الافتتاحية

الدكتور مدحت حماد: نحو هُويِّة مصرية جديدة.

على مر التاربخ المصري الطويل، تشكلَت هُويِّة وشخصية مصر، سواء كان ذلك في عصور ما قبل التاريخ المكتوب أو ما تلاه من عصور. ولقد ظلَّت هذه الشخصية وحتى الآن، متفرده في طبيعتها وفي خصائصها، كينونيتها، ماهيتها، طباعها، وقناعاتها و... إلخ حتى أن البعض يُطلق على الشخصية المصرية، أو على المصريين أنفسهم عبارة شهيرة جدًا لكنها تكاد تكون أصح العبارات الواصفة للشخصية المصرية، أو لشخصية المصريين أنفسهم، تقول العبارة: "الشعب المصري دا ملوش كتالوج!!" يعني لا توجد خارطة طريق ثابتة مستقرة لفهم وتوقع تصرفات وسلوكيات وممارسات وأفعال المصريين خصوصًا في "وقت الأزمات".

في أحدى أغنيات على الحجار -اسمها "عَم بطاطا"- توجد بعض الجمل يمكن ذكرها هنا، تقول: "عَم بطاطا؟ لذييييذ ومعسسسِّل، عُمرُه مَطَاطَا لغير الله... عَم بطاطا يِذُك الذَكَّة يُعبر سينا ويفتح عكا ..." إلى آخر الأغنية. طبعا تصف كلمات الأغنية بعض صفات للمصريين، أنهم لا يطاطون رؤسهم "إلاَّ لله"، حى وإن بدا عليهم ما قد يخالف ذلك. كذلك، فإن "عَم بطاطا" -يعني المصريون- يقدر ببساطة وهوَّة "بيِذُك الذَكَّة، يعني "يمشي على رجليه ويخطو الخطوة وهو مريض"، يقدر أنه "يعبر سيناء"، وكمان إيه؟ دا كمان "يفتح عكا" في فلسطين!!! يعني له هدف وطموح، وله إرادة وعزيمة، ومتى قرَّر ينفِّذ.

بالضبط كما حدث في حرب أكتوبر 1973 وغيرها من الأحداث، أو عندما قام بثورتين شعبيتين من أكبر ثورات التاريخ المصري، خلال الفترة من 25يناير 2011 وحتى 30يونيو2013، الأولى كانت ضد نظام حُكم كان يترأسه قيادة عسكرية، "الرئيس الأسبق حسني مبارك"، والثانية كانت ضد نظام حكم يترأسه "حاكم مدني قادم من تنظيم ديني، هو تنظيم الإخوان المسلمين"، ليعود المصرييون من جديد لتأييد تولي قيادة عسكرية جديدة رئاسة الدولة المصرية!!!

الخلاصة إن هذه الشعب، الشعب المصري، يِظهَر إنه فعلاً "ملوش كتالوج". لكن هذا الأمر قد يكون في حد ذاته أهم مؤشرات "ضياع أو فقدان الهُويِّة الوطنية". لماذا؟ لأن هذا الأمر يمكن أن يخلق ثغرات تنفذ منها هويَّات ثقافية وحضارية أجنبية غريبة وافدة. مثلًا: كلنا يعرف أن المصريين ثاروا ضد المَلَكيِّة، ودعموا الضباط الأحرار في 1952، لكن مع ذلك فإننا نشهد حنينًا بين الحين والآخر لهذه "المَلكيِّة" من جاب بعض المصريين! ليس هذا فحسب، بل إن هناك ما هو أخطر من ذلك كله، فجميعنا يُلاحظ حالة الإختراق الثقافي التركي العثماني لوجدان وثقافة المصريين خلال العقود الأخيرة سواء نتيجة للمسلسلات التليفزيونية، أو نتيجة للصلات الوثيقة التي تربط تركيا بتنظيم الإخوان المسلمين، أو نتيجة لتأثر الدارسين للغة التركية بالجامعات المصرية وكذلك المصريين المرتبطين في أعمالهم وأرزاقهم، تأثرهم بتركيا في اطار العلاقات الاقتصادية المصرية التركية التي يقترب عمرها من 30 عامًا.

مع ذلك هناك من يتباهى بميوله التركية _حتى وإن قام بنفي ذلك رسميًا_ وهناك من يتمنى عودة الملكية العثمانية في اطار فكرة "الخلافة الإسلامية". هذا الأمر نفسه ينصرف كذلك على الذين يدروسن اللغات الصينية، الألمانية، الروسية، الفرنسية، وبالقطع الإنجليزية، وهو ما بات يزداد رسوخًا في الوعي المجتمعي المصري، عبر ومن خلال ظاهرة انتشار الجامعات الأجنبية في مصر، التي كانت مقتصرة فقط إلى وقت قريب، على الجامعتين: الأمريكيىة والبريطانية، بل إن الأمر امتد كذلك إلى اللغة اليابانية، التي بدأت في الإنتشار من خلال نموذج "المدارس اليابانية" في مصر، خلال الخمس سنوات الماضية فقط.

هنا تتجلى وتنكشف مؤشرات ومقدمات لِأَزمِة هُوية حتمًا سَتُطِل برأسها في المجتمع المصري خلال عقدين على الأكثر، أي مع اكتمال بناء "الجيل الأول" من المصريين الدارسين في المدارس والجامعات الأجنبية الأجنبية العاملة في مصر.

من الأسباب والعوامل التي تساعد بل وستساعد في ترسيخ "أزمة الهويَّة" يمكن ذكر ما يلي:

1- تعدد أنماط التعليم الجامعي في مصر، ما بين حكومي عام، حكومي أهلي، خاص مصري، خاص أجنبي وأهلي خاص.

2- عدم وجود "إستراتيجية ثقافية" محددة وواضحة الأسس والمعالم والمرتكزات والأهداف إلخ.

3- تدهور العملية التعليمية في جميع أنماط وأنواع التعليم ما قبل الجامعي، سواء على صعيد البناء العلمي، أو المعرفي، أو الثقافي، إلخ

4- التراجع الكبير في الإهتمام بعملية "بناء الوعي الثقافي الحضاري المصري" داخل أروقة وفصول التعليم ما قبل الجامعي، وهو ما يجسده عدم الاهتمام الفعلي الحقيقي بتدريس المقررات المرتبطة بذلك مثل التربية الوطنية.

عشرات الأسباب والعوامل القائمة فعليًا في المجتمع المصري، تكشف دون لبث أو شك عما نتناوله في هذا الصدد.

إن القيام بعمل إجراء أو استطلاع رأي بين جموع وعموم المصريين حول مدى وجود وضوح وتبلور حقيقي صحيح بشأن "الهُويِّة المصرية" لديهم سواء من حيث المعنى والمفهوم، أو من حيث "ثوابت الهُوية" التي يجب تحققها داخل كل مصري، أو من حيث طبيعة ونوع التهديدات التي يمكن أن تصيب "الهُوية المصرية"، إلى غير ذلك، من شأنه أن يكشف لنا عن حقائق مذهلة في طبيعتها السلبية، ومرعبة في نتائجها، ومخيفة ومفزعة في مخاطرها وتهديدها للسلم والإستقرار والأمن الجمعي المجتمعي الإجتماعي لمصر وللمصريين.

وللحديث بقية؟

قريبًا.. استشاري الطاقة علي عبد الله الريامي، يكتب في الفارابي نيوز.

ترحيب خاص بقلم الدكتور مدحت حماد

بالرغم من أنه لم يمضي عام على تشرفي ومعرفتي الشخصية بالأستاذ "علي عبد الله الريامي"، إلا أنني شعرتُ خلال هذه الفترة وكأني أعرفه منذ أعوام طوال، حيث لم ينقطع تواصلنا أبدًا منذ تعارفنا لأول مرة في مايو 2024 في مؤتمر أمن الطاقة من أمن الممرات المائية، فطوال تلك الأشهر، وجدنا أنفسنا نتواصل إنسانيًا وعلميًا وبحثيًا وبشكل مثير للدهشة حقًا، حيث جمعتنا فعلاً العيد من القواسم المشتركة، على رأسها عشقنا لوطننا العربي، عشقنا لبلدينا مصر وعمان، عمان ومصر، تألمنا الكبير لم آلت إليه أمتنا أوضاع العربية، وتكالب القوى الطامعة عليها.

ثم كان أن اقترحت عليه أن يشرفنا بكتابة مقالات للنشر على "الفارابي نيوز"، فما كان منه إلا أن وافق بترحاب زاد بل ضاعف من وعيي الخصي به، وهو ما سيتم فعلًا بإذن الله اعتبارًا من يناير 2025. سوف يدرك السادة القراء أن ما قلتُه عنه هو النذر اليسير، وذلك بعد أن أشرف بعرض نبذة موجزة عنه لحضراتكم.

استشاري الطاقة علي عبد الله الريامي.. مَن هو؟

هو إبن "سلطنة عمان" و"مصر"، نعم وُلِدَ في عُمان، لكنه حصل على بكالوريوس العلوم الاجتماعية من جامعة حلوان، بالقاهرة، مصر. هو أيضًا رغم أنه مواليد قارة آسيا إلا أنه "أفريقي" الهوى، كيف؟ بعيدًا عن لغته العربية: وكذلك اللغة الإنجليزية، فهو يتكلم اللغة السواحلية بطلاقة، وقلما نجدُ عربيًا أيًا كانت دولته، يتكلم اللغة السواحيلية.

الخبرات العملية الوظيفية

من خلال مسيرته الوظيفية سوف ندرك أنها كانت خبرات نوعية متخصصة ومتميزة، وهو ما يجعل موافقته على كتابة مقالات للفارابي نيوز شرف كبير للموقع ولمركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية معًا.

تولى المدير العام للتسويق (2010-2021) بوزارة الطاقة والمعادن، مسقط

قبلها كان المدير العام للمالية والإدارة (1998-2010) بوزارة الطاقة والمعادن، مسقط

قبلها أيضًا كان قد شغل منصب مدير التخطيط والتنمية السياحية (1993-1998) بوزارة التجارة والصناعة، مسقط.

ليس هذا فحسب، إنما كان ولازال عضوًا في العديد من اللجان النوعية المتخصصة، التابعة لعدد من المنظمات والمنتديات والشركات الحكومية غير الحكومية المتخصصة مثل: منظمة أوبك+، منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF)، منتدى الطاقة الدولي (IEF)، شركة تنمية نفط عمان (PDO)، شركة عمان للغاز الطبيعي المسال (Oman LNG)، بالطبع هذا بجانب أنشطة ومشاركاته الإعلامية الفعالة في العديد من القنوات الفضائية والوطنية العمانية والعربية.

لجميع ماسبق نتشرف نحن إدارة مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية بأن يكون بيننا ومعنا مثل هذه الشخصية الخلوقة الوطنية القومية العالِمة الخبيرة المتخصصة بإمتياز.

د. مدحت حماد: هل سيكرر العرب مرة أخرى حساباتهم الإستراتيجية الخاطئة؟ (الحلقة الأولى)

الأحداث الجارية في شرق المتوسط الآن، هي أحدث "خطيرة" بامتياز، وهي أحداث "مفصلية فارقة"، وهي أيضًا أحداث "مُنشِئة كاشفة". الواقع العسكري "المُخيف" في شرق المتوسط لا يدل على أن المقصود هو "محور المقاومة" بقيادة إيران فحسب، إنما يدل على أننا بصدد "حدث إقليمي دولي إستراتيجي" يتشكَّل في رحم شرق المتوسط، وأن "طوفان الأقصى" كان بمثابة العُنصر أو العامل المحَّفِز لنشوء وميلاد هذا الحدث.

تمامًا مثلما كانت جريمة صدام حسين بغزوه الكويت هي العنصر والعامل المحَّفِز لما حدث بعده، من غزو للعراق، إحداث تغيير جذري في خريطة وهيكلية وبنية "النظام السياسي العراقي" من جهة، وقطع "الحبل السُري العربي" الذي كان يربط العراق مباشرة بجميع دوائر الأمن القومي العربي.

فبسبب جريمة إحتلال الكويت التي لم تستمر سوى شهور معدودات، والتي صاحبتها "مشاعر زائفة بالزهو النصر السياسي" لدى صدَّام حسين ونظامه، إنفك "عقد التضامن العربي الخليجي العراقي" لعقود طويلة، ولسوف تستمر لأجل غير مُسمى.

فلقد انقطعت كل أواصر الصلة والعلاقات بين "دول مجلس التعاون الخليجي" وبين "العراق" ما بعد صدام حسين، بل صار هناك عداء محكم، وتشكلت خريطة عدم الثقة والكراهية _عبر وسائل وآليات متنوعة عديدة_ وصلت لحد العداء بين الطرفين لقرابة ثلاثين عامًا أو يزيد، مما نتج عنه وبشكل غير مسبوق، منذ سقوط الخلافة العباسية، أن صار العراق بمثابة العمق الإستراتيجي النوعي لإيران، بعد أن كان "بوابة الأمن القومي العربي الشرقية"!

منذ ذلك التاريخ، ومنذ تبلورت تلك المتغيرات والمستجدات، فَقَدَ العربُ العراقَ. وتحول وضع العراق إلى أن صار شبيهًا بوضع "الدول الإقليمية" المجاورة للوطن العربي، وذلك بالرغم من كل "ظواهر أو مَظاهر العروبة الشكلية" التي ترسم الصورة السياسية "للنظام السياسي العراقي". لكن الحقيقة أن العراق قد بات مكونًا أصيلاً من مكونات "التحالف الإقليمي" الذي يعرفه الجميع بمسمى "محور المقاومة" الإسلامية بقيادة إيران.

واقع الأمر الذي تعيشه الدول العربية في المشرق ومعها مصر يقول ما يلي:

1- إن جميع هذه الدول _باستثناء سوريا واليمن_ رفعت رسميًا إسم "إسرائيل" من قائمة الأعداء، سواء من خلال وعن طريق توقع معهدات السلام، أو من خلال وعن طريق التطبيع أو من خلال وعن طريق إعلان النيِّة للتطبيع المشروط.

2- إن جميع هذه الدول _باستثناء سوريا واليمن_ تقيم علاقات سياسية، اقتصادية مع إسرائيل.

3- بعض هذه الدول تقيم علاقات أمنية عسكرية مع إسرائيل.

4- إن جميع هذه الدول _باستثناء سوريا واليمن_ قد تخلت عن الكفاح المسلح لتحرير فلسطين والقدس وإقامة الدولة الفلسطينية ولو على أراضي الرابع من يونيو1976بعاصمة محدودة في القدس الشرقية.

5- جميع هذه الدول _باستثناء سوريا واليمن_ تقيم علاقات سياسية، اقتصادية، أمنية وعسكرية بل وربما استراتيجية مع أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا، وجميعها من الدول الراعية لإسرائيل الضامنة لبقائها وإستمرار وجودها.

فقط "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" هي التي تقود المقاومة الفلسطينية ومنذ عودة الخميني لإيران في فبراير 1979 وإعلانه سحب الإعتراف الإيراني بإسرائيل، ثم إعتراف الجمهورية الإسلامية بفلسطين كدولة وتسليم سفارة إسرائيل لياسر عرفات لتكون "سفارة دولة فلسطين"، تقود العملية الإستراتيجية الشاملة _طويلة الأجل" لتحرير فلسطين والقدس، قيادة سياسية، دينية بل وإستراتيجية. وهي قيادة تتميز بعدد من الخصائص والسمات النوعية مثل:

1- أنها لم تسعى لإذابة المقاومة الفلسطينية في "بوابة المذهبية الدينية"، وإنما تعاملت معها من منظور الثوابت والقواسم الإسلامية المشتركة بين جميع المسلمين على إختلاف مذاهبهم(سيدنا محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين، الإسلام هو الديانة السماوية الخاتمة، القرآن الكريم هو كتاب الله الحبل المتين، القِبلة الدينية كانت المسجد الأقصى ثم أصبحت مكة المكرمة).

2- أنها لم تسعى إلى فرض إرادة سياسية ما على المقاومة الفلسطينية، هي فقط قدمت نفسها كظهير إستراتيجي: سياسي، إعلامي، اقتصادي، علمي، تكنولوجي بل وعسكري.

3- أنها قد نزلت معها الميدان _عبر ومن خلال فيلق القدس_ من أجل الإعداد والتخطيط والمشاركة الوجدانية الروحية، الميدانية العسكرية.

4_ أنها قدمت للمقاومة الفلسطينية "سابقة أعمالها" بشأن عقيدتها المعادية لإسرائيل. أقصد هنا "حزب الله اللبناني"، وهي سابقة الأعمال التي تميزت بالقدرة على البقاء والقدرة على الإنتصار ومن ثم القدرة على تحرير الأرض و"فرض الإرادة" وهذه جميعها متطلبات ومكونات وعوامل البقاء لأي حركة مقاومة. (مصر عبد الناصر والمقاومة الجزائرية نموذجًا).

5- أنها قدمت كذلك للمقاومة الفلسطينية "سجلاً ناجحًا ناصعًا" لدورها الإقليمي، المتمثل في دعم وتأييد وحماية النظام السوري بصفة عامة و"بشار الأسد" بصفة خاصة.

6- أنها تقدم "الأدلة الدامغة" للمقاومة الفلسطينية والعالم الإسلامي بأسره، على مشروعية ومصداقية مواقفها وإستقامة عقيدتها وأيديوليجتها الدينية الإسلامية، وهي الأدلة التي تجسدها "جميع أشكال ومستويات وأنماط الحظر والعقوبات السياسية، التكنولوجية، الاقتصادية، العسكرية... إلخ كل ذلك بسبب مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

فإذا ما نظرنا لطوفان الأقصى في ظل وفي إطار جميع "المعطيات" السابقة، وأضفنا عليها ما يلي:

1- أن الدول العربية سالفة الذكر، عجزت فعليًا وحقيقيًا عن منع إراقة الدماء الفلسطينية.

2- أنها أيضًا عجزت عجزًا تامًا ومطلقًا عن تقديم الدعم الاقتصادي للفلسطينيين.

3- أن جميع هذه الدول لم تغضب الغضبة القومية الدينية أو حتى الإنسانية التي كان يجب أن تكون إثر وقوع قرابة خمسين ألف شهيدًا فلسطينيًا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وقرابة 100 ألف جريحًا أيضًا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

4- أنه ما من دولة عربية من الدول سالفة الذكر كانت لديها القدرة الدينية على نُصرة الفلسطينيين بالسلاح لصد الأعداء التاريخيين للأمة الإسلامية، أي اليهود.

5- أن بعض الدول العربية سالفة الذكر حرصت -ولأسباب متنوعة- على إقامة مهرجانات الترفيه والغناء والرقص طول العام الأول من طوفان الأقصى.

من هنا يعود السؤال الذي سبق وأن قمتُ بطرحه في عدة مقالات قبل إنطلاق "طوفان الأقصى" بعامين، السؤال هو:

ماذا لو تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحرير فلسطين والقدس بمساعدة الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

إن هذا السؤال هو "الحقيقة الوحيدةالكامنة" التي قصدتها من إختاري لعنوان هذا المقال وهو: هل سيكرِّر العرب مرة أخرى حساباتهم الإستراتيجية الخاطئة؟

مبدئيًا أُجيب على سؤالي هذا فأقول: نَعَم. نَعَم سوف يكرِّر العرب حساباتهم الإستراتيجية الخاطئة مرة أخرى.

أما لماذا؟ وكيف؟ فلهذا كله حديث آخر بإذن الله.

اهداف الملتقى السنوي الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية

انعقد الملتقى السنوى الاول لاقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية يوم الثلاثاء الموافق 7 / 5 / 2024 بكلية الاداب جامعة طنطا تحت رعاية أ.د. محمود زكي رئيس الجامعة. أ.د. حاتم أمين، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث. و كان رئيس المؤتمر أ.د. ممدوح المصري عميد الكلية نائب رئيس المؤتمر أ.د. عبد الرازق الكومي وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث مقرر المؤتمر أ.د. مدحت حماد ، رئيس قسم اللغات الشرقية.

و جائت اهدافة على النحو التالى

أ_ مناقشة وتقييم دور ومكانة وواقع أقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية.

ب_ الو قوف على نقاط القوة والضعف في أقسام اللغات الشرقية، والتوصل لآلليات الالزمة لمعالجة نقاط

الضعف من جهة وتعظيم نقاط القوة من جهة أخرى.

ج_ وضع رؤى مستقبلية لتعظيم الدور المستقبلي التنموي ألقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية على

الصعيد القومي بصفة عامة وتنمية العالقات األدبية و الثقافية والفنية الحضارية بصفة خاصة.

توصيات الملتقى السنوي الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية

تقرير إخباري إعداد / رنا مرعي

شهدت كلية الاداب جامعة طنطا نجاحًا هائلاً للملتقى السنوي الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية، وذلك بحضور كوكبة من أساتذة اللغات الشرقية بالجامعات المصرية  

أكد الملتقى على أهمية دور اللغات الشرقية في تعزيز التواصل الحضاري والثقافي مع الدول الناطقة بها، وناقش سبل تطوير المناهج الدراسية و دمجها بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي

كما أوصى الملتقى بإنشاء مركز للدراسات الإستراتيجية الشرقية وتعزيز التواصل مع الجامعات في الدول الشقيقة شهد الملتقى تغطية إعلامية واسعة، ونال إشادة كبيرة من المشاركين

الاستاذ الدكتور / محمود زكى رئيس جامعة طنطا

الاستاذ الدكتور / ممدوح المصرى عميد كلية الاداب جامعة طنطا

الاستاذ الدكتور / مدحت حماد رئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الاداب جامعة طنطا

إنه في يوم الثلاثاء الموافق ٧مايو٢٠٢٤، أُقيم الملتقى السنوي الأول لأقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية، وذلك بكلية الآداب، جامعة طنطا، بحضور كل من: الأستاذ الدكتور ممدوح المصري عميد الكلية، الأستاذة الدكتورة تفيدة عبد الجواد وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب والأستاذ الدكتور عبد الرازق الكومي وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث ومشاركة نخبة نوعية متخصصة من السادة أعضاء هيئة التدريس بأقسام اللغات الشرقية من ثمان جامعات مصرية، وعدد من نواب مجلسيّ الشيوخ والنواب، وكذلك نخبة من الخبراء الإستراتيجيين والمحللين السياسيين والاعلاميين، من مركز  الأهرام للبحوث والدراسات الإستراتيجية، جريدة الجمهورية، اليوم السابع، المصري اليوم، صوت الأمة، وتغطية إعلامية نوعية إذاعية وتلفزيونية فضائية وصحفية، وأنه إذ يؤكد المجتمعون على دعمهم المطلق للقيادة السياسية فيما تقرره من سياسات خاصة بالقضايا الحيوية الرئيسية والاستراتيجية إقليمياً ودولياً، وفي مقدمتها وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فإنهم يرفضون رفضاً تاماً ومطلقاً جميع ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من جرائم عنصرية و إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في غزّة والضفة الغربية، ويعلنون وقوفهم المطلق و التام مع ما جميع ما تقرره القيادة السياسية في هذا الصدد.

كما يؤكدون جميعاً على أنه قد حان الوقت لتطوير حقل الدراسات الشرقية في الجامعات المصرية تطويراً جذريًا حقيقيا، انطلاقا من اللغة "كأداة" وليست "غاية"، ومن ثمَّ فإنهم يدعون إلى العمل على أن يكون التطوير المستهدف في الدراسة بأقسام اللغات الشرقية تطويراً قائمًا على نشر الدراسات البينية فيما بين هذه الأقسام وبين التخصصات والأقسام العلمية الأخرى، مثل الاقتصاد، الطاقة، القضايا والموضوعات السياسية والأمنية وغيرها،  بما من شأنه تعظيم "الدور التنموي الحضاري" الشامل لأقسام اللغات الشرقية وبما يخدم المصالح والأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية، وأنه من أجل "مأسسة" هذا الملتقى العلمي الاكاديمي وتطويره ليصبح "منتدى علمي أكاديمي مؤسسي دائم ومستمر"، فقد أوصى المجتمعون بما يلي:

أولا: تشكيل "الهيئة العلمية الاستشارية العليا للملتقى" برئاسة الأستاذ الدكتور/ عبد الله عزب، أستاذ اللغة التركية، كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، وعضوية السادة الأساتذة التالي ذكرهم: -

  1.  الأستاذ الدكتور /أحمد الشاذلي، أستاذ اللغة الفارسية والدراسات الإيرانية، كلية الآداب جامعة المنوفية.
  2. الأستاذ الدكتور/ محمد السعيد عبد المؤمن، أستاذ اللغة الفارسية والدراسات الإيرانية، كلية الآداب، جامعة عين شمس.
  3. الأستاذ الدكتور/ محمد السعيد إدريس، المستشار الأكاديمي لمركز الأهرام للبحوث والدراسات الإستراتيجية.
  4. الأستاذ الدكتور / إبراهيم محمد، أستاذ اللغة الأردية وآدابها، كلية الدراسات الإنسانية (بنات) جامعة الأزهر.
  5.  الأستاذة الدكتورة/ هدى درويش، أستاذ اللغة العبرية والدراسات الإسرائيلية، كلية الدراسات العليا الأسيوية، جامعة الزقازيق.
  6. الأستاذ الدكتور/ إبراهيم نصر الدين، أستاذ اللغة العبرية وآدابها، كلية الآداب جامعة طنطا.

ثانياً: تشكيل "أمانة عامة للملتقى" برئاسة الأستاذ الدكتور/مدحت حماد، أستاذ اللغة الفارسية والدراسات الإيرانية، كلية الآداب جامعة طنطا، وعضوية كل من:

1- الأستاذة الدكتورة/ هويدا عزت، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها كلية الآداب، جامعة المنوفية.

2- الأستاذ الدكتور/ حازم منتصر، أستاذ اللغة التركية وآدابها، كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر.

 3- الأستاذ الدكتور/ نها مصطفى، أستاذ اللغة الأردية وآدابها، كلية الدراسات الإنسانية (بنات) جامعة الأزهر.

 4- الأستاذة الدكتورة/ إيمان الطيب، أستاذ اللغة العبرية وآدابها، كلية الآداب، جامعة بني سويف.

وأن تكون "كلية الآداب جامعة طنطا مقراً رسمياً للأمانة العامة" لهذا الملتقى، وأن تتولى "الأمانة العامة"، بالتعاون مع "الهيئة العلمية الاستشارية العليا للملتقى"، وضع "لائحة عمل المنتدى" وإعداد وتنفيذ جميع الأنشطة المستقبلية للملتقى.

ثالثاً: ضرورة البدء في العمل على تحقيق الأهداف التالية:

  1. وضع أهداف جديدة لأقسام اللغات الشرقية، مع مراعاة إدراج الدراسات والموضوعات البينيَّة الحديثة والمعاصرة ضمن المقررات الدراسية وبالتالي العمل على تعديل اللوائح الدراسية.
  2. إنشاء "مركز للدراسات الإستراتيجية الشرقية"، وإنشاء منصة طلابية ناطقة باللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة طنطا.
  3. العمل على إقامة قنوات من التواصل الأكاديمي مع الأقسام العلمية المتخصصة في اللغات الفارسية والتركية والأردية في الجامعات الإيرانية والتركية والباكستانية وغيرها من جامعات الدول الناطقة باللغات الشرقية، بما يسهم في تعظيم الدور التنموي الثقافي والحضاري لهذه الأقسام.
  4. البدء في إنشاء شعبة للغة الكردية بكلية الأداب، جامعة طنطا.
  5. ضرورة البدء في ربط المقررات واللوائح الدراسية ربطاً حقيقياً بتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، بما يؤدي إلى تعظيم الاستفادة من الخريجين، في مختلف المجالات الاقتصادية والفنية والثقافية والاجتماعية بل والسياسية والأمنية، بما يسهم في تعظيم رعاية المصالح والوجود المصري الثقافي والاقتصادي والفني التكنولوجي في هذه الدول الناطقة بهذه اللغات

والله ولي التوفيق

مقرر الملتقى

رئيس قسم اللغات الشرقية

أ.د / مدحت حماد

الدكتور يوسف زيدان في ضيافة “المنتدى الثقافي المصري”

في اطار الموسم الثقافي الجديد لعام 2024 الذي ينظمه "المنتدى الثقافي المصري"، تقيم "لجنة الصالون الثقافي" برئاسة "الأستاذ الدكتور حاتم قابيل" رئيس مجلس إدارة المنتدى، وبمشاركة "الأستاذة الدكتورة عبلة سلطان" أستاذ التاريخ الإسلامي، عضو مجلس إدارة المنتدى الثقافي، ندوة فكرية ثقافية يتحدث فيها "الأستاذ الدكتور يوسف زيدان"حول: "الإعلاء الوهمي للذات ونتائجه"، وذلك في تمام السابع مساء الجمعة الموافق 1مارس2024، بمقر المنتدى بجاردن سيتي (1101كورنيش النيل جاردن سيتي، بجوار السفارة البريطانية".

الأستاذ الدكتور يوسف زيدان

يعود تاريخ "تأسيس الصالون الثقافي للمنتدى الثقافي لعام 1998م" حيث أسسه المرحوم الأستاذ الدكتور عبد العزيز حجازي، رئيس وزراء مصر الأسبق، عندما تولى رئاسة مجلس إدارة المنتدى الثقافي في عام 1997م، وهو التقليد الذي تمسك به المرحوم معالي السفير أحمد الغمراوي مساعد وزير الخارجية الأسبق، مجلس إدارة المنتدى الثقافي في عام 2012م.

الأستاذ الدكتور حات قابيل

من الجدير بالذكر أنه بعد إنتخاب مجلس إدارة جديد للمنتدى الثقافي المصري في يونيو 2023م، كان في صدارة القرارات التي اتخذها المجلس، تجديد وتطوير وتحديث المنتدى الثقافي، المحافظة على التراث الثقافي النوعي الفريد، الذي امتاز به المنتدى على مدار عقود ثلاثة وبصفة خاصة: "الصالون الثقافي"، "صالون المقامات الموسيقية"، و"نادي السينما"، وهو ما بدأ تنفيذه فعليًا على أرض الواقع مع مطلع هذا العام 2024.

الأستاذة الدكتورة عبلة سلطان

هذا وتضم "لجنة الصالون الثقافي" التي يترأسها الأستاذ الدكتور "حاتم قابيل"، عددً من الأعضاء ذوي التاريخ الفكري الثقافي الأكاديمي المعرفي، مثل "الأستاذة الدكتورة عبلة سلطان" وكذلك الأستاذة الأديبة الكاتبة نجيَّة المسلمي".

أحد الأعمال الأدبية للكاتبة نجية المسلمي

أيضًا من الموضوعات والقرارات المهمة التي اتخذها مجلس الإدارة الجديد في نهاية عام 2023 تفعيل عمل اللجان النوعية المتخصصة ، مثل "لجنة كاتب وكتاب، "لجنة الرحلات الثقافية"، "لجنة الفنون" وكذلك "لجنة الفنون والثقافية العربية" وهي لجنة مستحدثة لأول مرة في تاريخ المنتدى"، ويترأس هذه اللجنة الأستاذ الدكتور مدحت حماد السكرتير العام للمنتدى.

البيان الأول لمركز الفارابي بشأن الجرائم الإسرائيلية في غزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وما النصر إلا من عند الله.

إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

بعد مرور أربعة أسابيع على العملية البطولية الشجاعة التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في غزة، التي شكلت صفعة قوية مؤلمة على وجه الاحتلال الاسرائيلي العنصري الغاشم،

فإن مجلس أمناء مركز الفارابي للدراسات، إذ يؤكد على دعمه الكامل والمطلق غير المحدود لجميع القرارات والاجراءات والمواقف التي تقررها الدولة المصرية، وإذ يؤكد على ثقة المصريين في قيادتهم السياسية، ورؤيتها الخاصة بإدارة الأزمة،

وإذ يشجب ويندِّد ويدين بأشد العبارات بالمواقف والصمت الأمريكي والأوروبي بل وتأييدهم الرسمي السافر للجرائم الإسرائيلية الوحشية النازية بحق الفلسطينيين المدنيين،

وإذ يدين عجز جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة عن منع وردع الكيان الصهيوني النازي المحتل لفلسطين، واجباره على التوقف عن ارتكاب جرائمه اللانسانية الرهيبة والفظيعة والبشعة بحق دماء الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والعجزة الفلسطينيين،

وإذ يعتبر جميع ما قام به الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي النازي الغاشم من جرائم بحق جميع المدنيين الفلسطينيين في غزة وبصفة خاصة ما ارتكبه ولازال يرتكبه من مجازر رهيبة وبشعة من خلال قصف وتدمير المستشفيات والأحياء المدنية والمساجد والكنائس والمدارس بالأسحلة المحرمة دوليًا وعلى رأسها القنابل الفسفورية الحارقة، وقيام المحتل الإسرائلي المجرم بإلقاء 17000 طنًا من القنابل الفتاكة ما يوازي قنبلتين نوويتين،

وإذ يدعو ويطالب محكمة العدل الدولية، وجميع الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة بمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين للإحتلال الإسرائلي الغاشم، في أسرع وقت ممكن بوصفهم مجرمي حرب، مُعادين للإنسانية وحقوق الإنسان،

وإذ يُشيد بالمواقف الشجاعة القوية الجريئة للقوى الدولية والإقليمية المناصرة للحقوق الفلسطينية وعلى رأسه روسيا والصين وتركيا وإيران، وإذ يُقَّدر بصفة خاصة مواقف روسيا والصين داخل مجلس الأمن واستخدامهما حق الفيتو ضد القرارات المجحفة الظالمة التي اتخذته الدولتان داخل مجلس الأمن من جهة، ودعمهما لمشروع القرار العربي بالجمعية العامة للأمم المتحدة،

فإن المركز يدعم ويؤيد ويشيد بقرارت عدد من الدول العربية والأجنبية بشأن الجرائم الرهيبة والفظيعة والبشعة التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي الغاشم ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ويخص بالذكر:

1- مطالبة مجلس النواب الليبي سفراء الدول الداعمة لإسرائيل بمغادرة ليبيا ووقف تصدير النفط والغاز لها.

2- بقرار مملكة البحرين بسحب سفيرها من تل ابيب احتجاجا على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة فضلا عن قرارها بمغادرة اليفير الإسرائيلي للبحرين، وفي هذا الصدد يؤكد مجلس الامناء أن قرار المملكة بقطع علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل خطوة قوية تدعم الضغوط الدولية والإقليمية والعربية على دولة الاحتلال الصهيونى لوقف العدوان على غزة.

3- قرار المملكة الأردنية الهاشمية بسحب سفيرها من إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلي من الأردن.

في هذا الصدد أيضًا، يطالب مجلس أمناء المركز جميع الدول العربية والاسلامية لتفعيل المقاطعة الشاملة مع إسرائيل، وكذلك يؤكد على دعمه التام المطلق للجهود المصرية ووعيه بأبعاد إدارة الدولة المصرية للأزمة وبصفة خاصة قدرتها على الردع وحكمتها في كيفية إدارة وتنسيق المحاور الخاصة بالدور الإستراتيجي المصري.

النصر لفلسطين والحياة للفلسطينيين.

دكتور مدحت حماد*: “مستقبل أمريكا والغرب” في الشرق الأوسط بعد إشعال فتيل “الحرب الدينية”؟

أمريكا الراعي الرسمي الرئيسي لحالة الجنون الإسرائلية المصاصة لدماء الفلسطينيين

بعد الجريمة الإسرائيلية النازية الفاشستية البشعة والمجزرة الرهيبة التي شهدتها كنيسة الروم الأرثوذكسية واستشهاد ستة عشر مسيحيًا فلسطينيًا، وبعد الفيتو الأمريكي في اجتماع مجلس الأمن أمس الخميس 19أكتوبر202 بشأن السماح بدخول مساعدات الإغاثة للفلسطينيين، أصبحت منطقة الشرق الأوسط برمتها تعيش على برميل وقود ملتهب وفي حالة غليان، حيث باتت أمريكا بمثابة الراعي الرسمي الرئيسي لحالة الجنون الإسرائلية المستعرة المصاصة لدماء الفلسطينيين، وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى اشتعال الغضب العربي الإسلامي بل والعالمي، ضد المجازر الإسرائيلية اليومية المرتكبة بدماء باردة من جانب العصابات الصهيونية التي تحكم في تل أبيب وواشنطن.

مما لا شك في أن هذه التحولات والمستجدات غير المسبوقة على مدار عمر كيان الاحتلال الإسرائيلي، سوف تقود المنطقة إلى تغيير جذري في معادلات التوازن والردع بين إسرائيل وبين جميع المحيطين العربي والاسلامي الذي يقيم بداخله كل مَن يعيش فيما يُعرف بإسرائيل. فلا أحد بمقدوره الآن أن يتوقع إلى أين ستذهب وستصبح الأمور وكيف سيكون مستقبل شرق المتوسط بعد الآن.

نحن أمام حالة اصطفاف اقليمي دولي غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.

إن العودة العسكرية النوعية الأمريكية لشرق المتوسط، وما رافقها من وصول قطع بحرية استراتيجية بريطانية، تكشف هي الأخرى، عن غموض وغيوم بات يلوح في الأفق الخاص بمستقبل منطقة شرق المتوسط. فإذا ما أضفنا الوجود العسكري النوعي الإستراتيجي الروسي والإيراني المتحقق فعليًا في شرق المتوسط عقدين على الأقل، نصبح أمام حالة اصطفاف اقليمي دولي غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.

الحقيقة أن اختلاط دماء الشهداء الفلسطينيين بين ما هو إسلامي وما هو مسيحي في عملية الإبادة العرقية الممنهجة من جاب الكيان الإسرائيلي المتغطرس بمباركة أمريكية بريطانية، إنما تذكرنا بمشاهد الحروب الصليبية التي إنتشرت في الأفلام السينمائية، التي انتهت جميعها بنهاية واحدة، هي النهاية التاريخية التي حدثت، ألا وهي هزيمة الصليبيين وطردهم من شرق المتوسط، ليعودوا من حيث أتوا، وهي نفس النهاية التي باتت تقترب أكثر فأكثر فأكثر عما كانت عليه الأمور قبل السابع من أكتوبر 2023.

تداعيات زوال وأفول الهيمنة الأمريكية.

مما لا شك فيه أن وقت رحيل أمريكا _كما نعتقد_ هو نفسه، وقت هزيمة الصهيونية في الشرق الأوسط ومن ثَمَّ زوال الكيان الصهيوني الوقح، المعروف إعلاميًا بإسرائيل. عندئذ، لن يصبح لأمريكا موطئ قدم ليس فقط في شرق المتوسط، إنما في معظم أرجاء الشرق الأوسط، وخصوصًا غرب آسيا. هنا نفقط سيبدأ فعليًا العد التنازلي لزوال وأفول لسي فقط الوجود والهيمنة الأمريكية في العالم فحسب، إنما سيصاحب ذلك زوال وأفول الهيمنة الأوروبية الغربية على العالم بأسره، وهو الذي سيكون زوالاً مركبًا.. أي زوال سياسي، اقتصادي، عسكري، أمني، علمي وثقافي.

نحن بصدد حدوث فراغ إستراتيجي لم يحدث في الشرق الأوسط منذ خمسة قرون.

هذا الأمر يعني أنه يجب علينا أن نضع تصورات وسيناريوهات لما بعد زوال النفوذ والهيمنة الأمريكية الأوروبية من الشرق الأوسط. حيث سنصبح أمام فراغ إستراتيجي لم يحدث في المنطقة منذ خمسة قرون. إذ أن السؤال المركب هو: من الذي سيحل محل أمريكا. ومن الذي سيحل محل بريطانا وفرنسا وألمانيا؟ أي الدول الإقليمية هي التي ستشارك في اعادة رسم وصنع خريطة النفوذ والتحالفات الإقليمية وكيف ستفعل ذلك؟ كيف ستتم صياغة العلاقات بين القوى الإقليمية وبين القوى الدولية التي ستحل محل أمريكا، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا؟ ووفق أي أسس سيتم ذلك، ولمن ستكون القيادة؟ وفي أي من الأٌطر ستُصَاغ "هذه" (نعم أقصد: "هذه" وليس "تلك".) التحالفات الجديدة؟

"طوفان غزة السابع من أكتوبر" هو مهر و ثمن التغيير الجذري في قيادة وأدارة العالم.

الواقع أن عملية "طوفان غزة السابع من أكتوبر" هي بمثابة "الحدث التاريخي المُنشئ" لواقع ولعالم شرق أوسطي جديد، وبالتأكيد لن تذهب دماء الشهداء الفلسطينيين هدرًا، فهي بمثابة المهر أو الثمن "الديني الشرعي" الذي يجب دفعه من أجل تحقيق هذا التغيير الجذري في قيادة وإدارة العالم.

إذًا: هل تدرك الحكومات العربية هذا؟ وهل تتوقع؟ بل هل تريده؟ وكيف تديره أو ستديره؟ أم إنها ستبقى كما هي أسيرة القناعات التي لازالت تقول بأن "النظام العالمي القائم بعد الحرب العالمية الثانية، لم يسقط بعد؟"

  • أستاذ الدراسات الإيرانية والخليجية بجامعة طنطا،
  • مدير مركز الفارابي للدراسات السياسية والإستراتيجية.

الدكتور مدحت حماد: تحديات انتخابات الرئاسة المصرية 2024؟ (4/4)

الرئيس السيسي هو "القاسم المشترك" في مكونات المشهد الداخلي المصري.

مثلما انتهينا في الحلقة السابقة، فإن جميع المعادلات الخاصة بإنتخابات الرئاسة المصرية ترتبط بشكل مباشر بعوامل رئيسية ثلاث هي:

1- شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه.

2- سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، الداخلية والخارجية على السواء.

3- إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه للقضايا والأزمات القومية.

السبب المباشر لربط جميع عناصر ومكونات المشهد الانتخابي المصري بشخص "الرئيس عبد الفتاح السيسي"، هو تلك السلطات والصلاحيات الدستورية المرتبطة به ارتباطًا مباشرًا من جهة، وتصدره الدائم للمشهد اليومي المصري داخليًا وخارجيًا من جهة أخرى، لدرجة أنه قد تدخل بنفسه في قضايا الحياة اليومية للمصرين مثل "سعر ووزن" رغيف العيش المدعم، حاملاً على عاتقه ما كان يجب أن يقوم به رئيس الوزراء أو وزير التموين، وهو الأمر الذي يفسره الناس دومًا في الشارع المصري، بأنها رغبة الرئيس نفسه، وأن عدم تناول مثل هذه القضايا من جانب غيره من المسئولين، وعلى النحو الذي يفعله الرئيس بشخصه، إنما هو نتيجة تعليمات أو إلتزامًا بتوجيهات رئاسية.

شواهد من الوضع الداخلي

على أية حال.. أصبحنا نقترب جميعًا من عام 2024، وحتى الآن الوضع الداخلي كما يلي:

1- همهمات هنا وهناك حول المنافس المنتظر للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية القادمة.

2- تخمينات هلامية بشأن الأحزاب التي ستدعم المنافسين للرئيس السيسي، وهل سيكون لديها جرأة المنافسة الحقيقة أم لا؟ وهل أصلاً سيكون لها ظهير شعبي أم لا؟

3-اشاعات هنا وهناك أن الحكومة ربما تبدو في مشكلة بخصوص القدرة على إقناع المصريين بأنهم سيكونون بصدد انتخابات رئاسية حقيقية.

4-اشاعات هنا وهناك بشأن دور المؤسسة العسكرية في المشهد الرئاسي القادم، استنادًا لظاهرة "تعاظم دورها" في معظم مناحي الحياة المصرية.

5-تسريبات هنا وهناك بشأن عودة أبناء "الرئيس مبارك" للمشهد السياسي الرئاسي، ثم خروج أحد نواب مجلس النواب ليتناول في برنامجه التلفزيوني قضية "الحق في عودة الذين تم تقييد حقوقهم السياسية لمدة خمس سنوات، ومن ثم عدم حقهم في العودة مجدًا للحياة السياسية عبر الترشح للإنتخابات الرئاسية. (عن الأستاذ مصطفى بكري، والسيد جمال مبارك، أتحدث).

6-ترويج سيئ النوايا لظهور "المهدي السياسي المنتظر" الذي سيخلص مصر مما هي فيه. (عن أحمد طنطاوي أتحدث)، وأنه سيرجع إلى مصر من منفاه الإختياري!! من أجل إنقاذ مصر والمصريين.

7-انتشار خزعبلات هنا وهناك بشأن تدخل دول عربية خليجية لمناصرة ودعم بعض الشخصيات المصرية، للترشح أمام الرئيس السيسي في الانتخابات القادمة.

8-البلبلة التي ارتبطت بـ "الواقعة اللندنية للإعلامي عمرو أديب" عندما قام ببث فيديو من لندن يتناول فيه الأوضاع الداخلية في مصر، بشكل أحدث صدمة حقيقية لدى المصريين وغير المصريين.

عشرات وعشرات الأحداث والمواقف المختلفة، التي إن دلت على شيئ إنما تدل على "عِظَمة وعَظَمة" الحدث، أي الإنتخابات الرئاسية القادمة، ولما لا وهي ترتبط بأكبر دولة اقليمية عربية افريقية شرق أوسطة هي مصر. ليبقى السؤال كما هو: إذًا ما الحل؟

نعم، ما الحل؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال، يجب أن نسأل أنفسنا أولاً: أصلاً، لماذا وقعنا في هذه المصيدة/الأزمة السياسية؟ مَن الذين تسببوا في أن نقع فيها على النحو الذي نعيشه الآن؟

الحقيقة أنني أعتبر أن الجميع متشاركون أو لنقل شركاء متضامنون _ حتى دون إرادة أو إتفاق_ فيما وصلنا إليه بخصوص الانتخابات الرئاسية القادمة، وعلى رأس هؤلاء وفي مقدمتهم، الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، مرورًا بالسلطة التشريعية وانتهاءًا بالأحزاب سواء تلك التي استأسدت استنادًا لمؤازرة بعض القيادات العسكرية السابقة، فما كان منها إلا أنها أخذت تدير المشهد السياسي وكأنها الظهير الوحيد، المناصر الوحيد، الداعم الشعبي الوحيد و... و... الوحيد للرئيس السيسي، وكأنها هي الأحزاب الوطنية الوحيدة المنوط بها حماية الرئيس، النظام بل وحماية الوطن نفسه! نفس الثقافة والقناعات والمنهج والأداء السمج الذي كان عليه الحزب الوطني الديموقراطي، أو تلك الأحزاب التي رضيت بالتهميش لضآلة وجودها في الشارع، أو قبلت بالتهميش مقابل صفقات نيابية اقتصادية هنا أو هناك، أو خضعت للتهميش انكسارًا نتيجة لعوار ما ربما أصاب بعض رموزها أو قادتها، فما كان من هؤلاء جميعًا إلا إلتزام الصمت، وإلا؟ طبعًا هذا بجانب جموع المصرين التي عادت من جديد إلى "الكنبة"، يأسًا أو خوفًا أو انكسارًا أو ترقبًا، أو...

لهذا فمن الطبيعي أن يدفع الجميع فاتورة ما حدث طوال السنوات التسع السابقة، وما نتج عن ذلك من فقدان الفرص والوقت التي كانت متاحة أمام ولدى الجميع للإستعداد للإنتخابات الرئاسية 2024.

أعود لأطرح السؤال مرة ثالثة وأخيرة، وأقول: إذًا ما الحل؟

نحو "صفقة توافقية" بين الرئيس وبين القوى والمؤسسات السياسية المصرية،

الحل هو الوصول إلى "صفقة توافقية" بين الرئيس وبين القوى والمؤسسات السياسية المصرية، يكون من شأن هذه الصفقة تحقيق ما يلي:

1- اعلان فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة من جانب عموم المصريين بالتذكية.

2- تعهّد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم القيام بأي تعيل دستوري مستقبلي يتيح له الترشح من جديد لرئاسة الجمهورية بعد عام 2030.

3- تعهّد الرئيس عبد الفتاح السيسي بإجراء انتخابات المحليات في الربع الثالث من عام 2024، مع تعهده بضمان نزاهتها.

4- تعهّد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون هناك انتخابات نيابية حقيقية بعد 2024 واتاحة الفرص الحقيقية لظهور الشخصيات القيادية التي تكون جديرة بالتنافس في انتخابات رئاسة الجمهورية في عام 2030 وأن يكون هو الضامن لإجرائها ومراقبة نزاهتها،.

5-تعهّد الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل حكومية وطنية، تضم كوادر قيادية حزبية، من أجل إشراكها في إدارة شئون الدولة وتحمل المسئولية من جهة، ويكون هدفها الأول هو كبح جماح التضخم والأزمة الاقتصادية، وضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي للمصريين بما يؤدي إلى خلق الوقت والفرص اللازمة كي يشارك المصرييون بفاعلية في الحياة الحزبية التي هي أولى خطوات الطريق نحو انتخابات محلية، نيابية ورئاسية حقيقية.

حقيقتان وكلمة أخيرة لله وللوطن، لعل..؟

الحقيقة التي لا شك فيها، هي أن جميع المقالات الأربع التي كتبتها في هذا الشأن، إنما انطلقت من ثوابت وطنية راسخة في نفسي رسوخ الجبال، وقناعتي الشخصية بأن الإعتراف بالأزمة هو البداية الصحيحة لحلها، وإيماني المُطلق بأن المبادرة الطوعية من جانب أولى الأمر، من شأنها وأد الفتن والثورات والاضطرابات، وهو نفس ما كنت قد حذرتُ الحزب الوطني منه في مؤتمره الذي عقده عام 2005 بفندق رمسيس هيلتون حول التعديلات الدستورية التي كان قد اقترحها الرئيس مبارك في 2005 من أجل اجراء الانتخابات الرئاسية بعيدًأ عن الاستفتاء، ومن خلال الانتخابات المباشرة بمشاركة أكثر من مترشح. آنذاك، وبينما كنتُ أشارك في الجلسة التي كان يديرها الأستاذ رفعت سيد أحمد، وتتحدث فيها الدكتورة منى مكرم عبيد، قمتُ بتقديم اقتراح لحل حالة الإختناق السياسي المستحكم في مصر حلاً جذريًا دائماً، ووضعت هذا الإقتراح _الذي كان على شكل مبادرة_ تحت عنوان: لكي لا تولد الفتنة في مصر. ما حدث أن أحدًا لم يسمع، فما كان إلا أن اشتعلت ثورة 25 يناير2011.

الحقيقة الثانية التي لا شك فيها عندي، هي أن المشهد السياسي الراهن في مصر يشبه إلى حدٍ كبير ما كان قد تبلور في مصر عقب ظهور حركة كفاية بصفة عامة، واعتصامات القُضاة بصفة خاصة.

هل تصبح "التحديات" سببًا ومصدرًا "للتهديدات"؟

لهذا فإن جمييع ما قلته في هذا الصدد، إنما أقوله لوجه الله، وللوطن، وكذلك للتاريخ، لعل كلامي يصل وبسرعة الضوء إلى مَن يهمه الأمر في هذا الوطن، ذلك أن التغافل عن حقيقة وجوهر المشهد الساسي الداخلي، أو الإستخفاف به والإنتقاص منه، إنما يشكِّل البيئة الخصبة لنمو واستقواء وتعاظم خطر "التهديدات" التي ستكون بكل تأكيد قادمة من الخارج، متكئة ومنطلقة من كافة أشكال الفشل والإخفاق المتعلقان بإدارة ومجابهة "التحديات الداخلية".

كلمة حتمية لازمة.

د. مدحت حماد: نحو "صفقة توافقية" بين الرئيس وبين القوى والمؤسسات السياسية المصرية

في النهاية، تبقى كلمة حتمية لازمة مفادها، أنه لا يجب أن يقول البعض لنفسه إنني من خلال هذه المقالات الأربع، أعادي الرئيس، وأنكر ما تحقق من منجزات على أرض الواقع في الكثير من المجالات والقطاعات أو أنني أنكر الدور الذي لعبته الأزمات الدولية التي يشهدها العالم منذ أربع سنوات، صحيًا (أزمة كورونا)، عسكريًا وأمنيًا (الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها) اقتصاديًا (الغذاء والطاقة)، فضلاً عن مجابهة الدولة المصرية للإرهاب والتنظيمات الإرهابية التي كانت معشعشة في الشارع والأحياء المصرية منذ عقود، هذا رغم يقيني بأن ثمة سياسات أخرى كان من شأن القيام بها الحد من بلوغنا الأزمة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية القادمة بما يؤدي في النهاية تعظيم المدركات والمكاسب السياسية وغير السياسية في ربوع مصر، وعلى مستوى جميع المصريين.

والله الموفق.

اللهم احفظ مصر، اللهم احفظ مصر.

إنتهى.

أ.د. مدحت حماد

الدكتور مدحت حماد: تحديات انتخابات الرئاسة المصرية 2024؟ (4/3)

في هذه الحلقة سوف نتناول أحد أهم التحديات الرئاسية الخاصة بإنتخابات الرئاسة المصرية 2024. فكما سبق القول كانت ولازالت هناك مجموعة من التحديات التي قد تنال من النتائج الخاصة بهذه الانتخابات، بل وربما قد تكون سببًا للحد من المشاركة الشعبية من جانب جموع المصريين، والأكثر من ذلك أن تصبح سببًا مباشرُ للنيل من الشرعية السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسي عند أو عقب الإعلان عن فوزه في هذه الانتخابات بولاية رئاسية جديدة.

هل الرئيس السيسي هو التحدي الأكبر للرئيس السيسي؟

قد يبدو هذا السؤال غريبًا للبعض من السادة القراء، لكنه من وجهة نظر الكاتب سؤال مُبَرَّر بل ومنطقي، وذلك للكثير من الأسباب منها:

1- الجدل الكبير الذي أصبح قائمًا بين المصريين سواء حول شخصية الرئيس أو حول سياساته وبالتالي العمل والأداء الحكومي طوال السنوات الثمان الماضية.

2- الانقسام الشديد الذي أصبح قائمًا بين الكثير من المصريين بين مؤيد ومعارض، بشأن ضرورة استمرار الرئيس لست سنوات قادمة.

3- الترقب أو لنقل الغموض _المصحوب بالحذر والخوف_ تجاه الأوضاع المعيشية الاقتصادية للمصرين في حال استمرار الرئيس في الحكم لفترة رئاسية جديدة.

4- الترقب أو لنقل الغموض _المصحوب بالحذر والخوف_ تجاه نوايا الرئيس، بل وجميع مكونات النُخب المحيطة بالرئيس، بشأن ميلاد رغبة جديدة لإجراء تعديل دستوري _على غرار ما فعله الرئيس نفسه منذ ست سنوات_ بهدف اتاحة الفرصة الدستورية له للبقاء في السلطة بعد 2030.

الرئيس السيسي هو "التحدي الأكبر" للرئيس السيسي.

نتيجة لجميع هذه المعطيات/الأسباب، أصبح الرئيس السيسي هو "التحدي الأكبر" للرئيس السيسي في الإنتخابات الرئاسية القادمة. أيضًا من الممكن أن نضيف إلى جميع ما سبق، العوامل والأسباب التالية:

1- "الحيرة" المصحوبة بالدهشة _أو الصدمة لدى الكثيرين_ تجاه جوهر شخصية الرئيس السيسي نفسه، وهي الحيرة التي خلقتها وتجسدها كلماته وتصريحاته هو نفسه مثل: "إحنا فقرا أوي. أنا مش لاقي أعلِّم، مش لاقي أأكل، مش لاقي أعالج!! مقابل: أيوا ببني قصور، وهبني قصور!!!"

2- تراجع معدلات الثقة في وعود الرئيس نفسه فيما يخص الحياة اليومية للمواطنين، ففي البداية طالب الناس بالصبر 6 شهور، ثم عام، ثم الصبر حتى عام 2020، وأمَّا قال للمصريين اصبروا، وهتشوفوا العجب العجاب"، مقابل جميع هذه التصرحات تضاعف رهيب في معدلات التضخم، انهيار الجنيه، ارتفاع جنوني في الأسعار، خصوصًا أسعار السلع والخدمات، انبوبة البوتاجاز بدلاً من 6 جنيه، 10 جنيه، وصلت إلى 120 جنيه، كيلو البصل بدلاً من جنيه، اتنين جنيه أصبح 25 -30 جنيه!!! كيلو الأرز من 3 جنيه إلى 25 -30 جنيه، ولتر الزيت حدث ولا حرج، وكذلك اللحوم والأسماك رغم أنه قد أصبح في مصر أكبر مزارع سمكية. الحقيقة أن الشكوك التي أحاطت بنوايا الحكومة وهي تدير أزمة الأعلاف التي أسفرت عن تضاعف أسعار الدواجن 200% خلال أقل من ستة أشهر أصابت الجميع بالذهول والجنون والصدمة والشك المطلق في نوايا الحكومة تجاه الناس، وهو الأمر الذي جسدته جميع الاشاعات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم طوال تلك الأزمة، هذا بخلاف قيام الرئيس نفسه بالإعلان عن وجود أخطاء في الحسابات الخاصة ببعض المشروعات التي أُطلق عليها مشروعات قومية مثل مشروع مدينة دمياط للأثاث.

3- الجمود الغريب في الحياة السياسية والحزبية المصرية، بشكل أصاب الجميع بالصدمة والذهول. فبعد حِراك سياسي نوعي غير مسبوق في الحياة السياسية المصرية شهدته مصر بين 25 يناير ويونيو 2014، ولأول مرة بعد ثورة 23 يوليو، تصمت الحياة الحزبية الحقيقة وتنشق الأرض عن "أحزاب كبرى برائحة عسكرية" تدير المشهد السياسي برمته بنظام التوافق وتقاسم "التورتة"، ليُصاب المصرييون بـ "اختناق سياسي" يذكرهم بما كان عليه الأمر بين عامي 2005 و2010، أي منذ ظهور حركة "كفاية" وحتى "الجريمة السياسية الوطنية الكُبرى" التي قام بها الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية في 2010، الأمر أدى إلى الإنفجار ومن ثم "ثورة 25 يناير 2011"، التي كانت أول ثورة شعبية حقيقية من نوعها منذ ثورة 1919م.

4- القضايا الحيوية الإستراتيجية المصيرية المرتبطة بمصر والمصريين وعلى رأسها: قضية "سد النهضة" وقضية "تيران وصنافير". حيث نالت هاتان القضيتان كثيرًا من "مصداقية الحكومة" من جهة، ومن "معدلات ثقة الكثير من قطاعات المصريين في شخص الرئيس نفسه، وهي الثقة التي كانت قد بلغت عنان السماء في الفترة من 2013 وحتى 2016، وهي القضايا التي تم استغلالها أحسن استغلال من جانب أعداء الرئيس بصفة خاصة وأعداء الوطن بصفة عامة، وعلى رأسها التنظيم الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين.

5- التراجع الغريب المثير لعشرات بل ومئات التساؤلات بخصوص مواقف الحكومة بصفة عامة والرئيس السيسي نفسه بصفة خاصة، وذلك بشأن موقف "الدولة المصرية" من بعض الدول والقوى الإقليمية وعلى رأسها بالطبع قطر وتركيا، وهو ما يذكِّر الجميع بمواقف المملكة العربية السعودية تجاه هاتين الدولتين من جهة، وتجاه إيران وسوريا من جهة أخرى، الأمر الذي يصيب "المصداقية" في مقتل، خصوصًا إذا ما توقفنا عند أمر بسيط للغاية وهو أن كل هذا العداء والتراجع عنه والتحول للأحضان والقبلات السياسية إنما قد حدث في فترة لم تتجاوز بضع سنوات فقط في عصر الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، أي في عصر كل نَفَس فيه مرصود ومُدَوَّن ومسجل ولازال راسخًا في أذهان وعقول وضمائر ووجدان الأفراد والشعوب على اختلافهم.

الرئيس عبد الفتاح السيسي هو "المشكلة" وهو "الحل".

جميع ما سبق يرتبط مباشرة بما يلي:

1- شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه.

2- سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، الداخلية والخارجية على السواء.

3- إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه للقضايا والأزمات القومية.

إذًا.. ما الحل؟

هذا ما سيتم عرضه وذكره في الحلقة القادمة إن شاء الله.