانية أن المبادرة بتوجيه هذه الضربة لن يكون مجرد لطمة لإسرائيل واستعادة لـ"توازن الردع" بين الدولتين ولكنه سيفسر فى واشنطن على أنه يعد بمثابة رسالة تحدٍ مسبقة من إيران إلى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، يمكن أن تجهز على أى نيات لدى هذا الرئيس وإدارته لمراجعة سياساتهما السابقة مع إيران. لذلك تتعامل إيران بحذر شديد وحسابات دقيقة فى بلورة معالم السياسة الممكنة مع هذه الإدارة وكيفية إدارة الصراع مع إسرائيل خلال الأسابيع القليلة المتبقية لإدارة الرئيس الحالى جو بايدن.

ضمن هذا التفكير الحذر بدأ التساؤل لدى أوساط إقليمية عربية بالذات، وكذلك أوساط إسرائيلية وأمريكية حول هل من الممكن أن تقبل إيران بالدخول فى «صفقة» مع الرئيس الأمريكى الجديد أم أنها سوف تختار «المواجهة» انطلاقًا من أن هذا الرئيس لا يعرف أنصاف الحلول، وأنه حتمًا سيسعى إلى فرض «مشروع» جديد جوهره «الانتصار لإسرائيل»، ومن ثم فإنه لن يدخل فى صفقة، إذا قبل الأخذ بمنطق الصفقات الذى يجيده ويفضله، أقل من صفقة تحقق لإسرائيل الطمأنينة إزاء البرنامج النووى الإيرانى، وهى طمأنينة لن تحدث إلا بثقة إسرائيل بانتهاء الخطر النووى الإيرانى نهائيًا الذى لن يتحقق إلا بالقضاء الكامل على قدرات إيران النووية السلمية وليس فقط العسكرية، كما تحقق لإسرائيل الأمن الذى لن يتحقق إلا بالتوقف الإيرانى النهائى عن ما يعرف فى الأدبيات السياسية بـ «المشروع الإقليمى لإيران» الذى يعنى أولًا فرض إيران كقوة إقليمية كبرى قادرة على موازنة القوة الإسرائيلية أو التفوق عليها، ودعم طموحات إيران فى توسيع النفوذ وتشكيل «دائرة صراع ساخن» من القوى الإقليمية الحليفة تحيط بإسرائيل وقادرة على خوض صراع استنزاف دام مع الكيان الإسرائيلى إلى أن يحين موعد الإجهاز الكامل عليه والتحرير الكامل للقدس والمسجد الأقصى الشريف .

قبول مثل هذه الصفقة ليس له إلا معنى واحد وهو سقوط النظام الحاكم للجمهورية الإسلامية، وهذا ما تدركه إسرائيل جيداً وما عملت من أجله إدارة ترامب السابقة ووزير خارجيتها بومبيو، وعبر عنه مؤخرًا بنيامين نيتانياهو رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى فى رسالة مباشرة للإيرانيين حرّض فيها الإيرانيين للتخلص من نظام الجمهورية الإسلامية الذى يحكم إيران منذ عام 1979، وخاطبهم بقوله إن «نظام المرشد على خامنئى يخشى الشعب الإيرانى أكثر من إسرائيل» وقال لهم: «لا تفقدوا الأمل، واعلموا أن إسرائيل وآخرين فى العالم الحر يقفون إلى جانبكم».

وإذا كان قبول مثل هذه الصفقة يعد «ضربًا من الخيال» أو «نوعًا من الجنون»، فإن الخيار المقابل أى التصعيد والمواجهة الساخنة مع ترامب وصقور إدارته القادمين سيكون أيضًا خيارًا تدميريًا لإيران سواء من منظور المواجهة العسكرية أو من منظور تصعيد الضغوط الاقتصادية الأمريكية على إيران، لذلك فإن إيران تبحث عن «الحل الوسط» الذى يؤدى إلى تهدئة نوازع التصعيد الأمريكى ضدها معولة على احتمال أن تكون لدى ترامب مقاربة مغايرة نسبيًا لسياساته فى الشرق الأوسط عن مقاربته الأولى، وأنه سيكون هذه المرة غير مقيد بإرضاء اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة نتيجة عدة أسباب منها أنه لن يكون منشغلًا بإرضاء هذا اللوبى لأن ولايته الجديدة الثانية ستكون الأخيرة ولن يحق له الدخول فى منافسة غيرها، ومن ثم لن يكون فى باله الفوز برضا الناخبين اليهود فى الولايات المتحدة، وأن غالبية اليهود صوتوا لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

كما يعوِّل الإيرانيون على مثل هذا الخيار الذى يمكن أن يأخذ اسم «الصفقة المحسوبة» التى يمكن أن تحد من اندفاعة ترامب العدائية ضد إيران على أمرين آخرين مهمين أولهما ما يمكن أن تقوم به حليفتها الدولية روسيا من أدوار تهدئة لنيات التصعيد الأمريكية ضد إيران انطلاقًا من إدراك إيران لوجود «علاقة حسن اهتمام» متبادلة بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس المنتخب دونالد ترامب، وأن ترامب الحريص على التفاهم مع بوتين لإنهاء الأزمة الأوكرانية لن يكون حريصًا على «إغضابه» فيما يتعلق بالموقف من إيران . لكن يبقى السؤال هنا مطروحًا بالنسبة للحدود المحتملة للدعم الروسى لإيران إذا كان مثل هذا الدعم يمكن أن يؤثر سلبيًا على تفاهمات بوتين مع بايدن بخصوص حل الأزمة الأوكرانية. الأمر الثانى الذى تعوّل عليه إيران هو الدور الإيجابى الذى تقوم به، والذى يمكن أن تقوم به المملكة العربية السعودية فى احتواء الاندفاع التصعيدى الأمريكى ضد إيران، وفقًا لمؤشرات مهمة بهذا الصدد، منها أن الرئيس ترامب أعلن اختياره السعودية كمحطة أولى فى جولاته الخارجية التى سيقوم بها عقب توليه الحكم فى يناير القادم، ومنها دعوة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى خطابه الافتتاحى للقمة العربية – الإسلامية فى الرياض إلى «ضرورة إلزام إسرائيل احترام سيادة إيران وعدم الاعتداء على أراضيها» ومنها زيارة رئيس الأركان السعودى لإيران خلال الأيام الماضية ضمن مخطط تنسيقى للعلاقات العسكرية بين البلدين. نفى إيران القوى والانفعالى الرافض لتسريب صحيفة «نيويورك تايمز» عن لقاء الملياردير الأمريكى أيلون ماسك المقرب من الرئيس ترامب مع رئيس الوفد الإيرانى بالأمم المتحدة يعنى أولًا حرص إيران على تأكيد صلابة موقفها السياسى وعدم استعدادها للقبول بـ «صفقة كسر عظام» يمكن أن تفرضه عليها. لكن يبقى ما تقوم به إسرائيل لمحاصرة التحرك الإيرانى الاستباقى تحديًا كبيرًا من شأنه تفاقم الضغوط المحتملة ضد إيران.

المصدر جريدة الأهرام

د.محمد سعيد إدريس
د.محمد سعيد إدريس

أصعب تحديات ترامب

بقلم د.محمد السعيد إدريس

دونالد ترامب خلال حملته الانتخابيه

عاد دونالد ترامب مجددًا إلى البيت الأبيض، في عودة ليست كأي عودة، وصفتها مجلة «نيوزويك» الأمريكية بأنها «أعظم عودة في تاريخ السياسة الأمريكية»، وفسرت ذلك بأنه «لم يتم انتخاب رئيس أمريكي لفترتين غير متتاليتين منذ «غروفر كليفلاند عام 1892»، وبأن ترامب حقق هذا الإنجاز «ليس من خلال استراتيجية حشد قاعدته الانتخابية فقط، بل وأيضاً من خلال توسيع الخريطة الانتخابية للحزب الجمهوري»، ما يعني أن فوز ترامب هذه المرة لم يجئ بأفضال القاعدة الانتخابية التقليدية للحزب الجمهوري فقط، بل جاء بالأساس بفضل ترامب الذي وسّع القاعدة الانتخابية للحزب، بضم شرائح كثيرة من الناخبين الجدد للحزب الجمهوري، خاصة من الرجال من أصل إسباني أو الرجال السود، ودخول رموز مجتمعية جديدة، وقفت إلى جانب ترامب، ستضيف حتمًا قوة جديدة للحزب الجمهوري، من أمثال إيلون ماسك، وروبرت ف. كنيدي (المنشق عن الحزب الديمقراطي) وتولسي جابارد وغيرهم.
الأمر الذي جعل ويليام بينيت يكتب على موقع «فوكس نيوز» متسائلاً: كيف غيّر ترامب الحزب الجمهوري؟
مثل هذه الآراء والأفكار، ترجح أن أهم تأثيرات وأدوار دونالد ترامب خلال السنوات الأربع القادمة التي سيحكم فيها الولايات المتحدة سوف تتركز على الداخل الأمريكي، وأن أي أداء لإدارة ترامب في مجال السياسة الخارجية سيكون محصلة لنجاحات أو لفشل ترامب في إنجاز مشروعه السياسي المحوري الذي يلخصه شعاره الانتخابي «فلنجعل أمريكا عظيمة مجددًا»، وهو ذات الشعار الذي حملته الحركة السياسية التي يتزعمها ترامب، والتي جرى منها توليد مفهوم «الترامبية السياسية» التي بدأ الحديث عنها مجددًا بأنها «أضحت عقيدة سياسية» لترامب شخصياً ومن يلتفون حوله، وأولهم بالطبع نائبه الذي اختاره هذه المرة بعناية من بين عشرات الأشخاص الذين كانوا على قائمة الاختيار لهذا المنصب، وهو السيناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو "جيمس ديفيد فانس"، الذي يؤكد اختياره من جانب ترامب لهذا المنصب عزم ترامب ليس فقط على فرض «الترامبية السياسية» كقاعدة للحكم خلال السنوات الأربع القادمة، بل وعلى توريثها كعقيدة جديدة للحزب الجمهوري الذي بات خاضعاً تماماً لسيطرته.
وبفوز هذا السيناتور الشاب البالغ 39 عاماً بمنصب نائب الرئيس إلى جانب ترامب، فإنه من المرجح أن يكون الأوفر حظاً لخوض السباق الانتخابي الرئاسي الجديد عام 2028، وقد لا يترك البيت الأبيض إلا في عام 2037 إذا فاز مرتين بالرئاسة، وبذلك ضمن ترامب ل «الترامبية السياسية» عمرًا سياسيًا مديدًا يصل إلى 12 عامًا كاملة يفترض أن تكون كافية لترسيخ مكانة «الترامبية السياسية» كأساس للحكم في واشنطن تحت شعار «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا»، وعندها لن يكون هناك مجال جديد لوصف تلك «الترامبية السياسية» على أنها «مجرد ظاهرة صوتية» على نحو ما تردد في السنوات الأربع السابقة لحكم ترامب في البيت الأبيض (2016- 2020)، أو أنها مجرد «رد فعل غاضب» لمن ساءهم (خاصة من الأمريكيين بيض البشرة) انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات (2008 – 2016) بل ستفرض نفسها بقوة كأساس للحكم بعد الفوز الهائل الذي حققه ترامب هذه المرة يوم الثلاثاء الماضي (2024/11/5). فترامب لم يفز في هذه الانتخابات بالعدد الأكبر من الأصوات في «المجمع الانتخابي» فحسب، مثلما حدث في انتخابات عام 2016 التي تفوق فيها على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي خسرت الأصوات في المجمع الانتخابي رغم فوزها بالنصيب الأوفر من الأصوات على المستوى الشعبي، بل فاز أيضًا بالتصويت الشعبي (أي عدد أصوات الناخبين)، وإضافة إلى ذلك جاء فوزه كرئيس مقروناً باستعادة الحزب الجمهوري للأغلبية داخل مجلس الشيوخ، بحيث بات في مقدور ترامب أن يحكم مدعومًا من مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ).

رغم ذلك، سيبقى الاختبار صعبًا أمام ترامب ونائبه جيمس ديفيد فانس، وبالتحديد اختبار «جعل أمريكا عظيمة مجددًا». هل سيستطيع ترامب جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى؟
الاختبار سيكون صعبًا بمقاييس ترامب نفسه التي سبق أن أعلنها متحديًا إدارة غريمه الرئيس الحالي جو بايدن. فترامب هو الذي أعلنها صراحة أن «الولايات المتحدة أصبحت مزبلة العالم» نتيجة لعدم كفاءة الرئيس جو بايدن، وهو الذي تعهد ب «تحرير أمريكا المحتلة» من المهاجرين غير الشرعيين، واعتبر أن عودته إلى البيت الأبيض «ستكون تحريرًا لأمريكا المحتلة»، وقال إن «أمريكا معروفة اليوم في كل أنحاء العالم بأنها أمريكا المحتلة.. نحن محتلون من جانب قوة إجرامية»، وهو الذي تعهد بأنه «سينتقم من كل معارضيه إذا وصل إلى الحكم»، خاصة الرئيس الحالي جو بايدن والقضاة وغيرهم من الخصوم السياسيين خاصة اليساريين والليبراليين.
هل سينجح ترامب في هذا الاختبار الصعب؟ وهل سيتركه الديمقراطيون ليفعل بهم ما يشاء، أم ستتمرد الولايات الديمقراطية، عندها يمكن أن تتحول «الترامبية السياسية» إلى «كابوس يهدد وحدة الولايات المتحدة»؟

المصدر جريدة الخليج

د.محمد سعيد إدريس
د. محمد سعيد إدريس

القمة العربية الإسلامية (الأفريقية): تمخَّض الجبلُ وأنجبَ فأرًا.

بقلم: أ.د. مدحت حماد

بعد طول انتظار وسُبات وبيَات شتوي بلغ سنة كاملة، ومن أجل العمل على إيجاد حل للجرائم الصهيونية النازية الفاشستية العنصرية المجرمة ضد بعض شعوب الأمة العربية هما الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، ومن أجل إيجاد حلول جذرية لوقف حمامات الدم والتدمير السرطاني الممنهج لمقدرات هذين الشعبين، والحد من الإغتصاب السافل المجرم لممتلكات وأعراض وحقوق هذين الشَعبَين العربيّين المُسلِمَين، و... و... إلخ،

اجتمع قادة 56 دولة عربية وإسلامية، تتمتع بقدرات استراتيجية شاملة رهيبة وضخمة ومُخيفة، تجسدها الحقائق التالية:

1- عدد سكان هذه الدول يقترب من 2 مليار نسمة.

2- تمتد أراضي هذه الدول في ثلاث قارات هي: آسيا وأفريقيا وأوروبا.

3- تبدأ حدود هذه الدول من الحدود الغربية للصين شرقًا وحتى الحدود الشرقية للمحيط الأطلنطي غربًا، من الحدود الجنوبية لروسيا شمالًا وحتى السواحل الشمالية للمحيط الهندي جنوبًا.

4- تمتلك هذه الدول أكبر مخزون العالم من النفط والغاز وجميع المعادن الإستراتيجية النفيسة كالذهب، النحاس، ليورانيوم، الفضة، الحديد، الفوسفات، المنجنيز إلى آخر القائمة.

5- تمتلك هذه الدول أكبر مساحات العالم القابلة للزراعة.

6- تتمتع هذه الدول بحدود ساحلية طويييلة وممتدة على جميع البحار والممرات والمضايق الإستراتيجية في العالم: البحرين الأحمر والمتوسط، بحر قزوين، بحر ايجه، مضيق هرمز، مضيق باب المندب ومضيق جبل طارق.

7- تمر عبر أراضي هذه الدول جميع خطوط الطيران العابرة للكرة الأرضية من الشمال للجنوب والعكس، من الشرق للغرب والعكس.

8- تمتلك هذه الدول قرابة ثلث اقتصاد العالم، ويزيد مجموع احتياطاتها النقدية الإستراتيجية المُعلنة سوء داخل بنوكها الوطنية أو البنوك العالمية قرابة عشرة تريليون دولار. وماخفيَّ كان أعظم.

اجتمعوا يوم الإثنين الموافق الحادي عشر من نوفمبر 2024 في الرياض حيث أرض الحرمين الشريفين، وقد جاءوا جميعًا من كل فج عميق، مُحاطين بالحراسات الأمنية المعقدة الشاملة الحصينة التي خُصصت لها ميزنيات ضخمة من مقدرات وأموال شعوبهم، اجتمعوا وقد أخذَ البعض من الناس يعقدون آمالهم على اجتماعهم هذا، لعلهم ينتفضون كالجبال، ولما لا؟ وجميع أوطانهم مملوءة بالجبال الراسخات بداية من جبل "أُحد" حتى جبال زاجروس وألبُرز وجبال البحر الأحمر، وجبال أفغانستان العظيمة مقبرة المعتدين على مر التاريخ، بينما البعض الآخر من بسطاء المسلمين والعرب يدعو بأن "يَنفُخ الله في صورتهم"، فتدب فيها الروح مثلما نفخ الله عزَّ وجل في آدم وعيسى عليهما السلام!!

لكن واقع الأمر ومرارة الحقيقة كانتا تقولان هيهات هيهات هيهات. هيهات أن ينفخ الله من روحه في صور هؤلاء الملوك والحكام، الذين ظلوا يشهدون لمدة عام كامل وأكثر عبر شاشات البث المباشر، جرائم الصهيونية النازية الفاشستية العنصرية المجرمة وبحار الدم التي أخذت تجري في سهول وأودية وتلال وجبال غزة ولبنان، ضد الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، وهذا ما كان بالفعل. ليكشف هذا الحدث عن حقيقة مُرَّة وهي أنه ولأول مرة في التاريخ المعاصر تفقد غالبية إن لم تكن معظم الشعوب العربية الإسلامية الثقة في الإرادة الجَمعيِّة وقدرة الحكام العرب والمسلمين في القيام بما يجب أن يقومون به من أجل نُصرَة بعضًا من أشقائهم وإخوتهم في فلسطين ولبنان.

فما تمخَّض عنه الإجتماع هو تجسيد لحالة الضعف والهوان، إن لم يكن الذل والخنوع والإستسلام الجمعي. ما حدث أن أصدر المجتمعون بيانًا طويلًا طويلًا طويلًا. بيان جاء في 38 بندًا غير المقدمة، ولنتصور كيف بدت وما هي "طبيعة" الكلمات الافتتاحية لكل بند من هذه البنود الـ 38؟ الحقيقة أنها لم تكن سوى تجسيد حقيقي مؤلم ومُخذي في نفس الوقت للمثل العربي الذي يقول: تمخَّض الجبلُ وأنجَبَ فأرًا!! كيف؟

لقد قمتُ بعمل حصر إحصائي للكلمة الأولى من كل بند فكانت النتائج كالتالي:

الكلمة عدد مرات ذكرها ملاحظات
التأكيد 6 البنود أرقام:1، 3،4، 12، 24، 36
التحذير 1 البند رقم: 2
دعوة 5 البنود أرقام: 5، 15، 23، 30، 32
التنديد 1 البند رقم: 6
إدانة 10 البنود أرقام: 7،8،9،11،16،22،27،28،29،33
رفض 1 البند رقم: 10
مطالبة 4 البنود أرقام: 13،17،19،21
الترحيب 2 البنود أرقام: 14،37
العمل 2 البنود أرقام: 18،26
حث 1 البند رقم: 20
شكر 1 البند رقم: 25
تكليف 3 البنود أرقام: 34،35،38

فإذا ما قمنا بعمل تصنيف لهذه الكلمات سنجدها كما يلي:

1- "التأكيد، الدعوة، الإدانة، التنديد، والرفض". هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة ليِّنة أقرب إلى العجز.

2- الترحيب، الشكر والحث. هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة متأدِبة، مُسالمة، غير ذات أنياب.

3- التحذير، الرفض، المطالبة. هي كلمات مترادفة تبيِّن طبيعة شخصيِّة أقصى قدراتها "الإحتاج اللفظي".

4- تكليف. تكشف عن الإرادة والسلطة.

السؤال المُهم هنا هو: في أي مواضع تم استخدام كلمة "تكليف"؟ الإجابة المباشرة هي في المواضع الخاصة بالبيئة الداخلية، أي تكليف الأمين العام للجامعة العربية، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، اللجنة الثلاثية المشتركة!!! أي أي إعمال السلطة والسيادة متحقق فعليًا ومُنصَب على الذين يخضعون لسيادة وسلطة الحكام العرب والمسلمين أي "الموظفين التابعين لهم"!! لكن، أن تظهر هذه السلطة والسيادة على الذين يعتدون ويهددون ويدمرون ويقتلون العرب والمسلمين وجميع مقدرات حياتهم، فهيهات وألف هيهات.

ما سبق يشكِّل جريمة تاريخية وقع فيها الملوك والحكام المجتمعون في الرياض. جريمة، أعتقد في أنها قد نالت من مكانة البعض منهم لدى بعض أو كثير أو أغلب الشعوب العربية الإسلامية. جريمة ستضعهم تحت المحاكمة التاريخية بكل تأكيد، حتى وإن لم تضعهم الآن تحت المحاكمة الفعلية بموجب المقررات الخاصة بميثاق جامعة الدول العربية من جانب ومنظمة المؤتمر الإسلامي من جانب آخر، وهي المواثيق التي تفرض على الحكام استخدام كافة الوسائل والامكانات والقدرات للدفاع عن جميع الشعوب العربية والإسلامية.

اللواء سمير فرج شاهد أيام الرئيس السادات في غرفة عمليات حرب 73

سمير فرج.. أصغر ضابط في غرفة عمليات حرب أكتوبر

كانت المرة الأولى التي ألتقي بها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في واحد من أهم وأعظم الأيام في تاريخ مصر ، يوم السادس من اكتوبر 1973م. كان مكان اللقاء غرفة عمليات حرب أكتوبر 1973 التي كنت متواجدًا فيها كأصغر ضابط برتبة رائد أركان حرب ، فبعد دراستي في كلية أركان حرب، ولكوني الأول علي الدفعة، تم اختياري لأكون في هيئة عمليات القوات المسلحة المسئولة عن التخطيط وإدارة العمليات، فكان لي شرف التواجد، طوال فترة حرب أكتوبر، في غرفة العمليات الرئيسية للحرب، لأشهد على جميع أحداثها.

اللواء الدكتور سمير فرج

كنا في يوم العاشر من شهر رمضان المعظم، وكنا جميعا صائمون، وإذا بالرئيس السادات يصل إلي الغرفة في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا، وخلفه عدد من الجنود حاميلن في أيديهم صواني طعام بها سندوتشات وعلب عصير، ليمسك بالميكروفون وينادي علي جميع مَن في الغرفة من قادة وضباط قائلا: "أنا الرئيس أنور السادات رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، لقد وصلت اليوم لأكون معكم في أهم لحظة من حياة مصر، وفي البداية أقول إن الله سيكون معنا لأننا أصحاب حق وندافع عن أرضنا وعرضنا، ولقد حصلتُ على فتوى من دار الإفتاء المصرية اليوم، أنه من حق كل من يقاتل لتحرير الأرض، أن يفطر في رمضان، لأنه يجاهد من أجل تحرير أرضه، وأرجو أن يتم إبلاغ كل الجنود والضباط في الجبهة بأن المفتي قد أباح لهم الإفطار في شهر رمضان الكريم."

السادات: مفتي الجمهورية أباح للجنود والضباط الإفطار في شهر رمضان الكريم."

قام أحد الجنود، منفذاً للتعليمات، بتوزيع سندوتشات علينا، فما كان من الجميع، إلا أن وضعناها جنباً، دونما أي اتفاق بيننا، واستمرينا بالعمل. بعد أن أنتهي الرئيس من كلمته، جلس في موقعه علي المنصة الرئيسية، وعلى يمينه المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية آنذاك، وعلى يساره الفريق سعد الشاذلي، رئيس الأركان وعلى يمين وزير الحربية رئيس هيئة العمليات اللواء محمد الجمسي.
كانت هناك خريطة كبيرة لمنطقة العمليات، أمام هذه النخبة العسكرية التي أدارت معركة النصر، وكنت أنا الرائد أركان حرب سمير فرج، أجلس على هذه الخريطة ومهمتي رسم مواقع العمليات أولاً بأول وفقًا لما يدور في أرض المعركة، حتي يتمكن الرئيس السادات ومعه القادات من رؤية الموقف على الخريطة أولاً بأول. كان أول مافعلة الرئيس السادات أن طلب من الفريق سعد الشاذلي بصفته رئيس أركان حرب القوات المسلحة، عرض الموقف الآن، قبل بدء الحرب وهو ما قام به الفريق الشاذلي، حيث أخذ في استعراض الموقف علي الجبهة ووضع استعداد القوات لبدء العملية الهجومية " جرانيت " في تمام الساعة الثانية ظهرا ، وأن مركز العمليات تلقى تمام استعداد جميع القوات لبدء العملية الهجومية، ولم ينس الشاذلي أن يعرض على الرئيس السادات الموقف في الجبهة السورية واستعداد القوات هناك، وكذلك موقف الوحدات البحرية في باب المندب، التي ستقوم بفتح مظروف العمليات في الثانية ظهرًا لتبدأ تنفيذ المهمة الساعة 2:15 ظهراً.

"يا حسني ولادك جاهزين؟ "يا محمد لو طيارة إسرائيلية دخلت مش هنقدر نفرد الكباري ونعبر."

بعدها طلب الرئيس السادات أن يتصل بقادة الجيوش، فبدأ بالإتصال بقائد الجيش الثاني ثم قائد الجيش الثالث واطمئن منهم على استعداد قوات الجيش لبدء الهجوم، كذلك اتصل بقائد القوات الجوية وسأله: "يا حسني ولادك جاهزين؟ أنتم أول ما ينفذ بدء العملية الهجومية؟" بعدها اتصل بالفريق محمد علي فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي وقال "يا محمد لو طيارة إسرائيلية دخلت عندنا خلي بالك مش هنقدر نفرد الكباري ونعبر."
مرت الدقائق كأنها سنين، حتى بدأت الضربة الجوية، وشاهدنا على الشاشة داخل غرفة العمليات الـ 220 طيارة تعبر قناة السويس، لتنجح الضربة الجوية الأولى، وكان من المفترض أن يكون هناك ضربة ثانيه في حالة عدم نجاح الضربة الأولى، لتأتي الإشارة من الفريق حسني مبارك بتمام نجاح الضربة الأولي وعدم وجود داعي للضربة الثانية.

يا أولادي: المقدم طيار عاطف السادات يعطي عائلة السادات شرف الاستشهاد في الضربة الجوية

ثم بدأت البلاغات تتوالى بعبور الموجات الأولى من قواتنا بالقوارب المطاطية. وبدأتُ أتسلم أنا شخصيًا إشارات سقوط نقاط العدو الإسرائيلي على خط بارليف، حتى جاءت الساعة الثالثة، وشعرت بحركة غريبة على المنصة، فقام اللواء الجمسي من مكانه همس في أذن المشير أحمد إسماعيل، وبعدها قام المشير أحمد إسماعيل، وهمس في أذن الرئيس السادات وقاما معا إلي الخارج غرفة العمليات، حيث يوجد مكتب صغير، بعدها عاد الإثنان إلى غرفة العمليات، ليمسك الرئيس السادات بالميكروفون، وينادي على الجميع: يا أولادي، الآن سمعت خبر استشهاد المقدم طيار عاطف السادات ليكون أول شهيد في الضربة الجوية، وهو أخويا الصغير. وهذه مشيئة رب العالمين أن يكون أول شهيد في هذه الحرب المقدسة، ليعطي عائلة السادات هذا الشرف. وجلس الرئيس السادات. وظل يتابع موقف العمليات، لكنني يومها لاحظت لمعة الحزن في عينيه، رغم أنه كان يريد يخفيها من الجميع.

غرفة عمليات القوات المسلحة تضم بعض المدنين المشاركين في حرب أكتوبر

الأستاذ محمد حسنين هيكل في غرفة عمليات حرب أكتوبر 1973

في اليوم التالي، يوم 7 أكتوبر، حضر الرئيس السادات ومعه الأستاذ محمد حسنين هيكل من أجل مراجعة التوجيه الاستراتيجي من الدولة للقوات المسلحة للقيام بالعملية الهجومية، أو مايعرف بوثيقة إعلان الحرب، ولقد أضاف الأستاذ هيكل جملتين على التوجيه الاستراتيجي الذي تعده القوات المسلحة بغرفة هيئة العمليات لكي يعطي هذا التوجيه، البعد السياسي الاستراتيجي، ولقد تكرر حضور الرئيس السادات إلى غرفة العمليات لعدة مرات، حيث كان له مركز عمليات خاص مصغر للغاية يدير العمليات على مستوى الدولة من قصر القبة. وكان يحضر إلى المركز عندما تكون هناك حاجة لوجوده للموافقة على قرار ما، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.
خلال زيارته لمركز العمليات كان في الكثير من الأحيان يخرج من غرفه العمليات الرئيسية للمرور على القادة في مكاتبهم مثل مدير المخابرات الحربية وقائد سلاح المدفعية وغيرهم، ويتبادل الحديث مع الضباط، وقد كان لذلك بالطبع اثر كبير في رفع الروح المعنوية لدي الجميع، وكنتُ بالطبع واحدًا منهم، فالروح التي كانت تسود المكان طوال أيام الحرب من المشاعر التي لا يمكن أنا أنساها في حياتي.

وأنا على الربابة بغني

وعندما استمع في كل مرة لأغنية وردة الجزائرية، وأنا على الربابة بغني أتذكر الرئيس السادات، ففي إحدي مرت تواجده في غرفة العمليات، طلب أن يسمع الأخبار في الراديو وكان المركز تحت الأرض بحوالي 35م، لذلك لا يصل إليه إشارة الراديو، ليقوم على الفور رجال سلاح المشاة بعمل إريال سريع من الغرفة إلى سطح الأرض، وتم توصيل الراديو ليتم تشغيله ويكون أول ما يلتقطه أغنية وردة وأنا على الربابة أغني. وكانت أول أغنية نسمعها عن الحرب وعن النصر، لأننا كنا نعيش تحت الأرض قرابة شهر، فلم نخرج إلى سطح الأرض مطلقًا، ولم نكن نسمع أي من الأغاني، لذلك كانت أجمل أغنية سمعتها وتذكرني بأجمل نصر وأتذكر معها الرئيس العظيم السادات.
رحم الله شهيد مصر، ورحم الله أنور السادات شهيد الحرب والسلام.

في رحاب الجامعات المصرية

بقلم الواء الدكتور سمير فرج

26 جامعة مصرية تستضيف اللواء الدكتور سمير فرج

في العام الماضي، وبمناسبة مرور 50 عامًا، على انتصارنا في حرب أكتوبر 1973، قررت زيارة الجامعات المصرية لتوعية الشباب المصري بقصة نجاح القوات المسلحة المصرية في تحقيق النصر على الجيش الإسرائيلي، الذي طالما ادعى أنه الجيش الذي لا يقهر، وردد أنه أحد أقوى القوات العسكرية. وقمت بزيارة 26 جامعة مصرية في جميع ربوع مصر، شمالًا وجنوبًا، وشرقًا وغربًا. والحقيقة أن تلك اللقاءات كانت مبهرة لي، شخصيًا، لما لمسته خلالها من تعطش الشباب لسماع بطولات حرب أكتوبر 1973، خاصة وأن الكثيرين منهم لا يقرأ الصحف أو يشاهد التليفزيون، مكتفين بوسائل التواصل الاجتماعي كمصدر لمعلوماتهم.

ندوة اللواء الدكتور سمير فرج في جامعة سوهاج لإحياء الذكري الخمسون لانتصارات أكتوبر المجيدة

الحرب الإسرائيلية في غزة : أعادت الوعي ببطولات أكتوبر لدي الشباب

وبعد كل لقاء، كنت أفتح مجال للمناقشة مع الشباب، للرد عن أية أسئلة أو استفسارات، فكانت أولى المفاجآت بالنسبة لي، أن تلك الفقرة كانت تمتد لأكثر من ساعة، مقابل المحاضرة التي لا تطول عن ساعة ونصف، أما المفاجأة الأهم، فكانت في التعليق الذي اسمعه في كل لقاء، عن عدم دراية الشباب بتفاصيل تلك البطولات، وفي بعض الأحيان بعدم معرفتهم بها برمتها.

وفي هذا عام، تلقيت الكثير من الدعوات، من العديد من الجامعات المصرية، لعقد لقاءات مع الطلبة، بمناسبة مرور 51 عام على نصر أكتوبر، ورغم مشقة السفر، إلا أنني قبلت جميع الدعوات، سواء من الجامعات أو النقابات، لما أجده فيها من متعة ومسئولية للحفاظ على التاريخ، كشاهد عيان عليه. فلم يمر يوم من شهر أكتوبر، إلا وأنا على موعد للقاء الشباب. ولقد كانت سعادتي الأكبر، هذا العام، بحضور أعداد غير مسبوقة، في كل لقاء، فاقت القدرة الاستيعابية للقاعات المخصصة للمحاضرات، حتى كان الشباب يملأ الطرقات بين المقاعد.

ومع بدء لقاءات هذا العام، لاحظت الاهتمام المتزايد من الشباب، ورغبته في التعرف أكثر وأكثر على حقائق ما حدث في حرب أكتوبر، خاصة في ظل أحداث الحرب في غزة، ولبنان، التي جعلت الكثيرون يتسألون عما إن كان ذلك يمثل تهديدًا لمصر؟ لذا اتجه النقاش، بعد المحاضرة، للسؤال عن أحداث غزة، ومستقبل الصراع في المنطقة، ووضع مصر من تلك التصعيدات.

وانتهت النقاشات، والجميع مطمئنون لأن لمصر جيش وطني، قوي وقادر على حمايتها، ورئيس لديه من الحكمة والبصيرة، من يكفي ألا تتورط مصر في أية صراعات. ولعل الأيام أجابت على بعض الأصوات، التي تعلو بين الحين والآخر، متسائلة عن أسباب شراء الميسترال والرفال، بأن القيادة السياسية المصرية استبقت الأحداث، بتكوين قوة ردع، عسكرية، قادرة على تحقيق لنا السلام، فلا يجرؤ أحد على تهديد مصر، وبأنها ستظل آمنة، دومًا، بإذن الله.

اللواء الدكتور سمير فرج خلال زيارته لجامعة الجلالة الأهلية

اللواء الدكتور سمير فرج: 8-4، نتيجة مناظرتي مع شارون لصالح مصر. (الحلقة الأخيرة)

استعرضت في مقالي السابق، قصة استغلال شارون الثغرة بين الجيش الثاني والثالث، وقيامه بالعبور من شرق القناة إلى غرب القناة، من خلال البحيرات، ليصل الي الأراضي المصرية على الضفة الغربية لقناة السويس، وكيف أن الملازم جوفي Joffy، ومعه السلاح الجديد المضاد للدبابات تو، أستطاع أن يوقف هجوم اللواء المدرع المصري ليتقدم شارون.
وهنا جاء السؤال المهم من خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية: "جنرال شارون.. إن خسائر إسرائيل في معركة الدفرسوار فقط تساوى خسائر إسرائيل كلها في حرب ١٩٥٦ و١٩٦٧ لذلك فإن من أطلق عليك الجنرال الدموي لم يكن مخطئاً" هنا ثار شارون وأضاف: لقد أعدت لإسرائيل هيبتها التي فقدتها في هذه الحرب.

صور أشهر جندي مصري في حرب أكتوبر، وهو يخاطب الله بعينيه فرحًا بالنصر العظيم واسترداد الكرامة والعزة والشرف.

الجنرال شارون: في رأيك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريين؟

لكن ما يهمني هو السؤال الأخير في الحلقة وكان موجها للجنرال شارون قبل أن ينتهى وقت البرنامج، حيث سأله خبير معهد الدراسات الاستراتيجية: الجنرال شارون في رأيك ما هي مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريين، هل هجومهم يوم عيد الغفران والحياة متوقفة في إسرائيل؟ هل هجومهم في منتصف النهار وهو أمر لم يكن متوقعا ؟ هل قيامهم بغلق مضيق باب المندب في مفاجأة أذهلت إسرائيل؟ هل لأنهم نجحوا في التنسيق مع سوريا لشن الهجوم في توقيت مشترك؟ هل لأنهم هجموا بطول مواجهة القناة وهو أمر لم يكن في تخطيط. وحسابات وتوقعات الجانب الإسرائيلي؟ هل.. هل وذكر له عدة نقاط أخرى.

لكن شارون أجاب: إن ذلك كله لم يكن مفاجأة لنا، إن بعض ما ذكرته ربما كان خارج توقعاتنا وخارج حساباتنا مثل إغلاق مضيق باب المندب، لكن المفاجأة لي شخصيا في حرب ۱۹۷۳ هي «الجندي المصري». فلم يكن هذا الجندي المصري هو الذي قابلته في حرب ١٩٥٦ أو ۱۹٦٧، فالجندي المصري في الحروب السابقة كان لا يعرف القراءة والكتابة هذه المرة عندما كنت استجوب الأسرى المصريين بنفسي رأيت لأول مرة خريجي كليات التجارة والهندسة والحقوق إلخ. أيضاً الروح المعنوية لهذا الجندي هذه المرة كانت مختلفة تماماً و…
وأضاف قائلاً: إنه وهو متقدم بسرية الدبابات نحو الإسماعيلية بعشر دبابات، فجأة خرج من بين الأشجار 6 جنود من الكوماندوز المصريين، وقال إن ستة جنود ضد عشر دبابات الأمر واضح! إنهم جميعا قتلى!! ثم قال: إن المفاجأة أنهم أصابوا خمس دبابات إسرائيلية، وتم القضاء على الكوماندوز المصريين.

شارون: مفاجأة حرب أكتوبر : الجندي المصري الجديد المتعلم خريج الجامعات.

يقول شارون: هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر، الجندي المصري الجديد المتعلم خريج الجامعات، هذا الجندي المسلح بروح معنوية عالية تعلم شراسة القتال.. لم يعد يُرهِبَه جيش الدفاع الإسرائيلي كما كان من قبل، لقد صنعت منه هزيمة ١٩٦٧ إنساناً جديداً، عكس توقعاتنا بعد ١٩٦٧: بأننا قد قضينا على الجيش المصري، وأصبح جثة هامدة غير قادر على القتال مرة أخرى. أضاف شارون: أنه يجب على المخطط الإسرائيلي في أي حرب قادمة مع مصر، أن يضع في حساباته، نوعية هذا الجندي الجديد الذي لم نقابله من قبل. وأنهى حديثه قائلاً: هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر لي شخصيا الجندي المصري الجديد.

نتيجة المناظرة 8-4 لصالح مصر.

انتهت المناظرة بحصولي على 8 درجات وحصل شاروون على أربعة درجات فقط. مع توصيات عديدة جاءت معظمها سلبية في خطط وأداء جيش الدفاع الإسرائيلي، سواء في الخطة الدفاعية لخط بارليف، أو أداء معركة شارون غرب القناة، بينما كانت الإيجابيات للقيادة المصرية التي أوصى معهد الدراسات الاستراتيجية أنه يجب أن تدرس المعاهد العسكرية والمراكز العلمية هذا الفكر المتطور والتخطيط المتميز للقيادة المصرية، والأداء الراقي للجندي المصري في هذه الحرب. كما أكد معهد الدراسات الاستراتيجية على إضافة عنصر جديد من عناصر مقارنة القوات وعناصر حسابات التوازن العسكري للدول، هو: إضافة العنصر البشرى. فهو أمر لم يكن محسوباً من قبل، وقد جاء ذلك بعد الأداء المشرف للجندي المصري في حرب ۱۹۷۳.

تحية فخر واعتزاز للجندي المصري العظيم.

يكفي هنا أن أقول إنه في نهاية العام 1973 كان من المفترض أن يُصدر معهد الدراسات الاستراتيجية تقريره السنوي Military Balance مع بداية عام 1974كما يحدث كل عام، لكنه تأخر ستة أشهر بهدف أن يتضمن عدد عام 1974 المفاهيم القتالية الجديدة التي حقها الجيش المصري في هذه الحرب. حيث انه في بداية عام 1973 وقبل بدء الهجوم المصري واقتحام قناة السويس، كان التقرير يتضمن أنه في حالة محاولة القوات العربية وبالذات المصرية الهجوم على خط بارليف واقتحام قناة السويس، فإن الفشل سيكون من نصيب القوات المسلحة المصرية. حيث أن أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات الإسرائيلية تتفوق بمراحل على أعداد ونوعية الأسلحة والمعدات المصرية.
من هنا جاءت المفاجأة أن المصريين انتصروا في هذه الحرب، ومن هنا تأخر إصدار عدد التوازن العسكري Military Balance الصادر عن (IISS) عن عام 1974 ليتأخر ستة شهور كاملة. حيث جاء العدد الجديد ليوضح أن معهد الدراسات الاستراتيجية قد توصل إلى حقيقة مفادها: أن ما حققه المصريون في هذه الحرب يفوق كل التقديرات، لأنه برغم تفوق الجانب الإسرائيلي في أعداد ونوعية السلاح، إلا أن النصر جاء للمصريين بسبب نوعية جديدة تضاف في أي تحليلات قادمة، هي الروح المعنوية للجندي الذي حارب لاستعادة أرض بلاده، ونوعية الجندي الذي أصبح خريج الجامعات العليا، وليضع معهد الدراسات الاستراتيجية فقرة جديدة في أي تحليلات قادمة، هي: نوعية الجندي وروحه المعنوية وتصميمه على القتال واستعادة أرضه.

الله أكبر على عظمة أولادك الغاليين يا مصر.

ليغير الجندي المصري المفاهيم والعقائد القتالية في العالم كله بعد انتصار أكتوبر 1973، والحمد لله، وصدق رسول الله الصادق الوعد الأمين حين قال: إذا مَنَّ عليكم الله بفتح مصر، فاتخذوا منها جندًا لكم فإنهم خير أجناد الأرض وفي رباط إلى يوم الدين. وكل عام ومصرنا الحبيبة الغالية، عزيزة صواريها، مرفوعة هاماتها، أبيِّة بشعبها وجيشها وقيادتها.

شكر وتقدير وامتنان

اللواء الدكتور سمير فرج

يتقدم مركز الفارابي بجزيل الشكر والتقدير والإمتنان لسيادة اللواء الدكتور سمير فرج، على موافقته بنشر هذه المقالات الخاصة بمناظرته التاريخية مع اسحاق شارون، وهي المناظرة التي سطرت بحروف من النور قطرة غالية من قطرات مياه بحر أكتوبر العظيم، هذا البحر الفريد في طبيعته وفي طعم مياهه التي ذاقت عذوبة دماء المصريين فتحولت بقدر الله لمياه عذبة أبد الدهر، ليظل المصرييون يسطرون منها تاريخهم وعظمتهم وامجادهم، ويتوارثون الإرتواء من مياهه حتى تقوم الساعة. عاشت مصر حُرة أبيِّة عصيِّة على أعدائها إلى يوم الدين.