جيهان حافظ: الأصولية المفخخة هي عقيدة المتطرفين في جميع الديانات السماوية.
“العلمانية” لم تنجح فى استئصال “الموروث الديني بالغرب”
الاصولية الدينية ليست حكرا على الدين الإسلامي ولكنها موجودة فى جميع الأديان، والعالم الغربي نفسه يعاني منها هو الآخر، كما يعاني منها العالم الإسلامي. فهناك الأصولية المسيحية والأصولية اليهودية.
من الثابت أن “العلمانية” لم تنجح فى استئصال “الموروث الديني بالغرب”، فهناك الكثير من الأحزاب السياسية فى الغرب مقرونة بالمسيحية، بل إن يوجد هناك مئات الكليات والمعاهد اللاهوتية والدينية. فعلمانية الغرب “لم تمنع تدريس الديانة المسيحية”.
والحزب المسيحي الأصولي الذي ظهر بأمريكا عام ١٩٧٩ باسم الغالبية الأخلاقية، خير دليل على ذلك وهو نفس العام الذي قامت فيه حركة طالبان التي دعمها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر لمحاربة السوفييت. فكانت بمثابة “الارض الخصبة لتنظيم القاعدة وخلاياها”، وهي التي صدرت جميع الإرهابين للمنطقة العربية، وهي أيضًا التي انبثقت عنها كافة الحركات والجماعات المتطرفة التي يعاني منها العالم العربي، (القاعدة.. المرابطون.. الموقعون بالدم.. الملثمون.. فالجهاد والتوحيد التي تحولت لداعش). فكانت بمثابة كرة النار التي تدحرجت من أفغانستان لتُزرع بقلب العالم العربي، ومازالت مشتعلة حتى اللحظة في “سوريا، العراق وليبيا”.
فى نفس العام كانت قد قامت الثورة الإسلامية الإيرانية، واستولى أية الله الخميني على السلطة وأسسَّ “الدولة الأصولية الشيعية في إيران”، وقبل ذلك كله كانت قد تأسست “الأصولية اليهودية بإسرائيل عام ١٩٦٧” وهو الحزب الذي أخذ يدعو إلى “تجسيد العقيدة اليهودية”، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، من الإعلان عن “يهودية الدولة الإسرائيلية”، بعد سيطرة اليمين الأصولي المتطرف على السلطة فيها.
إذن الإشكالية ليست فى الدين، لأن الدين في الأصل هو: “رسالة وإيمان”. لكن المشكلة فى فعل التشدّد، الذى يحوَّل الدين إلى “رهينة معتقد” الذى يظن مَن يعتنقه أنه الأصح، وأنه من المفروض فرضه على الغير، بتصورات باطلة لم يُقرها الدين، وذلك لخدمة أغراضه وأهدافه السياسية من أجل الوصول للسلطة.
التيار العلماني لم يستطيع بمفرده الوقوف فى وجه الأصولية المتطرفة التي أصبحت ظاهرة عالمية، فلم تقدم العلمانية شيئا لملايين المسلمين الذين قتلوا ويقتلون في بورما، لم تقدم غير هدم المساجد وبناء المعابد الهندوسية بالهند، كذلك لم تقدم غير الفقر والمجاعة للصومال وبنجلاديش..
العلمانية التي دفع الكثير حياتهم ثمنا للدفاع عنها أمثال “المفكر فرج فودة”، الذي تصدى للأصولية باستخدام العقل في التحليل، والمنطق في استخلاص النتائج، والشجاعة في عرض الحقائق مجردة دون زيادة أو نقصان، ليست الحل الشامل بل هي جزء من الحل فقط، إذ يمكن بشكل كبير جدًا أن تكون دافعة للانطلاق، بدلًا من الأيديولوجية الدينية.
إن الخروج من مأزق الأصولية مرهون بتجاوز الواقع الضيق لمواجهه التنظيمات وتفككها بالفكر الديني المعتدل بدون مزايدات أو غلو.
إن الإسلام برئ ممن يحاولون استخدامه لخدمة اهدافهم السياسية فكل صاحب فكرة عن الدين يعتقد ان نظريته هي الحق المطلق وبالتالي لن يؤمنوا بالديمقراطية التي تأتى بصاحب تصور مخالف لكي يحكم.
الأصولية معاكسة لروح الاسلام وجوهره، فالاسلام دين يدعو للتقدم، والمتشددين يدعون للتخلف، الإسلام دين سماحة وهؤلاء دعاة تعصب، الإسلام يكرس الحوار وهؤلاء يريدون فرض آراؤهم بالعنف والإكراه.