مركز “سوا” للبحوث والدراسات القانونية وحقوق الإنسان.

مركز “سوا” للبحوث والدراسات القانونية وحقوق الإنسان.

رواية “حكاية إعدام جوزيف”. الحلقة الثامنة والأخيرة.

 تأليف د. ضيو مطوك ديينق وول

د. ضيو مطوك ديينق وول

المشهد الخامس عشر

وصل عثمان كمبوني مجانيين وسط الخرطوم جوار ميدان أبو الجنزير، وكان ذلك يوم الأحد الساعة العاشرة، حيث كان الازدحام شديداً، كانت تجرى في آن واحد دروس خصوصية للطلاب، واجتماعات عائلية، الصلوات إلخ.

 لم يعرف عثمان ماذا يفعل لكن استأذن أحد الحاضرين:

  • لو سمحت أنا آسف ممكن أسألك؟
  • تفضل يا أستاذ.
  • أنا عايز أتحدث لقس.
  • طيب خليه ينتهي من الصلوات وبعد داك بكلمك.
  • طيب تمام. شكراً.

 جلس قليلاً وبعد شوية القس أتى:

  • السلام عليك. انا القس ايمانيول فرانكو.
  • شكرا يا قسيس. أنا الرقيب عثمان خاطر من سجن كوبر.
  • سجن كوبرررر!!! القس مندهش، انت عايز شنو؟
  • لا خير يا أبونا. أنا جيت عشان نطلب منك الخدمة.
  • تفضل- القس- يرد بنوع من الإرتياح ويبتسم..
  • هناك شخص محكوم بالإعدام في السجن وربما يتم تنفيذ الحكم عليه قريباً، هو طلب مني الاتصال بأي قسيس عشان يصلي له، لأنه كذب بانه هو القاتل، وليس هو القاتل.
  • وليه عمل كدا؟
  • عشان عايز بن لادن يدفع له الدية، فطلبوا منه دخول الإسلام وبعد ذلك يمكن دفع الدية، لكن للأسف الشديد القصة طلعت خدعة من أقارب المرحوم في إدارة السجن.
  • طيب المطلوب شنو؟
  • المطلوب نمشي السجن عشان تصلي له إذا سمحوا لك بالدخول.
  • إذا رفضوا؟ انت عارف الناس ديل أكثر مني.
  • ممكن تصلي له وهو غائب. هل هذه الفكرة موجود عندكم؟
  • نعم، فكرة جميلة. في المسيحية ندعو للحرية والغفران للسجناء. أنا في خدمة الرب يا عثمان.
  • خلاص أنا برجع الشغل يوم الثلاثاء يمكن تحضر إلى سجن كوبر حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر.
  • اتفقنا. أشوفك على بركة الله. لكن دقيقة. هل ممكن أسألك؟
  • تفضل أبوبا.
  • هل أنت مسيحي؟
  • أبداً. أنا مسلم.
  • وليه مهتم بالموضوع دا شديد كدا؟
  • عشان جوزيف مظلوم وكل الأديان بما فيها الإسلام ترفض الظلم.

  • خلاص فهمت القصد، الرب سيكون معك دائماً.
  • شكرا أبوبا. أشوفك ببركة الله.

المشهد السادس عشر

في يوم الثلاثاء الساعة الواحدة، يظهر القس إيمانويل ومعه شخص آخر أمام البوابة الرئيسية لسجن كوبر، لكن الحرس منعهما وطلب منهما الاتصال بالرقيب عثمان خاطر الذي سمح لهما بالدخول، وعند التفتش وجد القس يحمل معه الإنجيل فأثار حفيظة الحرس وطلب من القس ألّا يحمل الإنجيل إلى الداخل، لكن القس أصرَّ على الدخول بالكتاب المقدس. الحرس يرفض ويتصل بالإدارة، ووصل الأمر إلى المقدم يس في إدارة المعتقلات فأصدر أوامره ليس بترك الإنجيل في البوابة فقط، لكن أيضاً بعدم السماح للقس بالدخول.

وافق القسيس على المغادرة لكن طلب من الحرس خدمة. أن ينادي له الرقيب عثمان خاطر؟ فطلب الحرس عثمان.

عثمان يحضر واعتذر للقس وقال له يمكن إجراء صلاة الغائب؟

فسر القس له مفهوم صلاة الغائب عند المسيحيين، وقال:

  •  هي صلاة على الأموات بحضور الجثة أو بعدمها، لأن الصلاة للروح وليس الجسد.  يواصل: ربما يكون من غير الأخلاقي أن نقيم صلاة الغائب لشخص ما يزال على قيد الحياة حتى ولو ذاهب إلى حبل المشنقة غداً. بكل التاكيد سنصلي لجوزيف عشان ربنا يغفر خطاياه، وهي صلاة نقيمها لأي مؤمن يطلب التوبة والغفران، خاصة السجناء والمرضى والمضطهدين، كل هذه الطقوس موجودة في تقاليد العائلات المسيحية. أنا أفهم بأن جوزيف محتاج للصلاة وسيواجه الموت قريباً. هو سيكون في صلواتي دائماً.

         يطلب القس الاسم كاملاً للمتهم وتفاصيل مشكلته ويقدم النصيحة أن يصلي جوزيف ويصوم، ثم غادرا.

في يوم الأحد، بكمبوني مجانيين، أًدرج اسم جوزيف جون في الصلاة المؤمنيين وهي طلبات يقدمها المصلُّون من أجل المحتاجين للخدمة الإلهية.

  شارك الحاضرون في الصلوات وقدموا الذبيح من أجل جوزيف ليغفر الرب خطاياه.

الغريب، أن القلائل الذين حضروا الصلوات من منطقته اتوكطو، لم يعرفوا قصة جوزيف، ربما الكثيرين منهم لم يكونوا في الخرطوم آنذاك عندما وقع الحادث قبل ستة سنوات، ولذلك لم يعرفوا شيئاً عن الشخص الذي يطلب القسيس ايمانويل الصلاة من أجله.

الفصل الرابع والأخير

المشهد السابع عشر

بعد غياب طويل في رحلة إلى جمهورية مصر العربية استغرقت ثلاثة أشهر، رجع انطوني كوين إلى السودان في نفس الرحلة التي تعرض فيها للاعتقال من قبل جهاز الأمن الوطني في وداي حلفا، بسبب تساهل السلطات المصرية معه في وقت كان السودانيون يتعرضون إلى الضرب والتفيش الشديدين من قبل السلطات نفسها.

ولذلك السبب تعرض انطوني كوين للضرب والاعتقال لمدة ثلاثة أيام بمعتقلات جهاز الأمن الوطني بوادي حلفا انتقاماً من تصرف الأمن المصري ضد السودانيين بميناء أسوان النهري.

هذه ليست أول مرة يتعرض فيها أنطوني كوين لمثل هذه الاعتقالات، حيث كان يتبوأ منصباً قيادياً في رابطة الطلاب الجنوبيين بالجامعة.  فقد اعتقل بمجمع الرميلة التابع لجامعة جوبا ضمن الطلاب الجنوبيين الذين قاموا بمظاهرات ضد سياسات التعريب بالجامعات السودانية، لا سيما جامعة جوبا التي كانت التدريس فيها باللغة الإنجليزية، لكن النظام في الخرطوم أجبر الأساتذة والطلاب على التعلم باللغة العربية.

كل هذه الأشياء كانت تحدث باستمرار للطلاب الجنوبيين في الجامعات السودانية، خاصة لرابطة الطلاب الجنوبيين بجامعة جوبا (جوسا)، والجبهة الوطنية الإفريقية بجامعة الخرطوم (ANF)، وكل الروابط وجميع التنظيمات الطلابية الجنوبية بالجامعات الأخرى.

كل هذه الأفعال تهدف إلى التغيير الديموغرافي وتنفيذ المشروع الحضاري وتحقيق مجتمع عربي مسلم يدين بالولاء للعروبة والإسلام في السودان.

المهم، لنعود إلى زيارة السجن، حيث وصل أنطوني كوين الخرطوم يوم السبت، وفي يوم الأحد حوالي الساعة الحادية عشر سجل زيارة إلى سجن كوبر لمقابلة السجين جوزيف جون الذي لم يره خلال الأشهر الثلاثة التي قضاها بمصر، ليفاجأ بأن جوزيف غير موجود في المعتقل.

يصل المدخل الرئيس المخصص لإجراءات الزوار يجد حرساً ويلقي عليه السلام:

  • السلام عليكم.
  • وعليكم السلام.
  • أنا عايز نعمل لي اجراءات الدخول.
  • انت ماشي لمنو؟
  • عايز أزور السجين جوزيف جون.
  • جوزيف جون؟ الزول دا ما أُعدم من زمان.
  • أُعدم؟
  • نعم أُعدم قبل شهر كدا. انت ما عندك خبر؟
  • أبداً. كنت خارج البلد.
  • أوكي، الزول دا مات.
  • طيب ممكن تطلب لي الرقيب عثمان خاطر؟
  • عثمان خلى الشغل.
  • ليه خلى الشغل؟
  • قدم استقالة قبل أسبوعين.
  • طيب انت عارف مكانه؟
  • أبدا. لكن بقولو هو ساكن الحاج يوسف شارع واحد، بجوار آخر محطة.
  • شكراً لك.

ثم غادر أنطوني كوين.

المشهد الثامن عشر

أنطوني كوين يصل آخر محطة الحاج يوسف شارع واحد، ويسأل الشاب الذي كان موجوداً في المحطة، ليخطره أحدهم بأنه هو شقيق عثمان الأصغر وأخذه إلى منزلهم.

عثمان يسقبل أنطوني كوين ويبكي بشدة، ويقول:

  •  الله يرحمه. تعال نجلس هنا.

 يمسك بيده إلى الصالون وشقيقه الأصغر يأتي بمياه الشرب.

يسأل أنطوني كوين: يا عثمان، كدى أحكي لي الحاصل؟

  • طيب التنفيذ تم كيف؟ لأن أفراد الأسرة كلهم مافي زول عنده خبر.
  • قبل الإعدام بيوم طلب مني وشخص آخر مرافقة المتهم إلى منزل أحد أقاربه. جوزيف قال نمشي لخاله اللواء مورس تونق في الطائف، لكن للأسف الشديد لم نجده في المنزل، انتظرنا في المنزل لأكثر من الساعة لكن جاءنا شاب وقال إن والده غير موجود في المنزل، فخرجنا وعدنا إلى السجن وكنت فاكر بأنه سيخطر والده بزيارتنا حتى يصلنا في السجن لكن لم يحدث. وفي اليوم التالي عند الفجر تم اقتياد جوزيف إلى المشنقة وتم اعدامه. هو وانطوني كوين يبكا.
  • طيب وصيته كان شنو؟
  • ابدا، هو حزين شديد بوقوعه في خداع يس، وهو غير نادم لموته لأنه هو عارف لم يرتكب جريمة القتل، لكن الشيء المعذبه هو الكذب الذي وقع فيه وقبل بموجبه أنه القاتل واشهاره للاسلام، ولذلك كان يريد أن يحكي هذه القصة لخاله حتى يخطر والدته بانه لم يرتكب جريمة القتل.
  • وليه ما حكي هذا الكلام لولد خاله الذي وجدتوه في المنزل؟
  • والله أنا ما عارف لكن كان مستاء للغاية من الموقف، وطلب مني أن آتي بقس إلى السجن للتوبة والصلاة وحاولنا فعلا لكن لم يلتقِ بالقس. الكويس القسيس ايمانويل قال سيصلي له وعلمت فيما بعد بانه أقام الصلاة بكمبوني مجايين. يتقبله الله.
  • يعني همه فقط يحكي هذه القصة؟
  • نعم دا كلامه.
  • انا بحكيها.
  • طيب خليني نسألك؟
  • تفضل.
  • ليه انت خليت الشغل؟
  • انا تأثرت بالظلم اللي وقع فيه هذا الشخص الطيب. أنا عارف جوزيف لم يكن هو القاتل لكن ظلم الدينا أخذ حياته. أنا غير مرتاح في السجن بالذات لمن نشاهد الزنزانة التي كان يقضي فيها جوزيف عقوبته غير العادلة. ثانيا بقيت ملاحق من قبل المقدم يس وخايف نقع في مشكلة معه لاني والعقيد معاوية مصنيفين باننا ضد الكيزان. ثالثا، والدتي من الدينكا، كان الوالد يعمل في شرطة السكك الحديد في بحر الغزال وتعرف علي والدتي فاطمة نواي، وتزوجها، فأنا شايف جوزيف زي خالي.
  • والله كلام غريب يا عثمان انا من زمان شاعر بحاجة يربطك بـ جوزيف، لكن دا شنو انا ما عارفه، قلت ننتظر نشوف. طيب انا عايز اشوف قبر جوزيف هل ممكن ؟
  • ليه لا، ممكن نمشي بكرة. خلينا نتلاقي في كمبوني مجانيين الساعة العاشرة الصباح.
  • كلام جميل. آخر حاجة. هل الوالدة موجودة؟
  • نعم موجودة.
  • طيب ممكن نسلم عليها؟
  • جدا؟ يا ماما- ينادي.

الحاجة فاطمة تدخل وهي امراة طويلة القامة، داكنة اللون تظهر في جبهتها الشلوخ، تتحدث بلغة الدينكا. بحرارة شديدة تحي:

  • السلام عليك ياولدي.

أنطوني كوين يرد: وعليكم السلام عمتي، ويعرف نفسه لها.

  • انت من عائلة أرومجوك؟
  • نعم عمتي. انتي تعرفي هذه العائلة؟
  • نعم هم سلاطين منطقتنا، اتوكطو.
  • انت من اتوكطو؟
  • نعم انا من العشيرة فاتييك وأسمي أباك نووي لكن الآن معروفة ب فاطمة نواي.
  • طيب انت عارفة العمدة جون باك؟
  • كيف لا نعرفه؟ العمدة جون باك دا أخوي قريبي.
  • المرحوم جوزيف دا ولده.

 تمسك يد انطوني وتبكي شديد.

  • انت عارف، عثمان حكي لي قضية جوزيف دا، لكن ما عرفت دا ولد أخوي جون باك.

تبكي للمرة الثانية...

  • معليش عمتي الدنيا ظالمة، الله يرحمه ويغفر له. أنا عرفت البيت سأزوركم المرة الجاية. اشوفكم ببركة الله.  انطوني كوين يختم حديثه.
  • يلا خلاص مع السلامة نتلاقي بكرة يا عثمان.

في اليوم التالي، عثمان يحضر الكمبوني ويذهب مع انطوني كوين إلى مقابر المسلمين بالصحافة لزيارة قبر جوزيف. في المقابر انطوني كوين يوعد عثمان بأنهم كعائلة سيعمل من أجل نقل القبر إلى مقابر المسيحيين إذا سمحت السلطات بذلك وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من قبل الإدارة المحلية لاحقاً.

***

المشهد التاسع عشر والأخير.

في منتصف سنة 2002 قرر النظام التوقيع على تقرير المصير في جنوب السودان مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وإجراء الإستفتاء في نهاية الفترة الانتقالية التي مدتها ست سنوات، وكلف شخصية مؤثرة في الدولة والتنظيم بقيادة الملف في خطوة وصفت بالجدية.

وفي الترتيبات الأمنية، وافق الطرفان على إنشاء قوة مشتركة لحماية المدن الرئيسية والشخصيات الهامة، وتم إرسال 1500 مقاتل من الجيش الشعبي إلى الخرطوم من بينهم يوسف مارتن الذي قتل محي الدين أحمد شريف في اللاماب وفرَّ مع صديقه باتجاه الرميلة، ومنها سافرا صباح اليوم التالي إلى جنوب السودان عبر كوستي وانضما إلى الجيش الشعبي.

أيضاً كان من بين البنود المتفق عليها العفو العام على مقاتلي الجيش الشعبي في الجرائم السياسية المرتكبة ضد الدولة، ولم يشمل العفو الجرائم ذات الطابع الشخصي، إلا أن أسرة المرحوم جوزيف جون اتفقوا على قفل هذا الملف وعدم إثارة الموضوع، سائلين الرب أن يرد ظلمه ويسكنه في ملكوته، لكن سرد هذه الحكاية- كما جاءت في وصيته- أصبحت وعداً للأحياء ولازم تُحكي حتى يشعر بالراحة الأبدية.   

صور من حفل توقيع وتدشين الرواية الذي أقامه مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية بالقاهرة

مَن هو الدكتور ضيو؟

د. ضيو مطوك ديينق وول

عمل الدكتور ضيو مطوك ديينق وول، أستاذاً مشاركاً بمركز دراسات السلام والتنمية في جامعة جوبا.

– يعمل حالياً وزيراً للاستثمار، وهو مقرر "لجنة وساطة السلام حول الصراع السوداني المسلح".

– مُنح الدكتور وول جائزة السلام وسُمِي سفيراً للسلام من قبل اتحاد السلام الدولي لدوره في وساطة السلام السوداني في العام 2020م.

نشرت له العديد من المقالات العلمية في مجال دراسات السلام وفض النزاعات في الدوريات العالمية.

نشر له عن دار النخبة:

الرعي، الحدود والنزاعات: الإدارة وإدارة النزاع في الـ 14 ميل.

سياسة التمييز الإثني في السودان.

الدكتورة فاطمة مصطفى في حوار مع “الفارابي”: الوضع الراهن للأسرة السودانية رهيب ولم يحدث في تاريخ السودان. (الجزء الثاني)

حوار أجرته الدكتورة صباح منسي

تحرير وإخراج د. مدحت حماد

"استاذة فاطمة اسمحي لي الآن أن ننتقل إلى المحور الثاني فى حوارنا، ونتحدث عن وضع الأسرة السودانية فى ظل هذه الحرب الدموية المؤسفة، وكيف تأثرت الأسرة السودانية بتلك الحرب؟

فكما نعلم جميعا أن الأسرة بصفة عامة، والمرأة والاطفال بصفة خاصة هم الضحايا في كل الحروب بداية من فقد الإبن، الزوج، الأخ، الأب، وصولاً إلى الاعتداءات الجنسية.

سؤالنا الأول في هذا المحور: "ما هو الواقع الحالي للأسرة السودانية في ظل انسداد أفق حل الصراع السوادني وإعلان طرفي الصراع عن إستعدادهم للإستمرار في الحرب مائة عام أخرى!!؟

دكتورة فاطمة مصطفى في حوارها مع دكتورة صباح منسي

تقريبًا توفي حوالي 70 بالمئة من مرضي الغسيل الكلوي، والنساء الحوامل يعانون.

ج: "الواقع الحقيقي للأسرة السودانية، بالذات النساء والاطفال، هو واقع مرير ومؤسف لأبعد الحدود، لأن الحرب وأثارها شديد جدًا عليهم، خاصة الموت الجماعي الذي حصد الكثير من المدنيين فى عمليات القصف المتبادل. لكني مع ذلك أقول: "إن الموت أرحم من استشهدوا الكارثة الكبرى في من ظلوا على قيد الحياة وقد تقطعت أشلاؤهم، وحصلت لهم اعاقات كبيرة في ظل غياب كامل للرعاية الصحية والطبية، والمتضرر بشكل كبير هي المرأة الأم والإبنة والزوجة، المطلوب منها رعاية تلك الحالات وسط القصف وانعدام أى نوع من الرعاية الطبية.

 النازحون يجدون صعوبة كبيرة لقلة الموارد المادية التي تساعدهم على العيش في ظل تلك الظروف الصعبة وخروج الأولاد من التعليم لمده سنة ونصف، وغير معروف متي سينتهي هذا الوضع، لكن المأساة الحقيقة أيضا  أن الأسر في مناطق النزوح بدأت تتزاحم في أماكن غير مُهيئة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة بكل حالاتهم، فكثير من السودانيين المصابين بأمراض خطيرة توفي منهم عدد كبير لعدم وجود الرعاية الطبية والصحية, تقريبا توفي حوالي 70 بالمئة من مرضي الغسيل الكلوي لقلة الإمكانيات وإذا وجدت تكون في حالة رديئة. أيضا النساء الحوامل يعانون بشدة لأن الموارد غير كافية وفي بعض المناطق من الكثافة وقلة الموارد ينامون على الأرض في ظل اجواء بيئية صعبة من الامطار والسيول.

قمنا بمبادرة مع مركز شباب لوضع 20 سرير للنساء الحوامل فى أحد مراكز الاغاثية من خلال المعونات الشخصية، وبموارد ضعيفة نحاول مساعدة هؤلاء النساء. فكثير من الحاجات تأتي على شكل تبرعات في حدود الظروف الصعبة جدًا على الجميع، فالجميع يعاني من سنة ونصف، قلّة الموارد. حتى الأماكن التي يتم النزوح إليها ولا يوجد فيها حرب، تعاني من قلّة الإمكانيات والموارد، مما يُصعب من الأمر بشكل كبير، أما بالنسبة للعنف الجنسي، فللأسف أقول: إن هذه الحرب قامت على "أجساد النساء"

الإغتصاب نزيف لشرف المجتمع

لحظة من فضلك: اسمحي لي أن أتوقف أمام قولك: (إن هذه الحرب قامت على أجساد النساء)،

فجرائم الاغتصاب للنساء وبصفة خاصة الفتيات القاصرات هي من الجرائم التي يرفضها بشدة الرأي العام العالمي، وتجرمها القوانين والمواثيق الدولية، لذلك وجدنا كثير من الدول التي يحدث فيها صراعات مثل أوكرانيا يمتنع الجيش الروسي عن إرتكاب تلك الجرائم والانتهاكات، بينما الوضع داخل السودان مختلف تمامًا،

السؤال هنا هو: ما هي الاسباب والدوافع لارتكاب مثل هذه الجرائمة البشعة؟ وما تفسير ذلك من وجه نظر حضرتك؟"

لقد وصلت الأمور فى مناطق كثيرة إلى حد مساومة الفتيات والنساء على شرفهن مقابل الحصول على الطعام!

ج: للأسف الشديد أكرر: إن هذه الحرب جرت على أجساد النساء! فالعنف الجنسي والاغتصاب كلها جرائم موجه ضد المرأة، والشيئ الذي من المفجع ومن الصعب تخيله ونحن في القرن 21، أن تقام أسواق لبيع النساء المخطوفة من اماكن كثيرة كأسواق للجواري وكأننا عدنا إلى "عصور الجاهلية".

كثير من التقارير الخاصة بالمنظمات النسوية تكشف أن عمليات الاغتصاب والانتهاكات والاعتداءات الجنسية انتشرت بصورة وبائية فى السودان للأسف الشديد. إن اي منطقة يشتعل فيها القتال  يكون هناك انتهاكات كبيرة خصوصا للفتيات بصورة وبأعداد كبيرة ما أقدر اعطيك أعدادًا لها، لأن الأعداد غير معروفة لأن الحرب مازالت مستمرة، لهذا لا يوجد رصد للأعداد، ولكن هناك انتهاكات جنسية بأعداد كبيرة ترصدها كثير من المنظمات النسوية فهناك منظمات ترصد تلك الانتهاكات من خلال رصد الواقع والتحدث مع بعض الحالات التي تستطيع أن تعلن عن تعرضهن لهذا الفعل. حقيقي الوضع غير إنساني، وبالفعل هناك أماكن أخري مثل أوكرانيا ما حصل بها كده، بالتالي فكلنا في حالة استغراب شديد!! لحدوث كل هذه الانتهاكات الاجرامية البشعة، هناك كلام عن وجود مرتزقة أجانب ترتكب هذه الجريمة، لكن المؤكد أن كثيرًا من القبائل السودانية للأسف تورطت فى ارتكاب هذه الجريمة كنوع من الإنتقام والإنتقام المتبادل، الذي له أسباب تاريخية، حيث يُدعى كل طرف أنه تعرّض للتهميش والتقليل من شأنه من جانب الطرف الآخر، فنشأ نوع من الصراع العنصري البغيض وجاءت جريمة اغتصاب الفتيات والسيدات بصورة ممنهجة ومنظمة ومتعمدة التي ترتكبها الميليشيات المسلحة لتفضح الروح العنصرية البغيضة التي تريد الحاق العار بالطرف الاخر عبر اغتصاب فتياته وسيداته وبيعهن كجواري فى اسواق العبيد.  

وهذا تفكير شيطاني، أتصور أن هدفه أن يستمر الصراع للأبد بين أبناء الشعب السوداني بصورة تضمن استحاله توحده مرة اخرى. لقد كان "للسوشيال ميديا" دورًا كبيرًا فى فضح ارتكاب الميليشيات المسلحة لهذه الجريمة البشعة التي تجرمها كل الأديان السماوية وكل القوانيين والأعراف الدولية وكل المبادئ والقيم الإنسانية، لكن الميلشيات تخلت عن كل ذلك وارتكبت تلك الجريمة البشعة. الكارثة أن الظروف أجبرت الجيش على ضم بعض الميلشيات إلى صفوفه ليتمكن من الصمود فى بعض المناطق،

وإذا المؤدة سٌئِلَت بأي ذنب قُتِلَت؟

المواطن السوداني وخصوصًا الفتيات والسيدات هم ضحية هذا الصراع الدموي، ولقد وصلت الأمور فى مناطق كثيرة إلى حد مساومة الفتيات والنساء على شرفهن مقابل الحصول على الطعام وهذا شيء صعب على النفس التحدث فيه.

(اضطررتُ إلى ايقاف الحوار إحتراما لدموع الألم والغضب لضيفتي الفاضلة التي حَمَلَت على عاتقها لفت أنظار العالم إلى حقيقة ما يحدث فى السودان، ربما تتمكن من أن تحرِّك ضمير العالم)

استاذة فاطمة تكمل حديثها..

"الوضع فى السودان ثقيل جدًا على جميع السودانيين، سواء من كأن ولاؤهم للدعم السريع أو الجيش، الذي ضمَّ إلى صفوفه ميلشيات لا تختلف عن الدعم السريع.

الجنس مقابل الطعام!!!

خيرات السودان وثرواته تحولت إلى لعنة على الشعب السوداني. أكبر كارثه لحقت بالسودان هي أن كل الخراب والدمار الذي حل به لم تفعله قوى أجنبية، لكن فعله أبناء السودان بعضهم ببعض!! وكل القتل والاغتصاب الذي تعرض ويتعرض له أبناء السودان، لم يحدث بيد قوى أجنبية، لكنه حدث بيد أبناء السودان أنفسهم!! فأبناء السودان هم الضحية والجاني! وما أبشعه من واقع"!

سؤال آخر "استاذة فاطمة هل هناك دور لمنظمات المجتمع المدني السوداني، تحديدًا المنظمات النسوية في مقاومة هذه الانتهاكات الاجرامية والتصدي لها؟ وهل قامت برصد هذه الانتهاكات الإجرامية وايصالها للرأي العالمي لاتخاذ الاجراءات اللازمة للتصدي لتلك الممارسات الشنيعة ومعاقبه مرتكبيها؟"

الاغتصاب.. قهر للمرأة واذلال للمجتمع.

ج: "المنظمات النسوية السودانية من قبل الحرب لها دور كبير في جميع النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومنذ اندلاع الحرب هناك عمل كبير لتلك المنظمات في مجال الإغاثة والعون الإنساني ورعاية المرضي والجوعى، بالذات المرضي النساء وخاصة النساء الحوامل والمرضعات.

لا توجد تقارير احصائية دقيقة بحالات الإغتصاب والإنتهاكات الجنسية

لكن فيما يخص الانتهاكات والجرائم الجنسية الحاصلة منذ اندلاع الحرب معظم المنظمات النسوية تعمل في المراقبة وفي رصد الانتهاكات وفي إيواء بعض الناجيات وعمل التأهيل النفسي لهن، وكثير من العمل المنظم مع الأمم المتحدة والمنظمات النسوية الخارجية، فهم يقومون بعملية الرصد وإصدار تقارير تكون هى الأساس الذي تبنى عليه تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، كما تقوم المنظمات السودانية بالمشاركة فى معالجة ومساعدة الناجيات وتقديم الدعم النفسي والمادي لهن واعادة تأهيلهن واعادة دمجهن فى المجتمع. إنها مهام صعبه جدًا خاصه فى مجتمع عربى مثل المجتمع السوداني، له نظرته الخاصة للإغتصاب، وخاصة أن كل هذا الجهد يحدث تحت القصف وظروف الحرب ويوجد تقارير بإحصائيات لكن ليست بالحقيقة الكاملة الموجودة على أرض الواقع لأن هناك كثير من المناطق المغلقة التي لا تستطيع المنظمات الوصول إليها بسبب الحرب  وعمل احصاء دقيق بتقارير مفصلة لعزلة بعض الأماكن  وللأسف هناك  بعض الأماكن ليس بها اتصالات تليفونية لمعرفة ما يحدث بها، فهذه الارقام ليست كاملة، للأسف الحقيقة غائبة كأرقام نهائية حتي الآن لكنها معروفة ومرصودة كظاهرة منتشرة  وللأسف هي ابشع واكثر مما يمكن تصوره".

الإغتصاب جنون.

سؤالنا قبل الأخير: "في حدود علمكم استاذة فاطمة كرائدة من رواد المجتمع النسوي السوداني ما هو مصير النساء اللاتي تعرضن لعمليات اغتصاب جنسي داخل السودان؟"

ج: "مثلما أوضحت هناك دعم نفسي ومادي تقدمه جمعيات المجتمع المدني لهن، لكن المشكلة أن كثيرًا من الحالات اللاتي تعرضن للإغتصاب تخشي أن تتحدث عن الانتهاكات التي تعرضن لها، نظرًا لطبيعة المجتمع السوداني الذي ترى فيه الأسرة التي تعرضت إحدى فتياتها أو سيداتها للإغتصاب، أن هناك عار لحق بها!! فتبذل الأسرة كل جهدها لإخفاء ذلك العار وهذا طبع أغلب المجتمعات العربية لكن مَن يتم معرفتها تسعى منظمات المجتمع المدني إلى تقديم الدعم لها، وقد تم إنشاء دور خاصة بتلك الحالات لتأهيلهن حتى يستطعن تخطي الأزمة، كثير من المنظمات تسعى لمساعدة تلك الحالات بمحاولة إخراجهن خارج السودان في عمل كبير من المنظمات السودانية ومنظمات الأمم المتحدة الخاصة بالانتهاكات والعنف الجنسي خلال الحرب".

إغتصاب إمرأة واحدة، هو إغتصاب أمَّة بأسرها.

السؤال الأخير في هذا المحور: ماهي نظرة الأسر لبعضها البعض في هذا الشأن لاسيما الكل واقع تحت ظروف واحده قد يتعرض لها الجميع؟

... ... ... ... !!!

ج: المجتمع السوداني معقد جدًا، مجتمع محافظ، فكله يكون على حساب المرأة والفتاة. فالحديث في هذا الشأن وخصوصا الانتهاكات الجنسية يكون عارًا، فالبنت التي تعرضت لتلك الحادثة تصبح مصدر عار لأسرتها رغم أنها الضحية والمجني عليها وليس لها أي يد فيما حدث لها، المرأة دائما هي التي تدفع الثمن من جسدها ونفسيتها وكرامتها. لكن عمومًا المصيبة كبيرة وانتشار هذه الجريمة أجبَر الجميع على التكاتف، فكل الأسر والعائلات أصبحت معرضه لذلك الموقف، وهذا الذي يكتشفه السودانيون يومًا بعد يوم منذ إندلاع الحرب، في كثير من المناطق تضم البيوت أكثر من عائلات مع بعضهم البعض خصوصًا في مناطق النازحين للوقوف بعضهم بجانب بعض والشباب يحاولون القيام بعمليات التكافل الاجتماعي، لكن المصيبة كبيرة، وللأسف حتي الأسر المستقبلة للنازحين مواردها محدودة لكنهم يحاولون تقديم يد المساعدة والدعم رغم ذلك".

قريبًا الجزء الثالث والأخير.

مراجعة لغوية للحوار: أ. رحمة رجب بسيوني

الدكتورة فاطمة مصطفى في حوار مع “الفارابي”: أجساد النساء السودانيات؟ ساحة الحرب بين الأشقاء.! (الجزء الأول)

حوار أجرته الدكتورة صباح منسي 

سكرتير تحرير "موقع الفارابي نيوز" للدراسات السياسية والتنموية 

تحرير وإخراج د. مدحت حماد

انطلاقا من إيمان مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية بأهمية تعظيم دور مؤسسات المجتمع المدني في مصر والدول العربية بشأن القضايا الإقليمية والدولية بصفة عامة، وكذلك تفعيل دورها لصنع رأي عام عربي موحَّد داعم لمواقف الشعوب العربية في جميع قضاياه المصيرية: القضية الفلسطينية، القضية السورية ومؤخرًا القضية السودانية، قام المركز منذ بضعه أيام بتنظيم واقامة ندوة لمناقشة الوضع المؤلم الدامي المُحزن للمرأة السودانية في ظل الأحداث الدموية البشعة التي يمر بها الشعب السوداني الشقيق.

دكتورة فاطمة مصطفى

واستكمالا لذلك الدور، نجري اليوم حوارًا مع "مناضلة سودانية" هي واحدة من أكبر رائدات المجتمع المدني السوداني، التي كان لها دورًا فاعلًا في المجتمع السوداني قبل اشتعال الحرب الأهلية في السودان، ومازالت تبذل كل جهدها مع الشرفاء من أبناء السودان في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والتخفيف من ويلات الحرب على أبناء السودان داخل السودان وخارجه بصفة عامة و"المرأة والأطفال بصفة خاصة"، إنها الدكتورة "فاطمة مصطفى"

استاذة فاطمة نرحب بك في بلدك الثاني مصر، اسمحي لي في البداية أن أدعوكِ لتقدمين نفسك للشعب المصري والشعوب العربية، من خلال مركز الفارابي، لنتعرف على حضرتك ومسيرتك العلمية والعملية في خدمة السودان قبل أن ندخل في الحوار.

الدكتورة فاطمة مصطفى في حوارها مع الدكتورة صباح منسي سكرتير تحرير موقع الفارابي نيوز

أنا فاطمة مصطفى.. رئيسة منظمة مجتمع مدني سودانية هي منظمة "زينب لتنمية المرأة". تم إطلاق "اسم زينب" عليها، تكريمًا لروح "والدتي زينب رحمة الله عليها"، أول معلمة سودانية في اقليم شرق السودان، كما أنها أول من أسسَّ مدارس للتعليم الأساسي في هذا الإقليم في عام 1941، وذلك بعد تخرجها من كلية المعلمات بأم درمان، لتقود بذلك "نهضة تعليم الفتيات بالسودان"، لهذا قامت بتأسيس وفتح الكثير من المدارس، واستمرت في أداء هذه المهمة حتى احيلت إلى التقاعد عام 1981، ولي الشرف أنها "أمي".

الأستاذة زينب محمد نور رحمة ، أول معلمة من بنات الاقليم الشرقي بالسودان
تخرجت من كلية معلمات ام درمان عام ١٩٤١ م

منظمة "زينب لتنمية المرأة هي إحدى المؤسسات للمنظمة التي تعمل منذ أكثر من عقدين في بلدي السودان في مجالات التنمية المستدامة خاصة الصحة الإنجابية للنساء، تمكين المرأة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، وكذلك العمل في مجال الاغاثة الإنسانية، وحاليا نقوم نكثف جهودنا لرعاية النازحين واللاجئين السودانيين، لتخفيف معاناتهم قدر الإمكان.

أنا أيضًا من المهتمين بقضايا المناخ والطاقة الخضراء، وجزء كبير من أنشطتي يرتبط بهذه القضايا، لكنها بالطبع تأتي في الدرجة التالية لاهتماماتي بشئون وطني الجريح، السودان.

أهلا وسهلا بحضرتك.

حوارنا مع حضرتك سيدور حول ثلاث موضوعات أو قضايا متكاملة، كل منها سيكون محورًا مستقلاً بذاته، لكنها أيضًا محاور متكاملة ومتشابكة لا يمكن فصل بعضها عن بعض.

المحور الأول حول "الواقع السوداني" الراهن.

"استاذة فاطمة.. اسمحي لي أن نبدأ حوارنا بالحديث عن الواقع السوداني اليوم. فالمتابع للأحداث، يشعر وكأن هناك تعمد لإخفاء الواقع السوداني والتهوين منه فهناك تجاهل إعلامي كبير للأحداث الرهيبة في السودان لدرجة أن كثيرٍا من الناس المهتمين بالشأن العربي والدولي ربما باتوا لا يعلمون تفاصيل ما يحدث بالسودان، كذلك يشعر معظم الناس بالحيرة وهم يشاهدون الملايين من أبناء الشعب السوداني يفرون من الموت في بلادهم، سواء بالنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى الدول المجاورة وخصوصًا مصر.  

فهل يمكن أن تنقلي للشعب المصري والشعوب العربية حقيقة الواقع السوداني وماذا يحدث بالسودان؟

بصراحة الواقع الحقيقي في السودان الآن لا توجد كلمات لوصفه، لأن الحرب أدت إلى أكبر عملية نزوح ولجوء في العالم من حيث أعداد النازحين واللاجئين. المنظمات الدولية تتحدث عن 11 إلى 14 مليون نازح ولاجئ، ومازالت المأساة مستمرة فالحرب اشُتعلت منذ عام ونصف، أول أمس كان هو اليوم رقم 500 على بداية الحرب في السودان. للأسف الشديد الشعب السوداني يعاني بكل ما تحمله كلمه معاناة من معنى، فكل أساسيات الحياة من غذاء ودواء ومياه وإيواء غير متوفر، وهذا لم يحدث من قبل للنازحين واللاجئين في أي منطقة صراع بالعالم، المشكلة أن الصراع مازال مشتعلا إلى الآن للأسف الشديد. يعني الفصيلين المتقاتلين سواء كان الدعم السريع بقيادة حمتو أو الجيش السوداني بقيادة البرهان، ما في أي مراعاة أن جرائم هذه الحرب داخل المدن.

الله أكبر على الخونة الذين يسفكون دماء وشرف الوطن،
نساءًا وأطفالاً .. شيوخًا وعجائز .. أرضًا وطينًا.
قاتلي السودانيين. (البرهان وحميتي.. الشركاء والحلفاء سابقًا)

منذ بدأت الحرب والمستهدف فيها هم المدنيين.

فالمتضرر بصورة مباشرة هم المدنيون العٌزَّل، والضرر الأكبر والأكبر هو للنساء والاطفال والشيوخ والمرضى، كل هذا يحدث أمام أعين العالم الذي يشاهد كل شيء عبر جميع وسائل التكنولوجيا التي تنقل الصورة من أرض الواقع، هُم يشاهدون الموت بالألاف للمدنيين في كل السودان، القصف من اتجاه الجيش بالطيران والبراميل المتفجرة ومن الدعم السريع بكل الدانات والآليات الثقيلة، التي قطعت اوصال الناس وقتلت الالاف من المدنيين، بالإضافة إلى هدم المنازل وتدمير البنية التحتية من المستشفيات والمدارس وكل شيء.

"الجيش والدعم السريع، الإثنان شركاء في وقوع واستمرار هذه المأساة والكارثة"

يا رب..
لقد دمروا بيتي. أين أبي وأمي؟ أين أخي وأختي؟ أين جدي وجدتي؟ أين أهلي.. أين مدرستي؟ أين حياتي؟ وأين أحلامي؟

نعم "الجيش والدعم السريع الاثنين شركاء في وقوع واستمرار هذه المأساة والكارثة" التي يدفع ثمنها المواطن البسيط المدني. المدارس مغلقة وهناك 11 مليون طفل سوداني خارج دائرة التعليم منذ سنة ونصف. المستشفيات معظمها دمرت في العاصمة. حتى في معظم الأقاليم التي ما فيها قتال دائر. بتعاني من كمية أعداد النازحين الذين يشكلون عبئا كبيرًا على تلك الأقاليم لعدم وجود امكانيات تؤهلها لاستقبال تلك الأعداد الكبيرة من النازحين، أيضا البنية التحتية بها مترهلة وهو ما أدى لتفشي الامراض والاوبئة. لا توجد مستشفيات ولا توجد أدوية وساعد في تفاقم المشكلة وتعقيدها الأمطار والفيضانات التي ضربت كثيرًا من مناطق السودان، تقريبا 10 ولايات، وسببت كثيرًا من الخراب، وغرق آلاف الارواح وفقدان آلاف المنازل، وما زاد من تعقيد الموقف أن هذه السيول والفيضانات أثرت كثيرًا في المناطق التي لم يكن بها صراع مما ضاعف من معاناة الشعب السوداني. حقيقي نحن كناشطات وسيدات مجتمع مدني يتم سؤالنا من المواطنين منذ بداية الحرب اين المجتمع الدولي مما يحدث للسودان وشعبها؟؟

كلمة حق أقولها: "هناك غياب واهمال وعدم مبالاة من المجتمع الدولي بما يحدث بالسودان".

أبناء الشعب السوداني هم "ضحايا حرب" ويجب أن يعاملوا على هذا الاساس طبقا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف لكن للأسف الكثيرين من السودانيين النازحين واللاجئين لا يجدون مَن يساعدهم وهو ما يضاعف من معاناتهم، حتى مسائل الأكل والشرب لا يجدون مَن يهتم بها ولذلك فإن "الجوع هو سيد الموقف الآن في السودان".

المجاعة التي يتكلمون عنها!! وأنا حقيقي بالنسبة لهذه النقطة على المستوي الشخصي متألمة جدًا فالمجتمع الدولي يتكلم عن "المجاعة"، والمجتمع الدولي نفسه هو سبب في المجاعة. لأنهم لم يقدموا الدعم والاغاثة للسودانيين، هم يتعللون من بداية الحرب بمشكلة فتح الممرات ووقف القتال، بينما الوضع مختلف في الكثير من الدول الأخرى التي فيها صراع مثل أوكرانيا، هناك دعم يصل للمتضررين ومساعدات إنسانية تصل للمحتاجين وطعام وادوية تصل للمصابين. رغم استمرار القتال ورغم عدم وجود ممرات لكن بالنسبة للسودانيين الوضع مختلف، حتى المنظمات العالمية الاغاثية مثل "الصليب الاحمر ومنظمات الأمم المتحدة" كلها تشتكي من عدم وجود موارد وتمويل كافي لإغاثة السودانيين.

ذكر الأمين العام للأمم المتحدة ومسئول الشئون الإنسانية أكثر من مرة: أنهم يناشدون أعضاء الدول في الامم المتحدة بالذات الدول المانحة للقيام بدورها في توفير الأموال لإغاثة السودان وشعبها وحتى سفيرة امريكا بالأمم المتحدة "مس لندا " ذكرت أن امريكا دفعت لكن بقية الدول ما دفعت واخذت تناشد الدول أكثر من مرة وفي أخر مرة تكلمت في مؤتمر باريس الذي انعقد مرتين لبحث المسائل الإنسانية بالسودان وذكرت أن الدول  تقول "هندفع 2 مليار أو3 مليار" لكن للأسف ما بيوصل أي مساعدة كافية، لذلك تشتكي منظمات الاغاثة العالمية أنه ليس لديها موارد. نحن كمنظمة مجتمع مدني.. نتعامل مع منظمات نسائية عالمية منذ بداية الصراع ونناشدهم أنهم يساعدونا لمساعده الناس على ارض الواقع.. وهم بيشتكوا، ومستغربين أنه لا توجد موارد لإغاثة السودانيين.

أهكذا يتقاتل الشرفاء؟ يتقاتلون على شرف وأجساد النساء؟ أي رجال هؤلاء؟ ووالله إنهم ليسوا برجال.
Sudanese women who fled the conflict in Geneina in Sudan's Darfur region, line up to receive rice portions from Red Cross volunteers in Ourang
on the outskirts of Adre, Chad July 25, 2023. REUTERS/Zohra Bensemra

بعد اشتعال الحرب بأربع شهور، طلع على إحدى القنوات العربية مدير الصليب الاحمر وقال للأسف إن الموارد التي يحتاجها السودان ليس لدينا منها إلا 7 بالمئة. كلهم يقولون هذا. "مِسِز ليندا" في آخر تصريح لها في نهاية يوليو الماضي، ذكرت أنه "من الموارد التي تحدث البعض عن منحها للسودان ما يوجد منها الا التلت". يوجد كلام على وجود 16 بالمئة فقط تم جمعها لإغاثة السودان. فحقيقي المجتمع الدولي موقفه مريب جدًا بالنسبة لنا، وهو موقف غريب لأن الإنسانية في النهاية هي الإنسانية، وحياة السودانيين هي حياه بشر مثل جميع البشر الآخرين في جميع أنحاء العالم ويجب أن يعاملون على هذا الأساس.

يا الله! إن الخَوَنَة يقتلون الماضي والحاضر والمستقبل.

المجتمع الدولي متهم بالمشاركة في القضاء على السودانيين.

لأني أنا بقول من بداية الحرب وأركز على حتمية توفير الموارد المالية للمسائل الإنسانية. لدي اتصالات بكثير من المنظمات العالمية في كثير من النواحي الإنسانية سواء الخاصة بالمناخ أو ما يخص المرأة. يعني حقيقي شيء مريب ويدعوا للتساؤل. فإذا كانوا يتكلمون على فتح الممرات، فاللاجئون لا يحتاجون إلى فتح الممرات. بالنسبة لمصر ما فيها مشكلة. بالنسبة لجنوب السودان ما فيها مشكلة. اللاجئون يحتاجون موارد لإغاثتهم. كثيرًا ما أذهب لمفوضية اللاجئين لتفقد أحوال السودانيين، فأجد من أهل الخير من السودانيين، ومن بَرَّه السودان، يساعدون، والحمد لله.

جميع السودانيين يعانون، والمفوضية لا تحمي ولا تساعد اللاجئين!

العيب ليس في المفوضية الدولية لشئون اللاجئين، بل العيب فيمن يدَّعون بأنهم رجال ويشردون أهليهم هذا التشريد المُهين.

المفوضية يجب أن تساعد اللاجئين حتى يدخلوا إلى الأراضي المصرية بشكل قانوني.

مصر من حقها أن تحمي أراضيها وتقنِّن الوجود الأجنبي، هذا الأمر موجود في جميع دول العالم.

لهذا يجب أن يحصل اللاجئ على "كارت من المفوضية" يسهِّل دخوله إلى مصر بشكل قانوني صحيح حتى تضمن مصر أمنها وسلامتها. لأن كل دوله لابد أن تكون حريصة على تنظيم الأمن فيها. المشكلة والتقصير من جانب الأمم المتحدة ممثلة في مفوضية اللاجئين. وأنا أيضًا لا ألومهم، لأنهم يشتكون من عدم وجود موارد كافية تساعدهم على تنفيذ وظيفتهم"

ستبقى هذه الصور وسيبقى هذا العار مكتوبًا على جباه البرهان وحميتي المُلطخة بدماء وشرف الضحايا الأبرياء

للحوار بقية في الجزء الثاني

انتظرونا

مراجعة لغوية للحوار: أ. رحمة رجب بسيوني

نداء عاجل إلى سعادة “السفيرة قوبتا” وإلى جميع “ميسري عملية التفاوض” في جنيف

معا من اجل اغاثة اللاجئين والنازحين.

يستضيف مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية مساء الأثنين 26 أغسطس 2024 بالقاهرة لقاءًا إنسانيًا لمجموعة من السيدات السودانيات، من أجل رفع أصواتهن وصرخاتهن إلى جميع الذين يهمهم الأمر داخل وخارج السودان وبصفة خاصة أولئك الرجال الذين يجلسون الآن للتفاوض بشأن وقف الحرب الأهلية في السودان، لعل وعسى أن تلين قلوب السودانيين المتقاتلين المتحاربين الذين يقتلون بعصهم البعض من بني عمومتهم وأخوالهم و ...

لعلهم يقررون أن يتوقف أنين وصرخات الأطفال، بكاء ونحيب الأمهات والأخوات والزوجات والعمات والخالات حزنًا على فقدان الرجال، لعلهم يقررون أن يتوقف إنكسار الرجال الضعفاء والمساكين، لعلهم يرجعون عن غيهم وكبرهم أو لعلهم يتوقفون عن عنادهم وعندهم وإصرارهم على سفك وإراقة دماء أبناء وطنهم الجريح الملكوم الموجوع المنفطر حزنًا وألمًا وحسرة على فقدان وخسار كل شيئ.. كل شيئ

السيدة سعدية عيسى

منظمات نسوية سودانية وناشطات سودانيات،يرفعن الصوت عاليا لاغاثة النازحين واللاجئين داخل وخارج السودان.
السادة ميسري عملية التفاوض في جنيف ..
سعادة السفيرة قوبتا ..
السادة اعضاء المجتمع الدولي والاقليمي ..
*لايخفى على احد ان الوضع الانساني في السودان بلغ ذروته ،اذ وصل الى كارثة انسانيه عصيبة ،هي الاكبر على مستوى العالم ،من حيث اعداد النازحين واللاجئين داخليا وخارجيا ، جميعهم اليوم يصارعون الحياة من اجل البقاء، في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب والإيواء وكل مستلزمات الحياة الأساسية ، تكتظ دور الايواء داخل السودان ومناطق إيواء اللاجئين خارج السودان وتخلو من مقومات ومستلزمات الحياة، مع غياب الاهتمام اللازم من المجتمع الدولي ،الذي ننتظر منه توفير الموارد اللازمة للاغاثة ،وانتشال اللاجئين والنازحين ،من وهدة الجوع والعطش والمرض.
نسبة لهذه الأوضاع الإنسانية الكارثية..
نحن مجموعات نسوية سودانية وناشطات نجتمع من اجل مناصرة اهلنا المنكوبين، ونرفع صوتنا عاليا ،لقرع جرس الانتباه ،ولفت نظر المجتمع الدولي للكارثة الانسانية في السودان والموت الذى يواجه المواطن فى كل مكان، نتيجة لانعدام الغذاء وتعذر وصوله لأسباب مختلفة ولكن أبرزها شح الموارد لمنظمات الاغاثة العالمية بمافيها منظمات الامم المتحدة وكذلك شح وانعدام الموارد للمنظمات المحلية كالمنظمات النسوية، منظمات الشباب والمبادرات المجتمعية التي تعمل بجد ومسوؤلية. -المستجيبين الاوائل ( First Responders)-، ونسبة لتعذر وصول الاغاثة على مدى هذه الفترة الطويلة من بداية الحرب،

لقد فارق الحياة بسبب الجوع وسوء التغذية آلاف الاطفال، والنساء، وكبار السن وغيرهم .
لذلك نناشد ونطالب المجتمع الدولي والدول المانحة بتوفير المواد اللازمة للمنظمات الاغاثية العالمية بما فيها منظمات الامم المتحدة والتي تتواجد داخل اقاليم السودان المختلفة بطاقة محدودة نسبة لشح الموارد من المانحين وكذلك نقص الموارد يعيق المنظمات والمبادرات المحلية لكي ترفع من مستوى تدخلها للحد من إنتشار المجاعة والامراض المصاحبة لها بما فيها سوء التغدية، كذلك توفير الدواء بكل اصنافه، بما فيها الادوية المنقذة للحياة .
نحن كمنظمات ومجموعات نسوية سودانية وناشطات ننظم فعالية مناصرة في قاهرة المعز و بالتزامن مع مفاوضات جنيف التي بدات في الرابع عشر من اغسطس الجاري ، لمناصرة الوطن ولكي نشرح فيها باسهاب ابعاد الوضع الانساني الكارثي الذي يواجهه السودانيين، وكذلك عكس قصص النجاح من المنظمات العاملة في ارض الواقع التي تنقصها الموارد اللازمة، وذلك من اجل حث المجتمع الدولي ،والدول المانحة ،للدفع بالتزاماتها تجاه النازحين واللاجئين.
كما أننا نثمن مجهودات المجتمع الدولي والمجهودات الاقليميه، لوقف الحرب التي تدور رحاها في السودان، ومحاولات فتح الممرات الامنه للإغاثة وكم نتمنى ان تثمر هذه المحاولات وتفضي الى وقف الحرب ،وبناءً عليه ننادي بدعم المنظمات الوطنيه والنسوية والشبابية والمبادرات المجتمعية الفاعلة مثل لجان المقاومة وغرف الطوارئ والتكايا والمطابخ، والتي تتواجد الان على ارض الواقع، وتدير عملا جبارا مشهودا ،رغم الشح الكبير في الموارد كما ذكرنا أنفا.
واخيراً نرجو ان تنهض الدول المانحة التي قدمت التزاما معروفا في مؤتمر باريس( ١،٢) ان توفي بذلك الالتزام الان، فإنسان السودان مهدد بمجاعة حادة ووضح إنسانى كارثى.

الإعلامية إخلاص نمر

ولكم كامل الشكر والتقدير .
التوقيع …
**مجموعات وناشطات سودانيات..
**معًا من اجل اغاثة اللاجئين والنازحين.

Fatima Ahmed

Director, Zenab for Women in Development (ZWD)

Khartoum (HQ)/ Gadaref (Regional Office), Sudan

Email: fatima@zenab.org   Website: www.zenab.org

PERSONAL PROFILE

Fatima is the founder and director of Zenab for Women in Development (ZWD). As a thoughtful leader and strong advocate for Sudanese women and girls, Fatima has worked tirelessly to build ZWD with lasting impact.

Her early efforts date back to her university days, where she actively fought for her fellow female students’ rights as an executive board member of the Student Union at the University of Gezira. Being in a major agricultural state, she also advocated for the silenced voices of women farmers’ voices to be heard.To delegate herself to advocate for the rights of vulnerable and marginalized Sudanese women and girls, especially those in the rural areas, Fatima founded ZWD in 2000. The organization was named after her mother who was the pioneer woman educator ,work in promoting girls’ rights to education as an opportunity to gain decision making abilities – the foundation of ‘empowerment’.

Fatima is regularly called upon by the United Nations to represent ZWD and the voice of African &Sudanese women and girls, contributing to global development strategies. Key occasions include but not limited to the First Round Table about Gender Equality and Poverty Alleviation during the international high-level meetings in September 2010 (invited by the President of United Nations General Assembly),Represent  NGOs and CSOs committees at National ,Regional and International policy conferences on gender equality. For her restless efforts, Fatima received Ambassador of Peace Award in 2005.

ZWD PROFILE

As a Sudanese grassroots non-governmental organization, ZWD aims to promote women’s and girls’ empowerment. Recognizing that Sudanese women and girls face multi-dimensional challenges, ZWD implements various vital projects in the areas of education, poverty alleviation and food security ,climate change adaptation and mitigation , health, water and human rights.

Encompassing these focal areas, supporting women farmers through climate-smart agriculture is ZWD’s flagship program. Its transforming impact on more than 50,000 women farmers has recently been recognized through UNFCCC Momentum for Change Lighthouse Activity Women for Results Award 2017. Other international prizes awarded to ZWD include UNDP Equator Prize 2012 and Islamic Development Bank Prize 2012. ZWD is in Consultative Status with ECOSOC of the United Nation since 2005.

PROFESSIONAL EXPERIENCE

Zenab for Women in Development, Founder and Executive Director                                                    2000-Present

  • Promote education for girls and adult education, poverty alleviation, climate-smart food security, reproductive health, human rights and other women empowerment activities
  • Develop and implement programs to promote women farmers in rural communities to adapt and mitigate and transform climate change

African Women Development & Communication (FEMNET), Board of Trustees Member                 2013-2016

  • Advance African women's development, gender equality and human rights
  • Strengthen African women's capacity to effectively participate in sustainable development processes

EDUCATION

  • MSc in Plant Physiology, University of Gezira, Wad Madani, Sudan (joint program with Center for Agricultural Research in Dry Areas [ICARDA], Aleppo, Syria)
  • BS in Agronomy, University of Gezira, Wad Madani, Sudan
  • Diploma in Computer Science, Chubb Institute, USA