مراكز البحوث والدراسات

مراكز البحوث والدراسات

هل وصلنا إلى ذروة المكاسب التي حققها النفط قبل تولي ترامب السلطة؟

في حوار مع قناة الشرق الإخبارية، تناول خبير الطاقة الأستاذ "علي الريامي” مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة العمانية سابقًا، آخر المستجدات الخاصة بالسوق العالمي للنفط، وفيما يخص المكاسب التي حققها النفط قبل تولي ترامب السلطة، قال:

الأستاذ "علي الريامي” مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة العمانية سابقًا

أعتقد أننا وصلنا إلى الذروة في هذه الفترة وذلك وفقاً لنفس الظروف القائمة في الفترة الماضية. لهذا فإننا قد وصلنا إلى الذروة فعلاً، ولا أتوقع أن ترتفع أسعار النفط أكثر مما كانت عليه قبل بضعة أيام.
الآن هناك تصحيح للأسعار، حيث بدأت مسيرة الهبوط المتدرج، وهو ما حدث فعلا يوم الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥، لهذا فإنه إذا ما بقيت الظروف كما هو الأمر حالياً، فستنخفض الأسعار أكثر، ولهذا يجب علينا أن ننتظر ما الذي سيحدث.

هذا يدفعنا لأن نسأل عن العقوبات الأوروبية الأمريكية بحق روسيا وإيران، فهل تعتقد أن الأسواق كانت تبالغ في ردة فعلها تجاه هذه العقوبات، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ترامب، ربما يقوم بتخفيض هذه العقوبات، أو على الأقل عدم فرض عقوبات جديدة خلال الفترة القادمة؟

أعتقد أنه كان يوجد بالفعل نوع ما من المبالغة في ردة فعل أسواق النفط، وكالعادة السوق في بداية الأحداث يكون متجهاً صوب المبالغة في تفسير أو تأويل بعض القرارات، ثم يحدث الهدوء، فيتم التصحيح المنتظر للأسواق. من هنا فإن ترامب سوف يسعى إلى الحد من ارتفاع أسعار النفط، ومن هنا قد يعتبر أن العقوبات المشددة على روسيا ربما ستعرقل برامجه. لكن يظل السؤال حول قدرته على تخفيض أو تجميد هذه العقوبات، فالأمر يتعلق كذلك بموقف الكونجرس، وبصفة خاصة حول موقف الصقور في الإدارة الأمريكية خلال الأيام الأولى بعد تولي ترامب، مع ذلك أعتقد في أن ترامب سيذهب لتخفيف العقوبات ضد روسيا، ليكون السؤال الأهم هو هل ترامب سيعمل على خفض أم مضاعفة العقوبات ضد إيران؟

إذا لجأ ترامب لفرض عقوبات ضد إيران، هل سيكون لذلك تأثيره الكبير برأيك على أسواق النفط؟

مراسم تنصيب ترامب الرئيس السابع والأربعين لأمريكا

إذا حدث ذلك أعتقد في أننا سوف نشاهد ارتفاعات أخرى في أسعار النفط لتصل من جديد إلى ٨٠_٨٥ دولار للبرميل. لأن الخوف عندها سيكون مرتبطا بالإمدادات وليس سلاسل التوريد. لهذا إذا فرضت عقوبات جديدة ضد الدولتين سنكون أمام مشكلة تراجع الإمدادات. لكن يظل السؤال المهم جدًا بشأن أثر تدخل أوبك + في هذه الحالة. نعم سوف تتدخّل أوبك + في حال وجود أزمة في الإمدادات، وهذا ما أكد عليه سمو الأمير محمد بن سلمان حيث قالها صراحة: حتما سوف نتدخل لضبط السوق النفطي وأيضا لضبط الأسعار. في نفس السياق، أعتقد أن أوبك + سوف تستثني روسيا من عملية خفض الإنتاج إذا ما تعرضت لعقوبات جديدة.

ثمة سؤال مهم تطرحه البيانات الاقتصادية القادمة من الصين، وهو: ما هي الإشارات الخاصة بنجاح الصين في تحقيق هدفها، برفع معدلات النمو في عام ٢٠٢٥؟

الحقيقة أنه سيكون شيء طيب أن تنجح الصين في تحقيق هذا الهدف، حيث سيكون هناك المزيد من الطلب الصيني على النفط، وهو ما سيكون له مردود إيجابي بالقطع على السوق النفطي حيث من المرجح أن تحدث زيادة حتى وإن كانت زيادة محدودة.
لكن في المقابل سيكون هناك تخوف كبير من تصرفات دونالد ترامب تجاه الصين، حيث لا يمكننا إطلاقا استبعاد قيام ترامب بفرض عقوبات على الصادرات الصينية، لأن هذا الأمر سيكون شيئا مخيفاً فعلاً سواء فيما يخص الاقتصاد الصيني نفسه، أو الاقتصاد العالمي.

مشاهدة الحوار على الرابط التالي: https://asharq.co/pwswf

هالة الفردان: ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني.. المهم أن يتحدثوا!

منذ فترة نشر أحد المؤثرين فيديو ينصح فيه الناس بأهمية التوقف عن تداول المقاطع التي تُشهِّر في شخصيات معيّنة أو يُراد من ورائِها النيل من سمعة بعض الشخصيات العامة ذات الشأن، وللتوضيح قام هذا المشهور بعرض مقطع "فريش" جديد تمّ إخفاء وجه أبطاله بالورود لإخفاء شخصياتها واكتفى بترك الصوت كما هو! المشهور الواعظ كان كمن يقال عنه ينشر الفضيلة عبر الفضيحة، من جهة هو يدين أخطاء الناس ومن جهة أخرى ينشرها ويجعلها مادة للمناقشة، لا أعلم يقيناً إن كان المراد من هذا الفيديو حث الناس للتوقف أو أنه نوع جديد من التشهير، ومحاولة يائسة لحصد المشاهدات.

حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول!!

مؤخراً، لا يكاد ينقضي يوم دون ملاحظة انتشار فيديوهات أو مقاطع مسرّبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الشخصية أو تلك، حتى إن طريق الشهرة أصبح أسهل من ذي قبل، وباتت الناس تتفنَّن في لفت الانتباه بشتى الطرق، فهذه تستعرض كل ما تستطيع استعراضه لكسب المشاهدات، وهذا يقتنص الفرص ويتصيّد الأخطاء وزلات اللسان لشخصيات عامة، وذلك يشتري مقاطع كاميرات المراقبة لفضح هذا وذاك!! حتى العلاقات الخاصة داخل المنزل أصبحت أحد أهم المواد الإعلامية القابلة للتداول، فترى مقاطع كثيرة تُنشر تبيّن علاقة الأم بأبنائها المثالية أو علاقة ذلك الزوج بزوجته، كلها أصبحت وسيلة للظهور وكل هذا لماذا؟

من أجل مشاهدات رقمية لا تعرف حقيقتها من زيفها، تُهان الناس وتُستباح الخصوصية وتُنتَهك الحقوق في سبيل الوصول لأكبر قدر من الأعين. الأدهى من ذلك قيام بعض الشخصيات نفسها بتسريب مقاطع لها لدى هؤلاء في سبيل إثارة الجدل والظهور بمظهر الضحية، ومحاولة كسب عطف الجماهير المتعطشة لكل ما هو جديد، أصبحت سمعة وأعراض الناس مجرد مادة للتداول وكل ما عظمت بشاعة المقطع كان أعلى سعراً وطلباً.

"ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا"!!

بل إن هناك ظاهرة أخرى أمَرّ ألا وهي "الاستثمار في الفضائح الشخصية"!! ففي الماضي عند انتشار مقطع لـ "فضيحة شخصية" تسارع تلك الشخصية بالاعتذار والانسحاب من المشهد العام، أما اليوم فقد تغيرت اللعبة، فأصبحنا نرى تلك الشخصيات المثيرة للجدل، سواء أكان من المشاهير أو الشخصيات العادية، تستثمر في فضائحها الشخصية لتحويلها إلى مادة تسويقية وتُصبح تلك الفضيحة فرصة ذهبية وفجأة يصبح بطل القصة مؤثراً وتنهال عليه عقود الإعلانات، وأصبح الكل فجأة يحمل عبارة "ليس مهماً كيف يتحدث الناس عني، المهم أن يتحدثوا"!!

الخلاصة: لا يمكننا أن نلوم فقط الناشرين والباحثين عن الشهرة، بل علينا أيضاً أن نتوقف لنسأل أنفسنا، هل نحن مُستَهلِكُون فقط لهذه الظواهر أم أننا مساهمون في تعزيزها؟ أليس نحن من نسمّى الجمهور هو "المستهدف"؟ هل أصبح فضولنا وسيلة في تحويل الأخطاء إلى فرص لهؤلاء؟ هل كنا نحن السبب في تحقيق أعلى نسبة مشاهدة لهذه المقاطع؟ هل يكفي أن يتمّ فرض تشريعات وقوانين صارمة لردع هذه الظاهرة؟

"التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع".

لا أعتقد أن أياً منا يؤيد انتشار هذه المقاطع، لذا أعتقد أن الطريق لتصحيح هذا المسار يبدأ من إعادة التفكير في أدوارنا نحن كجمهور، إذا توقفنا قليلاً عن التفاعل مع هذه الفضائح ومنحها الاهتمام، فبكل تأكيد ستفقد قيمتها كمصدر للشهرة والربح، الأمر يتطلب وعياً جماعياً وتربية أخلاقية للأجيال القادمة، كما أقول دائماً فإن: "التربية الصحيحة السوية هي الرادع الوحيد لأي سلوكيات خارجة عن عادات وتقاليد المجتمع".

قريبًا.. استشاري الطاقة علي عبد الله الريامي، يكتب في الفارابي نيوز.

ترحيب خاص بقلم الدكتور مدحت حماد

بالرغم من أنه لم يمضي عام على تشرفي ومعرفتي الشخصية بالأستاذ "علي عبد الله الريامي"، إلا أنني شعرتُ خلال هذه الفترة وكأني أعرفه منذ أعوام طوال، حيث لم ينقطع تواصلنا أبدًا منذ تعارفنا لأول مرة في مايو 2024 في مؤتمر أمن الطاقة من أمن الممرات المائية، فطوال تلك الأشهر، وجدنا أنفسنا نتواصل إنسانيًا وعلميًا وبحثيًا وبشكل مثير للدهشة حقًا، حيث جمعتنا فعلاً العيد من القواسم المشتركة، على رأسها عشقنا لوطننا العربي، عشقنا لبلدينا مصر وعمان، عمان ومصر، تألمنا الكبير لم آلت إليه أمتنا أوضاع العربية، وتكالب القوى الطامعة عليها.

ثم كان أن اقترحت عليه أن يشرفنا بكتابة مقالات للنشر على "الفارابي نيوز"، فما كان منه إلا أن وافق بترحاب زاد بل ضاعف من وعيي الخصي به، وهو ما سيتم فعلًا بإذن الله اعتبارًا من يناير 2025. سوف يدرك السادة القراء أن ما قلتُه عنه هو النذر اليسير، وذلك بعد أن أشرف بعرض نبذة موجزة عنه لحضراتكم.

استشاري الطاقة علي عبد الله الريامي.. مَن هو؟

هو إبن "سلطنة عمان" و"مصر"، نعم وُلِدَ في عُمان، لكنه حصل على بكالوريوس العلوم الاجتماعية من جامعة حلوان، بالقاهرة، مصر. هو أيضًا رغم أنه مواليد قارة آسيا إلا أنه "أفريقي" الهوى، كيف؟ بعيدًا عن لغته العربية: وكذلك اللغة الإنجليزية، فهو يتكلم اللغة السواحلية بطلاقة، وقلما نجدُ عربيًا أيًا كانت دولته، يتكلم اللغة السواحيلية.

الخبرات العملية الوظيفية

من خلال مسيرته الوظيفية سوف ندرك أنها كانت خبرات نوعية متخصصة ومتميزة، وهو ما يجعل موافقته على كتابة مقالات للفارابي نيوز شرف كبير للموقع ولمركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية معًا.

تولى المدير العام للتسويق (2010-2021) بوزارة الطاقة والمعادن، مسقط

قبلها كان المدير العام للمالية والإدارة (1998-2010) بوزارة الطاقة والمعادن، مسقط

قبلها أيضًا كان قد شغل منصب مدير التخطيط والتنمية السياحية (1993-1998) بوزارة التجارة والصناعة، مسقط.

ليس هذا فحسب، إنما كان ولازال عضوًا في العديد من اللجان النوعية المتخصصة، التابعة لعدد من المنظمات والمنتديات والشركات الحكومية غير الحكومية المتخصصة مثل: منظمة أوبك+، منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF)، منتدى الطاقة الدولي (IEF)، شركة تنمية نفط عمان (PDO)، شركة عمان للغاز الطبيعي المسال (Oman LNG)، بالطبع هذا بجانب أنشطة ومشاركاته الإعلامية الفعالة في العديد من القنوات الفضائية والوطنية العمانية والعربية.

لجميع ماسبق نتشرف نحن إدارة مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية بأن يكون بيننا ومعنا مثل هذه الشخصية الخلوقة الوطنية القومية العالِمة الخبيرة المتخصصة بإمتياز.

الفاربي نيوز ينشر الترجمة الصينية لدراسة الدكتور مختار غباشي: النهج العلمي للشركة الصينية CSCEC.. مفتاح الثقة وسر البقاء.

中国建筑采用的科学方式-信任之钥,生存之道

中埃伙伴关系的性质与其他合作关系不同,因为具更多优势和独特性,最显著的特点是双 方的相互尊重,这一点在多个领域中都有体现,尤其是在建筑领域,随着埃及新行政首都 的诞生,这一合作逐漸如旭日般冉冉升起。

因此,聚焦埃中两国在这一战略合作与协同发展上的合作,成为“法拉比政治战略研究中 心”管理委员会的优先决策之一,在中心主席、梅达特·哈马德教授的最近一次会议上, 高级科学委员会主席、阿拉·阿兹丁·曼苏尔博士将军及成员们共同出席。会议决定严格 执行由中心秘书长、顾问穆赫塔尔,加巴希博士提出并提交的学术建议。

为此,管理委员会决定开展一项科学研究,聚焦在埃及运营并承担埃及新行政首都最重要、 规模最大的战略发展项目之一的中国国际知名企业,即中国建筑股份有限公司。

中国建筑是全球规模最大、历史最悠久且享有盛誉的投资建设集团之一。作为中国工程承 包行业的领军企业,中国建筑早在1983年就率先“走出去”,迄今为止,已在全球100 多个国家和地区承包并实施了众多大型项目。

公司业务布局涵盖投资开发(地产开发、建造融资、持有运营)、工程建设(房屋建筑、 基础设施建设)、勘察设计、新业务(绿色建造、节能环保,电子商务)等领域,形成了 设计、房建、基建、地产、国际“五位一体”发展,中国建筑与各类机构、组织和社会群 体进行广泛合作,从政府部门、企业家、投资者到承包商及其他工程公司,乃至希望在规 划、建设和房地产开发等领域寻求最佳选择的个人和普通公民,公司均给予全面的合作机 会。

自20世纪80年代公司成立以来,中国建筑始终坚持采用最新的科学方法,深信这一些科 学方法及其创新所带来的巨大收益。一方面,这些方法有助于最大化收益和效益,提升最 终产品的质量、坚固性以及与环保标准的契合度;另一方面,它们还能降低成本、节省时 间和精力,同时实现可持续发展和安全标准,此外,最终产品还展现出美观与奢华的外 观。

埃及在城乡规划、建设、发展和现代化方面经历了一场前所未有的战略性质的飞跃,特别 是在新型城市社区的建设方面。因此,埃及政府努力引导无论是国有还是私营公司、以及 个人和市民,倾向于现代化的城市体系,而非传统的城市体系,现代城市体系的特点在于 提供更高的生活质量、安全性和稳定性,同时这些社区还通过吸引投资、提升埃及社会并

提供安全、可持续和先进的基础设施。埃及2030愿景与中国建筑的使命不谋而合,多 明。

公司在其业务中采用的科学方法旨在提升产品质量、最大化收益、实现安全标准,同时降 低成本和负担,节省时间和精力,在埃及,公司完成了许多重大项目,如新行政首都CBD 项目、阿拉曼新城超高综合体项目和苏伊士运河平旋铁路大桥项目等一系列大型建筑工 程。

公司在埃及共和国的项目中采用了一系列先进的科学方法,以下为其中最具代表性的方法 之一:

一、项目启动前及执行过程中的科学规划与组织方法

这一方法体现公司对每个项目组建多支专门团队,并为每支团队明确分工,例如,在苏伊 士运河平旋铁路大桥项目中,公司组组成专项技术团队,通盘考虑,做细方案,技术制 胜;同时组建了设计团队和施工团队,分别负责设计和现场施工工作。此方法有效缩短了 施工时间,并制定出优化的生产计划,不仅针对项目所需材料的质量、数量和原材料进行 了精准把控,还显著提升了现场施工的效率。

通过这一科学规划,公司成功克服了项目实施过程中遇到的技术难题,例如钢结构焊接、 连接、安装、涂装技术重难点,最终,该项目取得了非凡的成果,不仅是世界最大的双翼 平旋开启钢桁梁铁路桥,还因其重要性和出色的成果项目完成了9篇算核心期刊论文。作为 世界最大的双翼平旋开启钢桁梁铁路桥,项目还获得了两项国家级专利,旧桥升级改造为全 球首例,无可借鉴经验,需在不改变桥梁原有主体结构的基础上,由通行单线铁路升级为 通行双线铁路,并对转动装置进行升级,同时保持了桥梁的原有结构完整性。

二、运用最新的科学应用

1. 建筑性能模拟技术(Building Performance Simulation):

即通过计算机仿真技术再现建筑的设计外观与功能特性,以分析和预测其性能表现。此类 技术以三维形式呈现设计方案,通过计算和测量评估设计是否符合结构和建筑工程原理, 并预估其在实际运行中的表现。这些模拟基于物理、数学和工程学原理,涵盖多个领域, 例如热性能模拟、光照模拟,声学模拟以及建筑内空气流动的模拟等,为项目设计提供科 学依据和优化建议。

2. BIM PLUS 技术应用:

公司使用 BIM PLUS软件包,这是集成建筑工程、结构工程和施工管理的工具,其功能包 括建筑信息建模(BIM)、建筑制图和施工图设计、三维分析与设计:筋混凝土设计与细节

处理;结构和连接设计、建筑综合设计与可视化展示等。其中,应用如 IDECAD 等工 具,有效提升了设计和施工效率,确保建筑的结构稳定性和功能实用性。

3.其他科学应用:

此外,公司还采用传统和前沿技术相结合的方式,如平台扩展、设计协调、详细设计、数 量统计、施工管理等常规应用,以及CFD 模拟和风洞实验等专业技术,为项目提供全面 的技术支持。这些技术手段共同保证了项目的科学性、精准性和高效性。

第三:采用先进科技

中国建筑在实施项目的过程中采用了全球最先进的建筑技术。这些技术种类繁多,其中包括但不 限于以下技术:

BIM 4D 技术:

该技术通过计算机辅助设计(CAD)进行建筑信息建模,其中“4D”指时间维度。这项技术可以将 建筑设计与时间表相结合,实现三维设计与特定时间进度的关联。通过4D模型、项目管理人员 可以全面了解项目生命周期中各阶段的时间安排,清晰展示建设活动的进展情况。提升项目管理 效率,优化施工进度;

无论项目规模或复杂性如何,均能确保高效交付。

攻克超厚钢板焊接

钢结构工程采用超厚高强度钢板。通过使用不同的钢结构零件,中国建筑采用二氧化碳气体保护 焊、手工电弧焊、全自动焊接机器人技术。

沙漠地区大体积混凝土施工技术

混凝土是建筑结构中承担荷载、传递力量的主要材料之一,由于需要建设深基础来确保超大型建 筑的长期稳定性,因此采用该技术,基础为建筑提供了坚实的基础和稳固的骨架,是建筑的“骨 略”和“肌肉”,是城市的地基和底座。层土壤无法承受巨大荷载时,深基础尤为重要。沙漠地区的 大体积混凝土施工技术包括多种方法,根据自然条件和多种因素选择最优方案。这些技术包括预 制混凝土桩、旋转钻孔技术(Rotary Drilling)、水泥注浆技术(Jet Grouting)、以及钢支柱技术 (Steel Piles)等。

预应力混凝土楼盖板技术

预应力混凝土是建筑中最重要的构件之一,其结构与传统钢筋混凝土结构不同。预应力混 凝土在构件上施加了預先的荷载或初始应力,使其能够更好地应对使用期内可能承受的各 种压力。梁、板等构件的早期加载阶段,裂缝往往会开始出现。为防止这些裂缝的产生, 可在垂直方向上施加适当的压应力。

这种技术因其多种优势而广泛应用,相较于传统钢筋混凝土,预应力混凝土增强了抗弯和 抗剪能力在使用荷载下结构截面保持完整,减少钢筋腐蚀,提高耐久性,改善使用性能 (例如减少变形),以及其他诸多优点。

树型柱施工技术

树木作为自然界中集中承载于一点的结构形式,引起了建筑工程师的关注。因此,自21 世纪第二个十年以来,自然和生物启发的结构设计得到了广泛应用,其中包括树状分支结 构(Tree-Like Branching Structures)。这类结构旨在对建筑内部空间的建筑设计和结 构设计产生影响,其核心思想是减少传统柱子的使用,从而提供更大的开放空间,树状结 构通过利用更薄、更轻的结构构件,将大面积表面载荷集中传递至地面上的一点,可覆盖 比传统柱子更大的跨度。

这种设计形式多样,包括连续树状结构或交错的树状分支网络,采用的施工技术因使用的 建筑材料和树状结构的规模而异,如现场浇筑、预制和现场组装等方法。在埃及,中国建 筑公司(CSCEC)已成功在多个项目中采用了树状柱技术,尤其是在新行政首都 CBD 项目 和阿拉曼新城超高综合体项目中,展现了该技术在优化空间利用和美观设计方面的显著优 势。

新型爬模架体顶升式布料机施工技术

该系统由一种专门为垂直混凝土结构设计的模板组成,随着建筑高度的增加,模板也逐步 上升,混凝土爬模系统有多种类型,包括需要手动移动的模板,以及通常依靠液压装置自 动爬升的模板,这对于自爬升模板和滑模系统尤为重要。该技术特别适用于建造高塔、摩 天大楼及其他高层竖向结构。由于可以反复使用相同的模板用于结构更高处相同(或非常 相似)的部分,这一技术显著减少了施工时间,材料使用和成本投入。

深基坑监测技术

深基坑监测技术(DHD)是一种用于测量材料和工程组件中内含和施加应力的剩余应力测 量技术,它是一种牛破坏性机械松弛技术(MSR),旨在测量沿着参考孔轴的压力分布。 该过程在微观水平上能够测量剩余应力,且能够穿透超过750毫米(30英寸)而不完全 破坏原始组件。深基坑监测包括在组件厚度中钻孔,测量孔的直径,扩展(在孔周围切割 圆形开口)并测量孔周围的基础材料,最后重新测量孔的直径。对于工程金属,通常通过 电火花放电加工(EIM)进行旋转,以减少在切割过程中引入更多的应力。通过测量孔径 变化,能够使用弹性理论计算出释放应力前后的原始剩余应力。

地面拼装、整体提升的技术

中国建筑在埃及首次采用连廊地面拼装、超重整体提升技术,将位于新行政首都CBD 项目 C07、C08 办公楼29~30层之间,钢结构空中连廊顺利联通。地面拼装、整体提升的技术 不仅省时省力,还能够有效规避高空拼装连廊的安全风险。

二氧化碳气体保护焊技术

由于沙漠地区环境因素对项目的负面影响,包括昼夜温差大、露水容易形成以及风沙的影 响,中国建筑公司在埃及沙漠地区的项目中采用了这种技术。

中国建筑公司还采用许多其他现代先进的技术,例如一次性浇筑空心基础技术、临时塔楼 建设技术、钢柱安装后的灌注技术,混凝土核心的提升和浇筑技术、沙漠地区高楼混凝土 准备技术等。这些技术进一步证明了中国建筑公司在设计和建设过程中不断采用最新科学 方法的高效性和先进性,展示了其在工程建设领域的技术水平和创新能力。

最新的建筑材料、机械和施工技术

中国建筑在项目中使用全球最新的建筑机械、技术、建筑材料和原料,其中最突出的一种 工程机械是“空中造楼机”(也称为空中作业平台AWP、举升工作平台EWP、空中电梯、 塔式起重机或移动升降工作平台MEWP)。这种机械设备用于为人员或设备提供临时通 道,通常用于到达较高的区域,特別是在沙漠地区高层建筑的建设中,通过使用这种机 械,公司的建筑速度实现了四到三天一层。此外,公司还采用了“新型爬模架体顶升式混 凝土浇筑臂”技术,并通过HGY18 11移动式布料机来加速施工进度,节省了大量时间。 公司还使用了最新的施工技术和科学方法,并选用铝模板、超高强度混凝土、超大混凝土 管道和标准化临时建筑等先进建筑材料。

测试与创新

خامسا: الاختبار والابتكار

进行测试和实验,显示出公司质量和价值的重视,这通过比较不同的材料和原料来确定哪 些材料具有更高的强度和质量,同时成本合理,且更适合项目周围的环境。例如,沙漠干 早地区使用的建筑材料与沿海地区或粘土土壤中使用的建筑材料具有不同的特性和结构。 在这方面,中国建筑公司在新行政首都中央商务区项目的执行过程中,建立了一个中央测 试实验室,与雷蒙德埃及测试公司合作,专门进行适应沙漠气候条件的混凝土材料研究。 该实验室提供了320种混凝土试验配方,并且超过120种基本混凝土配方符合设计和施工 要求,通过这一过程,成功选择了多种低成本、高质量的混凝土配方,如C45、C60和 C80,适用于项目的各个部分。这些混凝土不仅满足了各施工现场的要求,还得到了业主 和顾问的高度评价。

最后

中国建筑公司在埃及成功实施了多个大型项目,并在其专业领域中展示了卓越的经验和高超的技 艺、从新行政首都 CBD项目、阿拉曼新城超高综合体项目、新苏伊士运河新建铁路大桥及对旧苏 伊士运河现有铁路大桥升级改造等一系列重大基础设施建设项目,均采用了最新的科学技术手 段,并依托公司一支经验丰富、技术精湛的员工团队。此外,公司积极加强与政府及私营部门的

: 二氧化碳气体保护焊技术

由于沙漠地区环境因素对项目的负面影响,包括昼夜温差大、露水容易形成以及风沙的影 响,中国建筑公司在埃及沙漠地区的项目中采用了这种技术。

中国建筑公司还采用许多其他现代先进的技术,例如一次性浇筑空心基础技术、临时塔楼 建设技术、钢柱安装后的灌注技术,混凝土核心的提升和浇筑技术、沙漠地区高楼混凝土 准备技术等。这些技术进一步证明了中国建筑公司在设计和建设过程中不断采用最新科学 方法的高效性和先进性,展示了其在工程建设领域的技术水平和创新能力。

最新的建筑材料、机械和施工技术

中国建筑在项目中使用全球最新的建筑机械、技术、建筑材料和原料,其中最突出的一种 工程机械是“空中造楼机”(也称为空中作业平台AWP、举升工作平台EWP、空中电梯、 塔式起重机或移动升降工作平台MEWP)。这种机械设备用于为人员或设备提供临时通 道,通常用于到达较高的区域,特別是在沙漠地区高层建筑的建设中,通过使用这种机 械,公司的建筑速度实现了四到三天一层。此外,公司还采用了“新型爬模架体顶升式混 凝土浇筑臂”技术,并通过HGY18 11移动式布料机来加速施工进度,节省了大量时间。 公司还使用了最新的施工技术和科学方法,并选用铝模板、超高强度混凝土、超大混凝土 管道和标准化临时建筑等先进建筑材料。

测试与创新

خامسا: الاختبار والابتكار

进行测试和实验,显示出公司质量和价值的重视,这通过比较不同的材料和原料来确定哪 些材料具有更高的强度和质量,同时成本合理,且更适合项目周围的环境。例如,沙漠干 早地区使用的建筑材料与沿海地区或粘土土壤中使用的建筑材料具有不同的特性和结构。 在这方面,中国建筑公司在新行政首都中央商务区项目的执行过程中,建立了一个中央测 试实验室,与雷蒙德埃及测试公司合作,专门进行适应沙漠气候条件的混凝土材料研究。 该实验室提供了320种混凝土试验配方,并且超过120种基本混凝土配方符合设计和施工 要求,通过这一过程,成功选择了多种低成本、高质量的混凝土配方,如C45、C60和 C80,适用于项目的各个部分。这些混凝土不仅满足了各施工现场的要求,还得到了业主 和顾问的高度评价。

最后

中国建筑公司在埃及成功实施了多个大型项目,并在其专业领域中展示了卓越的经验和高超的技 艺、从新行政首都 CBD项目、阿拉曼新城超高综合体项目、新苏伊士运河新建铁路大桥及对旧苏 伊士运河现有铁路大桥升级改造等一系列重大基础设施建设项目,均采用了最新的科学技术手 段,并依托公司一支经验丰富、技术精湛的员工团队。此外,公司积极加强与政府及私营部门的

5

合作与伙伴关系,取得了可观的经济效益,赢得了众多科学和创新奖项,充分体现了其行业地 位、领先优势与创新能力。

其中,最为显著的奖项包括:在苏伊士运河铁路大桥大桥项目中,公司获得了两项发明专利,并 为项目完成了技术总结报告,制定了两种获得省级认可的施工方法;在新行政首都中央商务区项 目中,公司获得了6项新的施工方法认证,并发布了约61篇研究论文,获得了26项已认证的专 利,另外8项专利正在审核中。此外,公司还获得了6项QC奖项,2项BIM 成就奖,并被认定为 2021年上海建筑标准国际化项目最佳实践模型;最后,在阿拉曼超高综合体项目,公司获得了1 项科研成就,5项BIM技术成就,12种施工方法,26项专利和13篇研究论文。

致谢与感谢

法拉比中心管理层,特别是董事会主席梅达特·哈马德教授、中心秘书长穆赫塔尔·加巴 希博士以及阿拉·埃兹丁·曼苏尔少将博士,向中国建筑股份有限公司在埃及的全体员工, 尤其是董事会全体成员,致以衷心的感谢与敬意,感谢贵公司为埃及的发展战略重大项目 的实施所付出的巨大努力和争分夺秒的奉献,特别是在新阿拉曼新城和新行政首都的项目 中所做的卓越贡献。

特别感谢以下领导:

1、常伟才:中建埃及分公司董事长

2、王智:中建埃及分公司总经理

3、袁浩:埃及新首都CBD项目总工程师

4、廖鑫:埃及新首都CBD.项目技术主管

5、黎炳宏:埃及新首都CBD项目宣传负责人

الدكتور مدحت حماد: ما الذي يُدبّر في الخفاء للمملكة العربية السعودية؟ وهل سيطلب “ترامب” من “الملك سالمان” الرحيل؟

نعم: ما الذي يُدبّر في الخفاء للمملكة العربية السعودية؟ وهل سيطلب "ترامب" من "الملك سالمان" الرحيل؟

نعيش هذه الأيام ما يشبه "الطوفان الإعلامي"، بشأن المملكة العربية السعودية، ولقد تضاعفت وزادت موجاته بشكل مثير للانتباه طوال الأسبوعين الماضيين. فعلى الرغم من الحراك السياسي العربي الإسلامي الذي شهدته السعودية بشأن الحرب المسعورة للنظام الصهيوني ضد فلسطين ولبنان، وانعقاد القمة العربية الإسلامية الثانية في الرياض للعام الثاني على التوالي، إلاَّ أنَّ وقائع وحقائق الأمور توشي وتشير إلى أن ثمَّة "أمر ما، تدبير ما، مُخطط ما" قد حِيكَ ضد المملكة العربية السعودية، وأنه قد دخل حيِّز التنفيذ.

إن ما يُنشَر كالطوفان على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن موسم الرياض الثقافي الفني الترفيهي، وما تضمنه من اتهامات أو حتى انتقادات حادة أو ليِّنة للمملكة العربية السعودية بصفة عامة ولوليِّ العهد بصفة خاصة، إنما يأخذنا أخذًا إلى ما كانت قد بدأت تشهده مصر بعد انتخابات اجلس الشعب التي جرت في 2010م، حيث استُلَّت السيوف، وفُتِّحَت الحناجر، وسُنَّت الأقلام، وجُهِّزت صفحات الصحف والمجلات، ونُسِخَت إسكربات البرامج التليفزيونية الإخبارية وبرامج التوك شو، وجُيِّشَت الكتائب الإلكترونية، لموعد كان يُحدَّد في ليلة حالكة السواد.

من الصحيح أن هناك أخطاء وتجاوزات قد شهدها موسم الرياض لعام 2024، ومن المؤكد أنها كانت صادمة لوعي وضمير ووجدان الملايين من المسلمين والعرب، ومن البديهي أن تنصرف تداعيات ذلك كله على الشارع العربي الإسلامي خاصة بين البسطاء من الناس، ومن الطبيعي أنه كان يجب على حكومة المملكة أن تنتفض وتنهض لوأد الأسباب، وإجاض المؤامرات، ومن ثم طمأنة القلوب والعقول وإسكات الألسن. لكن حتى كتابة هذه السطور لم نر الطوفان المضاد لطوفان مُخطط الهدم والتدمير المُرَاد الذي حِيك _كما سبق القول_ في ليلة حالكة السواد.

السؤال الطبيعي هو: لماذا؟ لماذا حدثت وتحدث هذه التجاوزات "القِيَميِّة" في قلب وعلى أرض المملكة العربية السعودية؟ وما هي الأهداف والغايات التي باتت تلوح في الأفق؟

هنا تحديدًا أقول بأنني من خلال ما سأذكره من الأهداف التي أراها قد لاحت وتشكلت في الأفق، فإنني سأكون قد أجبت عن الأسباب. ولكي تتضح الصورة سأتذكر معكم المعطيات والأحداث التالية التي شهدتها ولاية "ترامب" الأولى:

  1.  اغتنام ما يقرب من نصف ترليون دولار من السعودية، بغض النظر عن المقابل الذي حصلت عليه المملكة العربية السعودية.
  2.  تدشين الاعتراف المتبادل وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وكل من البحرين، الإمارات والمغرب.
  3.  إطلاق ما يُعرف "بالسلام أو الدين الإبراهيمي".
  4.  فتح المجال الجوي السعودي أمام الطيران الإسرائيلي.

الأهم من ذلك كله، قيام "ترامب" أثناء فترة رئاسته الأولى، بالحديث عن المملكة العربية السعودية بصفة عامة، وعن "الملك" بصفة خاصة، بطريقة أقل ما توصف به أنها كانت "طريقة متدنية غير لائقة، بل وقحة وغير أخلاقية"، خاصة عندما تحدث عن ضرورة وحتمية "أن تدفع السعودية مقابل حمايتها، وأنه "لولا الحماية الأمريكية" لسقطت السعودية خلال اسبوعين.

هنا "بيت القصيد"، وهنا "مربط الفرس" كما يقولون، فنحن بصدد قيام ترامب بإعادة "الكرَّة" مرة أخرى. فإذا ما أضفنا لذلك القرار الأخير لـ "بايدن" بالسماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الباليستية طويلة المدى لضرب "العُمق الروسي"، ومباركة كل من فرنسا وانجلترا للقرار، وصمت "ترامب"، سوف نكتشف أننا بصدد تنفيذ "مخطط جهنمي شيطاني أوروأمريكي" بشأن الشرق الأوسط وشرق أوربا، تكون كل من "موسكو والرياض" هي مناطق انفجار واشتعال هذا المخطط لأكثر من اعتبار، في مقدمتها: "الشراكة الإستراتيجية الروسية السعودية الصينية" الصاعدة الواعدة. من ثم تكون النتيجة والجائزة الكبرى هي: "تفجير البريكس من الداخل"، كأكبر ثمار هذا المخطط الجهنمي الشيطاني بما يؤدي لتحقيق هدفين إستراتيجيين هما:

  1.  وأد وإجهاض أي حديث حول "عالم متعدد الأقطاب".
  2.  المحافظة على "بقاء النظام العالمي بشكله الراهن"، الذي تعلو فيه "السيادة الأوروأمريكية"، فوق أي قوى أو أطراف دولية أخرى.

إذًا، لكي يتم تحقيق ذلك، يلزم تفجير عاصمتين، هما الأقرب والأسهل، "الرياض" و"موسكو". فيكون تدمير أو تشويه "مكانة وقدسية المملكة العربية السعودية لدى الشعوب العربية والإسلامية" من الداخل، وعبر "موسم الرياض الثقافي الفني الترفيهي"، ويكون تدمير "موسكو" وبالطبع روسيا، عبر إدخال روسيا في منعطف إستراتيجي خطير من خلال توريطها وبشكل مباشر وصارخ "في حرب وجودية" مع الناتو من خلال حربها القائمة منذ عامين ونصف مع أوكرانيا.

السؤال المركَّب هو كالتالي: هل سينجح هذا المخطط الجهنمي الشيطاني الأمريكي؟ وهل ستسقط دولتان، هما من أكبر اقتصاديات العالم خارج الدائرة الأوروأمريكية؟ هل قرّر "ترامب" تنفيذ مخططه للاستيلاء على تريليونات المملكة العربية السعودية، وتريليونات روسيا ومِن ورائها تريليونات الصين؟ هل قررت أمريكا إشعال "منظومة مُحكَمة من الحروب الإقليمية الكبرى" للمحافظة على بقاء وجودها كقوة عظمى مهيمنة على العالم؟ ألهذه الأسباب لم تقرر أمريكا بعد "إيقاف آلة الحرب العنصرية الفاشسيتة النازية" في فلسطين ولبنان ومن ثم استمرار توريط الدول والقوى الداعمة للمقاومة الفلسطينية وحزب الله، مثل سوريا وإيران واليمن في الاستنزاف الاقتصادي البشري الممنهج؟ هل "صار تفجير سوريا الآن" بمثابة الخطوة التمهيدية والحلقة الأولى من حلقات تنفيذ هذا المسلسل الجهنمي الشيطاني؟

أعتقد في أن ما نشاهده الآن يُمهِّد الطريق فعليًا أمام ترامب، كي يُكرِّر على مسامع العالم نفس التهديد أو الأمر الذي كان "باراك أوباما" قد وجهه لكل من "زين العابدين بي علي الرئيس التونسي، ورئيس مصر الأسبق حسني مبارك"، عندما قال لكل منهما: "الآن. الآن يجب الرحيل عن الحكم".

فمن غير المُستبعد على الإطلاق، أن تؤدي الحملة الإعلامية الممنهجة المسعورة الخاصة بتشويه صورة المملكة العربية السعودية، إلى أن تتوتر أوضاعها الداخلية، وأن تُمارس بحقها أقسى الضغوط، وأن يتم ابتذاذها من بوابة "ضرورة وحتمية الاعتراف بإسرائيل الآن"، فتجد نفسها بين فكيِّ كماشة الرفض والقبول. لأنه في كلا الأمرين غالبًا ما ستكون النتيجة هي المطالبة برحيل "الملك سالمان". فهل سنجد أنفسنا فعلًا أمام تكرار السيناريو الكارثي الذي كان قد أشعل الوطن العربي برمته في 2011؟

جيهان حافظ: الأصولية المفخخة هي عقيدة المتطرفين في جميع الديانات السماوية.

"العلمانية" لم تنجح فى استئصال "الموروث الديني بالغرب"

الإعلامية الكاتبة جيهان حافظ

الاصولية الدينية ليست حكرا على الدين الإسلامي ولكنها موجودة فى جميع الأديان، والعالم الغربي نفسه يعاني منها هو الآخر، كما يعاني منها العالم الإسلامي. فهناك الأصولية المسيحية والأصولية اليهودية.

من الثابت أن "العلمانية" لم تنجح فى استئصال "الموروث الديني بالغرب"، فهناك الكثير من الأحزاب السياسية فى الغرب مقرونة بالمسيحية، بل إن يوجد هناك مئات الكليات والمعاهد اللاهوتية والدينية. فعلمانية الغرب "لم تمنع تدريس الديانة المسيحية".

والحزب المسيحي الأصولي الذي ظهر بأمريكا عام ١٩٧٩ باسم الغالبية الأخلاقية، خير دليل على ذلك وهو نفس العام الذي قامت فيه حركة طالبان التي دعمها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر لمحاربة السوفييت. فكانت بمثابة "الارض الخصبة لتنظيم القاعدة وخلاياها"، وهي التي صدرت جميع الإرهابين للمنطقة العربية، وهي أيضًا التي انبثقت عنها كافة الحركات والجماعات المتطرفة التي يعاني منها العالم العربي، (القاعدة.. المرابطون.. الموقعون بالدم.. الملثمون.. فالجهاد والتوحيد التي تحولت لداعش). فكانت بمثابة كرة النار التي تدحرجت من أفغانستان لتُزرع بقلب العالم العربي، ومازالت مشتعلة حتى اللحظة في "سوريا، العراق وليبيا".

فى نفس العام كانت قد قامت الثورة الإسلامية الإيرانية، واستولى أية الله الخميني على السلطة وأسسَّ "الدولة الأصولية الشيعية في إيران"، وقبل ذلك كله كانت قد تأسست "الأصولية اليهودية بإسرائيل عام ١٩٦٧" وهو الحزب الذي أخذ يدعو إلى "تجسيد العقيدة اليهودية"، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، من الإعلان عن "يهودية الدولة الإسرائيلية"، بعد سيطرة اليمين الأصولي المتطرف على السلطة فيها.

إذن الإشكالية ليست فى الدين، لأن الدين في الأصل هو: "رسالة وإيمان". لكن المشكلة فى فعل التشدّد، الذى يحوَّل الدين إلى "رهينة معتقد" الذى يظن مَن يعتنقه أنه الأصح، وأنه من المفروض فرضه على الغير، بتصورات باطلة لم يُقرها الدين، وذلك لخدمة أغراضه وأهدافه السياسية من أجل الوصول للسلطة.

التيار العلماني لم يستطيع بمفرده الوقوف فى وجه الأصولية المتطرفة التي أصبحت ظاهرة عالمية، فلم تقدم العلمانية شيئا لملايين المسلمين الذين قتلوا ويقتلون في بورما، لم تقدم غير هدم المساجد وبناء المعابد الهندوسية بالهند، كذلك لم تقدم غير الفقر والمجاعة للصومال وبنجلاديش..

القومييون المتطرفون في بورما يحتفلون بفوز ترامب

العلمانية التي دفع الكثير حياتهم ثمنا للدفاع عنها أمثال "المفكر فرج فودة"، الذي تصدى للأصولية باستخدام العقل في التحليل، والمنطق في استخلاص النتائج، والشجاعة في عرض الحقائق مجردة دون زيادة أو نقصان، ليست الحل الشامل بل هي جزء من الحل فقط، إذ يمكن بشكل كبير جدًا أن تكون دافعة للانطلاق، بدلًا من الأيديولوجية الدينية.

إن الخروج من مأزق الأصولية مرهون بتجاوز الواقع الضيق لمواجهه التنظيمات وتفككها بالفكر الديني المعتدل بدون مزايدات أو غلو.

إن الإسلام برئ ممن يحاولون استخدامه لخدمة اهدافهم السياسية فكل صاحب فكرة عن الدين يعتقد ان نظريته هي الحق المطلق وبالتالي لن يؤمنوا بالديمقراطية التي تأتى بصاحب تصور مخالف لكي يحكم.

الأصولية معاكسة لروح الاسلام وجوهره، فالاسلام دين يدعو للتقدم، والمتشددين يدعون للتخلف، الإسلام دين سماحة وهؤلاء دعاة تعصب، الإسلام يكرس الحوار وهؤلاء يريدون فرض آراؤهم بالعنف والإكراه.

اليوم التالي؟ بقلم اللواء الدكتور سمير فرج

ظهرت فكرة اليوم التالي The Day After بعد قرار دول حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بالقضاء على القذافي، وإزاحته من حكم ليبيا، وبالفعل نجحت هذه الخطة وتم التخلص من القذافي، وبعدها دخلت ليبيا في فراغ دستوري ورئاسي كاملاً، واستمر منذ رحيل القذافي حتى الآن.
ومنذ عدة سنوات اكتشفت بريطانيا أن لديها أموال بالمليارات لدى ليبيا، وعندما طالبت بإعادة هذه الأموال ولم تستطع أن تحصل عليها، حيث أن هناك حكومتان في ليبيا واحدة في الشرق في بني غازي، والأخرى في الغرب في طرابلس، وقامت كل حكومة بتحويل موضوع استرداد بريطانيا إلى أموالها للحكومة الأخرى وبالتالي لم تحصل بريطانيا على أموالها الموجودة لدى ليبيا حتى الآن، لذلك استدعى مجلس العموم البريطاني وزير الخارجية الأسبق الذي كان موجوداً في هذه الفترة التي أخذت الحكومة البريطانية القرار مع باقي دول الناتو وأمريكا على إزاحة القذافي، وسألوه عندما تم اتخاذ قرار التخلص من القذافي وإزاحته من حكم ليبيا، ألم يفكر أي أحد منكم ماذا سيحدث في اليوم التالي لرحيل القذافي The Day After؟ واعتبر البرلمان البريطاني أن ذلك كان خطأ كبيراً من العناصر التي خططت لعملية إزاحة القذافي، حيث كان عليهم ليس التفكير فقط في أسلوب التخلص من القذافي، بل كان عليهم التفكير فيمن سيخلفه ويتم التركيز على أن تسمح له الفرصة لإدارة البلاد بعد رحيل القذافي.
وعندما حدثت أعمال القتال في غزة يوم 7 من أكتوبر، لم يمضي شهر واحد على هذا القتال، حتى جاء إلى القاهرة وليام بيرنز مدير المخابرات الأمريكية CIA، حيث طلب من الرئيس السيسي أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنه بعد انسحاب إسرائيل من غزه، فإن الولايات المتحدة ترى أن اليوم التالي The Day After في غزة يجب أن تكون غزة تحت السيطرة المصرية لمدة ست شهور تقوم فيها مصر بالسيطرة على القطاع من الناحية الإدارية بالكامل وإجراء انتخابات نزيهة حرة لانتخاب حكومة تكنوقراط. تتولى إدارة غزة في الفترة القادمة، بعدها تنسحب مصر من المشهد، وعرض وليام برنز مدير CIA الأمريكي على السيد الرئيس السيسي أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتكفل بمصاريف هذه الشهور الستة للقوات المصرية، كما أن الولايات المتحدة سوف تقوم بإمداد مصر بمعدات لواء مشاة ميكانيكي الذي سينفذ هذه المهمة، وتكون هذه المعدات هدية لمصر بعد انتهاء المهمة.
ورغم أن الإغراءات المادية كانت كبيرة إلا أن رد الرئيس السيسي كان واضحاً منذ البداية حيث رفض ذلك تماماً وكانت إجابته أن اليوم التالي في غزة سيكون من خلال سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله التي هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، على قطاع غزة وبعدها ظهرت العديد من الأفكار مثل إنشاء قوة عربية تتولى موضوع اليوم التالي في غزة، أو قوة دولية، حتى إن إسرائيل اقترحت شكل آخر أن تكون مجموعة من زعماء العشائر في غزة التابعين لها للسيطرة على غزة، وبالطبع كل هذه الأفكار رفضتها مصر تماماً.

وفوجئنا في الأسبوع الماضي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قدم اقتراحاً جديداً بأن تتولى السيطرة على غزة في الفترة القادمة شركات أمن أمريكية خاصة، وتكون مسؤولة أولاً عن توزيع المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية التي تصل إلى غزة كذلك القيام بأعمال التأمين الداخلي في مدن وقرى غزة. على أن تظل القوات الإسرائيلية تحيط بالمدن الرئيسية، وتحتل وتسيطر على المحاور في غزة لمنع تحرك أهالي غزة، خاصة عدم عودة أهالي شمال غزة إلى بلادهم وقراهم مرة أخرى.
هذا الأمر، بالطبع قد رفضه الجميع، وإن كان هدف نتنياهو منه أولاً، أن يتم الزج بهذه الشركات الأمريكية الخاصة التي يمكن أن تحتك بالفلسطينيين داخل غزة، وتحدث اشتباكات بينهم حيث، وصل ذكاء نتنياهو إلى أن تصبح الولايات المتحدة طرفاً في القتال والنزاع، بل يمكن أن يتطور بأن تتدخل القوات الأمريكية لحماية المواطن الأمريكي الذي يعمل في تلك الشركات الأمنية الخاصة.
ومن هذا المنطلق، أعتقد أن أمريكا أيضاً لن توافق على هذا الحل، رغم أن إسرائيل تحاول تنفيذ هذه الفكرة في إطار أنه سبق تطبيقها في بغداد بعد رحيل صدام حسين، حيث اشتركت شركات الأمن الأمريكية الخاصة في بغداد داخل ما يطلق عليها المنطقة الخضراء، وهي منطقة داخل بغداد، تمركزت فيها السفارات الأجنبية ومناطق سكن كبار رجال الدولة في العراق، ولذلك كانت مهمة هذه الشركات محصورة داخل إطار محدد وليس في كل العراق.
أما في غزة فإن الأمر يختلف تماماً، حيث جاءت هذه الفكرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو هذه الفكرة كانت ضد إسرائيل بل فضحتها حيث أنها أثبتت للجميع أن إسرائيل فشلت في السيطرة على غزة، والتي كانت أحد الأهداف الثلاثة الرئيسية لجيش، الدفاع الإسرائيلي حيث كان الأول، تحرير الرهائن، وهذا لم يحدث والثاني القضاء على حماس، وهذا أيضاً لم يحدث بل الذي حدث فقط إضعاف القدرة القتالية العسكرية لحماس أما الهدف الثالث فهو السيطرة على غزة و وتأمينها، ولكن جاء هذا المقترح من نتنياهو لكي يثبت فشل الجيش الإسرائيلي في السيطرة على غزة، ويريد أن يترك هذه المهمة لشركات أمن أمريكية خاصة.

وكانت أحد اهداف هذا المقترح أن إسرائيل تريد أن تقضي على فكرة منظمة الأونروا أيضا والتي كانت في الأساس مهمتها توزيع المساعدات الإنسانية على الشعب الفلسطيني علاوة على إدارة منظومة التعليم والصحة لكافة الأفراد في غزة، كما أن شعب غزة متفهم تماماً لوضعها، حيث أنها تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عشرات السنين، ولها مباني إدارية ومخازن وأفراد عاملين بها، يعلمون الأوضاع الحقيقية للشعب الفلسطيني في غزة لذلك، لن يكون هناك أي صعوبة في تحقيق السيطرة الإدارية على غزة من خلال منظمة الأونروا، ولكن نتنياهو يريد إقصاء منظمة الأونروا من العمل داخل غزة، حتى لا يكون هناك تعليم، ولا صحة، ولا معيشة إنسانية. وهكذا يثبت للعالم كله كل يوم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي هدفه إبادة هذا الشعب الذي يعيش في أكبر مأساة إنسانية بل تعتبر الأعظم في التاريخ الحديث للعالم كله.

المصدر جريدة المصري اليوم

العزلة المجيدة: قراءة في استراتيجية بريطانيا بين الانعزال والتوسع الإمبراطوري

الباحث/ عبد الرحمن مجدي صالح

تعُد إشكالية الانعزال أو الانخراط في السياسة الدولية من أبرز القضايا في حقل السياسة الخارجية، وهي إشكالية تخبو وتتصاعد من عصر إلى عصر آخر، في ظل زيادة الأعباء والالتزامات على عاتق الدول. وبينما يرى البعض أن الانعزال في عصر العولمة أصبح دربًا من الخيال، فإن التاريخ يُبرز أمثلة واضحة على "سياسات انعزالية" تبنتها بعض الدول الكبرى في فترات مختلفة. على سبيل المثال، نجد السياسة الانعزالية في اليابان، التي سميت بـ "ساكوكو"[i] التي استمرت من عام 1639م إلى 1868م، والتي انتهت بانفتاح البلاد خلال عصر "المييجي".

أما الحالة البريطانية، فهي الأبرز على الإطلاق، حيث تبنت بريطانيا خلال القرن التاسع عشر سياسة خارجية وصفت بـ "العزلة المجيدة". هنا يبرز التساؤل المحوري: كيف لدولة تدّعي العزلة أن تكون في الوقت نفسه إمبراطورية عظمى، وُصفت بأنها "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس"؟

في هذه المقالة، سبر للأغوار حول "مفهوم العزلة المجيدة"، ومحاولة الكشف عن كيفية استطاعة بريطانيا "تحقيق التوازن بين الانعزال السياسي وبناء إمبراطورية مترامية الأطراف."

خلال القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، أدرك صانعو القرار في بريطانيا الأبعاد الجيوسياسية لموقعها كجزيرة وما يعنيه ذلك لعلاقتها بالقارة الأوروبية. هذا الإدراك كان نابعًا من استقراء المشهد السياسي الأوروبي عقب الثورة الفرنسية عام 1789م، التي كانت قد غيرت موازين القوى داخل القارة، وأسهمت في انتشار "الأفكار القومية" على حساب "الأفكار الاستبدادية التقليدية". بناءً على ذلك، تبنت بريطانيا سياسات محددة أصبحت تُعرف لاحقًا باسم "العزلة المجيدة".

جون ألكسندر ماكدونالد
السير جون ألكسندر ماكدونالد

فما هو المقصود بالعزلة المجيدة؟ ظهر هذا المصطلح لأول مرة على يد "جون ألكسندر ماكدونالد"، رئيس مجلس العموم الكندي، وزير المالية في "حكومة المحافظين"، في يناير 1869، عندما وصف السياسة الخارجية البريطانية بقوله: "إنها عزلة مجيدة"[ii]. انتشر هذا التعبير بسرعة، وأصبح يستخدم على نطاق واسع في الأوساط السياسية والإعلامية لوصف السياسات البريطانية التي ركزت على "حماية المصالح الذاتية بعيدًا عن الانخراط العميق في التحالفات أو الحروب الأوروبية". مع ذلك، اقتصرت هذه السياسة على علاقتها بالقارة الأوروبية فقط. ففي الوقت ذاته عملت بريطانيا على اكتساب مستعمرات جديدة حول العالم. لكن يظل السؤال قائمًا: لماذا اختارت بريطانيا هذا النمط الانعزالي على المستوي "الإقليمي الأوروبي"؟

الموقع الجغرافي ودوره في تشكيل السياسة الخارجية البريطانية  

خريطة توضيحية للموقع الجغرافي للمملكة المتحدة

لعب الموقع الجغرافي الفريد للجزيرة البريطانية دورًا محوريًا في تشكيل سياستها الخارجية. حيث فرضت طبيعة الجزيرة على بريطانيا، الحاجة لبناء أسطول بحري قوي، ليس فقط لحمايتها من التهديدات الخارجية، بل أيضًا باعتباره "الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجي" في ذلك الوقت. هذا جعل من تطوير الأسطول البحري "أولوية وجودية للدولة البريطانية"، حيث تحول إلى رمز لقوتها وهيمنتها[iii]. حيث وصلت أهمية الأسطول لذروتها في معارك مفصلية، كان من أبرزها معركة "الطرف الأغر" عام 1805م خلال "الحروب النابليونية"، التي استطاع فيها الأسطول البريطاني تحقيق انتصارًا ساحقًا على "الأسطولين الفرنسي والإسباني" دون خسارة أي سفينة. هذا الانتصار لم يكن مجرد انتصارًا أو إنجازًا عسكريًا، بل كان تأكيدًا على نجاحها في اعتماد "استراتيجيتها البحرية"، التي أتاحت لبريطانيا حماية مصالحها في الشرق والغرب دون الحاجة إلى "الانخراط في تحالفات عسكرية مكلفة".

جاء هذا التركيز على القوة البحرية لتعويض نقص بريطانيا في القوة البرية، وهو الأمر الذي يُرجعه المؤرخون إلى محدودية عداد السكان داخل الجزيرة. وللتغلب على هذا التحدي، اتجهت بريطانيا لاحقًا لتجنيد أفراد من مستعمراتها.

بالرغم من ذلك، ظلَّ صانعو القرار البريطانيون يتعاملون بحذر مع فكرة الزج بأسطولهم البحري في النزاعات الأوروبية، حيث فضلوا "الحفاظ على توازن دقيق يضمن أمنهم واستمرارية مصالحهم الحيوية". فبهذا الأسطول، استطاعت بريطانيا تحقيق دفاعًا قويًا عن جزيرتها وتأمين مصالحها العالمية من جهة، دون الحاجة إلى الدخول في التزامات أو تحالفات عسكرية معقدة مع أي قوى أخرى من جهة ثانية.

طبيعة النزاعات الأوروبية

لقد شهد القرن الثامن عشر، وسنوات ما بعده سلسلة من الأزمات الدولية، بدأت بالحروب النابليونية (1803م-1815م)، مرورًا بحركات التحرر الأوروبية التي تصاعدت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وانتهاءً بالصراعات على المستعمرات خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. لكثرة هذه النزاعات، قامت القيادة في لندن بوضع مجموعة من الركائز الأساسية للتعامل مع الأزمات داخل القارة الأوروبية، هذه الركائز هي:

1- الحفاظ على وحدة الإمبراطورية البريطانية وممتلكتها.

2- ضمان استمرار حياد بلجيكا (اتفاقية لندن، 1839م).

3- الحيلولة دون انهيار الدولة العثمانية، خاصة مع بدء التوسع الروسي خلال القرن التاسع عشر.

4- منع وصول روسيا إلى المياه الدافئة، خصوصًا عبر البحر الأسود والمضائق (وظهر ذلك بوضوح خلال حرب القرم، 1853م-1856م).

5- الحفاظ على توازن القوى داخل القارة الأوروبية، كسياسة مستمرة منذ القرن الثامن عشر وتبلورت في مؤتمر فيينا (1815م).

6- التأيد "الدبلوماسي" لحركات القومية داخل القارة الأوروبية.

نابليون بونابارت
القائد الفرنسي نابليون بونابارت

اعتمدت بريطانيا على هذه الركائز كإطار لتحركها في القارة الأوروبية. وكلما كان هناك إخلال بأي منها، كانت تتدخل باستخدام الأداة العسكرية، وذلك مثلما حدث في حرب استقلال اليونان (1821م-1829م) التي شهدت دعمًا بريطانيًا ضد الهيمنة العثمانية، ومنع أنفراد روسيا بالأزمة في المقام الأول. ثم حرب القرم (1853م-1856م) التي حالت دون "توسع النفوذ الروسي". بخلاف ذلك، كانت الأداة الدبلوماسية هي الخيار الأساسي.

بالإضافة إلى ذلك، كانت ترى بريطانيا أن العديد من النزاعات الأوروبية لا جدوى من التدخل فيها نظرًا لغياب مصالح مباشرة، مثل أزمة الوحدة الإيطالية (1859م-1870م)، الوحدة الألمانية (1864م-1871م)، الحرب الألمانية-النمساوية (1866م)، والحرب الألمانية-الفرنسية (1870م-1871م). حيث فضَّل البريطانيون حينها "توجيه القوة نحو اكتساب مستعمرات جديدة لتعزيز قوة البلاد"، وهو ما توافق مع مصالح الطبقة الوسطى التجارية آنذاك التي فضّلت الابتعاد عن ويلات الحروب وتوسيع التجارة في المستعمرات.

ثورة البوكسر في الصين من 1899م إلى 1901م

لكن كلما كانت الأمور تتطلب "الدخول في تحالفات عسكرية مع قوى أخرى" لتحقيق مصالحها لم تمانع، وهو ما تحقق فعلياً في "حرب البوكسر" في الصين (1899م-1901م)، حيث شاركت بريطانيا في الحرب بجانب قوى دولية عديدة مثل روسيا، فرنسا، وألمانيا وغيرها بهدف القضاء على ثورة الملاكمين والحفاظ على المصالح الاستعمارية في الصين.

بنية النظام الدولي خلال القرن التاسع عشر

اتسم النظام الدولي في القرن التاسع عشر بأنه نظام قائم على التحالفات والمؤتمرات الدبلوماسية بين دول القارة الأوروبية، وهو ما برز بشكل كبير مع تولي المستشار الألماني "أوتو فون بسمارك" منصب المستشارية في ألمانيا (1871م-1890م). عمل بسمارك على بناء شبكة من التحالفات لتأمين مصالح بلاده، أبرزها تحالف الأباطرة الثلاثة (1873م) بين "ألمانيا، (النمسا_المجر) وروسيا"، ثم الحلف الثلاثي (1882م) بين ألمانيا، (النمسا-المجر) وإيطاليا، وكانت هذه الجهود تدور في فلك أساسي هو "عزل فرنسا" دبلوماسيًا وعسكريًا، ومنعها من الانتقام من ألمانيا بعد هزيمتها في "الحرب الألمانية-الفرنسية" (1870م-1871م).

قبل ذلك، كانت قد ظهرت تحالفات أخرى مثل "الحلف المقدس" (1815م) الذي ضم روسيا، النمسا، وبروسيا بهدف دعم الأنظمة الملكية في مواجهة "الحركات الثورية"، فضلاً عن التحالفات الإقليمية بين الدول الكبرى. مع ذلك، رفضت بريطانيا الانضمام إلى هذه التحالفات، مُفضلةً الوقوف على مسافة بعيدة منها. جاء هذا الموقف نتيجة حرص بريطانيا على "تجنب الالتزامات العسكرية الثقيلة" التي قد تفرضها هذه التحالفات، التي قد ترهق الإمبراطورية دون أن تحقق مصالح مباشرة لها.

المستشار الألماني أتو فون بسمارك

لقد كان الدليل الأبرز على هذه السياسة من جانب بريطانيا هو رفضها المستمر دعوة "المستشار الألماني بسمارك" للانضمام إلى معاهدة تحالف، أو حتى جهود "بسمارك" في جر بريطانيا إلى التحالف الثلاثي. فضلت بريطانيا الابتعاد عن هذه التحالفات لمنح عملية صنع قرارها استقلالية أكبر، ولتجنب تبعات أي التزامات قد تضر بمصالحها الحيوية.

ورغم ذلك، عندما تطلب الأمر حماية مصالحها الحيوية، لم تتردد بريطانيا في عقد اتفاقيات سياسية محدده تخدم أهدافها، مثل "اتفاقيات البحر المتوسط" (1887م) التي أبرمتها مع "إيطاليا والنمسا-المجر"، بهدف مواجهة التوسع الروسي وحماية طريقها البحري إلى الهند.

نهاية العزلة المجيدة والطريق إلى الحرب العالمية الأولى

في النهاية، عندما أدركت بريطانيا أن الظروف الدولية التي بنيت على أساسها سياستها القائمة على العزلة، قد تغيرت، بدأ صانعو القرار البريطانيون في تعديل سياستهم الخارجية. فبحلول نهاية القرن التاسع عشر، وجدت بريطانيا نفسها وحيدة بدون حليف رئيسي في القارة الأوروبية، بعد تشكيل التحالف الثلاثي بين "ألمانيا والنمسا-المجر وإيطاليا"، من جهة، وكذلك التقارب "الروسي-الفرنسي" الذي تجسد في اتفاقية 1892م من جهة أخرى.

وقد جاء ذلك في وقت كانت فيه الأحداث الدولية تتسارع، سواء في القارة الأوروبية مع تبني ألمانيا بقيادة مستشارها الجديد "بولوف" وقيصرها "فيلهلم الثاني" سياسة تحديث أسطولها البحري لمنافسة بريطانيا، أو في الشرق الأقصى بعد "الحرب الروسية-اليابانية" (1904-1905م)، فأصبحت العزلة أمرًا صعبًا في خضم تلك التحويلات السياسية والبيئة الدولية المتوترة.

القيصر الألماني فيلهلم الثاني

وفي ضوء هذه التغيرات، بدأت بريطانيا في اتخاذ خطوات للخروج من عزلتها الدبلوماسية، من خلال عقد مجموعة من الاتفاقيات مع قوى دولية، مثل "توقيع اتفاقية مع اليابان" في عام 1902م، التي كانت تهدف إلى تأمين مصالحها في الشرق الأقصى. كما وقعت بريطانيا في عام 1904م "الاتفاق الودي" مع فرنسا، وهو اتفاق أسهم في تحسين العلاقات بين البلدين بعد قرن من التنافس، وأدى إلى تقارب دبلوماسي مهم لمواجهة خطر ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع الاتفاقية الروسية-البريطانية في 1907م، مما ساعد في تسوية التوترات بين الإمبراطورية البريطانية وروسيا حول مناطق النفوذ في آسيا الوسطى.

خريطة توضح توزيع المستعمرات بين كل من بريطانيا و فرنسا قبل بداية الحرب العالمية الأولي
خريطة توضح لتوزيع المستعمرات البريطانية و الفرنسية قبل بداية الحرب العالمية الأولي

مما سبق، يمكننا استنتاج أن الاستراتيجية الذكية التي اتبعتها بريطانيا ساعدت على تعزيز مكانتها كقوة عظمى لعدة قرون، وأن هذه الاستراتيجية كانت نابعة من رغبة الإمبراطورية البريطانية في تعزيز استقلالية قرارها، وليس عن الضعف.

وفقًا لذلك، أحدثت سياسة العزلة المجيدة البريطانية تغييرًا في التصور العام للمفهوم في الحقول المعرفية. فبعد "أن كانت العزلة تُنظر إليها على أنها أمر منبوذ وناتج عن ضعف الدولة وفشلها في الدخول في تحالفات"، أصبح العديد يعتبر أنَّ "العزلة هي رمز لاستقلالية الدولة وقوتها"، وهو ما تجسد في تصريح جورج جوشن، عضو مجلس الوزراء، في عام 1894 عندما حاول الدفاع عن سياسات العزلة، موضحًا أن هناك نوعين من العزلة: الأولى لأولئك الضعفاء الذين لا يثقون في أنفسهم، أما عزلتنا فهي: "اختيار متعمد نابع من حرية تصرفنا وقوتنا" [iv].

على الرغم من نجاح سياسة العزلة المجيدة في تأمين مصالح الإمبراطورية البريطانية، فإنها أدت إلى انعكاسات خطيرة على الداخل الأوروبي. فقد ساهم ابتعاد بريطانيا عن القارة في "تعزيز نمو وتمدد القوة الألمانية"، بل وفتح المجال أمام "بسمارك" لبناء نظام التحالفات القائم على التناقضات، بالإضافة إلى "الانتصار الألماني الكاسح على فرنسا". كل هذه العوامل شكلت دوافع رئيسية أدت إلى تهيئة المناخ الدولي الذي ساهم في اندلاع الحرب العالمية الأولي و الثانية ، التي أسفرت عن دمار هائل وسقوط ضحايا أبرياء.

ومع تراجع بريطانيا عن هذه الاستراتيجية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية لأسباب متعددة، وهو ما أدى إلى "تراجع في قوتها وضعف في دورها على الساحة الدولية بعد ذلك"، هذا التراجع نفسه، هو الذي  منح الولايات المتحدة "الفرصة لتولي القيادة العالمية"، مستفيدة من انحسار بريطانيا كقوة عظمى، الأمر الذي يؤكد على حقيقة مفادها كيف تؤثر "السياسات الخارجية" لقوة عظمى ما وبشكل كبير على الديناميكيات العالمية من جهة، وكيف أن "التغييرات والتحولات الاستراتيجية لقوة ما" غالبًا ما تُفضي إلى "تغيير حقيقي جديد في موازين القوى الدولية".

الباحث عبدالرحمن مجدي صالح
الباحث عبدالرحمن مجدي صالح


[i]  هي سياسة اتبعتها الحكومة الشوغونية في اليابان و التي قامت على عزلة صارمة في العلاقات الخارجية، حيث فرضت عقوبة الإعدام على كل من يجرؤ على الدخول أو الخروج من اليابان، سواء كان يابانيًا أو أجنبيًا.، و بها تم طرد  جميع الأجانب الأوروبيين، وعلى رأسهم التجار والمبشرون الكاثوليك من إسبانيا والبرتغال، الذين توافدوا إلى اليابان بأعداد كبيرة خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر.

[ii] Howard, Christopher. "The Policy of Isolation." The Historical Journal 10, no. 1 (1967): 84.

[iii]  د.نعمة حسن البكر ، بريطانيا وسياسة العزلة المجيدة 1879-1907 ، ( القاهرة ، الهيئة العامة للكتاب ، 2021 ) ، ص19 .

[iv][iv] oward, "The Policy of Isolation," 80

“العزلة المجيدة”.. قراءة تاريخية لكيفية إنطلاق الإمبراطورية البريطانية

ينشر مركز الفارابي خلال ساعات، دراسة تاريخية مهمة، لأحد شباب الباحثين المتميزين، حول "سياسة العزلة المجيدة" التي انتهجتها الدولة البريطانية، كيف نشأت الفكرة، وعلى يد مَن، وكيف تحققت وصارت استراتيجية بريطانية ممتدة لقرن من الزمن، وما النتائج والتداعيات التي ترتبت عليه، وإلى أي مدى حققت هذه الإستراتيجية نتائج وأهداف الإمبراطورية البريطانية، ومتى تخلت عنها، وما هي العوامل التي ساهمت في نجاحها، و... إلى غير ذلك من الأمور المرتبطة بهذه الإستراتيجية، التي هدف الباحث من خلالها إلى اعادة طرح وقراءة هذه الإستراتيجية الآن.

اللواء الدكتور سمير فرج يكتب عن: الوادي الذي أصبح جديداً

محافظة الوادي الجديد، تشغل نحو 44% من المساحة الكلية لمصر

محافظة الوادي الجديد، وعاصمتها الخارجة، هي أكبر المحافظات المصرية من حيث المساحة، إذ تشغل نحو 44% من المساحة الكلية لمصر، كما أنها الأقل في الكثافة السكانية، بعد محافظة جنوب سيناء، بتعداد سكان، حالياً، يبلغ نحو 270 ألف نسمة. تقع محافظة الوادي الجديد جنوب غرب مصر، وتشترك في الحدود الدولية مع ليبيا غرباً، والسودان جنوبا، وتبعد عن القاهرة بمسافة 600 كيلومتر.

خلال الأسبوع الماضي، شرُفت بزيارة محافظة الوادي الجديد، بدعوة من محافظها، السيد اللواء محمد الزملوط، لإلقاء محاضرة عن حرب أكتوبر 73، في الجامعة الجديدة بها، والتي يرأسها الأستاذ الدكتور عبد العزيز طنطاوي، فانبهرت، في الحقيقة، بمستوى الجامعة الجديدة، التي تأسست في عام 2018، كانت تضم، حينئذ، ست كليات هي؛ التربية، والزراعة، والآداب، والعلوم، والطب، والتربية الرياضية، قبل إضافة كليتين جديدتين؛ هما الهندسة، والتمريض، التي تتيح الفرصة لاستكمال الدراسات العليا، فضلاً عن ضم تبعية الجامعة الأهلية لها، المقرر افتتاحها في العام القادم. كان من أسباب انبهاري الاطلاع على مباني الجامعة الجديدة، التي تتماشى مع الاعتبارات البيئية في المحافظة، فضلاً عن التطور الملموس في الاعتماد على أحدث الوسائل التكنولوجية سواء في أساليب التعليم، أو في معامل الجامعة.

لم تقتصر زيارتي على الجامعة، فقط، وإنما حرصت على التعرف على ما تشهده المحافظة من تطوير، فزاد انبهاري برؤية السيد المحافظ وخطته المرتكزة على إحداث نقلة نوعية في المحافظة، من خلال إنشاء عاصمة إدارية جديدة للمحافظة، وهي فكرة جديدة، يتم تنفيذها، لأول مرة، في محافظة الوادي الجديد، تعتمد على جمع كافة الإدارات التابعة للوزارات والجهات الخدمية، في منطقة واحدة، للتيسير على المواطن في إنهاء كافة أعماله ذات الصلة بالجهاز الإداري للدولة، مثل مديريات الصحة والزراعة والتعليم والصحة والري، وغيرها. مع الحرص على تزويد تلك العاصمة الإدارية بأحدث الوسائل التكنولوجية، فضلاً عن اعتماد تصميمها على مفهوم الاستدامة، ومن أمثلة ذلك استخدام نظم الطاقة الشمسية بكل مبانيها، واتساع الرقعة الخضراء بها، التي يمكن لأبناء المحافظة، وموظفي عاصمتها الإدارية، من الاستفادة بها في ممارسة الرياضة، وهو ما تمنيت رؤيته في كل محافظات مصر.

جبانات البجوات في محافظة الوادي الجديد.. معلم سياحي قبطي فريد

جدارية تعريفية بجبانة البجوات

استوقفني كذلك، خلال الزيارة، تركيز المحافظة على السياحة، اعتماداً على مقوماتها، إذ تتميز المحافظة بوجود آثار تمثل جميع العصور التاريخية التي شهدتها مصر؛ الفرعونية، والرومانية، والقبطية، والإسلامية، والبطلمية، لعل من أهمها جبانات البجوات، أحد أقدم المقابر المسيحية في العالم، التي تستدعي جهود وزارة السياحة والآثار لترميمها، وتطوير المنطقة المحيطة بها، وإدراجها على الخريطة السياحية المصرية، والترويج لها كوجهة سياحية عالمية، خاصة وأنها تستقبل، حالياً، الآلاف من السياح كل عام. يوجد بالمحافظة، أيضاً، محمية الصحراء البيضاء، التي تضم أنواع نادرة من الغزلان البيضاء، علاوة على مناظر الصحراء الخلابة، التي يقصدها سياح العالم كله، خاصة الألمان. كما تشتهر المحافظة بأهم ينابيع المياه الحارة والكبريتية، بما يعزز من فرصها كوجهة للسياحة العلاجية. لذا يأمل أبناء المحافظة في تضافر الجهود لإدراج محافظتهم على خريطة السياحة العالمية، والترويج لها كحاضنة لمختلف أفرع السياحة، على مستوى العالم.

محمية الصحراء البيضاء في محافظة الوادي الجديد

الصحراء البيضاء.. كوكب آخر في مصر

كما لاحظت أن شعار المحافظة، المتمثل في النخلة، يأتي اتساقاً مع توجيهات السيد الرئيس للمحافظة بزراعة 5 مليون نخلة، لإنتاج أجود أنواع التمور في العالم، اعتماداً على طبيعة التربة والمناخ والمياه بها، الصالحة لزراعة كافة أنواع النخيل، وهو ما بدأ، بالفعل، بزراعة 2 مليون نخلة، حتى الآن، اعتماداً على أجود شتلات نخيل التمور في العالم. يضاف لذلك من تقدمه محافظة الوادي الجديد، اليوم، من فرص كبيرة للمستثمرين في مجالات الزراعة واستصلاح الأراضي، إذ تتيح المحافظة تسهيلات كبيرة للجادين منهم، وبها مكتب لصندوق الأراضي، يقوم بتخصيص مساحات للمستثمرين تبدأ من 200 فدان، مزودة بآبار مياه تكفي لري تلك المساحة، ومضاعفاتها، كما تتيح المحافظة فترة سماح، تمتد إلى عامين، لا يدفع فيها المستثمر أي مقابل مادي عن الانتفاع بالأرض، لحين بدء الإنتاج. بل وإضافة لذلك، يوفر المكتب للمستثمر الدراسات العلمية اللازمة لتحديد الأسلوب الأنسب لاستخدام تلك الأراضي، علماً بأن الأراضي صالحة لإنتاج أجود المحاصيل من التمر والزيتون.

مزرعة التمور.. 2 مليون نخلة في الوادي الجديد

الوادي الجديد تتوسع في زراعة أشجار الزيتون وتستهدف زراعة 25 ألف فدان 

ولقد اطلعت بنفسي على المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية، المخصصة للمستثمرين الذين نجحوا، حتى الآن، في زراعة 25 ألف فدان من الزيتون، من أجود الأصناف العالمية. كما تتبنى المحافظة مشروع زراعة التوت، ضمن مبادرة إنتاج الحرير الطبيعي. والحقيقة أن المحافظة، وقيادتها، اتجهت للاعتماد على الاستثمار كأساس للتنمية الحقيقية، في ظل ما تمتلكه من مقومات متنوعة، تناسب مختلف مجالات الاستثمار، وفي سبيلها لجذب مختلف أحجام الاستثمار، فإن المحافظة لا تأل جهداً في تقديم التسهيلات اللازمة لمختلف المجالات الاستثمارية المتاحة بها. وبالتوازي مع ذلك، فقد اهتمت المحافظة بالتعليم، حيث اتخذ المحافظ قراراً بتقديم حوافز للطلبة لتحفيزهم على عدم الغياب عن الدراسة، من ضمن تلك الحوافز توفير الزي المدرسي بالمجان لجميع طلبة المحافظة، وإقامة فصول تقوية مسائية للطلبة للقضاء على الدروس الخصوصية، التي ترهق كاهل الأسر المصرية.

إن ما تشهده محافظة الوادي الجديد، حالياً، هي طفرة نوعية، لم تشهدها من قبل، كفيلة بأن تجعلها نموذجاً يحتذى به في توطين النمو والتنمية، من خلال الاعتماد على مقوماتها الطبيعية في مجالات الاستثمار الزراعي والسياحي، وهو ما سيضمن بقاء تلك المحافظة "جديدة" فعلاً، وليس اسماً فقط.