رؤى ومقالات

«الصحوة» والوعى بحقيقة الصراع.

د. محمد السعيد إدريس

د. محمد السعيد إدريس

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.

خيارنا هو: مواجهة المشروع الصهيونى - الأمريكى بأبعاده الاستعمارية، الإمبريالية، والدينية

إذا كان خيارنا فى مواجهة التحديات والمخاطر، التى وصفناها بأنها «استئصالية» لوجود الأمة العربية بأقطارها المختلفة، من خلال السعى إلى تفكيكها وإعادة تقسيمها إلى دويلات هشة وضعيفة عرقية ودينية وطائفية، بما يعنيه ذلك من استئصال لهويتها العربية، ناهيك عن مشروع استئصال مرتكزاتها الحضارية المتجذرة فى دينها الإسلامى، بالعمل على استبداله بدين آخر تلفيقى يسمونه «الدين الإبراهيمى»، فإن هذا الخيار يستلزم تبنى خيار المواجهة مع تلك المخاطر والتحديات المتضمنة فى المشروع الصهيونى - الأمريكى بأبعاده الاستعمارية والإمبريالية، وبأبعاده الدينية المتخفية فى أطروحات الحضارة الغربية.

«مثلث النهضة» الذى بدونه لن يكون لدينا أمل فى هزيمة المشروع الصهيونى – الأمريكى.

وإذا كان خيارنا مع هذا المشروع الصهيونى – الأمريكى هو «خيار مقاومة» وليس «خيار مهادنة» أو «خيار استسلام»، فإن المواجهة تكون بالعمل على تأسيس مشروع للمواجهة يكافئ ويوازن المشروع الصهيونى – الأمريكى، ويعمل فى الاتجاه المعاكس، والوعى أولاً بأن هذا المشروع الذى يجب أن يكون مشروعاً نهضوياً للأمة يرتكز على أسس حضارية وهوية عربية - إسلامية، والوعى ثانياً بأن الصراع أضحى «صراع وجود» إما أن ينتصر المشروع الصهيونى – الأمريكى ويعلى من وجوده وسطوته على أنقاض وجودنا نحن كدول عربية وكأمة وكمرتكز حضارى عربى – إسلامى، وإما أن ننتصر نحن ويندحر هذا المشروع الصهيونى - الأمريكى، وتحقق الأمة وحدتها وتكاملها مع جوارها الحضارى الإسلامى فى مشروع نهضوى، جديد يضم الأمة العربية والأمة الإيرانية والأمة التركية، أى إقامة «مثلث النهضة» الذى بدونه لن يكون لدينا أمل فى هزيمة المشروع الصهيونى – الأمريكى.

ربما يرى كثيرون أن مثل هذا الطموح ليس إلا «هذيانا رغائبيا» (قائم على الرغبة والتمني)، نظراً لأن الأمة العربية الآن فى حضيض الحضيض، بدليل كل هذا القتل والتدمير الإسرائيلى الممنهج فى غزة والتوسع لضم القطاع مع الضفة الغربية إلى كيان الاحتلال الإسرائيلى وسط صمت دولى وعربى وعجز عن فعل أى شىء، لكن ولأننا وصلنا إلى هذا المستوى الشديد الرداءة وغير المسبوق من تدنى المكانة والتأثير، فقد أضحى ضرورياً أن نتحرك وبجدية نحو بناء مشروع للصحوة الجديدة الكفيل بتحقيق الطموح فى إعادة تأسيس للنهوض العربى.

ربما يكون السؤال المهم هنا هو: كيف؟

الإجابة المباشرة هى الوعى بحقيقة الصراع الذى يستهدفنا والذى وصفناه بأنه «صراع استئصالي» للوطن وللأمة وللهوية، صراع لا يعترف بقانون ولا يحترم مواثيق بدليل أن من يصارعوننا ارتكبوا، تاريخياً، أبشع مجازر التاريخ، وليس لديهم ما يمنعهم من أن يرتكبوا المجازر نفسها فى كل بلد عربى لتحقيق أهداف الاستئصالات التى يريدونها، والأمثلة على ذلك كثيرة بشواهد وسجلات التاريخ .

- ففى ألمانيا اغتصب الأمريكيون مع الإنجليز والفرنسيين مليونى امرأة ألمانية فى أثناء الحرب العالمية الثانية، وتسببوا فى وفاة 200 ألف امرأة بسبب الاغتصاب المتكرر.

https://www.youtube.com/watch?v=OXSQDDKf_wo&pp=0gcJCdgAo7VqN5tD

- فى حرب فيتنام قام الأمريكيون بقتل 160 ألف شخص، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، ونزعت أحشاء 3.000 شخص وهم أحياء، وإحراق 4,000 حتى الموت، وهوجمت 46 قرية بالمواد الكيماوية.

- فى اليابان، قتلت القنابل ما يصل إلى 140 ألف شخص فى هيروشيما و80 ألف شخص فى ناجازاكى، وأضعافهم تشوهوا وماتوا بسبب الإشعاعات .

- فى الفلبين، حسب التحقيق الذى جرى فى الكونجرس فى جرائم الحرب فى الفلبين، تم إثبات قتل ما يقرب من مليون ونصف المليون مدنى.

- فى العراق: قتل 2 مليون مدنى ما بين شباب وأطفال ونساء وشيوخ، واغتصاب آلاف العراقيات بخلاف التعذيب الوحشى فى سجن أبوغريب.

وما يرتكبه الإسرائيليون فى قطاع غزة لا يقل بشاعة ولا وحشية حسب أحدث إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية التى تفيد باستشهاد 54 ألفاً و84 فلسطينية وإصابة أكثر من 123 ألفاً آخرين منذ السابع من أكتوبر 2023، ولا يزال آلاف الضحايا فى عداد المفقودين. وتشير بيانات الوزارة إلى أن إسرائيل: ارتكبت «14 ألف مجزرة بغزة، وتسببت بمسح 2483 عائلة من السجل المدنى بالكامل»، فيما بقيت 5620 عائلة ليس بها إلا ناج واحد .

ووفقاً للإحصائية ذاتها، يسقط طفل قتيل كل 40 دقيقة، وسيدة كل 60 دقيقة ، كما تشير إلى مقتل 16854 طفلاً منذ بداية الحرب بواقع 31.5% من أعداد الضحايا من بينهم 931 طفلاً كانت أعمارهم أقل من عام واحد.

هذه البيانات كافية لإعادة تخليق الوعى بمن علينا أن نواجههم ونقاومهم .

أمس الأول فقط تأكد استشهاد الدكتور حمدى النجار، متأثراً بإصابته، والد الأطفال التسعة الذين استشهدوا حرقاً واستقبلت أجسادهم المحترقة أمهم الدكتورة آلاء النجار التى كانت تمارس عملها فى معالجة الجرحى والمصابين بمستشفى ناصر فى خان يونس، وهى من استقبل الجثامين قبل أن تكتشف أنهم أبناؤها، وإن دل ذلك على شىء فهو دليل على جدية المشروع الاستئصالى الإسرائيلى، الذى شرح خلفيته العرقية اللواء «ديفيد زيني» الرئيس الجديد المعين من نيتانياهو رئيساً لجهاز الأمن الداخلى (الشاباك) فى تسريب نقلته «القناة 12» العبرية (25/5/2025) بقوله: «لدينا إنذار استخباراتى دائم بنيِّة مسلمين أشرار قتل يهود طيبين منذ أن ولد إسماعيل وحتى إشعار آخر».

هكذا يلخصون الصراع وامتداداته التاريخية ضدنا باعتباره «فريضة دينية» أولاً، ولأنه صراع مستقبلى بقدر ما هو صراع تاريخى.

الوعى بهذه الحقيقة هو المدخل الحقيقى للتأسيس لخيار الصحوة والمواجهة الذى يجب أن نسلكه وننخرط فيه حفاظاً على البقاء والوجود وأملاً فى مستقبل يليق بالمكانة التاريخية لأمتنا.

تساؤلات حتمية حول العلاقات المصرية الإيرانية؟

د. مدحت حماد.. أستاذ الدراسات الإيرانية جامعة طنطا.

أ.د. مدحت حماد

زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي إلى مصر، لم تكن زيارة عادية بأي حال من الأحوال. فرغم أنها زيارة لوزير الخارجية، إلا أنها حظيت بإهتمام ثنائي مصري إيراني، إقليمي ودولي غير متوقع على الإطلاق. أسباب ذلك كثيرة ومختلفة ومتداخلة ومتشابكة ومعقدة و... وهي تكاد تكون مرتبطة بالعالم بأسره، شرقه وغربه.. شماله وجنوبه، ولا عجب في ذلك، فالدولتان "مصر وإيران" هما من الأقطاب المغناطيسية الكونية التي تتعدد وتتقاطع مجالاتهما المعناطيسية على مستوى الكرة الأرضية. ما حدث بسبب وحول ونتيجة زيارة وزير الخارجية الإيراني يجعلنا نسأل: إذا كان هذا هو ما حدث نتيجة لزيارة وزير الخارجية الإيراني، فما الذي سيحدث عندما تكون الزيارة "هي زيارة رسمية لرئيس إيران إلى مصر؟".

بدر عبد العاطي وزير خارجية مصر.

ما السِر في حرص المسؤلين الأجانب لتناول "طبق الكشري المصراوي" في خان الخليلي بالحسين؟

مرة أخرى نعود لنسأل لماذا كل هذا الإهتمام، ولماذا جميع هذه التساؤلات المرتبطة بزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى مصر؟ السؤال المهم هو: ما السِر في حرص المسؤلين الأجانب لتناول "طبق الكشري المصراوي" في خان الخليلي بالحسين؟ منذ بضعة أسابيع كان ماكرون، واليوم عباس عراقتشي، فما السِر وراء ذلك؟ ثم يأتي السؤال الأهم قبل كل هذا، وهو: أين وكيف وبواسطة مَن تم الإعداد لهذا التطور الهام في العلاقات المصرية الإيرانية؟ السؤال الآخر الأكثر أهمية هو: ما هي الآفاق والتوقعات والنتائج والتداعيات والمتغيرات التي ترتبت ونتجت أو ستترتب وستنتج عن هذه الزيارة؟ إلى أي اتجاه ستقود هذه العلاقات؟ لصالح مَن وضد مَن ستكون النتائج؟ ما هي الأطراف المؤيدة والمُرَّحِبة والمساندة لعودة هذه العلاقات؟ وما هي الأطراف الرافضة والمعارضة والمعادية لها؟ كيف ستكون ردود أفعال وتصرفات الدول الأولى؟ ونفس الأمر بالنسبة للدول الثانية؟ وإذا نجحت الدول الأولى، فكيف ستكون النتائج؟ وهل ستتمكن الدول الثانية، مرة أخرى، من إجهاض الأمل في عودة علاقات الدولتين وتشاركهما؟

عباس عراقتشي وزير خارجية إيران.

إلى أي مدى سيكون حرص الدولتين على استكمال طريق تأسيس علاقاتهما الاستراتيجية من جديد؟ وكيف سيتحقق ذلك؟ وما هو الوقت اللازم لإدراك الأمر؟ إذا أدركت الدولتان إقامة شراكة إستراتيجية بينهما، على حساب من ولصالح من سيكون ذلك؟ أصلًا ما هي النوايا والدوافع التي أخذت الدولتين نحو إعادة التواصل ومن ثم التقارب السياسي فيما بينهما؟ كيف سيكون التوافق وما هو المدى الزمني لذلك؟ وما هي دوائر ونطاقات التقارب بين الدولتين؟ هل تنازلت الدولتان عن ثوابتهما الإستراتيجية من أجل إقامة العلاقات الثنائية بينهما؟ أم أن هناك تصحيح ما في طبيعة إدراك كل منهما تجاه الأخرى؟وإذا كان ذلك كذلك، فما هي المصلحة الكبرى أو العُظمى التي ترقد متكئة على أسِرَّتها خلف النوافذ والأبواب؟

هل المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية هي التي خلقت السبيل لذلك؟ أم أن صحوة تاريخية ثقافية حضارية هي التي أسست أو تؤسِّس لما هو قادم في الطريق؟ إذا كان نيتانياهو وترامب قد كشفا عن قرارهما بتغيير الخريطة السياسية للشرق الأوسط، فهل يمكن أن نعتبر أننا بصدد محور إقليمي مدعوم بمحور دولي يهدف إلى مجابهة أو إجهاض أو احتواء المشروع الصهيوأمريكي الخاص بالشرق الأوسط؟

السؤال الأخير هنا هو: هل إنتهت أو توقفت الأسئلة عند هذا القدر؟

بدر عبد العاطي وزير خارجية مصر وعباس عراقتشي وزير خارجية إيران.

عباسي عراقتشي يتناول "وجبة كشري مصرية" في خان الخليلي بالحسين.

عباس عراقتشي وزير خارجية إيران في خان الخليلي بالقاهرة الفاطمية.

اللواء سمير فرج: هل يدخل الذكاء الاصطناعي في العمل العسكري؟ (٣)

لواء دكتور/ سمير فرج

استعرضتُ في مقالين سابقين بعض مما يشغل متخصصي العالم، حالياً، عما إن كان الذكاء الاصطناعي سيدخل في العمل العسكري، والحقيقة أن العقد الأخير شهد تطوراً مذهلاً في التكنولوجيا، وتطبقاتها، مما أسهم، بشكل أساسي، في ابتكارات الذكاء الاصطناعي (AI)، وأعاد تعريف مفهوم استخدام القوات المسلحة لتلك التكنولوجيا المتطورة في المجال العسكري، بعدما صارت، الآن، جزءاً فاعلاً في مجالات مثل: التعليم، والأنظمة اللوجستية. وهو ما بدأ يشكل صورة، أو نمط، عن مستقبل الصراعات العسكرية، وعن طبيعة الاعتماد على القدرات البشرية.

ثلاث تحديات مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.

https://www.youtube.com/watch?v=sJV6xHISfYY

وفي هذا المقال، رأيت أن نناقش التحديات والأخطار المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، والتي يمكن تصنيف أهمها فيما يلي: أولاً: الأخطاء النظامية، إذ يمكن أن تتسبب الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى أخطاء جسيمة، خاصة عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات حاسمة، في ظل ظروف متغيرة، أو غير متوقعة، وفي ضوء غياب العقل البشري، القادر على تقييم المواقف، والتحلي بالمرونة في اتخاذ القرارات الحاسمة، وفقاً للمعطيات المتاحة. فالحقيقة أنه مهما بلغت دقة الضوابط الموضوعة، لتجنب الأخطاء، فلن تتمكن الأجهزة المعنية، مهما بلغت قدراتها، من متابعة كافة الأنظمة التي تستخدم هذا النوع الاصطناعي، الجديد، من الذكاء. ولتبسيط الصورة لغير المتخصصين، تصور لو وُكل للذكاء الاصطناعي تدمير هدف ما، وتمكن، بالفعل، من تتبع الهدف والتعرف عليه، في منطقة سكنية مكتظة بالسكان، فإن ذلك لن يُرجعه عن تنفيذ مهمته، التي قد ينجح فيها، مخلفاً وراءه خسائر بشرية لا تُقدر بمال. أما ثاني التحديات فتتمثل في التحكم الأخلاقي، حيث يثير استخدام الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية، العديد من القضايا الأخلاقية، منها كيفية التأكد من اتباع الأنظمة الذاتية لقواعد القوانين الدولية وقوانين الحرب، والالتزام، وهو ما لم يتم الإجابة عنه، وتظل تلك الأسئلة مفتوحة وتتطلب حواراً عالمياً جاداً.

سباق التسلح الرقمي.

ويتمثل ثالث المخاطر فيما تؤديه التطورات المتسارعة، في مجال الذكاء الاصطناعي، من دخول الدول في سباق تسلح رقمي، حيث تسعى كل دولة للاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة لتتفوق على منافسيها، مما يزيد من احتمالات التوترات، والنزاعات العسكرية. وهنا يجب الانتباه إلى التداعيات الجوهرية للتسابق لأجل التسليح الرقمي، حيث إن وفرة البيانات لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، قد يؤدي لاتخاذه قرارات خاطئة، فرغم كونها أرقام وبيانات حقيقية وسليمة، إلا أنها ليست، بالضرورة، من مُكنات صواب القرار. فقد يحدد الذكاء الاصطناعي هدفاً بناءً على إحداثيات، مؤكدة بالبيانات، إلا أن هذا الهدف يقع، مثلاً، في نطاق محطة نووية، وهنا لا يعد تدمير الهدف نجاحاً للذكاء الاصطناعي، بل كارثة كبرى.

الأنظمة العسكرية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تمثل أهدافاً جذابة للهجمات الإلكترونية.

يضاف لذلك رابع التحديات، وهو المخاطر السيبرانية، إذ تمثل الأنظمة العسكرية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أهدافاً جذابة للهجمات الإلكترونية، فأي ثغرة أو اختراق في هذه الأنظمة قد يؤدي إلى عواقب كارثية. ومثال على ذلك ما قد يتخذه الذكاء الاصطناعي من قرار بتدمير قمر صناعي في الفضاء، اعتقاداً بأنه يُشكّل خطراً، بينما، في الواقع، يكون هذا القمرالصناعي منوط بتقديم خدمات للملاحة الجوية، وما يسببه تدميره من إرباك لحركة الملاحة الجوية.

تفعيل تقنيات التعلم العميق.

ومع دخولنا القرن الحادي والعشرين، يُتوقع أن يشهد المستقبل مزيداً من التطور في مجال الذكاء الاصطناعي العسكري، بحيث يشمل عدد من العوامل، أهمها: تفعيل تقنيات التعلم العميق، حيث سيستمر الذكاء الاصطناعي في التقدم نحو أنظمة أكثر ذكاءً وقدرةً على التعلم والتكيف، مما سيجعلها أكثر فاعلية في تنفيذ المهام العسكرية، إذ من الممكن أن يقلل من فترات التدريب المشترك، خلال التدريب، داخل الغرف الدراسية، بدلاً من تنفيذ تلك المرحلة من التدريب العملي عند وصول القوات نفسها إلى مكان التدريب.

تطوير استراتيجيات دفاع سيبراني .. ضرورة حتمية.

كما يُنتظر أن يشمل التطور التكامل بين البشر والذكاء الاصطناعي، فقد يشهد المستقبل مزيداً من التعاون بين الجنود والأنظمة الذكية، مما يُحسّن من أداء العمليات العسكرية، مع تقليل الأخطاء البشرية. ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ستظهر الحاجة إلى تطوير استراتيجيات دفاع سيبراني قوية لحماية تلك الأنظمة من التهديدات والمخاطر المُتوقعة. وهو ما أظنه أحد أعقد المشكلات، فكلما تطورت التقنية العلمية، تطورت معها أساليب التغلب على الإجراءات المضادة. وصار الأمن السيبراني، الآن، يدخل في أدق التفاصيل، ولذلك من المتوقع أن يتم تعزيز برامج الحماية السيبرانية بالتزامن مع استخدام الذكاء الاصطناعي.

من الضروري سن قوانين دولية تمنع اندلاع أي شرارة لنزاع عسكري، ناتج عن أخطاء الذكاء الاصطناعي

كما يُرجى من المجتمع الدولي الوصول لآلية لتطوير اتفاقيات، ومعايير، دولية، لضمان الاستخدام الآمن والأخلاقي للذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، نظراً لما قد يتسبب فيه هذا النظام الجديد من خروقات، سواء مقصودة أو غير مقصودة، لذا فمن الضروري سن قوانين دولية تمنع اندلاع أي شرارة لنزاع عسكري، ناتج عن أخطاء هذا النظام، كما ينبغي أن تُحدد هذه القوانين حدوداً واضحة لاستخدامه. ويكفي أن نشير إلى أن الفضاء الجوي العالمي لا زال، حتى اليوم، بلا قيود أو نظام عملي، فالأقمار الصناعية لكل دولة تسير في مدارات غير منظمة دولياً. وإذا تم استخدام هذا النظام الجديد دون ضوابط، فقد تمتد مشكلاته، بما يؤثر على سيادة كل دولة، دون وجود التزام بقواعد دولية موحدة.

في الختام، يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيق ثورة حقيقية في عالم الدفاع والعمليات العسكرية، إلا أن تزايد إمكاناته بشكل غير مسبوق، يصاحبها بروز تحديات وأخطار، تتطلب مواجهة جماعية، عالمية، يضمن استخدام تلك التكنولوجيا بوعي وأخلاق، لضمان السلام والأمن للبشرية جمعاء.

دكتور محمد السعيد إدريس: الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة؟؟؟

د. محمد السعيد إدريس

خبير ومستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية

العدو الصهيونى، مدعوماً بقيادته الأمريكية لن يتردد لحظة فى الوثوب على مصر إن استطاع ذلك.

لم يعد خافياً على أحد كم ونوع التحديات الهائلة التى تواجه الأمة . وعندما نقول الأمة فيجب أن نكون على اتفاق فى الوعى بالمعنى، الذى نريده ونقصده بمصطلح الأمة، استباقاً لأى اشتباك قد يفرض نفسه حول المفاهيم . نعنى بالأمة، فى مقامنا الراهن بداية «الوطن المصرى» باعتباره جزءاً أصيلاً من أمته العربية. فمصر أضحت «فى قلب العاصفة» التى تجتاح معظم الدول العربية الشقيقة. فهى كما يقول الأعداء «جائزتهم الكبرى» التى يحلمون بها. يجب أن نعى كمصريين أن مصر فى خطر، والعدو الصهيونى، مدعوماً بقيادته الأمريكية، لن يتردد لحظة فى الوثوب على مصر، إن استطاع ذلك، أو إن أتاحت له تداعيات الأحداث تحقيق هذا الحلم اقتناعاً بأنه لا مستقبل ناجح للمشروع الصهيونى قبل القضاء ونهائياً على أى خطر مصرى محتمل.

كذلك نعنى بالأمة هنا أيضا «أمتنا العربية» كما تتجسد تاريخياً على أرض وطننا العربى الممتد من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، وهو الوطن الذى يتعرض الآن لأخطر تحدياته، حيث تجرى ثلاث عمليات استئصالية فى هذا الوطن فى وقت واحد، هي كالتالي:

الأولى عملية تفكيكه وإعادة تقسيمه إلى دويلات عرقية وطائفية ودينية، لتكون هذه الدويلات مُهيأة للخضوع والتبعية للقيادة الإقليمية الإسرائيلية.

الثانية.. عملية القضاء النهائى على قلبه النابض وموازن توحده، وأعنى فلسطين. هذه المرة، غير ما حدث بعد عدوان يونيو 1967 لا يكتفى الإسرائيليون باحتلال الأرض التى احتلوها عام 1967، بل إنهم حريصون على تصحيح ما يعتبرونه خطأ فادحاً ارتكبوه عقب حرب 1967، وهو تفريغ الأرض من الشعب، لأن بقاء الشعب على الأرض اكتشفوا أنه الخطر الأكبر الذى يولد موجات المقاومة تلو الأخرى. هم الآن يعملون على تفريغ فلسطين من شعبها بالقتل والطرد، حتى لا يبقى وجود لفلسطين.

الثالثة.. فهى استئصال الهوية الحضارية وعمقها الإسلامى. فى مرحلة من المراحل كانت «العروبة» هى المستهدفة، وعملوا على إسقاط مشروع النهوض العروبى للأمة، الذى قاد الزعيم جمال عبدالناصر النضال من أجله. والآن جاء الدور لاستئصال «الإسلام» حتى لا يبقى للأمة مرتكز هوية بالقضاء نهائياً، كما يأملون على الإسلام اعتقاداً منهم أنهم قضوا على العروبة.

رأس الحربة فى هذه العمليات الاستئصالية هو تبنى الولايات المتحدة، فى ظل إدارة رئيسها الحالى دونالد ترامب مشروع «إسرائيل الكبرى». ويعى الإسرائيليون أن تحقيق هذا الطموح يتم من خلال مبدئين أساسيين استراتيجيين صاغهما «أوديد إينون» مستشار أرييل شارون رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى الأسبق فى وثيقة أعدها عام 1982 تحت عنوان «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات».

هذان المبدآن هما: العمل أولاً على تحويل إسرائيل إلى قوة إقليمية إمبريالية. العمل ثانياً على تحويل المنطقة برمتها إلى دويلات صغيرة عن طريق تفكيك جميع الدول العربية القائمة حالياً. لقد تضمنت هذه الاستراتيجية تخطيطاً لتفكيك الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقية ودينية صغيرة، بهدف ضمان تفوق إسرائيل الإقليمى من ناحية، القضاء على العروبة كهوية حضارية جامعة للأمة العربية من ناحية أخرى، وركزت بشكل خاص على سوريا، مشيرة إلى ضرورة تقسيمها إلى دويلات : علوية وسنية ودرزية.

جوهر استراتيجية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته.

هذه الاستراتيجية هى جوهر استراتيجية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته. فإذا كان ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لرئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو لتفريغ قطاع غزة من شعبه، والترويج لعمليات تستهدف نقل مليون فلسطينى من أهالى غزة إلى ليبيا، فإن ترامب استهدف فى جولته الخليجية الأخيرة, تهيئة الأرضية لإنجاح استراتيجية إسرائيل، بشقيها: أن تتحول إلى قوة إقليمية كبرى مسيطرة دون منافس إقليمى، وتفكيك الدول العربية وإنجاح مخطط التقسيم، وإعطاء الأولوية لسوريا، مع تجهيل متعمد لجرائم «العِرْقْبادة الإسرائيلية» (التطهير العرقى والإبادة الجماعية) فى قطاع غزة. وقبل هذا وذاك توجيه ضربة موجعة للأمة بمفهومها الحضارى العربى – الإسلامى، بإعطاء توجيهات إلى ضرورة انخراط دول المنطقة عموم الدول العربية فيما يسميه «السلام الإبراهيمي» وهو المشروع المزدوج النَصْل، نصله الأول: فرض التطبيع القسرى مع إسرائيل. نصله الثانى: اعتناق «الديانة الجديدة التلفيقية التى يريدها ترامب وإسرائيل لنزع الهوية الحضارية الإسلامية عن الوطن العربى وجواره الحضارى، كى لا يبقى فى هذه المنطقة الواسعة التى تحمل اسم «الشرق الأوسط» من رابط يحمى ويجسد وحدتها، بانتزاع الإسلام كدين وكهوية حضارية.

إننا بكل المعايير نستطيع أن نختار "إستجابة البقاء".

إلى متى ستظل أعلام الدول العربية قائمة دون تغيير في الخريطة السياسية للوطن العربي؟

إذا كانت هذه هى عناوين جامعة تلخيصيِّة للتحديات والمخاطر التى تواجهنا، فليس أمامنا سوى خيارين: إما خيار المواجهة والدفاع عن الذات ، الدفاع عن الأوطان والدفاع عن الأمة بامتدادها التاريخى من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، والدفاع عن الهوية الحضارية العربية – الإسلامية للأمة، وهذا هو خيار البقاء. أو خيار الاستسلام والخضوع للمشروع الأمريكى – الإسرائيلى، الذي هو خيار الفناء. وإذا كان القانون العلمى للحركة يقول إن «لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه» فإن الاستجابة العربية للمخاطر والتحديات إما أن تكون بحجم وقوة تلك المخاطر والتحديات كى تكون «استجابة بقاء» وإما أن تكون دون ذلك وعندها ستكون «استجابة فناء».

الرئيس عبد الفتاح السيسي يلقي كلمة مثر في القمة العربية 34 في بغداد

القمة العربية الدورية رقم 34 التى استضافها العراق يوم السبت الفائت (17/5/2025) تدفع الأمة دفعاً للقبول الطوعى بـ «استجابة فناء». فهى قمة دون التحديات التى تواجه الأمل وخلت من أى قدرة على الفعل، وتؤكد بما لا يدع أى مجال للشك أن الاستجابة التى نريد هى استجابة صحوة قادرة على أن تجيب عن أسئلة النهوض التاريخى للأمة مهما كانت صعوبتها ، لأننا بكل المعايير .. نستطيع.

السوداني، رئيس الوزراء العراقي.

أول قمة عربية تخلو من مشاركة الكثير من الرؤساء والحكام العرب.

د. مدحت حماد: كيف أصبح يُفكِّر الإتحاد الأوربي تجاه الشرق الأوسط؟

د. مدحت حماد.. أستاذ زائر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.*

د. مدحت حماد. أستاذ اللغة الفارسية والدراسات الإيرانية بجامعة طنطا

منذ اشتعال الحرب الأوكرانية الروسية في 24 مارس 2022 أصبحنا بصدد العديد من المتغيرات الإقليمية والدولية المتلاحقة، التي تأخذ العالم تارة إلى حافة الهاوية، وتارة أخرى إلى الآفاق والتطلعات أو الطموحات السلمية. منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الوحيدة على سطح الكرة الأرضية، التي تشتعل وتستعر فيها _وحول محيطها_ الحروب والصراعات الإقليمية والدولية، وقطعًا أىسباب ذلك معروفة للجميع.

في منطقة الشرق الأوسط تشتعل الحروب سواء كانت إقليمية أو أهلية: حرب الإبادة الوحشية الصهيونية في غزة والضفة، الحرب الصهيونية على اليمن، الحرب الصهيونية في لبنان، التوغل الصهيوني في سوريا، الحرب الأهلية في السودان، الحرب الأهلية في ليبيا، ومؤخرًا الصدام العسكري الهندي الباكستاني. هذا بخلاف "كرة النار" التي يمكن أن تشتعل، بين عشية وضحاها، بين إيران والكيان الصهيوني.

الاتحاد الأوروبي بات يئن من سطوة القوة العظمى _أمريكا_ التي تحميه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

في منطقة الشرق الأوسط تتنافس القوى الدولية، أمريكا والصين، أمريكا وروسيا، وأخيرًا أمريكا والاتحاد الأوروبي الذي يضم بداخله "القوى الإستعمارية التاريخية طوال القرون الخمسة الماضية" أقصد بذلك: اسبانيا والبرتغال، إيطاليا وألمانيا، بلجيكا والنمسا، وأخيرًا فرنسا وإنجلترا. هذا الاتحاد الأوروبي بات يئن من "سطوة القوة العظمى" التي تحميه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. هذا الاتحاد الأوروبي أصبح مرتجفًا منذ أن تكشفت قدراته الحقيقية مع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية. هذا الاتحاد الأوروبي أخذ يبكي دمًا على إنحسار وتآكل وتقزُّم مصالحه ومن ثم مكانته في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وشرق المتوسط بصفة خاصة. لقد أدرك الاتحاد الأوربي _رغم أنه لم يعترف بذلك_ بأنه لم يعد يُشكِّل قوة دولية حقيقية ولو من الدرجة الثالثة. أدرك ذلك يقينًا عندما اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية، وبعد اشتعال حرب الإبادة الصهيونية في غزة، وأخيرًا مع اشتعال الحرب التجارية الاقتصادية بين أمريكا والصين.

الاتحاد الأوروبي "يمتطي القضية الفلسطينية" بعد زيارة ترامب للترويكا الخليجية.

من هنا، تأتي قراءة المستجدات الخاصة بمواقف دول الاتحاد الأوروبي التي بدأت تتكشف أمس الثلاثاء 20 مايو 2025 في اجتماع وزراء الخارجية لدول الإتحاد، وهي المواقف المرتبطة بالقضية الفلسطينية. فالواضح _وفق ما نعتقد_ أن الاتحاد الأوروبي سوف "يمتطي القضية الفلسطينية" في محاولة لإحياء أو إستعادة مكانته ومن ثم دوره في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد المستجدات الرهيبة التي شهدتها المنطقة قبل وأثناء وبعد زيارة ترامب للترويكا الخليجية (السعودية، قطر والإمارات) التي أسفرت عن حصاد اقتصادي أمريكي مركَّب متنوع وشامل، بلغت قيمته 3.2 تريليون دولار.

لا تعليق!!

فأمس الثلاثاء الموافق 20 مايو 2025، وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بأغلبية 17 دولة، وامتناع 9 عن التصويت، على "مراجعة اتفاقية الشراكة الإستراتيجية" الموقع مع إسرائيل في عام 1975 التي تتعلق بكافة أشكال وأنماط التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل في مختلف المجالات ، وذلك استنادًا للبند الثاني الخاص بحقوق الإنسان، هو البند الذي رأى وزراء الخارجية الأوروبيين بأن إسرائيل قد ضربت به عرض الحائط في غزة والضفة الغربية. هنا تجدر الإشارة إلى أنَّ فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، بلجيكا، أسبانيا، البرتغال، أيرلندا، فضلاً عن كندا، في صدارة الدول الأوروبية التي اتخذت مواقف حادة وصريحة ضد النظام الصهيوني (إسرائيل).

لا تعليق!!

رئيس الوزراء البريطاني بقوله: "إن الوضع في عزة لا يُطاق!!!

أمس أيضًا _الثلاثاء الموافق 20 مايو 2025_ استدعت الخارجية البريطانية سفيرة إسرائيل في لندن، للإعتراض على إستمرار إسرائيل في منع دخول المساعدات الغذائية والعلاجية لسكان غزَّة، مُعتَبرة بأن ذلك يعد إنتهاك صريح للقانون الإنساني الدولي. كذلك، صَرَخَ رئيس الوزراء البريطاني بقوله: "إن الوضع في غزة لا يُطاق، وأن بريطانيا وشركاؤها، لن يتركوا سكان غزة جوعي" ثم قال: "نحن مُصابون بالرعب من التضييق الإسرائيلي في غزة، كما نؤكد على موقفنا الرافض لبناء المستوطنات في الضفة الغربية.

لا تعليق!!

قرارات الإتحاد الأوروبي هل هي "مطيِّة أوروبية" من أجل إحياء النفوذ الأوروبي شرق المتوسط؟

السؤال هنا هو: لماذا الآن؟ لماذا هذا الموقف الأوروبي الآن؟ ألم يكن واجبًا أن ينتفض الإتحاد الأوروبي منذ شهور وشهور ضد الجرائم الصهيونية النازية الفاشستية البشعة والرهيبة والفظيعة في غزة؟ الحقيقة التي نعتقد فيها أنَّ هذه التصرفات أو الإجراءات والقرارات الأوروبية، إنما قد تُشير إلى أن "جرائم التطهير العرقي العنصري" في غزة، إنما هي "مَطيِّة إنسانية تبدو شريفة، وأنها ستكون موضع ترحيب وتهليل عربي إسلامي" سوف تعتيلها دول الإتحاد الأوروبي من أجل _وبهدف_ التسلل من جديد، عبر ثغرات وثقوب حتمًا ستكون موجودة في جدار التحالف الأمريكي الخليجي الإسرائيلي الذي شكلته زيارة ترامب للترويكا الخليجية. وأبدًا لن يكون الهدف الحقيقي هو "إنقاذ الأرواح البشرية من الأطفال والنساء والمرضى" في غزة، وأبدًا لن يكون الهدف هو العمل على إقامة الدولة الفلسطينية. إنما الهدف الحقيقي الوحيد الذي نعتقد فيه، هو "التحرك من أجل حماية ما تبقى من نفوذ _ولو أدبي_ للقوى الإستعمارية الأوروبية القديمة في منطقة الشرق الأوسط خاصة شرق المتوسط.

لا تعليق!!

سوريا هي الموطن التاريخي الرئيسي للقوى الإستعمارية في شرق المتوسط منذ خمسة قرون

خريطة تقسام النفوذ الإستعماري الأوروبي في الشرق الأوسط والوطن العربي قبل الحرب العالمية الثانية

من هنا أيضًا، يأتي فهمنا وتفسيرنا لقيام الإتحاد الأوروبي بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا منذ 45 سنة. فأبدًا لم ولن يكون هدف إلغاء العقوبات، هو رفع الظُلم والمعاناة عن الشعب السوري المكلوم، أو مساعدة نظام الشرع من أجل تحقيق الإستقرار والرفاهية للشعب السوري، إنما الهدف الحقيقي الوحيد الذي نراه ونعتقده، هو أن القوى الإستعمارية القديمة التي تقود الإتحاد الأوروبي قد قررت ألاَّ تترك الساحة السورية _التي هي الموطن التاريخي الرئيسي لنفوذها السياسي العسكري الاقتصادي الثقافي في شرق المتوسط منذ خمسة قرون_ لكي تكون محطة، ركيزة، نافذة إستراتيجية على البحر المتوسط، هدفها الرئيسي الوحيد ترسيخ أكبر وأطول عمرًا ,أكثر شمولية وإتساعاً وإستدامة للنفوذ الأمريكي في شرق المتوسط، وهو النفوذ الذي بدأ ترامب في تدشينه ووضع حجر الأساس له في زيارته للسعودية، عندما أعلن عن رفع العقوبات الأمريكية ضد سوريا من الرياض.

لا تعليق!!

"إن ضياع سوريا وسقوط بشار الأسد، سيكون بمثابة تدشين للحرب العالمية الثالثة".

لهذا كله، فإننا نعتقد في أنه "إن لم يحدث توافق أمريكي أوروبي على مناطق النفوذ والسيطرة في شرق المتوسط طوال الشهور المتبقية من عام 2025، فإننا سنكون _حتماً_ بصدد صدام أمريكي أوروبي وفي الخلف منه صدام آخر موازي له بين الصين وأمريكا من جهة وأمريكا وروسيا من جهة أخرى، في مطلع العام 2026". وحتمًا ستكون الغَلَبَة للإرادة التي ستحسم الموقف في غزة وسوريا. وأبدًا لن يكون الحسم بالنقاط _كما كان يقول حسن نصر الله_ ، إنما سيكون بالضربة القاضية. الأمر الذي قد يحمل في طياته إشتعال حقيقي لحرب "إقليمية كبرى"، قد تئول إلى "حرب عالمية جزئية" في شرق أوروبا وشرق المتوسط، وهي الحرب التي كان قد أشار إليها أحمدي نجاد في نوفمبر 2011 عندما قال: "إن ضياع سوريا وسقوط بشار الأسد، سيكون بمثابة تدشين للحرب العالمية الثالثة".

في ظني أنَّ "الصين، روسيا وإيران، ومعهم كوريا الشمالية، بيلاروسيا وفنزويلا، وفي الخلف منهم تقف على أهبة الإستعداد بعض الدول الأوروبية والمشرقية والآسيوية، قد باتوا يجهزون أو يستعدون لمثل هذا السيناريو.

هالة فردان: بعد ستين ساعة.. الفئران مازالت تنتظر!

هالة فردان. كاتبة بحرينية.

في زمن مضى يتجاوز السبعين عاماً قرر أحد العلماء في أمريكا، يُدعى "كورت ريتشر" أن يجري تجربة على فئران مختبرة، فقام بوضعها في وعاء مملوء بالماء، وجلس يسجل ملاحظاته، كانت الفئران تسبح بخوف، وتحاول بشتى الطرق الخروج من الوعاء دون جدوى، وكاد أغلبها يفارق الحياة بعد مضي خمس عشرة دقيقة فقط. لكنه قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، أسرع ريتشر بإخراجها من الوعاء ووضعها بأمان على فراش كان قد أعده لها، ثم قام، بلطف، بالعناية بها وتجفيفها.

وبعد أن تأكد أنها قد إرتاحت بما يكفي، أعاد ريتشر نفس التجربة ووضع نفس الفئران في ذات الوعاء وانتظر يراقبها! وكانت المفاجأة: الفئران استمرت في السباحة لمدة تجاوزت الستين ساعة! أي ما يقارب اليومين. كتب ريتشر متسائلاً: لِمَ استمرت الفئران في المرة الثانية في السباحة؟ باختصار لأنها فهمت أن "الإنقاذ ممكن")".

تيقنت الفئران إن هناك أملاً للنجاة فقاتلت ولم تستسلم. نعم الإنقاذ ممكن. الأمل موجود. نعيش اليوم في زمن أثقلت فيه أيامُنا أرواحَنا، ونسج فيه المجتمع حولنا شِباكاً يصعب التخلص منها. يحارب فيه الناس كل يوم للبقاء والنهوض والقيود تحُوُل دون نهوضه، لكنه لا ييأس. يستمر ويستمر. حتى يصل لنقطة الاستسلام فيقف ويستعد للغرق.

الاستسلام الوحيد المقبول في هذه الحياة هو الاستسلام الكامل لإرادة الله وحده

محاولاته الكثيرة للنهوض تجعله ينسى أن "الإنقاذ ممكن". قال نيتشه في أحد مؤلفاته: «من يملك سبباً ليعيش، سيتحمل أي كيف». نعم كلما تذكرنا أن هناك سبباً نعيش من أجله سنبقى، سنعمل، سنقاوم رغباتنا في الاستسلام والغرق. الاستسلام الوحيد المقبول في هذه الحياة هو الاستسلام الكامل لإرادة الله وحده. لكن الضغوط التي تحاصرنا في كل اتجاه ليست سبباً للتوقف، بل هي سبب للاستمرار، الإنسان هو أعظم وأقوى ما خلق الله عز وجل على وجه الأرض.

تكمن قوانا في صبرنا واستمرارنا، رغم العوائق والعثرات ننهض دائماً، ونحاول ونصر على المحاولة، لا سبب يجعلنا نقبل أن نتوقف وإن كنتُ أرى أن بعض الاستسلامات مُبرَّرة عند البعض، كرد فعل لتلك التجارب التي يعيشونها أو عاشونها على مر السنوات، وتسببت في إرهاقهم.

لقد استسلموا عندما لم ينقذهم أحد في المرة الأولى عندما كادوا يغرقون.

إن ما يؤلم حقاً هو أن نرى مجموعة كبيرة من الشباب الذين لا تتراوح أعمارهم العشرين والثلاثين عاماً، يعيشون يأساً واستسلاماً لا مُبرِّر له سوى أنهم فقدوا بوصلة الطريقة! وظنوا مخطئين أن لا مجال للإنقاذ، متى وكيف وصل بهم الشعور إلى هذه النقطة؟ الإجابة هنا تقف أمامنا واضحة: لقد استسلموا عندما لم ينقذهم أحد في المرة الأولى عندما كادوا يغرقون.

نحن مَن يمد يده ليخرج شبابنا من "وعاء الماء" قبل أن يغرقوا.

السباحة في بحر من الألم والخوف والقلق هي موت بطيء للنفس والروح، للرغبة في المحاولة والاستمرار. الحقيقة المُطلَقة هي أن بصيص الأمل، سواء كان حقيقياً أو غامضاً يغيِّر بالكامل قدراتنا على التحمل والصبر والمقاومة. الخلاصة هي أن "الشباب هم المستقبل الذي نجهل كيف سيكون". لكن المفارقة هي أننا نحن بأيدينا من سَيُشَكِلَه. نحن فقط من نزرع في أرواحهم القيم والأخلاق والمبادئ، الأمل والصبر والحياة، نحن من نعلمهم، ونحن مَن عليه أن يقف بجانبهم دائماً، ويمد يده ليخرجهم من وعاء الماء قبل أن يغرقوا.

الشعب السوري لمحمد بن سلمان: أنت في قلوبنا.. أنت فخر العرب.

عبد الرحمن الملحم*

عبد الرحمن الملحم

احتفل الشعب السوري وعلى مدى يومين وحتى الصباح الباكر في دمشق وماحولها بقرار رفع العقوبات عن سوريا مرددين عبارات لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في المملكه العربيه آلسعوديه: أنت في قلوبنا. محمد بن سلمان فخر كل العرب.

وجائت هذه الهتافات بعد أن قرر الرئيس الأمريكي ترامب إلغاء العقوبات على سوريا بطلب خاص من ولي العهد السعودي وذلك أثناء زياره الرئيس الأمريكي للرياض، رياض السلام. وحضور المنتدى الأقتصادي الأمريكي الخليجي.

بذلك قدَّم ولي العهد أغلى هديه للشعب السوري الشقيق الذي عانا من سنوات عده قضاها في الحروب والتشريد والدمار، كما كان اللقاء الذي جمع بين الرئيس ترامب والرئيس السوري بتنسيق ووساطة الأمير محمد بن سلمان، له أثر كبير في أن تبدأ سوريا مرحلة جديدة بعيدة عن الصراعات وويلات الحروب، وبهذه البادرة من المملكة العربية السعودية، تعود سوريا إلى الواقع العربي وتساهم في بناء سوريا جديده لأجيال جديده وعوده المهجرين والمشردين إلى ديارهم، لتبدأ عمليه البناء من جديد، ولتعود سوريا إلى حاضرة الجامعة العربية، لتساهم مع شقيقاتها الدول العربية في لُحمة الجامعة.

الأمير محمد بن سالمان يتوسط ترامب والشرع

كانت تطلعات الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية واصفًا إياها: إنني ذهلت مما شاهدته من تطلعات وتحديثات قام بها الأمير الشاب محمد بن سلمان، جعلها من أرقى بلاد العالم، في زمن قياسي بسيط.

نعم السعودية وصلت إلى هام السحاب وارتقت إلى مصاف الدول العظمى. بفضل من الله والقيادة الحكيمة.

* عبد الرحمن الملحم. كاتب ومحلل سياسي. سعودي

ل.د. سمير فرج: هل إنتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

ل.د. سمير فرج

مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا

اللواء الدكتور سمير فرج

السياسة هي لعبة مصالح؛ فإذا كانت مصلحة الدولة تتجه إلى اليمين، فإن سياسة الدولة ستتجه إلى اليمين أيضًا، وهذا ما شهدناه في الأيام الماضية. فقد أعلنت الولايات المتحدة فجأة عن اتفاق مع الحوثيين، يقضي بوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين حيث ستتوقف أمريكا عن ضرباتها الجوية، مقابل أن يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر.
المفاجأة الكبرى كانت أن أمريكا لم تأخذ مشورة اسرائيل في هذا الاتفاق، رغم أنها كانت طرفًا أساسيًا في العمليات العسكرية في البحر الأحمر. الأدهى من ذلك أن إسرائيل علمت بالاتفاق من وسائل الإعلام وهذا اغضب اسرائيل كثيرا. وقد صرّح السفير الأمريكي في تل أبيب بأن الولايات المتحدة ليست مضطرة للحصول على إذن من إسرائيل لاتخاذ مثل هذا القرار.
ولقد ظهرت بوادر توتر العلاقات أو انتهاء فترة شهر العسل بين نتنياهو وترامب عندما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر مقربة من ترامب أن أمريكا أبلغت وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بأن الرئيس الأمريكي قرر في زيارته الي الشرق الاوسط عدم زيارة اسرائيل.
لقد جاء هذا الاتفاق بين أمريكا والحوثيين بناءً على تقارير من البنتاجون تم تقديمه الى الرئيس الأمريكي ترامب تفيد بقدرات الحوثيين العالية في استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: إصابة طائرة أمريكية من طراز F-18، وحدوث أضرار طفيفة في حاملة الطائرات "ترومان". وتأتي هذه القدرات الحوثية نتيجة وجود خبراء إيرانيين في اليمن، وهو ما لم يحدث في جنوب لبنان خوفًا من رد فعل إسرائيلي مباشر باختطاف هؤلاء الخبراء وتصبح ايران في وضع سيء.
حيث نجح الحوثيون في إطلاق صواريخ وصلت إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار، وهذا شكل ضربة قوية لإسرائيل، التي فشلت بعد عام ونصف من الحرب في تأمين شعبها ورغم وجود ثلاث انظمة اسرائيلية مضادة للصواريخ هي القبة الحديدية ومقلاع داوود وأرو علاوة على احدث نظام امريكي ثاد موجود في اسرائيل كل هذا لم يجعلها تكتشف او تتصدى لهذه الهجمات مما ادى الى غضب وتظاهرات بين الشعب الاسرائيلي ضذ حكومته .

أصبح الآن على اسرائيل، بعد انسحاب الولايات المتحدة من قتال الحوثيين، أن تقاتل الحوثيين منفردة، بعد أن كانت قطع البحرية الأمريكية والتحالف تتعرض لصواريخ ومسيّرات الحوثيين في البحر الأحمر قبل وصولها لإسرائيل لدرجة أن إسرائيل قامت يوم الأحد بغارات ضد المواقع البحرية في اليمن، لإرسال رسالة بأنها لا تهتم بانسحاب الولايات المتحدة من القتال.

النقطة الثانية في الخلاف الأمريكي–الإسرائيلي تتعلق بملف إيران النووي؛ فبينما ترى إسرائيل ضرورة توجيه ضربة عسكرية أمريكية–إسرائيلية مشتركة لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بينما ترفض الولايات المتحدة هذا الخيار، خشية تصعيد يهدد استقرار الخليج العربي، خاصة أن إيران تسيطر على مضيقي هرمز وباب المندب، ما قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة العالمية خاصة ان النفط في منطقة الخليج يمثل 20% من حجم تجارة النفط العالمي.
إضافة إلى ذلك، تجاهل نتنياهو دعوة الرئيس الأمريكي بضرورة إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، مما دفع الصحف الأمريكية إلى الإشارة إلى أن صبر الإدارة الأمريكية وترمب تجاه رئيس وزراء إسرائيل بدأ ينفد.
يرى محللون في مركز هدسون أن الخلافات بين الجانبين، وإن لم تُعلن رسميًا، إلا أنها باتت واضحة، إذ أصبح ترامب يضع مصلحة أمريكا في المقام الأول، ومصلحة إسرائيل في مرتبة لاحقة وهو امر لم يحدث من قبل ولم يكن احد يتوقعه. ووصل الأمر إلى بعض المحللين إلى احتمال ترمب بإعلان اعتراف بالدولة الفلسطينية.

يأتي الخوف من ذلك في إسرائيل، مع الأخبار التي تؤكد احتمال قيام الرئيس ترامب بإعلان خطة وقف إطلاق النار في غزة فور وصوله إلى الشرق الأوسط، يعلن فيها انسحاب إسرائيل من غزة، وتسليم الرهائن بالكامل دفعة واحدة.
خاصة بعد قيام حماس بتقديم عربون صداقة إلى أمريكة بتسليم الرهينة الأمريكية، الموجودة لدى حماس، خاصة أن ذلك التسليم جاء دون رغبة إسرائيل، بل أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أنه لن يفرج عن أي أسرى الفلسطنيين في سبيل الرهينة الأمريكية.

كل تلك الأمور ترعب إسرائيل الآن، حيث يرى المراقبون أن ترامب بدأ يضع مصلحة أمريكا ومصلحته هو شخصيًا في أن يحقق السلام في الشرق الأوسط، بعد نجاحه منذ عدة أيام فقط في إيقاف القتال بين الهند وباكستان، وبعدها يدخل هذا الاسبوع في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بعدها ينطلق الى اوروبا لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا خاصة انه طلب من روسيا واوكرانيا الاجتماع في نهاية الاسبوع في تركيا لبحث وقف اطلاق النار وتحقيق السلام.
وكل هذه التطورات تمهد الطريق أمام ترامب للحصول على جائزة نوبل في نهاية العام، فلو نجح في إنهاء الحرب الأولى بين روسيا وأوكرانيا، والثانية في غزة، والثالثة بين الهند وباكستان، فإنه بذلك يكون قد أنهى أكثر الحروب تأثيرًا في العصر الحديث، وأسهم في تحقيق السلام العالمي. من هذا المنطلق، يرى ترامب أنه الأجدر بالحصول على الجائزة، باعتباره الوحيد الذي استطاع إيقاف ثلاث حروب كبيرة، ولهذا، تعيش إسرائيل الآن حالة من الرعب والقلق، بينما يترقب الجميع زيارته المرتقبة إلى منطقة الخليج.

ومن هنا يتساءل العالم:

هل انتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

هل انتهى شهر العسل بين نتنياهو وترامب؟

هل سيؤثر ذلك على أي تحرك أمريكي لحل أزمة الشرق الأوسط في المرحلة القادمة؟

عبدالرحمن الملحم: السعودية في أنظار العالم

هكذا انتهت مشكلة كادت أن تكون حرب دامية بين دولتين جارتين نوويتين. لكنهما. عدوتين.

عبدالرحمن الملحم.. كاتب ومحلل سعودي

السؤال. لو أن هذه الحرب قامت بين الهند وباكستان ماذا سيكون وضع هاتين الدولتين وهذين الشعبين الهندي والباكستاني؟ وكلا الدولتين تمتلكان السلاح الحديث والدولتان هما من الدول المصنعه للسلاح والطائرات المسيره. وكلا الدولتين تتسابقان منذ زمن بعيد في انتاج أسلحه حديثه وادخال تكنولوجيا حديثه على صناعاتهم الحربيه لأنهم يمتلكون علماء وخبراء عسكريين تستعين بهم دول عظمى.

وفي مجال التسابق الاستخباراتي فإن كلا الدولتين لديهما عملاء. متخصصين. لتزويدهما بكافة المعلومات عن نقاط. الضعف لدى الدوله الأخرى وقد تكون ساعه الصفر وشيكه لبدأ المعركه لولا تدخل المملكة العربية السعودية التي حرصت على أن ترسل وزير الخارجية إلى كل من الدولتين، لحثهما على إنهاء هذا الخلاف.

فكان للإتصالات المتلاحقة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. في المملكه العربيه السعوديه. برئيس الحكومة في باكستان والهند، أكبر الأثر في انتهاء الخلاف ونزع فتيل الحرب واستجابة الدولتين لسمو ولي العهد السعودي، لمكانته المرموقة بين قادة دول العالم. فسموُّه يقود أيضإ إنهاء الحرب القائمه بين روسيا وأوكرانيا وإنهاء الخلاف بين الولايات المتحده الأمريكيه وروسيا. وكانت استجابه روسيا لتدخل سموه في إطلاق سراح عشرة من الأسرى من دول مختلفة وذلك لمكانه سموه والمملكة العربية السعودية في الميزان العالمي.

اذن السعودية اليوم هي أعظم دوله تتمتع بالمكانه المرموقه وقد نجحت الدبلوماسيه السعوديه في جميع المحافل والمؤمرات في العالم.

  • كاتب ومحلل سياسي سعودي

المباريات الحربية والقوات المسلحة المصرية.

لواء دكتور/ سمير فرج

اللواء الدكتور سمير فرج

المباريات الحربية، هي أعلى مستويات التدريب في الدورات التدريبية في كليات القادة والأركان، وكليات الحرب العليا، وكليات الدفاع في مختلف المنشآت التعليمية في العالم. وهي تُعتبر أحد مفاهيم الفكر العسكري الذي يُدرس في أعظم وأرقى مستويات التعليم في الاكادميات العسكرية في نهاية الدورات التعليمية التي تستمر لمدة عام تقريباً. لكن هذا الفكر والأسلوب لم يكن يُتبع في الكليات العسكرية العليا في الاتحاد السوفيتي، التي كنا نتبعها ونسير على خطاها بعد ثورة يوليو 52. لذلك لم نكن نستخدم ذلك الاسلوب التعليمي في الاكاديميات العسكرية المصرية.

مع بدء الانفتاح العلمي العسكري، الذي أطلقه الرئيس أنور السادات، بعد أكتوبر 1973 تقرَّر سفر مبعوثين مصريين إلى دول حلف الناتو، التي تعتنق الفكر العسكري الغربي لكي نتعرف على اساليبهم للقتال _إسرائيل تتبع الفكر الغربي_ وعلى اساليب التدريب للقادة والضباط وبالتالي بدأنا نتعرف على شكل جديد في التدريب وهو "المباريات الحربية".
لقد كنت من أوائل هؤلاء المبعوثين عندما تقرر سفري إلى إنجلترا لحضور دورة كلية القادة والأركان في كلية كامبرلي الملكية. وهناك، لأول مرة، حضرت وشاهدت هذا النوع الجديد من التدريب، وكانت تجربة رائعة.

لذلك، فور عودتي من البعثة، عندما تم استدعائي لمقابلة المشير الجمسي، وزير الحربية آنذاك، وقدمت له تقريري عن البعثة، وما هو الجديد الذي يمكن أن تستفيد منه القوات المسلحة من تجربة الدراسة في المعاهد العسكرية الغربية خارج مصر. كانت أهم هذه العناصر التي قررنا نقلها للاستفادة بها في القوات المسلحة هي المباراة الحربية أو "War Game". وعلى الفور، صدرت أوامر السيد وزير الحربية آنذاك بتطبيق هذا الأسلوب في التدريب في كلية الأركان حرب المصرية. وتم إلحاقي لمدة شهر بأكاديمية ناصر العسكرية لإدخال هذا النوع من التدريب وتدريسه في كلية الحرب العليا (High War College) وكلية الدفاع (Defense College).
تقوم فكرة المباراة الحربية على تقسيم طلبة الدورة إلى قسمين أو فريقين:

القسم الأول يمثل الدولة المصرية بكل تنظيمها: مجلس الوزراء، وزير الدفاع، باقي الوزراء، مركز عمليات الدولة، إدارة المخابرات، التي تكون مسؤولة عن إدارة المعركة الحربية ضد العدو… الخ.
القسم الثاني، فهو يمثل الدولة المعادية. وأتذكر أننا في إنجلترا، ونحن نجري التدريب على هذه المبادرة الحربية، كان القسم الأول يمثل الحكومة البريطانية، بما فيها وزارة الدفاع البريطانية (MOD)، ورئاسة الأركان، وإدارة المخابرات، وغيرها. أما القسم الثاني، فكان يمثل الدولة المعادية، وكانت آنذاك هي الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو.
وبالطبع، تم وضعي في هذه المباراة كممثل للدولة السوفيتية، لأننا كنا ندرس في مصر الفكر العسكري الشرقي، ولقد كانت الفكرة الاسرائيلية لتنفيذ هذه المبادرة الحربية في كلية كامبرلي إنجلترا عام 1974، تقوم على حدوث اساس توتر بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي واحتمالات حدوث حرب.
كانت المرحلة الاولى من المباراة تركز على كيفية إدارة الأزمة ومحاولة تجنب الدخول في حرب بين البلدين. ويبرز فيها دور الدبلوماسية لتجنب الحرب، وكذلك دور وزارة الدفاع البريطانية، ورئاسة الأركان، للاستعداد للحرب وإعلان التعبئة وتجهيز خطط الحرب، مع إبراز دور الإعلام في تهيئة المجتمع البريطاني للأعمال المنتظرة.
مع تطور الأزمة، في المبارة الحربية نصل إلى مرحلة الحرب. وعلى الجانب الآخر ظهر دور دولة الاتحاد السوفيتي في إدارة هذه المرحلة، سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري. وبالطبع، كنت أمثل الدولة السوفيتية، ومعي مجموعة من الطلبة البريطانيين وبعض من دول أخرى يمثلون باقي عناصر دولة الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو سواء وزارة الدفاع … الخارجية..الخ.
وجاءت المرحلة الثانية من المباراة، عندما بدأت أعمال الحرب التقليدية (غير النووية) حيث عرض كل جانب خطته العسكرية. وتمثلت القوات البريطانية في وجودها بمسرح عمليات غرب أوروبا، أساسًا في ألمانيا. ثم جاء دور القوات السوفيتية، التي كنت أنا أدير معركتها، ومعي مجموعة من الضباط الإنجليز والأجانب. وتم اختياري لهذا المنصب في المباراة الحربية لأننا في مصر ننتهج العقيدة الشرقية (السوفيتية) حيث تم عرض الخطط العمليات واسلوب ادارة القتال في ذلك الوقت.
في الاسبوع الماضي كنت في زيارة إلى كلية الدفاع وخلال وجودي هناك، شرفني اللواء حسام عكاشة، مدير كلية الدفاع الوطني، لكي اشاهد تنفيذ المباراة الحربية في نهاية دورة كلية الدفاع – التي تُعرف الآن بـ"المباراة السياسية" – بين دولتين، بالطبع الدولة المصرية ودولة معادية.

لواء أركان حرب حسام عكاشة مدير كلية الدفاع الوطني.

استمرت هذه المباراة السياسية لمدة أسبوعين كاملين، شارك فيها الدارسون ممثلين كل طرف، عن وزارات ومؤسسات الدولة. وحقيقي لقد انبهرت جدا بالمستوي الراقي لكل الطلبة والدارسين، وكذلك التطور الذي شهدته كلية الدفاع المصرية في استخدام أحدث التكنولوجيا، خاصة الحاسبات الإلكترونية، وأدوات السوشيال ميديا. خاصة ان كلية الدفاع من بين طلابها دارسيين من مختلف الوزارات المصرية.
كانت جميع وزارات الدولة المصرية ممثلة في هذه المبارة من الطلاب الدارسين، والكل وضع خطة كل وزارة واسلوب عملها سواء في المرحلة التحضيرية للأزمة أو لإدارة المعركة.
من الاجراءات التي اتبعها كلية الدفاع في تلك المباراه بأنها تعاونت مع خبراء في هذا المجال، حيث حضر أحد وزراء الخارجية السابقين المصريين لمتابعة مجموعة الدارسين التي تمثل وزارة الخارجية. كما شارك مندوب من جهاز التعبئة العامة والإحصاء لمتابعة خطة التعبئة، كما كانت هناك متابعة من جميع أجهزة الدولة المصرية لمتابعة الدارسين.
لقد كان اشتراك الدارسين من الدول العربية والإفريقية في هذا العمل الضخم شيئًا رائعًا، وسعدت جدًا به وبالمستوى العالي الذي قدموه، وكذلك بحجم الوثائق والخرائط التي أنتجتها المباراة حقيقي تقدم علمي رائع تنفذه العسكرية المصرية بهذا المستوى العلمي المتميز.
وكان التطوّر رائعًا في تلك المباراة في كلية الدفاع، إذ أبلغني السيد اللواء عاطف عبد الرؤوف مدير أكاديمية ناصر، أن قرارات وخطط المباراة السياسية يتم إرسالها إلى كلية الحرب العليا التي تدير الجزء الثاني في المباراة، ومنها إلى كلية القادة والأركان والتي تنفذ الجزء الثالث في مباراتها الحربية. ولأن الحروب تنتهي دائمًا باتفاقيات السلام، فإنها تعود مرة ثانية إلى كلية الدفاع لإعداد مشاورات اتفاقية السلام.

اللواء أركان حرب عاطف عبد الروف مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا.

حقيقي، كان شيئًا مشرفًا لمستوى التدريب الراقي لضباط القوات المسلحة، في أسلوب ادارة الحرب بكل جديد لكي نرى القوات المسلحة، بكل هذه الكليات والطلبة، تعمل في نظام واحد متناسق.

هكذا تستمر عمليات التطوير في القوات المسلحة، خاصة في الجانب الأكاديمي والتعليمي، بهدف خلق قادة مصريين قادرين على تولي المسؤولية في قيادة القوات المسلحة المصرية ولكي يطمئن شعب مصر دائما ان لديه قوات مسلحة قادرة على حماية الامن القومي المصري.

رسالة إلى رئيس الوزراء: هل يصنع وزير الثقافة الإرهاب؟

صفوت عمران يكتب:

إغلاق قصور الثقافة يقتل الإبداع ويدعم الإرهاب!!

عندما أنشئت الدولة قصور الثقافة في أغلب المدن والكثير من القرى على مستوى الجمهورية كانت بهدف دعم وتشجيع الإبداع وتنمية المواهب وإبعاد الشباب بعيداً عن الإرهاب والأفكار المتطرفة لكن يبدو أن وزير الثقافة الجديد الدكتور "أحمد هنو" له رأي آخر.

انقذوا الثقافة يرحمكم الله.

يبدو أن الوزير وقيادات وزارة الثقافة الجدد يريدون قتل الابداع وتشجيع انتشار الأفكار المتطرفة، وبدلاً من خلق بيئة إيجابية لتشجيع أطفال وشباب ومبدعي مصر، يعطون فرصة لدعاة الإرهاب والعنف والتطرف أن يتغللوا في المجتمع..

الوزير قرر فجأة إغلاق جميع قصور وبيوت الثقافة المستأجرة على مستوى الجمهورية رغم أن ايجاراتها بسيطة، وهو ما يخلق حالة فراغ، ويحرم ملايين الشباب من تنمية مواهبهم الفكرية والثقافية والفنية، وهو ما يجعل النشئ فريسة سهلة لدعاة التطرف والإرهاب.. ويقتل الإبداع في أغلب قرى ومدن مصر.. انقذوا الثقافة يرحمكم الله.

من يقف وراء تلك القرارات العشوائية وغير المدروسة؟!

ويبقى السؤال: أين يمارس المبدعين والمواهب أنشطتهم الأدبية والفكرية والثقافية والفنية؟! من يقف وراء تلك القرارات العشوائية وغير المدروسة؟!. ولصالح من يتم تجريف مصر من المواهب والمبدعين؟!. القرار الكارثة سوف يكون له تأثير سلبي واسع على مستوى الجمهورية وفي مختلف المحافظات.. على سبيل المثال في شمال محافظة سوهاج، يوجد 7 قصور وبيوت ثقافة منهم 5 مقرات بالإيجار، وفي عموم المحافظة يوجد 19 موقع ثقافي بينهم 11 بالإيجار، وقرار إغلاق المقرات المستأجرة يعني إغلاق من 60% إلى 70% من قصور ثقافة المحافظة، وهو خطر لو تعلمون عظيم..

إغلاق قصور الثقافة، يبني الأَرحَام الجديدة للإرهاب.

والسؤال أين سوف يذهب الأطفال والشباب والمبدعين من شعراء وادباء .. ما هو مصير بيوت ثقافة الطفل وقصور ثقافة جهينة والمراغة وطما، هل هناك أحد داخل الوزارة فكر في مصير هؤلاء؟! .. من يمكنه حماية أولادنا وشبابنا من الأفكار المتطرفة؟! .. من يمكنه تشجيع ودعم المواهب والادباء والمفكرين في جميع المحافظات إذا تم إغلاق قصور الثقافة؟!، الأمر الذي سيتكرر في مختلف أنحاء الجمهورية ويضرب الثقافة والإبداع في مقتل؟!.

استقيموا يرحمكم الله.

يقال إنه سوف يتم نقل جميع الموظفين في تلك المقرات المستأجرة إلى قصر ثقافة طهطا، وهى يظهر سؤال آخر: هل المبنى قادر على استيعاب جميع موظفي تلك الأماكن التي سيتم إغلاقها؟! ومن يعوضهم عن بعد المسافات بين منازلهم ومركز طهطا؟! هل سيتم نقل المبدعين والمواهب من أبناء الشعب أيضاً؟! هل سيتم نقل جمهور قصور الثقافة لحضور الفعاليات المختلفة لمسافة تزيد عن 30 كم؟! ام تريدون إغلاق أغلب قصور الثقافة وجعل الباقية خاوية على عروشها؟! هل هناك دراسة وافيه للآثار السلبية لمثل هذا القرار الفوقي؟!..

تلك استغاثة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أنقذوا قصور الثقافة من تلك القرارات العشوائية والتي تضر بالابداع وتقتل المواهب وتساهم في إنتشار الأفكار المتطرفة.. واتمنى من الدكتور "أحمد هنو" وزير الثقافة التراجع عن هذا القرار الضار والضار جداً.

إغلاق قصور الثقافة هو البيئة الخصبة لصناعة الإرهاب.

استقيموا يرحمكم الله.

حرَّر المقال: أ.د. مدحت حماد

هل جاء وزير الثقافة ليبني البيئات الحاضنة للإرهاب؟

تعقيب في سؤال، يكتبه أ.د. مدحت حماد.

إذا كانت السيرة الذاتية المنشورة لمعالي وزير الثقافة، تكشف عن مهارة نوعية لدى سيادته للصعود الإداري المتلاحق، المنتظم والمتصاعد، من جهة، وتكشف عن مهارته في إختيار موضعاته للماجستير والدكتوراة، إلا أنها لا تكشف في المقابل عن الأبعاد والأنماط الفكرية، أو الروافد الثقافية النوعية التي تشكِّل وعي ووجدان سيادته،

فهل إنعكست شخصيته العلمية كمتخصص في الجرافيك على رؤيته ومن ثم أدائه كوزير للثقافة؟ مجرد سؤال.

كلمة الدكتورة فاطمة مصطفى في المنتدى الدائم العالمي للشعوب الأصلية

كلمة الدكتورة فاطمة أحمد، رئيسة منظمة زينب لتنمية المرأة، جمهورية السودان، التي ألقتها في المنتدى الدائم العالمي للشعوب الأصلية، أبريل 2024، الأمم المتحدة، نيويورك، الولايات المتحدة.

تواجه الشعوب الأصلية في السودان العديد من التحديات التي تتجذر في عوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية. تشمل هذه التحديات:

1- حقوق الأرض والنزوح: تعاني المجتمعات الأصلية من الاستيلاء على الأراضي بسبب النزاعات المستمرة في السودان، بالإضافة إلى التوسع الزراعي، والتعدين، وتطوير البنية التحتية. يؤدي ذلك إلى النزوح وفقدان سبل العيش التقليدية.

٢-محو الثقافة

3-التهميش والاستبعاد السياسي.

4- الوصول إلى الخدمات الأساسية: تكافح العديد من المجتمعات الأصلية للحصول على خدمات صحية وتعليم ومياه نظيفة. وهذا يؤدي إلى دورات من الفقر ويحد من فرص التنمية.

5- التدهور البيئي: تعتمد العديد من المجتمعات الأصلية على الموارد الطبيعية من أجل سبل عيشها. يشكل التدهور البيئي الناتج عن النزاعات والأنشطة الصناعية وتغير المناخ تهديدات كبيرة لأسلوب حياتهم.

6- النزاع والعنف: يمثل تحديًا كبيرًا لأن معظم المجموعات الأصلية في السودان عالقة في نزاعات مستمرة، وخاصة هذه الحرب التي تدور منذ عامين، مما أدى إلى فقدان حياة مئات الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى جميع أشكال الانتهاكات بما في ذلك الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات. تم استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، حيث تدور الحرب على أجساد النساء، بما في ذلك الاغتصاب، والعبودية الجنسية، والزواج القسري، واختطاف الآلاف من النساء والفتيات. هذه الأحداث مستمرة منذ عامين الآن، مما أدى إلى نزوح جماعي داخل السودان أو إلى دول مجاورة، حيث تقدر وكالات الأمم المتحدة أن 9 ملايين شخص قد نزحوا، ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، و25 مليون في حاجة إلى مساعدات إنسانية، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع ذلك مع اهتمام ضئيل للغاية من حيث الموارد للمساعدات الإنسانية وأيضًا عدم وجود اهتمام إعلامي.

نطالب بعمل فوري وعاجل لوقف هذه الحرب.

نحن كنساء سودانيات ومنظمات يقودها النساء من الشعوب الأصلية نطالب بعمل فوري وعاجل لوقف هذه الحرب، والضغط لحماية المدنيين، وتوفير الموارد اللازمة للمساعدات الإنسانية. يشمل ذلك تمويل المبادرات المحلية كأول المستجيبين الذين يعملون على الأرض، بما في ذلك المجموعات الأصلية ومنظمات النساء، والمجموعات الشبابية وغيرها، بالإضافة إلى تمويل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية لمساعدة النازحين داخليًا وخارجيًا في السودان. شكرًا جزيلاً لكم.

هذا هو التحدى .. فكيف ستكون الاستجابة؟

د. محمد السعيد إدريس

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

د. محمد السعيد إدريس

لم يكن غريبا أن يقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وراء نشر صورة له بزى «البابا»، وهى الصورة التى تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى، ونشرت مساء يوم الجمعة الماضى على الموقع الخاص بالرئيس الأمريكى المعروف باسم «تروث سوشيال». الصورة سرعان ما انتشرت على حسابات مواقع التواصل الاجتماعى ، وبعد نصف ساعة تم نشرها على الحساب الرسمى للبيت الأبيض على موقع «إكس»، ما يعنى أن نشر هذه الصورة لم يكن مزحة أو أمراً عبثياً من الرئيس، بل كان الأمر جاداً وحقيقياً، ولعل ما يؤكد ذلك، أن ترامب كان قد صرح ، قبل يومين من نشر هذه الصورة (الأربعاء 30 أبريل الفائت)، بتصوره حول توقعاته للبابا الجديد الذى سيأتى خلفاً للبابا فرنسيس الذى أعلنت وفاته قبل أسبوعين تقريباً، فقال: «أرغب فى أن أصبح البابا.. سيكون هذا خيارى الأول».

يريد أن يكون البابا!!

هذا هو جوهر مشروع دونالد ترامب السياسى لجعل الولايات المتحدة «عظيمة مرة أخرى». وبغض النظر عن غياب أى تدقيق لمتى كانت هذه الولايات عظيمة، ولا حتى ما هو معنى العظمة عند دونالد ترامب، فإن هذا المشروع يستهدف تحقيق هدفين محوريين؛ أولهما: تجديد المشروع الإمبريالى الاستعمارى الغربى بزعامة أمريكية منفردة وأكثر تسلطاً واستبداداً يفوق كل ما فعله الاستعمار البريطانى والاستعمار الفرنسى وقبلهما الاستعمار الإسبانى والاستعمار البرتغالى بشعوب العالم الثالث فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، ومن هنا جاءت دعوات ترامب لضم كندا وجعلها الولاية الأمريكية رقم 51، وشراء جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك، واحتلال قناة بنما فى أمريكا الوسطى، ثم دعوته إلى تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه فى قطاع غزة وإقامة ريفييرا أمريكية شرق أوسطية.

كما يستهدف هذا المشروع ثانياً، وهذا هو الأشد خطورة، تجديد «الحروب الصليبية على الشرق وحضاراته ابتداء من الحضارة العربية - الإسلامية التى هى جوهره، وامتدادا إلى الحضارتين الصينية والهندية، من خلال إحياء دعوة «صراع الحضارات» التى روج لها مفكرون ومسئولون أمريكيون ، باعتبارها البديل لـ»الصراع الأيديولوجي» السابق بين الغرب الرأسمالى بزعامة الولايات المتحدة والشرق الاشتراكى بزعامة الاتحاد السوفيتى.

الذين روجوا لدعوة «صراع الحضارات» تلك كانوا يقصدون بالتحديد صراع الحضارة الغربية بشقيها المسيحى واليهودى فى مواجهة العدو الجديد للغرب والبديل للعدو الشيوعى السابق، وهذا العدو البديل هو الحضارة العربية - الإسلامية، ومن هنا جاء تخليق ودعم تيارات الإسلام السياسى وتشجيع ما سمى بـ»الإسلام الجهادي» على نحو ما حدث فى أفغانستان، وبعدها بدأت حملات شيطنة «الإسلام السياسي» هذا باعتباره إرهابا بعد أن تم استيلاد تنظيم «داعش» من رحم تنظيم «القاعدة» برعاية وإشراف أمريكيين باعتراف رسمى من الرئيس دونالد ترامب نفسه، فى معرض اتهامه لمنافسته السابقة هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية فى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

نحن إذن أمام مشروع استعمارى إمبريالى أمريكى يرتدى ثوب «المسيحانية»، وهى تيار «المسيحية الصهيونية» المنبثق عن «الكنيسة البروتستانتية فى الولايات المتحدة وبعض دول غرب أوروبا، ويؤمن إيماناً راسخاً بحتمية وضرورة انتصار إسرائيل انتصاراً حاسماً على كل أعدائها المتربصين بها، باعتبار أن هذا الانتصار هو «الشرط الموضوعي» لظهور السيد المسيح عليه السلام مجدداً. من هنا جاء ارتداء دونالد ترامب زى البابا وطموحه أن يكون «بابا» فى المستقبل ليقود بنفسه «الحرب المقدسة» مع إسرائيل ضد كل أعدائها.

هذا يعنى أن المشروع الذى يروج له بنيامين نيتانياهو حالياً من تأسيس «شرق أوسط جديد» تقوده وتسيطر عليه إسرائيل على أنقاض النظام العربى ودوله العربية، وأن تمتد هذه السيطرة نحو إيران وتركيا بعد تفكيك كل هذه الدول إلى دويلات صغيرة طائفية ومذهبية وعرقية لتمكين إسرائيل من إخضاعها والسيطرة عليها، والحيلولة دون وجود أى قوة فى هذه المنطقة الشرق أوسطية تكون قادرة على تهديد إسرائيل والحيلولة دون توسيع مخططها التوسعى الذى تريده وتسعى إليه. وما تقوم به إسرائيل حالياً فى سوريا، وقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وما تعده لإيران وتخطط له لكل من مصر وتركيا بعد القضاء على الخطر الإيرانى، أكبر دليل على ذلك.

وزير المالية الإسرائيلى «بتسلئيل سموتريتش»، زعيم تيار الاستيطان اليهودى فى عموم فلسطين، أكد فى تصريح له يوم الثلاثاء (29 أبريل الفائت) بأن «تل أبيب لن توقف الحرب إلا بعد تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة، وتقسيم سوريا وتجريد إيران من سلاحها النووي». وأكد أن هذه هى الأهداف التى أجمع عليها الإسرائيليون وليس الحكومة فحسب .

الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على العاصمة السورية التى وصل بعضها إلى قصر الرئاسة وامتدت إلى الشمال والوسط السورى وتمديد الاحتلال الإسرائيلى فى جنوب سوريا إلى ما يزيد على 80 كيلومترا، تؤكد، هى الأخرى، ما ورد على لسان «سموتريتش»، كما يؤكده البيان المشترك لبنيامين نيتانياهو ووزير حربه «يسرائيل كاتس» القائل بأن هذا القصف «رسالة واضحة للنظام السورى تقول: لن نسمح بنشر قوات سورية جنوب دمشق، أو بتشكيل أى تهديد للطائفة الدرزية بأى شكل من الأشكال». والمقصود هنا هو فرض السيطرة الإسرائيلية على سوريا والسعى إلى تفكيكها إلى دويلات عرقية وطائفية ابتداء من تخليق دويلة درزية خاضعة للحماية الإسرائيلية، كنموذج مطلوب تحقيقه فى كل دول المنطقة، وفقاً لخطة كان قد وضعها «أوديد إينون» مستشار ارييل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق تحت عنوان: «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات».

هذا هو التحدى.. فكيف يجب أن تكون الاستجابة؟ ومن المعنيون بذلك؟

هالة فردان: لا سامحهم الله ولا غفر لهم!

كاتبة وأديبة بحرينيِّة.

"أنا سامحتهم، لكن أتمنى من الله ألا يسامحهم ولا يغفر لهم"!!!

نظرت باستغراب لصديقتي وهي تتحدث "لم أفهم العبارة "قلت لها: "يعني هل سامحتهم أم لا؟" قالت مكررة حديثها "نعم سامحت سامحت، لكن أتمنى من الله ألا يسامحهم" ظل عقلي مشوشاً للحظات في محاولة يائسة مني لفهم العبارة الغريبة المتناقضة التي قالتها. تعرضت صديقتي منذ أيام لموقف صعب حيث قامت إحدى زميلاتها في العمل بنشر أكاذيب حول موضوع يتعلق بكيفية أدائها لمهامها الوظيفية، وعندما علِمَت صديقتي بما كان يقال تقدمت بشكوى رسمية لإدارة شؤون الموظفين التي سارعت بحل المشكلة وقامت بعدها زميلتها بتقديم اعتذار لها فما كان من صديقتي إلا تقبل الاعتذار، لكن عندما سألتها إن كانت قد غفرت لها ما فعلت جاء ردها غريباً، قالت سامحت ولكنها لا تتمنى من الله أن يسامح.

هل يملك الإنسان القوة ليسامح؟

تساؤلات كثيرة تلك التي تعصف بعقلي هل نعفو ونغفر حقاً عمن يسيء لنا أم أننا ندعي الغفران ظاهرياً فقط؟ هل لدينا القدرة الحقيقية على المضي وكأن شيئاً لم يكن؟ أم أننا نعجز عن إزاحة الأذى عن نفوسنا؟ هل يملك الإنسان القوة ليسامح،لا سامحهم الله ولا غفر لهم!

هذه التساؤلات قد تبقى كثيراً بلا إجابة واضحة، فنحن نتعرض لمواقف كثيرة كل يوم نواجه شخصيات متغيرة نتعرض للظلم، وقد نظلم في بعض الأحيان أيضاً، فهل نعفو عنهم أوهل يعفون هم عنا زلاتنا وهفواتنا؟ لا نعلم ما في نفوس الناس، ولكننا نعلم أن ليس كل ما يقال حقيقة، ويعكس ما نشعر به حقاً، فبعض الأذى يفوق قدرتنا الإنسانية البسيطة على الغفران وبعضه هين يسير يمر بنا كنسمات من الهواء الحار جداً في ظهر صيف شمسه تملأ المكان نوراً وتخنقنا حراً، فلا نعود نتذكر بعدها أصلاً كاملاً الموقف وما حدث وقيل.

محظوظ هو من استطاع أن يعفو ويغفر ويسامح.

نحن بشر تحركنا مشاعرنا أكثر مما يفعل عقلنا، لذا نعلم أن لدينا قدرات بسيطة في مواجهة تلك المشاعر التي تملؤنا وبالذات أشدها والتي أظن يقيناً أنها تنحصر في ثلاثة هي الحب والغضب والظلم، لا نقاوم شعور الحب، ولكننا في ذات الوقت لا نستطيع في الغالب أن نقاوم شعور الغضب وشعور الظلم، لذا كما نعلن عن حبنا بكل صدق وفرح وسعادة، فنحن نعلن عن غضبنا بقوة تصل في بعض الأحيان إلى العنف، وقد يكون الغفران وسيلة لمواجهة هذا الشعور والحد منه، لكننا في الحقيقة نغفر ظاهرياً، ونبقي الغضب مستعراً داخلياً، لذا محظوظ هو من استطاع أن يعفو ويغفر ويسامح.

إن الموقف الذي تعرضت له صديقتي ورد فعلها غير المنطقي هو في الحقيقة حدث نشاهده ونسمعه كل يوم في منازلنا وأحيائنا ومجتمعنا، أغلب الناس تدعي فقط أنها سامحت وغفرت الإساءة، ولكنها وفي أول فرصة يتاح لها رد الأذى تسارع في الانتقام، وبقدر ألم الإساءة سيكون الرد، قلة من الناس لديها القدرة على الاستمرار وقلبها يملأه التسامح والغفران، تلك القلة هي التي أدركت أن الإنسان متغير غير ثابت المواقف ولا التفكير، هذه الفئة تعلم جيداً إننا أيضاً نخطئ ونأمل أن يُعفى عنا، وتُغفر لنا هفواتنا، تؤمن أن ما يحدث الآن سيكون ماضياً بعد لحظة، وإننا إن أثقلنا قلوبنا بكل ألم نمر به لن نستطيع مع الوقت أن نسير للأمام فمن يمشي حراً طليقاً ليس كمن يمشي وهو يحمل على رأسه كيساً من الأحجار الثقيلة.

كُن أنت النور الذي يرشدهم.

الخلاصة: أعلم جيداً أن العفو والغفران ليس بالأمر الهين علينا نحن كبشر لذا عندما أمرنا الله به جعله باباً من أبواب رضاه ورحمته، ووعد من يعفو ويغفر بمقابلة ذلك بجزيل العطاء، وإن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على مقدار الجهد الذي علينا أن نبذله في سبيل التخلص من شعور الغضب والظلم الذي يتملكنا حين نتعرض للإساءة، في الحياة نواجه وسنواجه كل يوم أشخاصاً من حولنا غلبتهم ظروفهم ونفوسهم، فلم يعرفوا طريقاً غير الإساءة سبيلاً. كُن أنت في هذا الطريق النور الذي يرشدهم ولا تكن مجرد أداة تُعبد لهم طريقهم ليستمروا في الإساءة إليك، وتستمر أنت بدورك في مسامحتهم والدعاء عليهم!

هالة فردان.. كاتبة وأديبة بحرينيِّة.

عبدالحليم قنديل يكتب: ردًا على غارات تزوير عبد الناصر.    

عبدالحليم قنديل

    فى مماته كما فى حياته ، ظل جمال عبدالناصر مالئ الدنيا وشاغل الخلق ، هكذا كان ويكون مع مرور 55 سنة على رحيله فى عنفوان الرجولة ، وربما إلى مئة سنة مقبلة ، سيظل الجدال والصراع مستعرا مشتعلا بين الأعداء والكارهين  وبين أنصار تجديد مشروعه الحضارى التقدمى ، وقد بدأت الدراما الفريدة من جنازته ، وقد كانت ـ بمعيار السكان النسبى ـ هى الأضخم فى مطلق التاريخ الإنسانى ، وكانت ألسنة الخلق أقلام الحق تلهج بالنشيج الباكى "يا ناصر ياعود الفل / من بعدك هنشوف الذل" ، وقد كان بعد سنوات قليلة من رحيله المباغت ، بعد اقتحام جيشه لأعقد مانع مائى وتحطيم خط بارليف والعبور إلى سيناء ، ثم كان ما كان من خذلان السياسة لنصر السلاح ، والانقلاب على اختيارات عبد الناصر ، ودوس الذين هبروا على دماء الذين عبروا ، والتفكيك المتصل لركائز الإنتاج وقلاعه الكبرى إلى اليوم ، وكان عبد الناصر وقت أن فاضت روحه إلى بارئها الأعظم ، وإلى موعد الحرب التى تأجلت إلى 6 أكتوبر 1973 ، قد ترك مصر وهى تمضى رأسا برأس مع "كوريا الجنوبية" فى سباق التنمية والتصنيع والاختراق التكنولوجى ، وكانت حققت أعلى معدلات النمو الحقيقية فى ما كان يعرف وقتها باسم "العالم الثالث" بما فيه الصين ، وبإجمالى ديون مدنية وعسكرية لا تتجاوز 1700 مليون جنيه ، صارت صفرا بعد تنازل "الاتحاد السوفيتى" عن تحصيلها ، وكان الجنيه المصرى وقت رحيل عبد الناصر يعادل نحو الدولارين ونصف الدولار ، وكان تشغيل الخريجين إلزاميا للدولة ، وبراتب ابتدائى يعادل شرائيًا نحو 30 ألف جنيه مصرى اليوم .

الزعيم جمال عبد الناصر ومعمر القذافي

    وقد لا نريد الاستطراد فى مقارنات كاشفة ، أضف إلى ذلك ما تعيشه الأمة كلها من هوان الهوان ، ومن تجاوز الحضيض إلى قاع القاع ، ومن تخطى قيعان العجز إلى "التحلل الرمى" المتعفن ، إلا من عصم ربك من المقاومين هنا أو هناك ، وبالذات على جبهة مقارعة حرب الإبادة الجماعية الوحشية التى تشنها أمريكا و"إسرائيل" معا ، وفى سياق الدم الزكى الفياض الذى يتحدى السيف ويكسره فى جولات ، ووسط قعود الأمة من أدناها إلى أقصاها ، ودعوات الناعقين للمقاومين أن يستسلموا كما فعلت وتفعل نظم الخزى والعار ، وتحالف الكثير منها مع كيان الاحتلال ، وتقديمها إتاوات بتريليونات الدولارات للعدو الأمريكى  ـ "الإسرائيلى" ، حاول بعض المعتوهين أن يقتبسوا عبد الناصر زورًا ، وأن يدعوا أنهم لا يفعلون سوى ما أوصى به زعيم الأمة التاريخى ، وعلى طريقة "ولا تقربوا الصلاة" ، وعلى نحو مجتزأ مزور تماما ، فإجتزاء الحقيقة كخيانتها ، واستعانوا بمقطع من حديث دار بين عبد الناصر والعقيد الليبى معمر القذافى أوائل أغسطس 1970 ، ودونما أدنى مراعاة للسياق ولا حتى لنص الكلمات الصريحة القاطعة فى معانيها ، كان عبد الناصر يعبر عن عظيم الاستياء والغضب من ثوريين مزيفين فى أنظمة وجماعات وقتها ، شنوا حملة مزايدات وشعارات رخيصة فارغة ضد قبول عبد الناصر لما عرف باسم "مبادرة روجرز" الأمريكية ، وفضح عبد الناصر هوانهم وتقصيرهم وتناقضاتهم ومزايداتهم الكلامية باسم "قومية المعركة" ، وأبان عجزهم فى التحرك بالسلاح على جبهة الشرق ضد كيان الاحتلال ، الذى كان قد احتل القدس والضفة الغربية والجولان فى عدوان 1967 ، وأضاف إليها غزة وسيناء على جبهة مصر ، وبمجموع أراضى محتلة بلغت 81 ألف كيلومتر مربع ، شكلت سيناء وحدها ثلاثة أرباعها .

وبينما كان عبد الناصر يقود ويقاتل ويحشد على جبهة الحرب مليون جندى وضابط ، وبموازنة سنوية بلغت وقتها 550 مليون جنيه غير مشتريات السلاح ، كان بين المزايدين لفظيا على عبد الناصر نظام حكم حسن البكر"البعثى" فى العراق وقتها ، ولم يدفع فلسا فى دعم جبهة الحرب لا فى مصر ولا فى سوريا ، رغم أن العراق كان دولة بترولية غنية ، وكانت لدى عبد الناصر ضابط الايقاع العام فى المنطقة وقتها شكوكا ، كانت لديه تقارير ومعلومات أكيدة عن عمل قيادات فى أحزاب "قومية ثورية !" لصالح أجهزة المخابرات الغربية والبريطانية بالذات ، كانت معادلة التكامل وتقسيم الأدوار بين دول دعم ودول مواجهة ، قد صاغها عبد الناصر فى قمة الخرطوم المعروفة بقمة "اللاءات الثلاث" ، لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل ، وكان عبد الناصر يواصل دوره المرموق كقائد تفكير وقائد ممارسة معا ، يعرف هدفه ومواضع الأقدام ، ويصدقه الناس دون غيره ، سواء كانوا من الرجعيين أو التقدميين المزيفين ، ولم يكن بالطبع ضد السلام الذى يعيد الحقوق كاملة ، ودونما اعتراف ولا تطبيع مع كيان الاحتلال ، وفى المحضر السرى لاجتماع مجلس الوزراء برئاسته بتاريخ 31 ديسمبر 1968 .

عاد عبد الناصر لتأكيد أنه لا فرصة لحل سلمى عادل ، ثم اختصر الطريق مباشرة لهدف أمريكا و"إسرائيل" مما كان يعرض من حلول سلمية ، وقال بالنص المعروض صوتيا على الموقع الرسمى لجمال عبد الناصر بمكتبة الإسكندرية ، وقد اطلعت عليه كما على آلاف الساعات المسجلة بالنص والصوت وقت إعدادى لكتابى (عبد الناصر الأخير) ، قال عبد الناصر "الموضوع (المعروض) يعنى إيجاد سلام بالقوة (...) اليهود عايزين معاهدة صلح  معاهدة سلام (...) وهذا الموضوع الحقيقة إذا فكرنا فيه .. لا يحق لنا بأى حال من الأحوال إن احنا نفضل (نظل) فى محلاتنا (كراسى الحكم) " أى أن عبد الناصر ربط شرطيا بين وجوده فى السلطة ورفض أى معاهدة صلح أو سلام مع "إسرائيل" ، واعتبرها خيانة "يعملوها ناس غيرنا" كما أضاف بنص المحضر السرى المذكور .

فى المقطع المجتزأ المروج ، الذى حذف أغلبه عمدا ، يعود عبد الناصر لتأكيد موقفه القطعى غير القابل للتأويل الفاسد ، ويقول نصا "أنا ممكن اتفق مع جولدا مائير سرا . بس هبقى راجل منافق" ، كان عبد الناصر يشير مجددا إلى رفضه أى تفاوض مباشر مع "إسرائيل" ، وإلى قناعته العلنية والسرية بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها" ، وهو ما دفعه لإغلاق الباب فى وجه محاولات رئيس المؤتمر اليهودى العالمى وقتها "ناحوم جولدمان" ، الذى كان يسعى لمد جسور بين عبد الناصر و"جولدا مائير" رئيسة وزراء "إسرائيل" وقتها ، وفى المحضر السرى لاجتماع قيادة الاتحاد الإشتراكى برئاسته بتاريخ 28 يوليو 1970 ، قال عبد الناصر نصا وصوتا: "والله أنا بعت (أرسلت) حمروش (الصحفى أحمد حمروش) قابل جولدمان (...) الخطة إن احنا نجيب منه معلومات (...) ودى عملية مخابرات بتتعمل فى كل الدنيا" ، تماما كقصص التواصل مع الصحفى الفرنسى اليهودى الشهير "إريك رولو" وغيره ، وإذا عدنا إلى المحضر السرى نصا وصوتا لحديث عبد الناصر مع القذافى ، يرد السبب الذى من أجله تظاهر عبد الناصر بقبول "مبادرة روجرز" ، وقد كان سببا حربيا بامتياز، يتعلق بالاستفادة من مهلة الثلاثة شهور وقف إطلاق نار فى المبادرة الأمريكية ، فقد كانت حرب الاستنزاف متصلة قبلها لنحو ألف يوم .

كان الجيش الذى بناه عبد الناصر من تحت الصفر بعد الهزيمة ، قد أكمل تجهيزاته لحرب تحرير كانت مقررة فى النصف الأول من العام 1971 ، وكان واحدا من أعظم مشاغل عبد الناصر ، أن يوفر للبلد شبكة دفاع جوى متطورة ، تقى المصريين من غارات طيران العدو ، وتوفر غطاء لجيش العبور حين تحين اللحظة ، وهو الجهد الذى بلغ ذروته بإقامة ماعرف فيما بعد بصفة "حائط الصواريخ العظيم" ، وهو عبارة عن قوات منفصلة للدفاع الجوى ، تضم المدفعية المضادة للطائرات مع وحدات الصواريخ "البيتشورا" و"سام ـ 2" و"سام ـ 3" و"سام ـ 6" ، وأجهزة الرادار والإنذار ومراكز القيادة المشتركة .

https://www.youtube.com/watch?v=KVh2D7yKlaU

كان عبد الناصر يريد فسحة من وقت هادئ لدفع حائط الصواريخ إلى الحافة الأمامية لجبهة الحرب ، ومن دون تعريض عمال الإنشاءات للقتل بغارات العدو ، ووجد الفرصة فى وقف إطلاق النار الموقوت الذى نصت عليه "مبادرة روجرز" ، وبعد حديثه مع القذافى بأكثر من شهر ، عاد عبد الناصر لتأكيد نجاح خطة الخداع الحربى ، التى اكتشفتها واشنطن ، ولكن بعد فوات الأوان ، واتهمت عبد الناصر بخرق وقف إطلاق النار ، وفى المحضر السرى لاجتماع مجلس الوزراء برئاسته بتاريخ 7 سبتمبر 1970 ، قال عبد الناصر كما المسجل نصا وصوتا: "الحقيقة قوتنا فى الصواريخ زادت جدًا عن الأول .. يعنى أكثر وتضاعفت . فى الشهر ده وصلت لنا الصواريخ سام ـ 3 اللى عليها مصريين (...) يمكن احنا بنعوز برضه ال 3 أشهر . لأن الحاجات جاية جديد . ولسه عايزين وقت (...) احنا الصواريخ نقدر نحطها فى ليلة واحدة (...) وبهذا نقدر نغطى 20 ـ 30 كيلومتر من الضفة الشرقية (سيناء) . وبهذا نستطيع أن نعبر على طول " .